معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   كتاب الصلاة (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=139)
-   -   باب صفة الصلاة (4/38) [حديث عائشة في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم] (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2629)

محمد أبو زيد 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م 11:12 AM

باب صفة الصلاة (4/38) [حديث عائشة في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم]
 

274- وعن عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالَتْ: كَانَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ بالتكبيرِ والقراءةِ: بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، وكَانَ إِذَا رَكَعَ لم يُشْخِصْ رَأْسَهُ ولم يُصَوِّبْهُ، ولكن بَيْنَ ذَلِكَ. وكَانَ إِذَا رَفَعَ مِن الرُّكوعِ لم يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قائمًا، وإِذَا رَفَعَ مِنَ السجودِ لم يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ جالسًا. وكَانَ يقولُ في كلِّ رَكعتينِ التَّحِيَّةَ، وكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ اليُسرَى ويَنْصِبُ اليُمْنَى. وكَانَ يَنْهَى عن عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ. ويَنْهَى أن يَفْتَرِشَ الرجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتراشَ السَّبُعِ، وكَانَ يَخْتِمُ الصَّلَاةَ بالتسليمِ. أَخَرَجَهُ مسلِمٌ، وله عِلَّةٌ.

محمد أبو زيد 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م 01:43 PM

سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني
 

8/259 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَفْتِحُ الصَّلاَةَ بِالتَّكْبِيرِ، وَالْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَكَانَ إذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ، وَلَمْ يُصَوِّبْهُ، وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ ، وَكَانَ إذَا رَفَعَ مِن الرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِماً ، وَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِن السَّجْدَةِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِساً ، وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ ، وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى ، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ، وَيَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ ، وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلاَةَ بِالتَّسْلِيمِ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَلَهُ عِلَّةٌ.
(وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَفْتِحُ) أي: يَفْتَتِحُ.
(الصَّلاَةَ بِالتَّكْبِيرِ) أي: يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ. كَمَا وَرَدَ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي الْحِلْيَةِ لِأَبِي نُعَيْمٍ.
وَالْمُرَادُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، وَيُقَالُ لَهَا: تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ.
(وَالْقِرَاءَةَ) مَنْصُوبٌ معطوفٌ عَلَى الصَّلاَةِ أي: وَيَسْتَفْتِحُ الْقِرَاءَةَ (بِالْحَمْدُ) بِضَمِّ الدَّالِ عَلَى الْحِكَايَةِ (لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَكَانَ إذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ فَشِينٍ فَخَاءٍ مُعْجَمَتَيْنِ فَصَادٍ مُهْمَلَةٍ.
(رَأْسَهُ) أي: لَمْ يَرْفَعْهُ.
(وَلَمْ يُصَوِّبْهُ) بِضَمِّهَا أَيْضاً وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْوَاوِ الْمُشَدَّدَةِ؛ أي: لَمْ يَخْفِضْهُ خَفْضاً بَلِيغاً ، بَلْ بَيْنَ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ وَهُوَ التَّسْوِيَةُ، كَمَا دَلَّ لَهُ قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ)؛ أي: بَيْنَ الْمَذْكُورِ مِن الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ.
(وَكَانَ إذَا رَفَعَ) أي: رَأْسَهُ.
(مِن الرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِماً) تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ: ((ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِماً)).
(وَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِن السُّجُودِ)؛ أي: الْأَوَّلِ (لَمْ يَسْجُدْ) الثَّانِيَةَ (حَتَّى يَسْتَوِيَ) بَيْنَهُمَا (جَالِساً) ، وَتَقَدَّمَ: ((ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِساً)).
(وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) أي: بَعْدَهُمَا (التَّحِيَّةَ) أي: يَتَشَهَّدُ بِالتَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، كَمَا يَأْتِي، فَفِي الثُّلاَثِيَّةِ وَالرُّبَاعِيَّةِ الْمُرَادُ به الْأَوْسَطُ، وَفِي الثُّنائِيَّةِ الْأَخِيرُ.
(وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا جُلُوسُهُ فِي جَمِيعِ الْجِلْسَاتِ ، بَيْنَ السُّجُودَيْنِ، وَحَالَ التَّشَهُّدَيْنِ، وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ: "وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى".
(وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ فَمُوَحَّدَةٍ، وَيَأْتِي تَفْسِيرُهَا.
(وَيَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ) بِأَنْ يَبْسُطَهُمَا فِي سُجُودِهِ، وَفَسَّرَ السَّبُعَ بِالْكَلْبِ، وَوَرَدَ فِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِهِ.
(وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلاَةَ بِالتَّسْلِيمِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ ، وَلَهُ عِلَّةٌ) وَهِيَ: أَنَّهُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْجَوْزَاءِ - بِالْجِيمِ وَالزَّايِ - عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ مُرْسَلٌ، أَبُو الْجَوْزَاءِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ. وَأُعِلَّ أَيْضاً بِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ مُكَاتَبَةً.
وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلاَلَةٌ عَلَى تَعْيِينِ التَّكْبِيرِ عِنْدَ الدُّخُولِ فِي الصَّلاَةِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلاَمُ فِيهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوَّلَ الْبَابِ.
وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهَا: "وَالْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدُ" عَلَى أَنَّ الْبَسْمَلَةَ لَيْسَتْ مِن الْفَاتِحَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَنَسٍ وَأُبَيٍّ مِن الصَّحَابَةِ، وَقَالَ بِهِ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَآخَرُونَ، وَحُجَّتُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ.
وَقَدْ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ مُرَادَهَا بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ السُّورَةُ نَفْسُهَا، لاَ هَذَا اللَّفْظُ، فَإِنَّ الْفَاتِحَةَ تُسَمَّى بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ، فَلاَ حُجَّةَ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْبَسْمَلَةَ لَيْسَتْ مِن الْفَاتِحَةِ، وَيَأْتِي الْكَلاَمُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي حَدِيثِ أَنَسٍ قَرِيباً.
وَتَقَدَّمَ الْكَلاَمُ عَلَى أَنَّهُ فِي رُكُوعِهِ لاَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَلاَ يَخْفِضُهُ ، كَمَا تَقَدَّمَ عَلَى قَوْلِهِ: (وَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ) إلَى قَوْلِهِ: (وَكَانَ يَقُولُ التَّحِيَّةَ) .
وَالْمُرَادُ بِهَا الثَّنَاءُ الْمَعْرُوفُ بِالتَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الْآتِي لَفْظُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَفِيهِ شَرْعِيَّةُ التَّشَهُّدِ الْأَوْسَطِ وَالْأَخِيرِ.
وَلاَ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ، إلاَّ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ بَيَانٌ لِإِجْمَالِ الصَّلاَةِ فِي الْقُرْآنِ الْمَأْمُورِ بِهَا وُجُوباً، وَالْأَفْعَالُ لِبَيَانِ الْوَاجِبِ وَاجِبَةٌ. أَوْ يُقَالَ بِإِيجَابِ أَفْعَالِ الصَّلاَةِ ؛ لِقَوْلِهِ: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)).
وَقَد اخْتُلِفَ فِي التَّشَهُّدَيْنِ؛ فَقِيلَ: وَاجِبَانِ، وَقِيلَ: سُنَّتَانِ، وَقِيلَ: الأوَّلُ سُنَّةٌ، وَالْأَخِيرَةُ وَاجِبٌ.
وَيَأْتِي الْكَلاَمُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ.
وَأَمَّا الْأَوْسَطُ فَإِنَّهُ اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، كَمَا قَرَّرْنَاهُ، وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ)) الْحَدِيثَ.
وَمَنْ قَالَ بِأَنَّهَا(1) سُنَّةٌ اسْتَدَلَّ بِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ لَمَّا سَهَا عَنْهُ لَمْ يَعُدْ لِأَدَائِهِ، وَجَبَرَهُ بِسُجُودِ السَّهْوِ، وَلَوْ وَجَبَ لَمْ يَجْبُرْهُ سُجُودُ السَّهْوِ كَالرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ مِن الْأَرْكَانِ، وَقَدْ رُدَّ هَذَا الِاسْتِدْلاَلُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوُجُوبُ مَعَ الذِّكْرِ، فَإِنْ نَسِيَ حَتَّى دَخَلَ فِي فَرْضٍ آخَرَ جَبَرَه سُجُودُ السَّهْوِ.
وَفِي قَوْلِهَا: (وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى) مَا يَدُلُّ أَنَّهُ كَانَ جُلُوسَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَحَالَ التَّشَهُّدِ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَيْهِ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ، وَلَكِنَّ حَدِيثَ أَبِي حُمَيْدٍ الَّذِي تَقَدَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ الْجُلُوسَيْنِ، فَجَعَلَ هَذَا صِفَةَ الْجُلُوسِ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ ، وَجَعَلَ صِفَةَ الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ تَقْدِيمَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصْبَ الْأُخْرَى، وَالْقُعُودَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ.
وَلِلْعُلَمَاءِ خِلاَفٌ فِي ذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِن الْأَفْعَالِ الْمُخَيَّرِ فِيهَا.
وَفِي قَوْلِهَا: (يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ) أي: فِي الْقُعُودِ، وَفُسِّرَتْ بِتَفْسِيرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَفْتَرِشَ قَدَمَيْهِ وَيَجْلِسَ بِأَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الْقِعْدَةَ اخْتَارَهَا الْعَبَادِلَةُ فِي الْقُعُودِ غَيْرِ الْأَخِيرِ، وَهَذِهِ تُسَمَّى إقْعَاءً.
وجَعَلُوا الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ الْهَيْئَةَ الثَّانِيَةَ وَتُسَمَّى أَيْضاً إقْعَاءً، وَهِيَ أَنْ يُلْصِقَ الرَّجُلُ أَلْيَتَيْهِ فِي الْأَرْضِ، وَيَنْصِبَ سَاقَيْهِ وَفَخِذَيْهِ ، وَيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا يُقْعِي الْكَلْبُ، وَافْتِرَاشُ الذِّرَاعَيْنِ تَقَدَّمَ أَنَّهُ بَسْطُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ حَالَ السُّجُودِ، وَقَدْ نَهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن التَّشَبُّهِ بِالْحَيَوَانَاتِ، وَنَهَى عَنْ بُرُوكٍ كَبُرُوكِ الْبَعِيرِ، وَالْتِفَاتٍ كَالْتِفَاتِ الثَّعْلَبِ، وَافْتِرَاشٍ كَافْتِرَاشِ السَّبُعِ، وَإِقْعَاءٍ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ، وَنَقْرٍ كَنَقْرِ الْغُرَابِ، وَرَفْعِ الْأَيْدِي وَقْتَ السَّلاَمِ كَأَذْنَابِ خَيْلٍ شُمُسٍ.
وَفِي قَوْلِهَا: "وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلاَةَ بِالتَّسْلِيمِ" دَلاَلَةٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ التَّسْلِيمِ، وَأَمَّا إيجَابُهُ فَيُسْتَدَلُّ لَهُ بِمَا قَدَّمْنَاهُ سَابِقاً.


(1) كذا بالأصل ، ولعل الأولى: بِأَنَّه.



محمد أبو زيد 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م 01:44 PM

توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام
 

217 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَفْتِحُ الصَّلاةَ بالتَّكْبِيرِ، وَالْقِرَاءَةَ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. وَكَانَ إِذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُصَوِّبْهُ، وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ، وَكَانَ إِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِماً، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِساً، وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ، وَكَانَ يَفْرُشُ رِجْلَهُ اليُسْرَى، وَيَنْصِبُ اليُمْنَى، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ، وَيَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ، وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلاةَ بالتَّسْلِيمِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَلَهُ عِلَّةٌ.

· دَرَجَةُ الحديثِ:
الْحَدِيثُ صَحِيحٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ، أَمَّا العِلَّةُ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا المُؤَلِّفُ الحَافِظُ: فَإِنَّ مُسْلِماً أَخْرَجَهُ منْ رِوَايَةِ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنْ عَائِشَةَ، وَأَبُو الجَوْزَاءِ لَمْ يَسْمَعْ منْ عَائِشَةَ، فَفِيهِ انْقِطَاعٌ، كَمَا أَنَّهُ أُعِلَّ بِأَنَّ مُسْلِماً رَحِمَهُ اللَّهُ أَخْرَجَهُ منْ طَرِيقِ الأَوْزَاعِيِّ مُكَاتَبَةً، لا سَمَاعاً.
· مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- الْقِرَاءَةَ: مَعْطُوفَةٌ عَلَى الصَّلاةِ.
- لَمْ يُشْخِصْ: بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الشِّينِ المُعْجَمَةِ، وَكَسْرِ الخاءِ المُعْجَمَةِ، ثُمَّ صَادٍ مُهْمَلَةٍ؛ من: شَخَصْتُ كَذَا؛ أَيْ: رَفَعْتُهُ، فَالشَّاخِصُ منْ كُلِّ شيءٍ: المُرْتَفِعُ، وَالمُرَادُ: لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ.
- لَمْ يُصَوِّبْهُ: بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الصادِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَسْرِ الْوَاوِ المُشَدَّدَةِ، أَصْلُهُ من: التَّصْوِيبِ؛ أي: لَمْ يَخْفِضْهُ خَفْضاً أَنْزَلَ مِنْ مُسْتَوَى ظَهْرِهِ.
- بَيْنَ: ظَرْفٌ، بِمَعْنَى الوسطِ، فَإِنْ أُضِيفَتْ إِلَى ظَرْفِ الزمانِ، كَانَتْ ظرفَ زَمَانٍ، وَإِنْ أُضِيفَتْ إِلَى ظرفِ الْمَكَانِ، كَانَتْ ظَرْفَ مَكَانٍ.
- عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ: بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْقَافِ، فَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ بالإِقْعَاءِ المَنْهِيِّ عَنْهُ؛ بِأَنْ يُلْصِقَ أَلْيَتَيْهِ فِي الأَرْضِ، وَيَنْصِبَ سَاقَيْهِ وَفَخِذَيْهِ.
- يَفْرُشَ: بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا، والضَّمُّ أَشْهُرُ.
- افْتِرَاشَ السَّبُعِ: السَّبُعُ - بِفَتْحِ السينِ الْمُهْمَلَةِ، وَضَمِّ الْبَاءِ التحتِيَّةِ المُوَحَّدَةِ، ثُمَّ عَيْنٍ -: وَاحِدُ السِّبَاعِ المُفْتَرِسَةِ، وَافْتِرَاشُ السَّبُعِ: هُوَ أنْ يَبْسُطَ السَّاجِدُ ذِرَاعَيْهِ فِي الأَرْضِ، فَيُشَابَهُ السَّبُعَ فِي هَيْئَةِ إِقْعَائِهِ، وافْتِرَاشِ ذِرَاعَيْهِ.
- التَّحِيَّةَ: يَعْنِي التَّشَهُّدَ الأَوَّلَ الْمَعْرُوفَ.
- يَخْتِمُ الصلاةَ: خَتَمَ الشيءَ: أَتَمَّهُ وَبَلَغَ آخِرَهُ، وَالْمُرَادُ هنا: أَتَمَّ الصَّلاةَ وَأَكْمَلَهَا.
- التَّسْلِيمِ: يَعْنِي: السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ.
· مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ بَيَانُ صِفَةِ صَلاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
2- تُسْتَفْتَحُ الصَّلاةُ بتكبيرةِ الإحرامِ، فَيَجِبُ عَلَى الإمامِ والمأمومِ والمُنْفَرِدِ أنْ يُكَبِّرَ بِلَفْظِ ( اللَّهُ أَكْبَرُ )، فَلا يُجْزِئُ غَيْرُهَا، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ)).
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا، فَلا تَنْعَقِدُ الصَّلاةُ بِدُونِهَا.
3- تُسْتَفْتَحُ الْقِرَاءَةُ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ البسملةَ لَيْسَتْ من الفاتحةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الأَئِمَّةِ الثلاثةِ: أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَأَحْمَدَ، وَغَيْرِهِمْ، وَحُجَّتُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ.
4- كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ؛ بِأَنْ يَرْفَعَهُ عَنْ مُساواةِ ظَهْرِهِ.
5- وَلَمْ يُصَوِّبْهُ؛ بِأَنْ يَخْفِضَهُ، فَيَنْزِلَ بِهِ عَنْ مُسَاوَاةِ ظَهْرِهِ، وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ، فَيَجْعَلُهُ كَمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ: (رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، وَكَانَ إِذَا رَكَعَ سَوَّى ظَهْرَهُ، حَتَّى لَوْ صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ لاسْتَقَرَّ).
6- كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ من الركوعِ، لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِماً، وَكَانَ يقولُ: ((لا تُجْزِئُ صَلاةٌ لا يُقِيمُ فِيهَا الرَّجُلُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)). رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، والعملُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَعْدِهِ.
7- إِذَا رَفَعَ من السُّجُودِ، لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِساً، وَكَانَ يَأْمُرُ بِهَذَا، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قولِهِ: ((لا تُجْزِئُ صَلاةٌ لا يُقِيمُ فِيهَا الرَّجُلُ صُلْبَهُ، فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)).
8- كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُ بَعْدَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، فَيَقْرَأُ فِي جَلْستِهِ: ( التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ )، وَهُوَ التَّشَهُّدُ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ، وَأَحْسَنُهُ مَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الْتَفَتَ إِلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالَ: ((إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلْيَقُلِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا، وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ)). وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الحَدِيثٍ رَقْمِ (250).
9- وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جُلُوسِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَللتَّشَهُّدِ الأَوَّلِ من الصَّلاةِ ذَاتِ التَّشَهُّدَيْنِ، يَفْرُشُ رِجْلَهُ اليُسْرَى، وَيَجْلِسُ عَلَيْهَا، وَيَنْصِبُ اليُمْنَى، وَيُوَجِّهُ أَصَابِعَهُ إِلَى الْقبْلَةِ.
10- وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ؛ وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْصِبَ سَاقَيْهِ وَفَخِذَيْهِ، وَيَضَعَ أَلْيَتَيْهِ بَيْنَهُمَا عَلَى الأَرْضِ، فَهَذَا هُوَ إِقْعَاءُ الْكَلْبِ، الَّذِي يَحُضُّ الشَّيْطَانُ عَلَى مُشَابَهَتِهِ؛ لِيَذْهَبَ بِبَهَاءِ الصَّلاةِ وَهَيْئَتِهَا الجَمِيلَةِ.
11- وَكَانَ يَنْهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَنْ يَفْتَرِشَ المُصَلِّي ذِرَاعَيْهِ؛ بِأَنْ يَضَعَهُمَا عَلَى الأَرْضِ، لِمَا فِي هَذِهِ الهيئةِ منْ مُشَابَهَةٍ للسَّبُعِ المُؤْذِي المُفْتَرِسِ، حِينَمَا يَبْسُطُ ذِرَاعَيْهِ عَلَى الأَرْضِ، إِمَّا مُسْتَجْدِياً للآكِلِينَ، وَإِمَّا مُتَرَبِّصاً مُتَوَثِّباً بالغَافِلِينَ.
12- وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْتِمُ الصَّلاةَ بالتسليمِ؛ بِأَنْ يَقُولَ نَاوِياً الْحَاضِرِينَ مِنَ الْمُصَلِّينَ والملائكةِ المُقَرَّبِينَ: ((السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ)) مَرَّةً عَنْ يَمِينِهِ، وَأُخْرَى عَنْ يَسَارِهِ؛ لِيَعُمَّ الْحَاضِرِينَ بِهَذَا الدُّعَاءِ الْكَرِيمِ المُنَاسِبِ.
وَالسَّلامُ هُوَ خِتَامُ الصَّلاةِ؛ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((وَخِتَامُهَا التَّسْلِيمُ)).
13- أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا رَوَتْ هَذِهِ الصفةَ الكاملةَ منْ صَلاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِتُعَلِّمَ أُمَّتَهُ أَنْ يُصَلُّوا مِثْلَ هَذِهِ الصَّلاةِ؛ عَمَلاً بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)). رَوَاهُ البخاريُّ.


الساعة الآن 02:54 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir