المجلس التاسع عشر: مجلس مذاكرة القسم التاسع من تفسير سورة آل عمران
مجلس مذاكرة القسم التاسع من تفسير سورة آل عمران حرّر القول في القراءات في قول الله تعالى: {وكأيّن من نبيّ قاتل معه ربيّون كثير} وإسناد الفعل في كل قراءة.(الآيات 133-152) تعليمات الإجابة: هذا التطبيق مطلوب تقديمه في صورة خطوات منفصلة كالتالي: أولا: ذكر مراجع البحث مرتّبة على مراتب مراجع الأقوال في التفسير. ثانيا: استخلاص الأقوال وتصنيفها ونسبتها. ثالثا: تخريج الأقوال. رابعا: توجيه الأقوال. خامسا: دراسة الأقوال ونقدها وبيان الراجح منها. تعليمات: - دراسة تفسير سورة آل عمران سيكون من خلال مجالس المذاكرة ، وليست مقررة للاختبار. - مجالس المذاكرة تهدف إلى تطبيق مهارات التفسير التي تعلمها الطالب سابقا. - لا يقتصر تفسير السورة على التفاسير الثلاثة الموجودة في المعهد. - يوصى بالاستفادة من التفاسير الموجودة في جمهرة العلوم، وللطالب أن يستزيد من غيرها من التفاسير التي يحتاجها. - تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب. تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة: أ+ = 5 / 5 أ = 4.5 / 5 ب+ = 4.25 / 5 ب = 4 / 5 ج+ = 3.75 / 5 ج = 3.5 / 5 د+ = 3.25 / 5 د = 3 هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة. معايير التقويم: 1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ] 2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص] 3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد] 4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية. 5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض. نشر التقويم: - يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب. - تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها. - نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم. _________________ وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم |
حرّر القول في القراءات في قول الله تعالى: {وكأيّن من نبيّ قاتل معه ربيّون كثير} وإسناد الفعل في كل قراءة … هذه مسألة تفسيرية لها علاقة بعلوم القران أسباب النزول ؛ القراءات؛ الوقف والابتداء ؛وإعراب القران ولها بعض علاقة بالسيرة والتاريخ وقصص الأنبياء .المراجع -المرتبة الأولى: كتب دواوين السنة. -التفسير من سنن سعيد بن منصور (227) - من المرتبة الثانية: كتب التفسير في جوامع الأحاديث. الدر المنثور في التفسير بالمأثور لجلال الدين السيوطي(ت:911هـ) - من المرتبة الثالثة: التفاسير المسندة المطبوعة : 1- جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري (ت: 310هـ) 2- تفسير القرآن العظيم، عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي (ت: 327هـ) 3-تفسير أبي إسحاق الثعلبي(ت427) . 4-معالم التنزيل لأبي محمد الحسين بن مسعود البغوي (ت: 516هـ) - ومن المرتبة الرابعة : التفاسير المسندة التي طُبع شيء منها . -1تفسير سفيان الثوري (161 ه) 2-تفسير عبد بن حميد(ت:249هـ). -3-تفسير ابن المنذر النيسابوري(ت:318هـ( - من المرتبة السادسة: التفاسير التي تنقل أقوال السلف في التفسير : .1. الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب (ت: 427 ه) 1. النكت والعيون للماوري(ت:450هـ). 2. المحرر الوجيز لابن عطية(ت:542هـ). 3. زاد المسير لابن الجوزي (ت:597هـ). 4. تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير الدمشقي(ت:774هـ) .5 أحكام القرآن للقرطبي (ت671) كتب معاني القران - مجاز القرآن لأبي عبيدة (ت 210هـ) -معاني القرآن للفراء (ت207) - معاني القرآن للأخفش، سعيد بن مسعدة (ت 215هـ) - -معاني القرآن للنحاس(ت338) -معاني القرآن لإِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ) كتب أسباب النزول -أسباب النزول الواحدي ولم أجد المسألة في باقي كتب أسباب النزول كتب القراءات الحجة في القراءات السبع بن خالويه، ( 370هـ) الحجة للقراء السبعة أبو علي الفارسيّ (377هـ) المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها ابن جني (392) متن الشاطبية ( الشاطبي) (590) النشر في القراءات العشر ابن الجزري (833) طيبة النشر ابن الجزري(833) إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر الدمياطيّ، ( 1117هـ) -البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة عبد الفتاح القاضي( 1403) كتب الوقف والابتداء -إيضاح الوقف والابتداء لأبي بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): - القطع والائتناف أبو جعفر النَّحَّاس (338) -والمكتفي لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت444). - -منار الهدى في الوقف والابتدا لعبد الرحيم الأشموني.(1100) كتب الإعراب إعراب القران النحاس (388) مشكل إعراب القران مكي القيسي (437) كتب إضافية المغازي أبو عبد الله، الواقدي ( 207هـ) - تفسير القرآن العظيم للرازي (327هـ) مجموع فتاوى شيخ الإسلام بن تيمية ( 728) -جامع المسائل – لابن تيمية (728) -والبحر المحيط لأبي حيّان ( 745) -والدرّ المصون للسمين الحلبي.756 - تفسير القرآن الكريم المشهور بتفسير المنار لرشيد رضا. (ت 1354هـ) والتحرير والتنوير لابن عاشور ( 1393) -تفسير الشيخ السعدي ( 1393) - عوامل النصر والتمكين في دعوات المرسلين المؤلف: أحمد بن حمدان بن محمد الشهري -معجم القاموس المقدس سبب نزول الآية جاء في أسباب النزول للواحدي ؛قَالَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: قَدْ أُصِيبَ مُحَمَّدٌ فَأَعْطُوهُمْ بِأَيْدِيكُمْ، فَإِنَّمَا هم إخوانكم، وقاد بَعْضُهُمْ: إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ أُصِيبَ ألا ما تَمْضُونَ عَلَى مَا مَضَى عَلَيْهِ نَبِيُّكُمْ حَتَّى تَلْحَقُوا بِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إِلَى {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا} لِقَتْلِ نَبِيِّهِمْ إِلَى قَوْلِهِ: {فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا} هكذا ذكره الواحدي دون سند ؛وعلق عليه محقق الكتاب بقوله : عطية الكوفي سبق ترجمته وذكره ابن حبان في المجروحين (2/ 176) وقال: لا يحل الاحتجاج به..وذكر أنه كنى الكلبي بأبي سعيد حتى يتوهم الناس أنه أبا سعيد الخدري. القراءات الواردة في الآية الآية الكريمة شملت على ثلاث كلمات فرشية: "وكأين" ؛ " قاتل" ؛" ربيون". أولا:{ وكأيّن} فيها قراءتان القراءة الأولى: - تقرأ {وكائن} بمدّ الألف وتخفيف الياء؛ على زنة " كاعن" ؛ وانفرد بها ابن كثير وحده من السبعة وينضم معه أبو جعفر من العشرة ؛ إلّا أن «أبا جعفر» يسهل الهمزة بين بين مع التوسط، والمدّ، والقصر. وهي كلمة فرشية أصولية عندهما أينما وردت في كتاب الله وكيف نزل سواء كان أوله واوا كما هنا، أو فاء نحو: فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ. ومن شواهد لغة العرب عليها قول الشاعر: وكائن بالأباطحِ مِنْ صديقٍ *** يَراني لو أُصِبْتُ هو المُصَابا وقال : وَكَائِنْ رَدَدْنا عَنْكُمُ مِنْ مُدْجَّجٍ **** يجيءُ أمامَ القومِ يَرْدِي مُقَنَّعَا القراءة الثانية : - وتقرأ {وكأيّن} ؛ بهمز الألف وتشديد الياء على زنة "كعيّ " وهي قراءة باقي السبعة ويعقوب وخلف العاشر من العشرة وقد جاءت هذه القراءة في اللغة قول الشاعر : [ الوافر ] كَأَيِّنْ في المَعَاشِرِ مِنْ أُنَاسٍ . . . أَخْوهُمْ فَوْقَهُمْ وَهُمُ كِرَامُ . ذكرها الزجاج وقال عنها: "فيها لغتان جيدتان بالغتان يقرأ بهما.. التوجيه: القراءتان متواترتان قرئ بها في العشرة قال الشاطبي 570 - .... ... وَمَعْ مَدِّ كَائِنْ كَسْرُ هَمْزَتِهِ دَلَا قال ابن الجزري في طيبته: 538 - ..... ... صُحْبَةُ كَائِنْ فِي كَأَيِّنْ ثَلَّ دُمْ وذكر أهل اللغة أن "كأيّن " أصل اللفظ وإن كان "كائن " أكثر استعمالا عند العرب قال أبو حيان : كائن وهي أكثر استعمالاً في لسان العرب وأشعارها -واختلف أهل العلم في" كأين " قيل هي بسيطة غير مركبة وضعتها العرب للدلالة على التكثير فهي مثل "كم" الخبرية . وقيل هي مركبة من "ك" التشبيه و "أي" منونة مثل ما ركبت "ك" مع "ذا"وهو قول الخليل وسيبويه..فأفادت معنى التكثير المفهوم من "كم" الخبرية؛ فجعلت كلمة واحدة ؛ونونها في الأصل تنوين . فوقف عليها بالنون جمهور القراء اتباعا لمرسوم الخط ؛ وأما «أبو عمرو، ويعقوب» فيقفان على الياء هكذا «وكأيّ» أخذا بالقياس وتنبيها على الأصل وهو أن الكلمة مركبة من كاف التشبيه، و «أيّ» المنونة ؛ والقياس أن يوقف عليها بغير نون كما يوقف علي "أي" حيث وقعت . قال الشاطبي: 380 - وقف يا أبه كفؤا دنا وكأيّن ال ... وقوف بنون وهو بالياء حصّلا ومن علل الفارسي لوقفِ النونِ: أنَّ الكلمة لَمَّا رُكِّبت خَرَجَتْ عن نظائِرها ، فَجُعِل التنوينُ كأنه حرفُ أصلي من بنية. قال الرازي:" واعلم أنه لم يقع للتنوين صورة في الخط إلا في هذا الحرف خاصة ، وكذا استعمال هذه الكلمة فصارت كلمة واحدة موضوعة للتكثير.." ورجح أبو حيان و ابن عاشور أنها بسيطة غير مركبة؛ وأنَّ آخرَها نون هي من نفس الكلمة لا تنوينٌ ، وقال أبو حيان في رد وإبطال من قال أنها مركبة : ".. وهي دعوى لا يقوم على صحتها دليل . وقيل في الجمع بين القولين : أن "كأئن" أصلها "ك" و "أي" منونة. فصارتا بمنزلةِ كلمةٍ واحدةٍ حتى تنوسي هذا الأصل وهُجِر معناها الأصلي وهو التشبيه وضعت للدلالة على معنى آخر وهو التكثير مثل كم فأصبحت بسيطة لا مركبة . .قاله السمين الحلبي والفتاح القاضي أما " كائن" في توجيهها أقوال؛ قال المبرد اسم "فاعل "من "كان" يكون فهو كائن . واستبعده مكي قال : " لإتيان " مِنْ " بعده ولبنائِه على السكون " . وكذلك أبو البقاء قال : " وهو بعيدُ الصحة ، لأنه لو كان كذلك لكان مُعْرباً ، ولم يكن فيه معنى التكثير " وقال أبو حيان: "..كائن ومن ادعى أن هذه اسم فاعل من كان فقوله بعيد" اهـ وقيل أصلها "كأين" إلا أنه لحقها قلب وتخفيف وقد أوصل السمين الحلبي أوجه القلب الحاصل فيها إلى خمسة أوجه لا داعي لذكرها لأن المقام سيطول بنا وقال الزجاج أنهما لغتان جيدتان . وقال ابن جرير : وهما لغتان معروفتان لا اختلاف في معناهما ، فبأيّ القراءتين قرأ ذلك قارىء فمصيب ، لاتفاق معنى ذلك وشهرتهما في كلام العرب وجمع بين اللغتين الشاعر فقال : كأين أبدنا من عدوّ يغزنا *** وكأين أجرنا من ضعيف وخائف القراءات الشاذة وذكر أهل العلم لغات أخرى لهذه اللفظة -" كَأْيِنْ " بياء خفيفة بعد الهمزة ؛ على مثال كَعْيِن - " " كَيْئِن " بياء ساكنةٍ بعدَها همزةٌ مكسورةٌ - "" كَئِنْ " على مثال كَعٍ وقد قرئ بهذه القراءات جميعا في الشواذ. - ثانيا" ربيون " اتفق الأئمة العشرة على قراءتها ؛ فقرأ الجميع براء مكسورة مع شد الباء وكسرها وشد الياء وضمها . وانضم إليهم القراء الأربعة . الحسن البصري؛ محمد بن عبد الرحمن المعروف بابن محيصن ؛ ويحيى بن المبارك اليزيدي ؛وسليمان بن مهران الأعمش فهؤلاء أيضا قرؤوا لفظة "ربيون" براء مكسورة. وهؤلاء وإن كانت أسانيدهم صحيحة إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنها لم تبلغ درجة التواتر لهذا عدت من القراءات الشاذة القراءات الشاذة وقرئ في أحاد الشواذ "رُبِّيون" بضم الراء، "رَبِّيون" بفتح الراء ثالثا : "قاتل" في المتواتر قراءتان *أولا قراءة "قُتل" بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ التَّاءِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ،وهى قراءةنَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ، وَالْبَصْرِيَّانِ *قراءة "قاتل" بِفَتْحِ الْقَافِ وَالتَّاءِ وَأَلِفٍ بَيْنَهُمَا ؛وهى قراءة الباقي من العشرة ..الكوفيون وابن عامر الشامي و أبو جعفر المدني. القراءات الشاذة وقرئ في الشواذ "قُتِّل" بضم القاف وكسر التاء مشددة بدون ألف..ونسبت هذه القراءة لقتادة قال ابن جني في المحتسب:" ..ومن ذلك قراءة قتادة: "وكَأَي من نبي قُتِّل معه ربيون كثير" مشددة. -وقال ابن عطية: وقرأ قتادة «قُتل » بضم القاف وكسر التاء مشددة على التكثير تخريج الأقوال وإسناد الفعل لكل قراءة أولا: قراءة "قاتل" إسناد الفعل في إسناد الفعل قولان لأهل العلم: - الأول أن يسند الفعل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والمعنى: {وكأيّن من نبيّ قاتل} ؛ وقف كاف أو تام ثم نبدأ بعدها بقوله: {معه ربيّون كثير} الثاني: أن يسند الفعل إلى الربيّين، فهم المقاتلون، فتوصل الآية.والوقف على"كثير" ومعنى الآية : كم من نبيّ قاتل معه جموع كثيرة . ولا فرق بين المعنيين ؛ فإذا أسند الفعل إلى النبي فهو الذي قاتل وقاتل معه الربيون وما وهنوا..وإذا أسند إلى الربيون فهم الذين قاتلوا مع نبيهم. ..فلا يظهر كبير فرق بين المعنيين إذ هما ملازمين أقول السلف: وقد قال بهذا القول من لسلفابن مسعود، وابن عباس وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، وعوف ؛ والحسن أما قول ابن مسعود فقد أخرجه سعيد ابن منصور وعبد ابن حميد من طريقخصيف ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَأَيِّنْ من نبي قتل معه ربيون كثير} ، يَقُولُ: (قَاتَلَ) ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ:{فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ في سبيل الله ... } -أما قول ابن عباس فقد أخرجه ابن جرير من طريق معاوية عن على عن ابن عباس - أما قول سعيد بن جبير فقد أخرجه سعيد بن منصور من طريق خُصَيف، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَا سَمِعْنَا قَطّ أَنَّ نَبِيًّا قُتل فِي الْقِتَالِ -أما قول إبراهيم النخعي وعوف فقد أخرجه سعيد بن منصور من طريق.هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا عَوْفٌ ، عَنِ الْحَسَنِ، وَأَنَا عَوْفٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُمَا كَانَا يَقْرَآنِ: {قَاتَلَ مَعَهُ} -أما قول الحسن فقد أخرجه ابن أبي حاتم قال وبه ثنا عباد بن منصور قال : سألت الحسن عن قوله : { وكأين من نبي قاتل معه } قال : قد كانت أنبياء الله قبل محمد قاتل معها علماء . حجة هذا القول: - قوله تعالى: {فما وهنوا} لأنهم لو قتلوا لم يكن لقوله: {فما وهنوا} وجهٌ معروف؛لأنه يستحيل أن يوصفوا بأنهم لم يهنوا بعدما قتلوا - أن ((قاتل)) أبلغ في مدح الجميع من معنى ((قتل)) ؛ لأن الله إذا مدح ((من قُتل)) خاصة دون من ((قاتل)) لم يدخل في المديح غيرهم، فمدح ((من قاتل)) أعمّ للجميع من مدح ((من قُتل)) دون من ((قاتل)) لأن الجميع داخلون في الفضل وإن كانوا متفاضلين)) . اهـ. قال أبو عبيد : إن الله تعالى إذا حمد من قاتل كان من قُتل داخلا فيه ، وإذا حمد من قُتل خاصة لم يدخل فيه غيرهم ، فقاتل أعم . - ومما قوى هؤلاء قولهم مقولة سعيد بن جبير " مَا سَمِعْنَا قَطّ أَنَّ نَبِيًّا قُتل فِي الْقِتَالِ - ثانيا : قراءة "قتل" والمعنى أن النبي قتل ومعه جماعات كثر لم يهنوا لقتل نبيهم،ولم يضعفوا وممن قال بهذا القول من السلف ابن عباس، وسعيد بن جبير والضحاك ؛ قتادة. والسدي، والربيع، ومحمد بن إسحاق. تخريج الأقوال أما قول ابن عباس فقد أخرجه ابن المنذر من طريق عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : { فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله } قال : لقتل أنبيائهم . وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق هارون عن عنترة عن أبيه عن ابن عباس به -و روى أبو حذيفة النهدي في تفسير الثوري: عن سفيان في قراءة بن عباس وما كان النبي أن يغل قال بلى ويقتل أما قول سعيد ابن جبير فقد ذكره ابن المنذر عن خصيف قال..قَالَ خصيف: فقلت لسعيد بْن جبير: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ يَقُول يخان، قَالَ: بل يغل ويقتل أَيْضًا أما قول الضحاك.فقد وأخرجه الطبري من طريق عبيد بن سلمان قال سمعت الضحاك يقول.به وأخرجه ابن المنذر من طريق علي بن الحكم ، عن الضحاك به . أما قول قتادة فقد أخرجه الطبري و ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سعيد عن قتادة.قال : ما عجزوا وما تضعضعوا لقتل نبيهمأما قول السديفقد أخرجه الطبري و ابن أبي حاتم من طريق أحمد بن مفضل ، ثنا أسباط ، عن السدي به أما قول الربيع فقد أخرجه الطبري من طريق عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع به أما قول محمد ابن إسحاق.. -فقد أخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق سلمة عن ابن إسحاق به . قال : قال محمد ابن إسحاق : { وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير } قال : وكأين من نبي أصابه القتل ومعه جماعات -وأخرجه ابن المنذر من طريق أحمد ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق به إسناد الفعل: في إسناد الفعل في القراءة أيضا قولان لأهل العلم: - الأول أن يسند الفعل إلى ضمير يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والمعنى: {وكأيّن من نبيّ قُتل} نقف هنا وقف كاف أو تام ؛ ثم نبدأ بعدها بقوله: {معه ربيّون كثير} وقال بهذا القول العلم جمع من أهل العلم على رأسهم إمام وشيخ المفسرين الأمام الطبري و حسنه الأخفش مكي وجوده الزجاج وقدمه السمين الحلبي معنى الآية على هذا القول وكأين من نبي قتل في الحرب ؛والحال أن معه ربيون جموع كثيرة تقاتل معه فما وهنوا لما أصابهم من قتل نبيهم وما ضعفوا...فرفع الربيون بالابتداء، والخبر: معه ؛و الجملة حال من الضمير في "قتل" أو صفة للنبي. وعلى هذا في الآية إضمار تقديره "ومعه ربيون كثير"...كما يقال : قتل الأمير معه جيش عظيم ، أي ومعه ، ويقول : خرجت معي تجارة ، أي ومعي . أو يكون في الآية تقديم وتأخير "والمعنى وكأين من نبي معه ربيون كثير قتل فما وهن الربيون على كثرتهم لقتل نبيهم. . الحجج . ومما يحتج لهذا القول: 1- ما ورد في سبب نزول الآية..فهذا المعنى فيه إعمالا لما شاع يوم أحد "ألا إن محمدا قد قتل". فتخاذل المؤمنون لما سمعوا ذلك ...فبين سبب النزول أن القتل واقع على النبي....ففي الآية تشجيع للمؤمنين وحث على القتال والأمر بالاقتداء بمن تقدم من خيار أتباع الأنبياء....فالعبرة بثبات أتباع الأنبياء على دينه مع مفارقته لهم إذ العبرة بخلو الرسول وبقاء الأتباع..أفاده ابن عاشور 2- هذا القول توكيد لما ورد من الآيات السابقة كما في قوله تعالى: { أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ } 3- قوله "فما وهنوا لما أصابهم" هذا إعلام و إخبار أن الربيين لم يهنوا ولم يضعفوا لما أصابهم وهذا لا يتحقق إلا وهم شاهدون أحياء غير أموات فتعين أن يحمل القتل على قتل النبي 4- مما يؤيد هذا القول ورود آيات الذكر الحكيم تخبر أن هناك كثير من الأنبياء قتلوا كما قال تعالى:{ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} وقال تعالى:{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ } وقال تعالى:{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} الثاني: أن يسند الفعل إلى "الربيون" ، فهم المقتولون ، فتوصل الآية.والوقف على"كثير" والمعنى : وكم من نبي قتل { مَعَهُ } جماعة كثيرة فما وهن من بقي منهم لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وقد نصر هذا القول جمع من العلماء على رأسهم شيخ الإسلام بن تيمية الأمين الشنقيطى وابن جنى و الزمخشري . نصر هذا لقول بقوة ابن تيمية في مجموع الفتاوى وكذا الشيخ الأمين الشنقيطي في كتابه أضواء البيان وكان لهما طول نفس في الرد على حجج القول الأول سأحاول تلخيص ذلك كله الحجج 1- قوله تعالى (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ) يقتضي كثرة ذلك، وهذا لا يُعرَف أن أنبياءَ كثيرين قُتِلُوا في الجهاد. وقد قال سعيد بن جيبر :ما سمعنا أن نبيا قتل في الحرب قط" و قال الحسن: ما قتل نبي في الحرب قط 2- قال شيخ الإسلام ابن تيمية : أن مَن قبلَ موسى من الأنبياء لم يكونوا يُقاتِلون، وموسى وأنبياء بني إسرائيل لم يُقتَلوا في الغَزاة؛والذين قبلهم بنو إسرائيل من الأنبياء لم يُقتَلوا في جهادٍ، بل لا يُعرَف نبيٌّ قُتِلَ في جهادٍ، فكيف يكون هذا كثيرًا؟ ويكون جنسُه كثيرًا ولا يُعرَف هذا في شيء من الأخبار؟!. 3- أن قوله تعالى :{ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ}؛ كون النبي قاتل أو قتل مع ربيون كثير لا يلزم منه كون النبي موجود مشارك معهم في الحرب؛ لأن "مع " لا يلزم منها الاقتران ؛ بخلاف "واو" المعية التي تقتضي الاقتران في نفس الفعل في نفس الوقت وهذا من بديع التعبير القراني قال ابن تيمية رحمه الله :".. بل كل من اتبع النبي وقاتلَ على دينه فقد قاتل معه، وكذلك كل من قُتِل على دينه فقد قُتِل معه، وحينئذٍ تظهر كثرة هؤلاء، فإن الذين قاتلوا وأصيبوا وهم على دين الأنبياء كثيرون. ويكون في هذه الآية عبرة لكل المؤمنين إلى يوم القيامة، فإنهم كلهم يقاتلون مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإن كان النبي قد مات. والصحابة الذين كانوا يغزون في السرايا والرسولُ غائب عنهم كانوا معه وكانوا يقاتلون معه، وهم داخلون في قوله (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) ، وفي قوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ). فليس من شرط مَن يكون مع المطاع أن يكون رائيًا للمطاع." اهـ 4- قوله تعالى : {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } . معلوم أن ما يصيب في سبيل الله في عامة الغزوات لا يكون قتل نبي. 5- جرت سنة الله الكونية أن الغلبة لله ولرسله ؛ما أمر نبي بالمغالبة إلا كانت الغلبة لله ولرسوله وذلك مصداقا لقوله تعالى " لأغلبن أنا ورسلي" وجه ذلك: أن غلبة الأنبياء نوعان غلبة الحجة والبيان وهذه ثابتة لجمع الأنبياء ؛ وغلبة السيف و السنان وهذه ثابتة لمن أمر منهم بالمغالبة وأكثر وأغلب ما ورد في معنى الغلبة في القران غلبة السيف والسنان كما قال تعالى " إِن يَكُن مّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ مّنكُمْ مّاْئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ } الآية ، وقوله : { إِن يَكُن مّنكُمْ مّاْئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ } ، وقوله : { الم 1 غُلِبَتِ الرُّومُ 2 في أَدْنَى الأرض وَهُم مّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ 3 في بِضْعِ سِنِينَ } ، وقوله : { كَم مّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةٍ كَثِيرَةً } ، وقوله : { قُلْ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ } ، فعليه يحمل معنى الغلبة في قوله "" لأغلبن أنا ورسلي" على غلبة السيف والسنان حتى توافق نظائرها من الآيات -ومن جهة أخرى قد عُلم وتبين أن المقتول ليس غالب بل هو قسم مقابل للغالب لقوله تعالى: { وَمَن يُقَاتِلْ في سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ } -ثم إن سبحانه وتعالى لم يقتصر على مطلق النصر ِ الَّذِي هُوَ فِي اللُّغَةِ إِعَانَةُ الْمَظْلُومِ، بَلْ خصص ذَلِكَ النَّصْرَ الْمَذْكُورَ لِلرُّسُلِ بأنه نَصْرُ غَلَبَةٍ التي هي لغة القهر بِقَوْلِهِ: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي}. -أن الله جَلَّ وَعَلَا نفى عَنِ الْمَنْصُورِ أَنْ يَكُونَ مَغْلُوبًا نَفْيًا بَاتًّا بِقَوْلِهِ: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ}. فاتضح من سبق ذكره من الآيات والاستدلال أن القتل ليس واقعًا على النبيّ المقاتل ؛ لأن اللَّه كتب وقضى له في أزله أنه غالب ، وصرّح بأن المقتول غير غالب . وهذه سنة باقية لا تتبدل ولا تتغير كما قال تعالى { وَلَقَدْ كُذّبَتْ رُسُلٌ مّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أتاهمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ 34 }. قال الشنقيطي رحمه الله : .. ولا شكّ أن قوله تعالى : { كَتَبَ اللَّهُ لأغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِي } ، من كلماته التي صرّح بأنها لا مبدل لها. اهـ 6- أن إسناد الفعل "قتل" إلى "الربيون" لا يترتب عليه معارضة لنصوص الكتاب والسنة بل به تتفق النصوص و تأتلف ومعناه يكون جاريا على سنن باق نظائره من الآيات ؛ أما لو كان الفعل "قتل" مسندا" إلى ضمير يرجع إلى النبي فهذا يحصل معه تعارض للنصوص الكتاب ؛ والقول الذي تتفق به آي الذكر الحكيم أولى بالتقديم من غيره . 7- الاستشهاد بالقراءة الشاذة وهى قراءة قتادة "قتل" بضم القاف وتشديد التاء وكسرها فعلى هذه القراءة يتعين كون الفعل منسوب إلى الربيين ،لأن "قتل " يدل على التكثير وهو ينافي نسبته إلى الواحد قال أبو الفتح: في هذه القراءة دلالة على أن مَن قرأ مِن السبعة قُتل أو قاتل معه ربيون، فإن "ربيون" مرفوع في قراءته بقُتِل أو قاتل، وليس مرفوعًا بالابتداء ولا بالظرف الذي هو معه، كقولك: مررت برجل يَقْرأُ عليه سلاح، ألا ترى أنه لا يجوز كم نبي قُتِّل بتشديد التاء على فُعِّل؟ فلا بد إذن أن يكون ربيون مرفوعًا بقتِّل، وهذا واضح. قال ابن جني : وحينئذ فلا ضمير في الفعل لما في التضعيف من الدلالة على التكثير وهو ينافي إسنادهإلى الواحد " اهـ الرد على حجج القول الأول واعتراضاتهم -أطال شيخ الإسلام ابن تيمية و الشنقيطي في تفنيد حجج القول الأول والرد على اعتراضاتهم بعون الله أحاول تلخيصها. - الرد على استدلالهم بما ورد من سبب نزول الآية أنه لا حجة في ذلك : 1- أَنَّ سَبَبَ النُّزُولِ لَوْ كَانَ يَقْتَضِي تَعْيِينَ ذِكْرِ قَتْلِ النَّبِيِّ لَكَانَتْ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ {قَاتَلَ} جَارِيَةً عَلَى خِلَافِ الْمُتَعَيِّنِ. 2- قولكم هذا لا يناسب لفظ الآية، فإنه سبحانه قال: "ربيون كثير"، فالمناسب أنهم مع كثرة المصيبة الشاملة لهم ما وهنوا. ولو أريد أن النبي قُتِل ومعه ناس لم يخافوا لم يحتج إلى تكثيرهم، بل كان تقليلهم هو المناسب، يقول: هم مع قلتهم وقتلِ نبيهم لم يخافوا. وأما إذا كانوا كثيرين لم يكن مدحُهم بعدم الخوف فيه عبرة. 3- ليس فيه حجة على الصحابة ولا عبرة لهم ؛ لأن الآية وصفت من قتل نبيُّه بكونهم كثرين ، والصحابة كانوا يوم أحد قليلين، وكان العدوّ أضعافَهم، فكانوا يقولون: أولئك كانوا ألوفًا مؤلفة فلهذا لم يَهِنُوا، ونحن قليلون. 4-ومن جهة أخري: الآية أخبرت أن من كان قبلهم كانوا يقاتلون، فيُقْتَل معهم خلق كثير وهم لا يَهِنُون. ويكون ذكر الكثرة مناسبًا؛ لأنه إن قُتِلَ منهم كثيرٌ فهذا يقتضي الوهنَ وما وَهَنوا، وإن كان الذين قاتلوا كثيرين وما وَهَنوا دلَّ على إيمانهم كلِّهم مع الكثرة الرد على استدلالهم بقوله تعالى "{ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ } هذا الدليل لا حجه لهم فيه لأوجه : 1- قوله "{ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ " فيه تعليق بأداة الشرط والمعلق بها لايدل على وقوع نسبة أصلاً لا إيجابًا ، لا سلبًا حتى يُرَجِّحَ بِهَا غَيْرُهَا. 2- ثم إن النظر في الحال وحقيقة الأمر يبين أن نبيهم صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت لم يقتل ولم يمت. 3- ومن جهة المعنى أيضا فمعنى الآية لا يستقيم مع قولكم ؛ لأن قوله تعالى "{ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انقلبتم على أعقابكم " فيه إنكار على من ينقلب على عقبيه، سواء كان النبي مقتولاً أو ميتًا، لم يخصَّ حال القتل، فلم يذمّهم إذا مات أو قُتِل على الخوف والرعب، بل على الردَّة والانقلاب على العقبين. ولهذا تلاها الصديق يوم ماتَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، فكأنَّ الناس لم يسمعوها حتى تلاها ....فلو كان المراد أن نبيَّهم قُتِل لقالَ: "فما انقلبوا على أعقابهم"، لأنه هو الذي أنكره إذا مات الرسولُ أو قُتِلَ. فبالنظر إلى مجموع الآتين" "{ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انقلبتم على أعقابكم "} ؛ { وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا } يظهر أن الله عزوجل أنكر شيئين: الارتداد إذا مات الرسول أو قُتِل، والوهن والضعف والاستكانة لما أصابهم في سبيل الله من استيلاء العدو، ولهذا قال: (فَمَا وَهَنُواْ لماَ أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اَستَكَانُوا)، ولم يقل: "فما وهنوا لقتل النبي؛ولو كان قتل وهو أحياء لذكر ما يناسب ذلك الرد على قوله "فما وهنوا لما أصابهم" فقولكم أن نفي الوهن والضعف والاستكانة عنهم يلزم منه أنهم لم يقتلوا؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ قُتِلُوا لَمَا قَالَ عَنْهُمْ: فَمَا وَهَنُوا. يرد عليه أن الذين لم يهنوا من بقي منهم ؛ و هذا أسلوب عربي جرى به القران في مواضع؛ وقد قال الله تعالى كما في رواية حمزة والكسائي"-وهى قراءة سبعية متواترة- {وَلَا تَقتُلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يَقتُلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ } كُلُّ الْأَفْعَالِ مِنَ الْقَتْلِ لَا مِنَ الْقِتَالِ. فقوله" فَإِنْ قَتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ" كيف يمكن للمقتول أن يؤمر بالقتل هذا لا يصح إلا حمل إن المقتولين غير المأمورين بالقتل..و المعنى إن قتلوا بعضكم فاقتلوهم أنتم من بقيتم وهذا مَعْنًى مَشْهُورٌ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُونَ: قَتَلُونَا وَقَتَلْنَاهُمْ، يَعْنُونَ وُقُوعَ الْقَتْلِ عَلَى الْبَعْضِ كَمَا لَا يَخْفَى. قال الشماخ: وجاءت سليم قضها بقضيضها ... تمسح حولي بالبقيع سبالها قال أبو بكر الأنباري فمعنى قوله: «قضها بقضيضها» كلها، ومحال أن يكونوا جاءوا كلهم لأنهم متفرقون في أقطار الأرض. قال القرطبي: تقول العرب : قتلنا بني تميم وبني سليم ، وإنما قتلنا بعضهم . ويكون قوله " فما وهنوا " راجعا إلى من بقي منهم قال ابن عطية: والضمير في قوله: فما وهنوا عائد على جميع الربيين في قول من أسند قتل إلى نبي، ومن أسنده إلى الربيين قال في هذا الضمير إنه يعود على من بقي منهم، إذ المعنى يفهم نفسه. الرد على وجود ما يدل على قتل الأنبياء أولا: لا حجة لكم فيما ذكرتم إذ دليلكم أعم من الدعوى؛ لأن قولنا أنه لم يقتل نبي قط في حرب أخص من قولكم بجواز قتل الأنبياء في عموم الأحوال والأخص مقدم على الأعم. قال الشيخ الشنقيطى رحمه الله تعالى : أَنَّ مَا اسْتَدْلَلْنَا بِهِ أَخَصُّ مِمَّا اسْتَدْلَلْتُمْ بِهِ، وَالْأَخَصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَعَمِّ، وَلَا يَتَعَارَضُ عَامٌّ وَخَاصٌّ، كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، وَإِيضَاحُهُ أَنَّ دَلِيلَنَا فِي خُصُوصِ نَبِيٍّ أَمْرٌ بِالْمُغَالَبَةِ فِي شَيْءٍ، فَنَحْنُ نَجْزِمُ بِأَنَّهُ غَالِبٌ فِيهِ تَصْدِيقًا لِرَبِّنَا فِي قَوْلِهِ: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي، سَوَاءٌ أَكَانَتْ تِلْكَ الْمُغَالَبَةُ فِي الْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ، أَمْ بِالسَّيْفِ وَالسِّنَانِ، وَدَلِيلُكُمْ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ هَذَا ; لِأَنَّ الْآيَاتِ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى قَتْلِ بَعْضِ الرُّسُلِ، لَمْ تَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ فِي خُصُوصِ جِهَادٍ، بَلْ ظَاهِرُهَا أَنَّهُ فِي غَيْرِ جِهَادٍ، كَمَا يُوَضِّحُهُ. ثانيا: ما ثبت من النصوص الكتاب من قتل الأنبياء كله كان في بني إسرائيل؛ فكانت بني إسرائيل تقتل أنبياءهم؛ في غير جهاد قال أبو داود الطيالسي: حدثنا شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: كانت بنو إسرائيل في اليوم تقتل ثلاثمائة نبي، ثم يقيمون سوق بقلهم من آخر النهار... أما مسألتنا هذه فهي في جواز قتل النبي في حرب قال شيخ الإسلام: فإن مَن قبلَ موسى من الأنبياء لم يكونوا يُقاتِلون،..وموسى وأنبياء بني إسرائيل لم يُقتَلوا في الغَزاة، والذين قبلهم بنو إسرائيل من الأنبياء لم يُقتَلوا في جهادٍ، بل لا يُعرَف نبيٌّ قُتِلَ في جهادٍ، ..." ثالثا: ما روي عن بعض السلف من أنه لم يقتل نبي في جهاد.كما نقل ذلك عن سعيد بن جبير والحسن البصري الرد على شبهة أن نصر الله الأنبياء لا يعارض قتلهم قولكم أن النصر الموعود به الرسل وهو حق لا مرية فيه لا يعني أنهم لا ينالهم الأذى بل يصل ذلك إلى القتل فالنصر له معنى كبير قد يحمل على أَحَدِ أَمْرَيْنِ: - أَحَدُهُمَا: أَنَّ اللَّهَ يَنْصُرُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ، بِأَنْ يُسَلِّطَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ مَنْ يَنْتَقِمُ مِنْهُ، كَمَا فَعَلَ بِالَّذِينَ قَتَلُوا يَحْيَى وَزَكَرِيَّاءَ وَشَعْيَا مِنْ تَسْلِيطِ بُخْتُنَصَّرَ عَلَيْهِمْ، وَنَحْوَ ذَلِكَ. - الثَّانِي: حَمْلُ الرُّسُلِ فِي قَوْلِهِ: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا عَلَى خُصُوصِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَحْدَهُ. ورد عليهم الشنقيطي رحمه الله تعالى : - أن حمل الرُّسُلِ عَلَى نَبِيِّنَا وَحْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا أَيْضًا، وَالْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى عُمُومِ الْوَعْدِ بِالنَّصْرِ لِجَمِيعِ الرُّسُلِ كَثِيرَةٌ، لَا نِزَاعَ فِيهَا. -أما قولكم أن الرسول ينصر بعد موته هذا لا وجه له من الصحة: 1- لكونه خُرُوجٌ بِكِتَابِ اللَّهِ عَنْ ظَاهِرِهِ الْمُتَبَادَرِ مِنْهُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ مِنْ كِتَابٍ. ولَا سُنَّةٍ وَلَا إِجْمَاعٍ، 2- وهو جاري على غير لغة العرب فالْحُكْمُ بِأَنَّ الْمَقْتُولَ مِنَ الْمُتَقَاتِلِينَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ، فَحَمْلُ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ بِلَا دَلِيلٍ غَلَطٌ ظَاهِرٌ. -أن الله عزوجل 3- أن الله لم يقتصر في كتابه على مطلق النصر الذي هو إِعَانَةُ الْمَظْلُومِ، بَلْ صَرَّحَ بِأَنَّ ذَلِكَ النَّصْرَ الْمَذْكُورَ لِلرُّسُلِ نَصْرُ غَلَبَةٍ بِقَوْلِهِ:" كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي" الْآيَةَ و الغلبة في القران تأتى على معنى النصرة بالسيف والسنان غالبا والله عزوجل جعل المقتول قسما مقابلا للغالب فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ. وهو أمر محكم لا يتبدل ولا يتغير فدل ذلك كله أنه لا بد من الرسل وان تكون له الغالبة حال الحرب والمغالبة الترجيح إلى هنا يحط بنا القطار في آخر مرحلة ؛ بعد هذه الرحلة الممتعة جدا جدا بين أرآء وأقوال كبار العلم؛ وكفي بالمرأ فخرا وعزا وشرفا؛أن يصحب أولئك الأفاضل بفكرهم وتفهمهم وتدبرهم. قلت وصلنا إلى آخر محطة ؛ألا وهي محطة الترجيح- ولست أهلا لها- ؛ فكل ما أحاوله فعله هو جمع شتات المسألة وبيان أهم ما اعتمد عليه أهل العلم فيما ذهبوا إليه وقبل ذلك أذكر أن محل النزاع بين أهل العلم : بعد ما اتفق كلا الفرقين أنه يمكن لنبي أن يقتل في غير حرب كان محل الخلاف والنزاع بينهم "هل يجوز أن يدخل نبي من الأنبياء في حرب لنشر الدين أو لغزة من الغزوات أو لقتال الأعداء ثم يقتل هذا النبي أثناء المعركة.. والآن نرجع إلى آياتنا الكريمة أولا : على قراءة "قاتل" ليس هناك كبير خلاف يذكر. وليست تلك محل دراستنا. ثانيا:على قراءة "قتل" هنا حصل الخلاف بين أهل العلم في نسبة الفعل -منهم من نسبه للنبي ؛وهو مذهب ابن جرير ومن سار على قوله من أهل العلم . وحسب فهمي عماد ما اعتمد عليه ابن جرير فيما ذهب إليه ما ثبت من الآثار والأحاديث في سبب نزول الآية ومنهم نسبه إلى "الربيون" وهو قول ابن تيمية والشنقيطى ومن نحى وأخذ بقولهما والذي ظهر لي أن جماع وأهم ما اعتمد عليه الشنقيطى في ترجيحه هو حمل الآية التي بصدد دراستها على باقي آيات الذكر الحكيم بحيث تتفق وتلتئم مع نظائرها -لأن هذا المنهج الذي سطره ووضعه لكتابه تفسير القران بالقران- وكان معتمده في ما ذهب إليه قوله تعالى "كتب الله لأغلب أن ورسلي" هذا خبر مؤكد من الله بتحقق الغلبة له ولرسله الذي أمر بالمغالبة ؛ ومعنى الغلبة في أكثر آيات القران غلبة السيف والسنان؛ والمقتول ليس مغلوب وهذا أمر ثابت لا تبدل فحصل جماع ما ذكر أن النبي لا يقتل في حرب. لكن أود أن أضع ملاحظة هنا - والله أعلم- جل الآيات أو أغلبها التي جاءت وتخبر أن الله ناصر رسله ومؤيدهم وأن الغالبة لهم جاءت بلفظ الرسول كما قال تعالى :{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} وقال:{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} وقال:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} وقال {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم غلبوا جائهم نصرنا} وكل الآيات التي جاءت تخبر أن الأنبياء يقتلون جاءت بلفظ النبي..{وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ،} ؛ {وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ}؛ {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ }؛{ وكأين من نبي قتل}؛{وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ }؛{وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} فهل يعد هذا التفريق فيصل في المسألة؛ فيقال الرسل لا يقتلون في مغالبتهم ؛أما الأنبياء فيمكن قتلهم في حرب لأن الله خص غلبته للرسل -و قلت هذا أغلبي في كتاب الله يسثنى فقط آية البقرة مع شبيهتها في المائدة -{أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ } { كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ} وحفاظا على المعنى الأغلبي التي جاءت به آيات القران في هذا المعنى – وهو آيات القتل مع لفظ النبي وآيات النصرة مع لفظ الرسول - حمل بعض أهل العلم هاتين الآتين على باقي الآيات . فقال أن معنى الرسول في هاتين الآتين يشمل الرسول والنبي وعلل أنه لم يقتل رسول بل الذي قتل الأنبياء ؛ فهو من باب حمل المحكم على المتشابه وممن نهج هذا المنهج الطاهر ابن عاشور قال رحمه الله في تفسيره لسورة المائدة :" فالمراد بِالرُّسُلِ هُنَا الْأَنْبِيَاءُ: مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ بِشَرْعٍ وَكِتَابٍ، مثل مُوسَى وداوود وَعِيسَى، وَمَنْ جَاءَ مُعَزِّزًا لِلشَّرْعِ مُبَيِّنًا لَهُ، مِثْلُ يُوشَعَ وَأَشْعِيَا وَأَرْمِيَا.وَإِطْلَاقُ الرَّسُولِ عَلَى النَّبِيءِ الّذي لم يجىء بِشَرِيعَةٍ إِطْلَاقٌ شَائِعٌ فِي الْقُرْآنِ كَمَا تَقَدَّمَ، لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُمْ قَتَلُوا فَرِيقًا مِنَ الرُّسُلِ تَعَيَّنَ تَأْوِيلُ الرُّسُلِ بِالْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهُمْ مَا قَتَلُوا إِلَّا أَنْبِيَاءَ لَا رُسُلًا." اهـ ولعل الشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى جعل الحكم واحدا في هذه المسألة فلم يفرق بين النبي والرسول فكل من أمر بالمغالبة فالغلبة والنصر له لوعد الله بذلك -والله أعلم- أما جماع ما اعتمد عليه شيخ الإسلام رحمه الله تعالى هو دلالة الآية ؛ ألفاظها وسياقها ؛ والأمر الآخر: أنه لم ثبت خبر صدق يدل أن هناك نبي قتل في حرب ؛ والحال أن الأنبياء قبل موسى لم يكونوا يُقاتلون .و أما موسى و أنبياء بني إسرائيل لم يثبت قتل واحد منهم في غزو .فضلا أن يكونوا كثر وقد رد بعض أهل العلم علي ذلك بكون عدم وجود الدليل الصحيح المثبت أن هناك نبي قتل في حرب لا يعنى عدم صحة الخبر؛ كما يقال عدم الدليل ليس دليلا للعدم .. قال رشيد رضا في معرض رده على هذه الحجة :.. وهو نفي غير مسلم لا سيما في النبيين غير المرسلين ومن ذا الذي يتجرأ على الإحاطة بالرسل علما والله يقول لنبيه ( ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك ) . ثم هناك لفتة ؛ قول شيخ الإسلام " أن الأنبياء قبل موسى لم يؤمروا بقتل؛"اهـ. هذا واضح جلي لمن درس قصص الأنبياء قبل موسى في القران . ولعل سبب ذلك أن عقاب الأمم السابقة قبل موسى كان عذابهم عذاب استئصال ؛ إهلاك كل الأمم؛..وقد توقف عذاب الاستئصال بعد إهلاك فرعون ونزول التوراة ؛ وبعدها كان هناك قتال وجهاد . وقد ذكر هذه الفائدة بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير الشيخ السعدي لقوله تعالى ::{ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ، إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ ، فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ، فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ ، وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ) . وقال: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) ومن السنة ما رواه الحاكم في المستدرك وصححه :عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَا أَهْلَكَ اللَّهُ قَوْمًا، وَلَا قَرْنًا، وَلَا أُمَّةً، وَلَا أَهْلَ قَرْيَةٍ مُنْذُ أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ، بِعَذَابٍ مِنَ السَّمَاءِ ؛ غَيْرَ أَهْلِ الْقَرْيَةِ الَّتِي مُسِخَتْ قِرَدَةً، أَلَمْ تَرَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهَدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) رواه الحاكم في "المستدرك" (2 / 408) وقال: " صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ "، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في"السلسلة الصحيحة" (5 / 327). قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " وكان قبل نزول التوراة يهلك الله المكذبين للرسل بعذاب الاستئصال، عذابا عاجلا يهلك الله به جميع المكذبين، كما أهلك قوم نوح، وكما أهلك عادا، وثمود، وأهل مدين، وقوم لوط، وكما أهلك قوم فرعون، وأظهر آيات كثيرة لما أرسل موسى ليبقى ذكرها وخبرها في الأرض، إذ كان بعد نزول التوراة لم يهلك أمة بعذاب الاستئصال " انتهى. "الجواب الصحيح" (6 / 441 - 442). وقال ابن كثير رحمه الله تعالى عند تفسيره لقوله تعالى :{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأولَى } . : يخْبِرُ تَعَالَى عَمَّا أَنْعَمُ بِهِ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُوسَى الْكِلِيمِ، عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ الصَّلَاةُ وَالتَّسْلِيمُ، مِنْ إِنْزَالِ التَّوْرَاةِ عَلَيْهِ بَعْدَمَا أَهْلَكَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ. وَقَوْلُهُ: {مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأولَى} يَعْنِي: أَنَّهُ بَعْدَ إِنْزَالِ التَّوْرَاةِ لَمْ يُعَذِّبْ أُمَّةً بِعَامَّةٍ، بَلْ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُقَاتِلُوا أَعْدَاءَ اللَّهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، كَمَا قَالَ: {وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ * فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً} . . ثم استدل بحديث أبى سعيد الخدري السالف الذكر؛ وذكر له سندا أخر يرفعه ابو سعيد الخذري إلى النبي صلى الله عليه وسلم الحديث في مسند البزار برقم (2248) "كشف الأستار" وقال الهيثمي في المجمع (7/88) : "رواه البزار موقوفا ومرفوعا ورجالهما رجال الصحيح". قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى : " مر عليَّ منذ زمان طويل كلام لبعض العلماء لا يحضرني الآن اسمه، وهو أنه بعد بعث موسى ونزول التوراة، رفع الله العذاب عن الأمم، أي: عذاب الاستئصال، وشرع للمكذبين المعاندين الجهاد، ولم أدر من أين أخذه، فلما تدبرت هذه الآيات، مع الآيات التي في سورة القصص، تبين لي وجهه، أما هذه الآيات، فلأن الله ذكر الأمم المهلكة المتتابعة على الهلاك، ثم أخبر أنه أرسل موسى بعدهم، وأنزل عليه التوراة فيها الهداية للناس !! ولا يرد على هذا، إهلاك فرعون، فإنه قبل نزول التوراة، وأما الآيات التي في سورة القصص، فهي صريحة جدا، فإنه لما ذكر هلاك فرعون قال: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) فهذا صريح أنه آتاه الكتاب بعد هلاك الأمم الباغية، وأخبر أنه أنزله بصائر للناس وهدى ورحمة . ولعل من هذا، ما ذكر الله في سورة " يونس " من قولة: ( ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ ) أي: من بعد نوح ( رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ ، ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ ) الآيات والله أعلم " انتهى. "تفسير السعدي" (ص 552). ** فإن كان الأمر كذلك ؛فالفترة الزمنية التى قبل موسى مقطوع بها أنها لم يقتل نبي في حرب؛ فيبقى النظر في أنبياء بني إسرائيل هل ثبت قتل نبي واحد منهم في حرب ..؟. لم ينقل لنا ذلك رغم أنه نقل أسماء الأنبياء التي قتلت –في غير حرب -... وأيضا من نظر في كتب اليهود والنصارى لا يجد عندهم نقل أن نبي قتل في حرب رغم أنهم نقلوا قتل بعض الأنبياء فهذا الأمر من الأخبار العظام التي لا يمكن أن تحدث دون نقل؛ مثل ما نقل قتل الأنبياء في غير حرب ثم إن قتل النبي في حرب مشعر بضعف دينه وعدم تأييد ربه له؛ وهذا معنى غير لائق بعزة النصر ونصرة رب العزة والله أعلم وقد أنكر بعض أهل العلم لحوق القتل على الأنبياء والرسل كلهم جميعا بحجة أنه لم يثبت خبر صحيح صريح ذكر فيه أن نبي قتل ؛ولو ثبت لنقل علينا أو لذكره الله في القران .وأما ما جاء من أخبار في ذكر أن بعض الأنبياء قتلوا فهي من أخبار بني إسرائيل والقران اكتفي بنقل محاولة قتل عيسى عليه الصلاة والسلام وإبراهيم عليه الصلاة والسلام و الله نجاهما من القتل ؛والسنة نقلت لنا محاولة قتل اليهود للنبي محمد صلي الله عليه ولم والله نجاه منهم وأما ما الآيات التي ورد فيها أو ذكر فيها قتل الأنبياء فهي تحمل على محاولة القتل وليس المراد به حقيقة القتل لأن القتل يطلق على عدة معاني..أوصلها بعض الباحثين إلى سبعة معاني والله أعلم -هذه الفائدة قرأتها من كتابات بعض الباحثين على النت وضاع منى المرجع- وهذا الله اعلم ؛ لعلي وفقت في جمع وبيان شتات المسألة ؛ ولقد أخذت مني وقتا طويلا ؛والله المستعان .أسال الله أإن .يتقبلها خالصة لوجهه. *** عندي سؤال بارك الله فيكم ..في تدوين المراجع هل اكتفي بكتابة المرجع التي استفدت منه أم أدون كل مرجع فتحته وقرأت منه وإن لم أكن أخذت منه كبير فائدة جزاكم الله خيرا |
تقويم مجلس مذاكرة القسم التاسع من تفسير سورة آل عمران (الآيات 133-152) عقيلة زيان أ+ أحسنت بارك الله فيك ونفع بك. - يكتفى بالقراءات التي لها أثر في المعنى فقط، جزاك الله خيرا وأحسن الله إليك، ونفعك بما تعلمت. |
الساعة الآن 02:18 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir