ذكر آيةٍ أخرى تدلّ على وحدانيّة الله في خلق الجبال
قال أبو عبد الله محمد بن إسحاق ابن مَنْدَهْ العَبْدي (ت: 395هـ): ( ذكر آيةٍ أخرى تدلّ على وحدانيّة الله في خلق الجبال وما أخبر عمّا فيها من المنافع ووصف ألوانها.
قال الله، عزّ وجلّ: مخبرًا عن بديع حكمته في خلق الجبال وأنّها رواسي وأوتادًا {والجبال أرساها}، و {والجبال أوتادًا}. وقال تعالى: {وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم} ثمّ أخبر عن منافعها فقال: {وإنّ من الحجارة لما يتفجّر منه الأنهار وإنّ منها لما يشّقق فيخرج منه الماء وإنّ منها لما يهبط من خشية الله}. ثمّ أخبر عن ألوانها فقال، عزّ وجلّ: {ومن الجبال جددٌ بيضٌ وحمرٌ مختلفٌ ألوانها وغرابيب سودٌ}. [التوحيد: 1/191] بيان ذلك من الأثر: قال عليّ بن أبي طالبٍ، رضي الله عنه: أشدّ خلق ربّك، عزّ وجلّ، عشرةٌ: الجبال الرّواسي، والحديد ينحت به الجبال، والنّار تأكل الحديد، والماء يطفئ النّار، والسّحاب المسخّر بين السّماء والأرض، والرّيح تقلّ [التوحيد: 1/191] السّحاب، والإنسان يغلب الرّيح يتّقيها بيده ويذهب، والسّكر يغلب الإنسان، والنّوم يغلب السّكر، والهمّ يغلب النّوم، فأشدّ خلق ربّك الهمّ. رواه زكريّاء بن أبي زائدة، عن الشّعبيّ. [التوحيد: 1/192] 65 - أخبرنا أحمد بن محمّد بن زيادٍ، قال: حدثنا الحسن بن عليّ بن عفّان، قال: حدثنا عبد الله بن نميرٍ الهمدانيّ، عن الأعمش، عن أبي ظبيان حصين بن جندبٍ، عن ابن عبّاسٍ، رضي الله عنهما قال: أوّل ما خلق الله، عزّ وجلّ، القلم، فقال له: اكتب، فقال: ما أكتب؟ فقال: اكتب القدر، فجرى بما هو كائنٌ إلى أن تقوم السّاعة قال: ثمّ ارتفع بخار الماء ففتق منه السّماوات، ثمّ خلق النّون، ثمّ بسط الأرض على ظهره فاضطربت فمادت الأرض فأثبتت بالجبال، فإنّها لتفخر عليها. [التوحيد: 1/192] 66 - أخبرنا محمّد بن أحمد بن محبوبٍ المروزيّ، قال: حدثنا سفيان بن مسعودٍ المروزيّ، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا العوّام بن حوشبٍ، عن سليمان بن أبي سليمان، عن أنس بن مالكٍ، رضي الله عنه، عن النّبيّ، صلى الله عليه وسلم قال: لمّا خلق الله تعالى الأرض جعلت تميد، فخلق الله عزّ وجلّ، الجبال فألقاها عليها فاستقرّت، فعجبت الملائكة من خلق الجبال فقالت: يا ربّ هل من خلقك شيءٌ أشدّ من الجبال؟ قال: الحديد، قالت: يا ربّ هل من خلقك شيءٌ أشدّ من الحديد؟ قال: نعم، النّار، قالت: هل من خلقك شيءٌ أشدّ من النّار؟ قال: نعم، الماء، قالت: [التوحيد: 1/192] ياربّ فهل من خلقك شيءٌ أشدّ من الماء؟ قال: نعم، الرّيح، قالت: فهل من خلقك شيءٌ أشدّ من الرّيح؟ قال: نعم، ابن آدم يتصدّق بيمينه يخفيها من شماله، هذا إسنادٌ ثابتٌ على رسم النّسائيّ، وسليمان بن أبي سليمان بصريٌّ، روى عنه أبو مسلمة سعيد بن يزيد وغيره. [التوحيد: 1/193] |
الساعة الآن 03:01 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir