سؤال: هل تعد العناية بمسائل تناسب الألفاظ والمعاني من التكلف في تفسير القرآن؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤال من دورة طرق التفسير شيخنا الفاضل، أحسن الله إليكم... قد جاء في النوع العاشر من أنواع العناية اللغوية بالألفاظ القرأنية وهو "تناسب الألفاظ والمعاني" وبيان مسائلها من تناسب صفات الحروف وترتيبها، كما ذكر ابن تيمية في بيان معنى "الصمد" وتناسب الحركات ومراتبها، كما قال ابن القيم في بسطه شرحًا بين العشنق و البحتر ومناسبة أحرف الزيادة في الجملة لمعنى الكلام، كما أورد الرافعي في كتابه من أمثلة لها. سؤالي،... أليس ما سبق ذكره يندرج تحت لغة التكلف في تفسير القرآن، حيث أنه بَعُد عن الغاية الأولى في النظر إلى مراد الله تعالى مع استنباط منارات الهدى المبسوطة في آي القرآن منهجًا قولًا و عملا، والناظر في أقوال الرعيل الأول من الصحابة و أوائل التابعين لم يرد فيها ما يشير إلى هذه الأنواع -مما وصل إليه علمي القاصر- وأنها خرجت مستحدثة من علماء اللغة المتقدمين، أم أنه يمكن القول عنها أنها مما يستأنس بها في جانب التفسير؟؟ ، وما هو ضابطها بما يخص النظر من خلالها في آيات القرآن الكريم؟؟ |
اقتباس:
سبق التنبيه في دروس طرق التفسير على أن تلك الطرق على مراتب ينبني بعضها على بعض، ولذلك جعلت هذا النوع في آخر المراتب، لكنه نوع صحيح إذا تكلّم فيه من يُحسنه، ولم يخرج منه بقول يخالف أصلاً صحيحاً أو مرتبة من مراتب طرق التفسير أقوى منه. والتناسب بين الألفاظ والمعاني معروف بالاستفاضة وباستقراء كثير من الألفاظ ومناسبتها لمعانيها، وهو ليس بمستحدَث، وقد أشرت إلى ذكر جماعة من علماء اللغة المتقدمين له، وله أمثلة وشواهد من كلام العرب تدلّ دلالة ظاهرة على التناسب بين الألفاظ والمعاني، وقد ذكر ابن القيّم رحمه الله طائفة منها. وهذا العلم لا يدركه إلا من رزق معرفة حسنة بعلوم اللغة العربية وأخصّها الاشتقاق والصرف والبديع؛ فإنه ينكشف للعارف بها من أوجه التناسب ما لا ينكشف لغيره، وإذا أنكره غير العارف به كان إنكاره كإنكار غير العارف بالنحو للإعراب، وغير العارف بالعروض لما يكون في بعض أبيات الشعر من انكسار الوزن. ولذلك فإن أكثر من يعتني بهذا النوع من المفسرين أصحاب التفسير البياني لصلته القريبة بعلم البلاغة. وأما الخوف من أن يستند عليه في الخروج بأقوال باطلة فهو خوف في غير محلّه؛ لأنّ من استخرج وجهاً تفسيرياً بهذا الطريق يخالف أصلاً أو مرتبة من مراتب طرق التفسير أقوى منه فقوله مردود. ومن نظر في المسائل المذكورة بهذا الطريق وجدها مما يتصل بلون من ألوان البديع يستفاد منه الدلالة على قوّة التعبير القرآني ولا يؤسّس لقول جديد في التفسير. |
الساعة الآن 03:34 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir