معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   كتاب الصلاة (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=139)
-   -   باب صفة الصلاة (34/38) [صيغة التسليم من الصلاة] (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2659)

محمد أبو زيد 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م 01:04 PM

باب صفة الصلاة (34/38) [صيغة التسليم من الصلاة]
 

320- وعن وائلِ بنِ حُجْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: صَلَّيْتُ مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فكَانَ يُسَلِّمُ عن يَمينِه: ((السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ)). وعن شِمالِهِ: ((السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ)). رواهُ أبو دَاوُدَ بسنَدٍ صحيحٍ.

محمد أبو زيد 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م 03:24 PM

سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني
 

52/303 - وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ: ((السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ))، وَعَنْ شِمَالِهِ: ((السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ)).
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
(وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَعَنْ شِمَالِهِ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ).
هَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَنَسَبَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّلْخِيصِ إلَى عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ، وَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ، فَأَعَلَّهُ بِالِانْقِطَاعِ، وَهُنَا قَالَ: صَحِيحٌ. وَرَاجَعْنَا سُنَنَ أَبِي دَاوُدَ فَرَأَيْنَاهُ رَوَاهُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ، وَقَدْ صَحَّ سَمَاعُ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِيهِ، فَالْحَدِيثُ سَالِمٌ عَنْ الانْقِطَاعِ، فَتَصْحِيحُهُ هُنَا هُوَ الْأَوْلَى، وَإِنْ خَالَفَ مَا فِي التَّلْخِيصِ.
وَحَدِيثُ التَّسْلِيمَتَيْنِ رَوَاهُ خَمْسَةَ عَشَرَ مِن الصَّحَابَةِ بِأَحَادِيثَ مُخْتَلِفَةٍ، فَفِيه صَحِيحٌ، وَحَسَنٌ، وَضَعِيفٌ، وَمَتْرُوكٌ، وَكُلُّهَا بِدُونِ زِيَادَةِ: وَبَرَكَاتُهُ. إلاَّ فِي رِوَايَةِ وَائِلٍ هَذِهِ، وَرِوَايَةٍ عَن ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَعِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ، وَعِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ.
وَمَعَ صِحَّةِ إسْنَادِ حَدِيثِ وَائِلٍ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا يَتَعَيَّنُ قَبُولُ زِيَادَتِهِ؛ إذْ هِيَ زِيَادَةُ عَدْلٍ.
وَعَدَمُ ذِكْرِهَا فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ لَيْسَتْ رِوَايَةً لِعَدَمِهَا.
قَالَ الشَّارِحُ: إنَّهُ لَمْ يَرَ مَنْ قَالَ بوُجُوبَ زِيَادَةِ: وَبَرَكَاتُهُ ، إلاَّ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ الْإِمَامُ يَحْيَى: إذَا زَادَ: وَبَرَكَاتُهُ وَرِضْوَانُهُ وَكَرَامَتُهُ أَجْزَأَ؛ إذْ هي زِيَادَةُ فَضِيلَةٍ، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ الْوَارِدَ زِيَادَةُ: وَبَرَكَاتُهُ ، وَقَدْ صَحَّتْ، وَلاَ عُذْرَ عَن الْقَوْلِ بِهَا، وَقَالَ بِهِ السَّرَخْسِيُّ، وَالْإِمَامُ، وَالرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ.
وَقَوْلُ ابْنِ الصَّلاَحِ: إنَّهَا لَمْ تَثْبُتْ. قَدْ تَعَجَّبَ مِنْهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ: هِيَ ثَابِتَةٌ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَعِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: إلاَّ أَنَّهُ قَالَ ابْنُ رَسْلاَنَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ: لَمْ نَجِدْهَا فِي ابْنِ مَاجَهْ.
قُلْتُ: رَاجَعْنَا سُنَنَ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مَقْرُوءَةٍ، فَوَجَدْنَا فِيهِ مَا لَفْظُهُ: بَابُ التَّسْلِيمِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ أبي إِسْحَاقَ، عَن ابنِ الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ,أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ: ((السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ)). انْتَهَى بِلَفْظِهِ.
وَفِي (تَلْقِيحُ الْأَفْكَارِ تَخْرِيجُ الْأَذْكَارِ) لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ لَمَّا ذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّ زِيَادَةَ: وَبَرَكَاتُهُ. زِيَادَةٌ فَرْدَةٌ، سَاقَ الْحَافِظُ طُرُقاً عِدَّةً لِزِيَادَةِ: وَبَرَكَاتُهُ. ثُمَّ قَالَ: فَهَذِهِ عِدَّةُ طُرُقٍ ثَبَتَتْ بِهَا: وَبَرَكَاتُهُ. بِخِلاَفِ مَا يُوهِمُهُ كَلاَمُ الشَّيْخِ أَنَّهَا رِوَايَةٌ فَرْدَةٌ. انْتَهَى كَلاَمُهُ.
وَحَيْثُ ثَبَتَ أَنَّ التَّسْلِيمَتَيْنِ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلاَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)). وَثَبَتَ حَدِيثُ: ((تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا السَّلاَمُ)). أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، فَيَجِبُ التَّسْلِيمُ لِذَلِكَ.
وَقَدْ ذَهَبَ إلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ: الْهَادَوِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ. وَذَهَبَتِ الْحَنَفِيَّةُ وَآخَرُونَ إلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ، مُسْتَدِلِّينَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عمرٍو : ((إذَا رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِن السَّجْدَةِ وَقَعَدَ ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَقَدْ تَمَّتْ صَلاَتُهُ)).
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّسْلِيمَ لَيْسَ بِرُكْنٍ وَاجِبٍ، وَإِلاَّ لَوَجَبَتِ الْإِعَادَةُ، وَلِحَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلاَتَهُ ؛ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالسَّلاَمِ.
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عمرٍو ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْحُفَّاظِ؛ فَإِنَّهُ أَخْرَجَه التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ إسْنَادُهُ لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ. وَقَد اضْطَرَبُوا فِي إسْنَادِهِ. وَحَدِيثُ الْمُسِيءِ صَلاَتَهُ لاَ يُنَافِي الْوُجُوبَ؛ فَإِنَّ هَذِهِ زِيَادَةٌ وَهِيَ مَقْبُولَةٌ.
وَالِاسْتِدْلاَلُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ السَّلاَمِ اسْتِدْلاَلٌ غَيْرُ تَامٍّ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ مُجْمَلَةٌ بَيَّنَ الْمَطْلُوبَ مِنْهَا فِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ عُمِلَ بِهَا وَحْدَهَا لَمَا وَجَبَتِ الْقِرَاءَةُ وَلاَ غَيْرُهَا.
وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى وُجُوبِ التَّسْلِيمِ عَلَى الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَتِ الْهَادَوِيَّةُ وَجَمَاعَةٌ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالثَّانِيَةَ مَسْنُونَةٌ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِهِمْ على أَنَّهُ لاَ يَجِبُ إلاَّ تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِن اقْتَصَرَ عَلَيْهَا اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَإِنْ سَلَّمَ تَسْلِيمَتَيْنِ جَعَلَ الْأُولَى عَنْ يَمِينِهِ، وَالثَّانِيَةَ عَنْ يَسَارِهِ.
وَلَعَلَّ حُجَّةَ الشَّافِعِيِّ حَدِيثُ عَائِشَةَ ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا أَوْتَرَ بِتِسْعِ رَكَعَاتٍ لَمْ يَقْعُدْ إلاَّ فِي الثَّامِنَةِ، فَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيَذْكُرُهُ وَيَدْعُو ، ثُمَّ يَنْهَضُ وَلاَ يُسَلِّمُ، ثُمَّ يُصَلِّي التَّاسِعَةَ فَيَجْلِسُ وَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَدْعُو ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً. أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ ، وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
وَأُجِيبَ عَنْهُ: بِأَنَّهُ لاَ يُعَارِضُ حَدِيثَ الزِّيَادَةِ كَمَا عَرَفْتَ مِنْ قَبُولِ الزِّيَادَةِ إذَا كَانَتْ مِنْ عَدْلٍ. وَعِنْدَ مَالِكٍ: أَنَّ الْمَسْنُونَ تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ. وَقَدْ بَيَّنَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ضَعْفَ أَدِلَّةِ هَذَا الْقَوْلِ مِن الْأَحَادِيثِ.
وَاسْتَدَلَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى كِفَايَةِ التَّسْلِيمَةِ الْوَاحِدَةِ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ عَمَلٌ تَوَارَثُوهُ كَابِراً عَنْ كَابِرٍ.
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ عَمَلَهُمْ لَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَقَوْلُهُ: "عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ" أي: مُنْحَرِفاً إلَى الْجِهَتَيْنِ، بِحَيْثُ يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ كَمَا وَرَدَ فِي رِوَايَةِ سَعْدٍ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى صَفْحَةِ خَدِّهِ. وَفِي لَفْظٍ: حَتَّى أَرَى بَيَاضَ خَدِّهِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.

محمد أبو زيد 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م 03:25 PM

توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام
 

255 - وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ: ((السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ)).وَعَنْ شِمَالِهِ:((السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ)). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
دَرَجَةُ الْحَدِيثِ:
الْحَدِيثُ صَحِيحٌ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَقَدْ صَحَّحَهُ عَبْدُ الْحَقِّ، والنَّوَوِيُّ، وَابْنُ حَجَرٍ، وَإِسْنَادُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ، مِنْهُمْ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
قَالَ الأَلْبَانِيُّ: الأَوْلَى عدمُ المداومةِ عَلَى زِيَادَةِ (وَبَرَكَاتُهُ) لِكَوْنِهَا لَمْ تَأْتِ فِي أحاديثِ السَّلامِ الأُخَرِ.
قَالَ الشَّيْخُ: المُبَاركفوريُّ: اعْلَمْ أَنَّ أَكْثَرَ نُسَخِ أَبِي دَاوُدَ خَالِيَةٌ منْ زِيَادَةِ (وَبَرَكَاتُهُ) مَعَ التسليمةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ مَعَ التسليمةِ الأُولَى فقطْ، حَتَّى تَوَهَّمَ البعضُ أَنَّ الْحَافِظَ بْنَ حَجَرٍ وَهِمَ فِي نقلِ هَذِهِ الزيادةِ مَعَ التسليمةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنَّمَا الوَاهِمُ هُوَ ذَلِكَ البعضُ، فَإِنَّ هَذِهِ الزيادةَ مَعَ التَّسْلِيمَتَيْنِ مَوْجُودَةٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الصحيحةِ المُعْتَمَدِ عَلَيْهَا.
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1 - الصَّلاةُ عَرَّفَهَا الْعُلَمَاءُ، شَرْعاً: بأنَّهَا أَقْوَالٌ وأفعالٌ مَخْصُوصَةٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ، مُخْتَتَمَةٌ بِالتَّسْلِيمِ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ)).رَوَاهُ أَحْمَدُ (1009).
2 - صِيغَةُ التسليمِ: (السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ) مَرَّتَانِ، وَاحِدَةٌ عَن الْيَمِينَ، والأُخْرَى عَن الشمالِ، وَسَيَأْتِي بَحْثُ (وبَرَكَاتُهُ) إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
3 - هَذَا هُوَ السَّلامُ الَّذِي كَانَ يقولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَخْرُجُ بِهِ من الصَّلاةِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ خلافُهُ، وَقَدْ قَالَ: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (605)، وَعَلَى المُصَلِّي أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الخُرُوجَ من الصَّلاةِ اسْتِحْبَاباً، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ جَازَ، والأُولَى كَافِيَةٌ.
4 - الابْتِدَاءُ بِالْيَمِينِ بالسلامِ، والالتفاتُ فِي التَّسْلِيمَتَيْنِ، كُلُّ ذَلِكَ سُنَّةٌ، لَيْسَ بِوَاجِبٍ.
5 - زِيَادَةُ (وَبَرَكَاتُهُ) قَالَ فِي: (شرحِ الإقناعِ): وَإِنْ زَادَ (وَبَرَكَاتُهُ) جَازَ، لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَقَالَ الأَلْبَانِيُّ: وَكَانَ أحياناً يَزِيدُ فِي التسليمةِ الأُولَى: (وَبَرَكَاتُهُ). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. فالأَوْلَى الإتيانُ بهذهِ الزيادةِ أَحْيَاناً؛ لأَنَّهَا لَمْ تَرِدْ فِي أحاديثَ أُخَرَ، فَثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهَا.
6 - السَّلامُ... إلخ: دُعَاءٌ بالسلامةِ من النقائصِ، والعيوبِ، والآفاتِ، وسؤالُ الرَّحْمَةِ للحَاضِرِينَ مِنَ الْمُصَلِّينَ، والملائكةِ الكِرَامِ الحَاضِرِينَ، فَهُوَ دعاءٌ مُنَاسِبٌ، يَنْبَغِي للمُصَلِّي أَنْ يَسْتَحْضِرَ هَذِهِ الْمَعَانِيَ، وَأَنْ يَسْتَحْضِرَ أَدَبَ الدُّعَاءِ.
7 - قَالَ فِي (الرَّوْضِ وحَاشِيَتِهِ): (وَيُكْرَهُ للإمامِ إطالةُ قعودِهِ بَعْدَ السَّلامِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ (592) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ، لَمْ يَقْعُدْ إِلاَّ بِمِقْدَارِ مَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلامُ، وَمِنْكَ السَّلامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الجلالِ والإكرامِ)؛ لأَنَّ فِي انحرافِهِ إِلَى المَأْمُومِينَ إِعْلاماً بِأَنَّهُ قَد انْتَهَى منْ صلاتِهِ فَلا يُنْتَظَرُ.
وَحَكَى النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ: أَنَّ عَادَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا انْصَرَفَ اسْتَقْبَلَ المَأْمُومِينَ جَمِيعَهُمْ بِوَجْهِهِ.
8 - قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: المُصَافَحَةُ بَعْدَ السَّلامِ من الصَّلاةِ لا أَصْلَ لَهَا، لا بِنَصٍّ وَلا عَمَلٍ مِنَ الشارعِ، وَلا من الصَّحَابَةِ، وَلَوْ كَانَتْ مَشْرُوعَةً لِتَوَاتَرَتْ، وَلَكَانَ السَّابِقُونَ أَحَقَّ بِهَا، أَمَّا إِذَا كَانَتْ أَحْيَاناً لِكَوْنِهِ لَقِيَهُ عقبَ الصَّلاةِ، لا لأَجْلِ الصَّلاةِ فَجَائِزٌ.
خِلافُ الْعُلَمَاءِ.
أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ السَّلامِ فِي الصَّلاةِ، والخروجِ مِنْهَا بِهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِهِ.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ والشَّافِعِيَّةُ إِلَى: وُجُوبِ التسليمةِ الأُولَى، وَأَمَّا التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ فَسُنَّةٌ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ لَدَيْهِمْ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى: أَنَّهُ يَجِبُ لَفْظُ (السَّلامُ) مَرَّتَيْنِ، فِي الْيَمِينِ واليسارِ، دُونَ (عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ) فَسُنَّةٌ، وَعَلَى هَذَا فَهُوَ واجبٌ، وَلَيْسَ بِفَرْضٍ، فَيَجُوزُ الخروجُ من الصَّلاةِ بسلامٍ أَوْ كَلامٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُنَافِي الصَّلاةَ، لَكِنْ مَعَ الكراهةِ التَّحْرِيمِيَّةِ، وَإِذَا جَازَت الصَّلاةُ مَعَ الكراهةِ التَّحْرِيمِيَّةِ فَتَجِبُ إِعَادَتُهَا.
والمشهورُ عِنْدَ الحنابلةِ: أَنَّ التَّسْلِيمَتَيْنِ فَرْضَانِ، فَلا تَكْفِي الأُولَى عَن الثَّانِيَةِ إِلاَّ فِي صَلاةِ الجنازةِ، وَسُجُودِ التلاوةِ، وسجودِ الشُّكْرِ، فَيُخْرَجُ مِنْهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لأَنَّ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التخفيفِ، فَاكْتُفِيَ بِتَسْلِيمَةٍ، وَلَوْ سَلَّمَ الثَّانِيَةَ جَازَ.
قَالَ العقيليُّ: الأسانيدُ ثابتةٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي التَّسْلِيمَتَيْنِ، وَلا يَصِحُّ عَنْهُ تسليمةٌ وَاحِدَةٌ.
وَنَصَّ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى تَوَاتُرِ التَّسْلِيمَتَيْنِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ: التسليمةُ الثَّانِيَةُ زِيَادَةٌ منْ ثِقَاتٍ يَجِبُ قَبُولُهَا، والواحدةُ غَيْرُ ثابتةٍ عَنْ أَهْلِ النَّقْلِ.
وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيَّةُ والْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ الفرضَ هُوَ تسليمةٌ وَاحِدَةٌ: بِعُمُومِ قَوْلِهِ: ((وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ)). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (61).
وَأَقَلُّهُ: (السَّلامُ عَلَيْكُمْ). قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ صَلاةَ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى تسليمةٍ وَاحِدَةٍ جائزةٌ.
أَمَّا دَلِيلُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بفرضٍ: فَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: (إِذَا قَضَيْتَ هَذَا، تَمَّتْ صَلاتُكَ). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (856) والتِّرْمِذِيُّ (302).
أَمَّا دَلِيلُ الحنابلةِ: فَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (996) والنَّسَائِيُّ (1319) عَن ابْنِ مَسْعُودٍ (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ: ((السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ)).وَيَلْتَفِتُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ).
وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ (.. تَمَّتْ صَلاتُكَ) بِأَنَّ هَذَا التعبيرَ مَعْنَاهُ: أَنَّكَ وَصَلْتَ إِلَى نِهَايَتِهَا، وَهُوَ السَّلامُ، الَّذِي بِهِ تَخْرُجَ مِنْهَا.


الساعة الآن 09:19 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir