مجلس مذاكرة القسم الثالث من تفسير سورة آل عمران
مجلس مذاكرة القسم الثالث من تفسير سورة آل عمران (الآيات 23-32) حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين: 1: من أُمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقول لهم: {إن كنتم تحبون الله فاتّبعوني} الآية. 2: المراد بالكتاب في قوله تعالى: {يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم}. تعليمات: - دراسة تفسير سورة آل عمران سيكون من خلال مجالس المذاكرة ، وليست مقررة للاختبار. - مجالس المذاكرة تهدف إلى تطبيق مهارات التفسير التي تعلمها الطالب سابقا. - لا يقتصر تفسير السورة على التفاسير الثلاثة الموجودة في المعهد. - يوصى بالاستفادة من التفاسير الموجودة في جمهرة العلوم، وللطالب أن يستزيد من غيرها من التفاسير التي يحتاجها. - تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب. تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة: أ+ = 5 / 5 أ = 4.5 / 5 ب+ = 4.25 / 5 ب = 4 / 5 ج+ = 3.75 / 5 ج = 3.5 / 5 د+ = 3.25 / 5 د = 3 هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة. معايير التقويم: 1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ] 2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص] 3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد] 4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية. 5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض. نشر التقويم: - يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب. - تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها. - نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم. _________________ وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم |
حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين: 2: المراد بالكتاب في قوله تعالى: {يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم}. ذكر في المراد بالكتاب في الآية أقوال: الأول: التوراة. هو التّوراة, دعاهم إلى الرّضا بما فيها، إذ كانت الفرق المنتحلة الكتب تقرّ بها وبما فيها أنّها كانت أحكام اللّه قبل أن ينسخ منها ما نسخ. وهو قول ابن عباس, ومكي, وأبي مالك. ذكره ابن عطية, وقول أبي مالك أخرجه ابن أبي حاتم. - وأخرج قول ابن عباس: أ - ابن جرير في تفسيره: عن سعيد بن جبيرٍ وعكرمة عن ابن عبّاسٍ، قال: دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بيت المدراس على جماعةٍ من يهود، فدعاهم إلى اللّه، فقال له نعيم بن عمرٍو والحارث بن زيدٍ: على أيّ دينٍ أنت يا محمّد؟ فقال: على ملّة إبراهيم ودينه، فقالا: فإنّ إبراهيم كان يهوديًّا، فقال لهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: فهلمّوا إلى التّوراة فهي بيننا وبينكم، فأتيا عليه، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يدعون إلى كتاب اللّه ليحكم بينهم ثمّ يتولّى فريقٌ منهم وهم معرضون} إلى قوله: {ما كانوا يفترون}. ب - وبمثله أخرجه ابن إسحاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس. - أخرج قول مكي: أ - ذكره ابن عطية في تفسيره قال: وقال مكي: «الكتاب الأول اللوح المحفوظ والثاني التوراة». - وأخرج قول أبي مالك: أ - ابن أبي حاتم في تفسيره عن عن أسباطٍ عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: نصيبا يعني: حظا. وبه في قوله: من الكتاب: من التّوراة. الثاني: القرآن. وهو قول قتادة وابن جريج. ذكره ابن عطية. - أخرج قول قتادة: أ - ابن جرير في تفسيره عن بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يدعون إلى كتاب اللّه ليحكم بينهم ثمّ يتولّى فريقٌ منهم وهم معرضون} أولئك أعداء اللّه اليهود، دعوا إلى كتاب اللّه ليحكم بينهم، وإلى نبيّه ليحكم بينهم وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التّوراة والإنجيل، ثمّ تولّوا عنه وهم معرضون. ب - ابن أبي حاتم في تفسيره عن أبيه قال: حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن بن سعدٍ الدّشتكيّ، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن أبيه، عن قتادة: هم اليهود دعوا إلى كتاب اللّه وإلى نبيّه وهم يجدونه مكتوبًا عندهم، ثمّ يتولّون وهم معرضون. ج - وبمثله أخرجه عبد بن حميد، وابن المنذر. - قول ابن جريج أخرجه: أ - ابن جرير في تفسيره عن القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يدعون إلى كتاب اللّه ليحكم بينهم} قال: كان أهل الكتاب يدعون إلى كتاب اللّه ليحكم بينهم بالحقّ يكون وفي الحدود، وكان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يدعوهم إلى الإسلام، فيتولّون عن ذلك. الدراسة: اختلف المفسرون في المراد بالكتاب في الآية الكريمة على قولين الأول هو التوراة, والثاني هو القرآن, ورجح ابن جريج القول الأول أن المراد هو التوراة فقال: وأولى الأقوال في تأويل ذلك عندي بالصّواب أن يقال إنّ اللّه جلّ ثناؤه أخبر عن طائفةٍ من اليهود الّذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في عهده، ممّن قد أوتي علمًا بالتّوراة أنّهم دعوا إلى كتاب اللّه الّذي كانوا يقرّون أنّه من عند اللّه وهو في التّوراة في بعض ما تنازعوا فيه هم ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وقد يجوز أن يكون تنازعهم الّذي كانوا تنازعوا فيه ثمّ دعوا إلى حكم التّوراة فيه، فامتنعوا من الإجابة إليه، كان أمر محمّدٍ وأمر نبوّته، ويجوز أن يكون ذلك كان أمر إبراهيم خليل الرّحمن ودينه، ويجوز أن يكون ذلك ما دعوا إليه من أمر الإسلام، والإقرار به، ويجوز أن يكون ذلك كان في حدٍّ، فإنّ كلّ ذلك ممّا قد كانوا نازعوا فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فدعاهم فيه إلى حكم التّوراة، فأبى الإجابة فيه، وكتمه بعضهم. وذكر رحمه الله أن لا يوجد دليل على أي شيء كان ذلك, وأنه لا حاجة بنا إلى معرفة ذلك؛ إذ جحدوا أمرا كان لازاما عليهم الإجابة إليه في دينهم, فأخبر سبحان عن تكذيبهم وردتهم ونقضهم العهود والمواثيق التي أخذت عليهم, فمثلما كذبوا موسى من قبل وما جاء به, وهم يتولونه ويقرون به, فقد كذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم. والله أعلم |
تقويم مجلس مذاكرة القسم الثالث من تفسير سورة آل عمران صلاح الدين محمد أ+ أحسنت بارك الله فيك ونفع بك. |
مجلس القسم الثالث من آل عمران:
حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين: 1: من أُمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقول لهم: {إن كنتم تحبون الله فاتّبعوني} الآية. لمعرفة من أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم: "إن كنتم تحبون الله فاتبعوني"، يجب أولا معرفة أسباب النزول. وقد جاء في أسباب نزول الآية أربعة أقوال، هي: القول الأول: قريش عبدة الأصنام. رواه الضحاك عن ابن عباس. ذكره الثعلبي في تفسيره والواحدي في أسباب النزول. الأدلة والشواهد: - وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قريش وهم في المسجد الحرام، وقد نصبوا أصنامهم وعلقوا عليها بيض النعام، وجعلوا في آذانها الشنوف والقرطة، وهم يسجدون لها، فقال: ((يا معشر قريش لقد خالفتم ملة أبيكم إبراهيم وإسماعيل، ولقد كانا على الإسلام))، فقالت قريش: يا محمد إنما نعبد هذه حبا لله ليقربونا إلى الله زلفى، فأنزل الله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله} وتعبدون الأصنام لتقربكم إليه {فاتبعوني يحببكم الله} فأنا رسوله إليكم وحجته عليكم، وأنا أولى بالتعظيم من أصنامكم. ذكره الواحدي في أسباب النزول. القول الثاني: اليهود. رواه الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. ذكره الثعلبي في تفسيره والواحدي في أسباب النزول. الأدلة والشواهد: - وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: أن اليهود لما قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه أنزل الله تعالى هذه الآية، فلما نزلت عرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليهود، فأبوا أن يقبلوها. ذكره الواحدي في أسباب النزول، وابن حجر في العجاب في بيان الأسباب. - وقال مقاتل بن سليمان لما دعا النبي كعب بن الأشرف وأصحابه إلى الإسلام قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه ولنحن أشد حبا لله مما تدعونا إليه فنزلت "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني". ذكره ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب. القول الثالث: نصارى نجران.. رواه محمد بن إسحاق بن يسار عن محمد بن جعفر بن الزبير في المغازي، رواه ابن جرير وذكره الثعلبي في تفسيره والواحدي في أسباب النزول. الأدلة والشواهد: - قال محمد بن إسحاق في المغازي حدثني محمد بن جعفر ابن الزبير قال نزلت في نصارى أهل نجران وذلك أنهم قالوا إنما نعظم المسيح ونعبده حبا لله وتعظيما له: "فقال الله قل إن كنتم". رواه ابن جرير وذكره الواحدي في أسباب النزول، وابن حجر في العجاب في بيان الأسباب. القول الرابع: أناس على عهد رسول الله قالوا (إنا لنحب ربنا حبا شديدا). قاله الحسن وابن جريج رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر وعبد بن حميد، وذكره الواحدي في أسباب النزول، وابن حجر في العجاب في بيان الأسباب. الأدلة والشواهد: - روى ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر أن الحسن قال: قال قومٌ على عهد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا محمّد، إنّا نحبّ ربّنا، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {قل إن كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه ويغفر لكم ذنوبكم} فجعل اتّباع نبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم علمًا لحبّه، وعذاب من خالفه. - روى ابن جرير وابن المنذر وعبد بن حميد أن ابن جريج قال: كان قومٌ يزعمون أنّهم يحبّون اللّه، يقولون: إنّا نحبّ ربّنا، فأمرهم اللّه أن يتّبعوا محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، وجعل اتّباع محمّدٍ علمًا لحبّه. القول الخامس: المؤمنون. ذكره ابن هشام في السيرة. قال ابن هشام: (فصل: مَا نَزَلَ مِنْ القرآن في وعظ المؤمنين وتحذيرهم: (ثُمَّ وَعَظَ الْمُؤْمِنِينَ وحذَّرهم، ثُمَّ قَالَ: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ} أَيْ: إنْ كَانَ هَذَا مِنْ قَوْلِكُمْ حَقًّا، حُبًّا لِلَّهِ وَتَعْظِيمًا لَهُ، {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} أَيْ: مَا مَضَى مِنْ كُفْرِكُمْ)). ذكره ابن المنذر في تفسيره. التخريج: القول الأول: قريش عبدة الأصنام. رواه الضحاك عن ابن عباس. قال الثعلبي: وروى جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - على قريش، وهم في المسجد الحرام، وقد نصبوا أصنامهم وعلَّقوا عليها بيض النعام، وجعلوا في آذانها الشنوف، وهم يسجدون لها، فقال لهم: "يا معشر قريش، والله، لقد خالفتم ملة أبيكم إبراهيم وإسماعيل، ولقد كانا على الإسلام". فقالت له قريش: يا محمد، إنما نعبد هذِه؛ حبًّا لله؛ ليقربونا إلى الله زلفى. فقال الله تعالى: قل لهم، يا محمد: إن كنتم تحبون الله وتعبدون الأصنام؛ لتقربكم إليه، فاتبعوني يحببكم الله؛ فأنا رسوله إليكم، وحجته عليكم، وأنا أولى بالتعظيم من أصنامكم. القول الثاني: اليهود. أما قول ابن عباس: رواه الكلبي عن أبي صالح عنه. قال الثعلبي في تفسيره: وروى الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: إن اليهود لمَّا قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه. أنزل الله تعالى هذِه الآية. فلمَّا نزلت، عرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على اليهود، فأبوا أن يقبلوها. وأما قول مقاتل بن سليمان: ذكره ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب. قال الثعلبي: قال مقاتل بن سليمان: لما دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- كعب بن الأشرف وأصحابه إلى الإسلام قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه ولنحن أشد حبا لله مما تدعونا إليه فنزلت: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي}. القول الثالث: نصارى نجران. قاله محمد بن جعفر بن الزبير. • أخرجه ابن جرير من طريق محمد بن إسحاق عنه. - روى ابن جرير: حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: "قل إن كنتم تحبون الله"، أي: إن كان هذا من قولكم - يعني: في عيسى - حبًّا لله وتعظيمًا له =،"فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم"، أي: ما مضى من كفركم ="والله غفور رحيم" وذكره الثعلبي والواحدي في أسباب النزول. القول الرابع: أناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ادعوا محبة الله. قاله الحسن وابن جريج. أما قول الحسن: • فقد أخرجه ابن جرير من طريق بكر بن الأسود عنه. قال ابن جرير: حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله، عن بكر بن الأسود قال، سمعت الحسن يقول: قال قومٌ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد، إنا نحبّ ربنا! فأنزل الله عز وجل:"قُل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم"، فجعل اتباع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم عَلَمًا لحبه، وعذاب من خالفه. • وأخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق أبي بكر الحنفي عن عباد بن منصور عنه. - قال ابن جرير: حدّثني محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، قال: حدّثنا عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن في قوله: {إن كنتم تحبّون اللّه} الآية، قال: إنّ أقوامًا كانوا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يزعمون أنّهم يحبّون اللّه، فأراد اللّه أن يجعل لقولهم تصديقًا من عملٍ، فقال: {إن كنتم تحبّون اللّه} الآية. كان اتّباع محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم تصديقًا لقولهم. - قال ابن أبي حاتم: حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن عن قوله: قل إن كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه ويغفر لكم ذنوبكم واللّه غفورٌ رحيمٌ قال: نعم إنّ أقوامًا كانوا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يزعمون أنّهم يحبّون اللّه، فأراد أن يجعل لقولهم تصديقًا من عملٍ فقال: إن كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم قال: اتّباع محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم تصديقاً لقولهم. • وأخرجه ابن جرير وابن المنذر من طريق عبيد الناجي عنه. - قال ابن جرير: حدثني المثنى قال، حدثنا علي بن الهيثم قال، حدثنا عبد الوهاب، عن أبي عبيدة قال: سمعت الحسن يقول: قال أقوامٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا محمد، إنا لنحب ربنا! فأنزل الله جل وعز بذلك قرآنًا:"قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم"، فجعل الله اتباع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم علمًا لحبه، وعذاب من خالفه. - قال ابن المنذر: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن رافع، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ بْن بكر السهمي، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عبيدة الناجي، عَنْ الحسن، فِي حديث ذكره بطوله، قَالَ: وَقَالَ أقوام عَلَى عهد نبيهم: والله يَا محمد إنا لنحب ربنا، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قرآنا، فَقَالَ: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} فَجَعَلَ الله اتباع نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علما لحبه، وكذب من خالفها، ثُمَّ جَعَلَ عَلَى كُلّ قول دليلا من عمل يصدقه أَوْ يكذبه، فَإِذَا قَالَ العبد قولا حسنا، وعمل عملا حسنا رفع الله قوله بعمله، وإذا قَالَ العبد قولا حسنا، وعمل عملا حسنا رفع الله قوله بعمله، وإذا قَالَ العبد قولا حسنا، وعمل عملا سيئا رد الله القول عَلَى العمل، وذلك فِي كِتَابِِهِ {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}. وأما قول ابن جريج: • فقد أخرجه ابن جرير من طريق الحجاج عنه. - قال ابن جرير: حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله:"إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله"، قال: كان قوم يزعمون أنهم يحبون الله، يقولون: إنا نحب ربّنا! فأمرهم الله أن يتبعوا محمدًا صلى الله عليه وسلم، وجعل اتباع محمد علمًا لحبه. • وأخرجه ابن المنذر من طريق محمد بن ثور عنه. - قال ابن المنذر: حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن ثور، عَنْ ابْن جريج قوله: {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} قَالَ " كَانَ أقوام يزعمون أنهم يحبون الله بقول: إنا نحب ربنا، فأمرهم الله جَلَّ وَعَزَّ أن يتبعوا محمدا، وَجَعَلَ اتباع محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علما لحبه. القول الخامس: المؤمنون. قول محمد بن إسحاق: رواه ابن المنذر عن زَكَرِيَّا، عن عمرو، عن زياد، عَنْه. قال ابن المنذر: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عمرو، قَالَ زياد، عَنْ محمد ابْن إِسْحَاق، قَالَ: وعظ الله الْمُؤْمِنِينَ وحذرهم، فَقَالَ: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ} أي " إن كَانَ هَذَا من قولكم حبا لله وتعظيما لَهُ {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} لما مضى من كفرهم {وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} " توجيه الأقوال: فإن تحرير القول في لمن قيلت الآية: فطريق معرفة سبب النزول هي الرواية، والسماع ممن شاهدوا التنزيل وحضروه، ليس له طريق غير ذلك. قال الواحدي في أسباب النزول: لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية، والسماع ممن شاهدوا التنزيل، ووقفوا على الأسباب، وبحثوا عن علمها، وقد قال محمد بن سيرين: سألت عبيدة عن آية من القرآن، فقال: اتق الله، وقل سدادًا، ذهب الذين يعلمون فيم أنزل الله القرآن. وكذا قال السيوطي في الإتقان. وعليه فعلينا مراجعة ثبوت الأقوال وصحتها وصحة نسبتها لقائليها لنعلم لمن قيلت الآية: وقد فنّدها سليم الهلالي ومحمد بن موسى في كتابهما الاستيعاب في بيان الأسباب قائلين: - أما بالنسبة للقول الأول - أنهم قريش - الذي رواه جويبر عن الضحاك عن ابن عباس: فإن الأثر ضعيف جدا، لأن جويبر؛ ضعيف جداً، والضحاك لم يسمع من ابن عباس. وقال الحافظ ابن حجر: "وهذا من منكرات جويبر؛ فإن آل عمران مدنية وهذه القصة إنما كانت بمكة قبل الهجرة، ولعل الذي نزل فيهما في أوائل الزمر". - وبالنسبة للقول الثاني – أنهم اليهود - الذي رواه الكلبي عن ابن عباس: فإن الكلبي وشيخه كذابان متهمان به؛ فالحديث موضوع. وأما ما رواه مقاتل: فهذا حديث كذب مفترى؛ فيه مقاتل بن سليمان، فهو موضوع. - وبالنسبة للقول الثالث – أنهم نصارى نجران – فلم يذكراه صاحبا كتاب الاستيعاب، لا بالإيجاب ولا بالرد. - وبالنسبة للقول الرابع – أنهم أناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ادعوا محبة الله -: • فما رواه الحسن: فالحسن من التابعين، والأثر عنه مرسل. قال ابن جرير: وأمّا ما روى الحسن في ذلك مما قد ذكرناه، فلا خبر به عندنا يصحّ. • وأما ما رواه ابن جريج: فقد ضعفه صاحبا الاستيعاب، لما فيه من العلل التالية: - الأولى: الإعضال، ابن جريج من أتباع التابعين، ثم هو معروف بالتدليس عن الكذابين والضعفاء. - الثانية: ذكره سنيد في تفسيره، وسنيد هذا صاحب التفسير متكلم فيه: ضعفه أحمد وأبو حاتم والنسائي وغيرهما، قال الحافظ في "فتح الباري" (8/ 219): "هو من حفاظ الحديث، وله تفسير مشهور؛ لكن ضعفه أبو حاتم والنسائي"، وقال في "العجاب" (1/ 219): "وفيه لين"، وقال في "التقريب" (1/ 335): "ضعيف مع إمامته ومعرفته؛ لكونه كان يُلقّن حجاج بن محمد شيخه"، وقال الذهبي في "الميزان" (2/ 236): "حافظ له تفسير وله ما ينكر". (تنبيه): ليس في "جامع البيان" للطبري تصريح بأنه سبب نزول، وإنما قاله الحافظ. - وبالنسبة للقول الخامس – أنهم المؤمنون – الذي رواه محمد بن إسحاق فلا تقوم به الحجة في أسباب النزول. قال ابن جرير: وأولى الأقوال هو قولُ محمد بن جعفر بن الزبير. لأنه لم يجر لغير وفد نجرانَ في هذه السورة ولا قبل هذه الآية، ذكرُ قوم ادَّعوا أنهم يحبُّون الله، ولا أنهم يعظمونه، فيكون قوله."إن كنتم تحبون الله فاتبعوني" جوابًا لقولهم. ولم يكن في السورة دلالة على أنه كما قال الحسن. إلا أن يكون الحسن أرادَ بالقوم الذين ذكر أنهم قالوا ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفدَ نَجران من النصارى، فيكون ذلك من قوله نظير اختيارنا فيه. فإذْ لم يكن بذلك خبر على ما قلنا، ولا في الآية دليلٌ على ما وصفنا، فأولى الأمور بنا أن نُلحق تأويله بالذي عليه الدّلالة من آي السورة، وذلك هو ما وصفنا. لأن ما قبل هذه الآية من مبتدأ هذه السورة وما بعدها، خبرٌ عنهم، واحتجاجٌ من الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ودليل على بُطول قولهم في المسيح. فالواجب أن تكون هي أيضًا مصروفةَ المعنى إلى نحو ما قبلها ومعنى ما بعدها. وقد ذكر ابن كثير في تفسيره قولا عاما، يقوم على القاعدة الفقهية: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، حيث قال رحمه الله: هذه الآية الكريمة حاكمةٌ على كلّ من ادّعى محبّة اللّه، وليس هو على الطّريقة المحمّديّة فإنّه كاذبٌ في دعواه في نفس الأمر، حتّى يتّبع الشّرع المحمّديّ والدّين النّبويّ في جميع أقواله وأحواله، كما ثبت في الصّحيح عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ" ولهذا قال: {قل إن كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه} أي: يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبّتكم إيّاه، وهو محبّته إيّاكم، وهو أعظم من الأوّل، كما قال بعض الحكماء العلماء: ليس الشّأن أن تحبّ، إنّما الشّأن أن تحبّ وقال الحسن البصريّ وغيره من السّلف: زعم قومٌ أنّهم يحبّون اللّه فابتلاهم اللّه بهذه الآية، فقال: {قل إن كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه}. وعليه: فإن الآية وإن كانت قد نزلت في نصارى نجران – على ما رجحه ابن جرير – لموافقته لسياق الآيات، إلا أنها يحسن صرفها إلى كل من ادعى محبة الله تعالى، فإن محبته لا تكتمل حتى يتبع النبي صلى الله عليه وسلم رسول الله إلى الناس كافة. |
تابع التقويم
إيمان جلال أ+ أحسنت بارك الله فيك ونفع بك. |
1: من أُمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقول لهم: {إن كنتم تحبون الله فاتّبعوني} الآية.
اختلف المفسرون في تعيين من الذين أُمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقول لهم: {إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} تبعًا لاختلافهم في سبب النزول، وهذا الخلاف على أقوال: الأول: أن أقوامًا على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- زعموا أنهم يحبون الله فأنزل الله هذه الآية لتكون دليلا يختبر به صدق محبتهم، وهو قول الحسن وابن جريج، ولم يعينا من أي فئة هؤلاء الأقوام؛ من المسلمين أو غيرهم. قول الحسن رواه ابن جرير وابن المنذر والآجري في الشريعة وابن بطة في الإبانة عن أبي عبيدة الناجي عن الحسن أنه قال: (قال أقوامٌ على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يا محمّد، إنّا لنحبّ ربّنا، فأنزل اللّه جلّ وعزّ بذلك قرآنًا: {قل إن كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه ويغفر لكم ذنوبكم} فجعل اللّه اتّباع نبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم علمًا لحبّه وعذاب من خالفه)، واللفظ لابن جرير. وروى ابن جرير عن بكر بن الأسود عن الحسن نحوه. وروى ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي بكر الحنفي عن عباد بن منصور عن الحسن نحوه. وقول ابن جريج رواه ابن جرير عن حجاج عن ابن جريج أنه قال: (كان قومٌ يزعمون أنّهم يحبّون اللّه، يقولون: إنّا نحبّ ربّنا، فأمرهم اللّه أن يتّبعوا محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، وجعل اتّباع محمّدٍ علمًا لحبّه). اهـ. ورواه ابن المنذر عن علي بن المبارك عن زيد عن محمد بن ثور عن ابن جريج نحوه. القول الثاني: أنها نزلت في نصارى نجران، وهو قول محمد بن جعفر بن الزبير. روى ابن جرير عن ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير: ({قل إن كنتم تحبّون اللّه} أي إن كان هذا من قولكم - يعني في عيسى - حبًّا للّه وتعظيمًا له {فاتّبعوني يحببكم اللّه ويغفر لكم ذنوبكم} أي ما مضى من كفركم {واللّه غفورٌ رحيمٌ}). ورواه ابن إسحاق عنه في المغازي. القول الثالث: أنها نزلت في اليهود لزعمهم أنهم أبناء الله وأحباؤه، وهو قول مقاتل بن سليمان البلخي. قال مقاتل في تفسيره: (لما دعا النبي كعب بن الأشرف وأصحابه إلى الإسلام قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه ولنحن أشد حبا لله مما تدعونا إليه فنزلت قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني) ونُسب القول بأنهم اليهود إلى ابن عباس رضي الله عنهما - من إسناد واه - قال الواحدي في أسباب النزول: (روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: أن اليهود لما قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه أنزل الله تعالى هذه الآية، فلما نزلت عرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليهود، فأبوا أن يقبلوها). القول الرابع: أنها نزلت في أقوام من قريش، وهو مروي عن ابن عباس. قال ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب: (قال جوبير في تفسيره عن الضحاك عن ابن عباس قال وقف النبي على قريش وهم في المسجد الحرام وقد نصبوا أصنامهم وعلقوا عليها بيض النعام وجعلوا في آذانها الشنوف وهم يسجدون لها فقال لقد خالفتم ملة أبيكم إبراهيم وإسماعيل فقالوا يا محمد إنا نعبد هذه حبا لله ليقربونا إلى الله زلفى فقال أنا رسول الله إليكم وأنا أولى بالتعظيم من الأصنام) اهـ. واستنكره ابن حجر العسقلاني وعده من منكرات جويبر؛ لأن سورة آل عمران مدنية وهذه الحادثة حصلت في مكة قبل الهجرة. وليس في هذه الرواية نص على نزول الآية تبعًا لهذه الحادثة، لكن نص عليها الواحدي في أسباب النزول. الدراسة: جاءت هذه الآية من سورة آل عمران بعد نهي المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، ووعظهم بسعة علم الله عز وجل بما يخفون في صدورهم وما يعلنون، وتحذيرهم حسابه وأنهم سيجدون كل ما عملوا من خير وشر يوم القيامة ثم قال تعالى لنبيه: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني) فجاءت الآية في أسلوب شرط يعلق ادِّعاء محبة الله عز وجل باتباع النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلعلها - والله أعلم - تتمة لآيات فيها تمحيص للمؤمنين، وإرشادهم إلى سبيل الصدق في القول والعمل والحال. وجمهور المفسرين وعلماء أهل السنة في كتب الاعتقاد أن هذه الآية عامة، وأنها آية يمتحن الله بها صدق عباده في محبته سبحانه، فمن صدق محبة الله اتبع رسوله! قال الآجري في الشريعة: (ثم أعلمنا مولانا الكريم: أن علامة صحة من ادعى محبة الله تعالى: أن يكون محبا لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم متبعا له ، وإلا لم تصح له المحبة لله عز وجل قال الله عز وجل: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم ، وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره ، والله لا يهدي القوم الفاسقين} [التوبة: 24] وقال عز وجل: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ، والله غفور رحيم} [آل عمران: 31] ، فجعل الله عز وجل محبة رسوله واتباعه علما ودليلا لصحة محبتهم له ، مع اتباعهم رسوله فيما جاء به وأمر به ، ونهى عنه). قال ابن كثير في تفسيره: (هذه الآية الكريمة حاكمةٌ على كلّ من ادّعى محبّة اللّه، وليس هو على الطّريقة المحمّديّة فإنّه كاذبٌ في دعواه في نفس الأمر، حتّى يتّبع الشّرع المحمّديّ والدّين النّبويّ في جميع أقواله وأحواله). واختار ابن جرير الطبري قول محمد بن جعفر بن الزبير بأنهم نصارى نجران، وخصص قول الحسن بقول محمد بن جعفر. قال ابن جرير:( لأنّه لم يجز لغير وفد نجران في هذه السّورة، ولا قبل هذه الآية ذكر قومٍ ادّعوا أنّهم يحبّون اللّه، ولا أنّهم يعظّمونه، فيكون قوله {إن كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني} جوابًا لقولهم على ما قاله الحسن). وإذا صح نزول الآية بخصوص سبب بعينه، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوصه، ولا يمنع ذلك أن يكون الخطاب في الآية لكل من تحقق فيه فعل الشرط (إن كنتم تحبون الله) بادعاء محبة الله عز وجل؛ فيدخل فيه اليهود والنصارى لقولهم: (نحن أبناء الله وأحباؤه) كما قال ابن عطية، ويدخل فيه كل من ادعى من أمة محمد صلى الله عليه وسلم محبته لله عز وجل ثم خالف النبي صلى الله عليه وسلم وابتدع في الدين على غير أمره، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عمِل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) رواه مسلم. والله أعلم. |
تابع التقويم
صفية الشقيفي أ+ أحسنت بارك الله ونفع بك. |
حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين
: من أُمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقول لهم: {إن كنتم تحبون الله فاتّبعوني}. اختلف أهل التأويل في السبب الذي أنزلت هذه الآية فيه على أقوال: 1- أنزلت في قوم قالوا على عهد النبي ﷺ:"إنا نحب ربنا"، فأمر الله جل وعز نبيه محمدًا صلى الله عليه و سلم ، أن يقول لهم:"إن كنتم صادقين فيما تقولون، فاتبعوني، فإن ذلك علامة صِدْقكم فيما قلتم من ذلك، بآثار متقاربة الألفاظ، قاله الحسن، و ابن جريج. أ. قول الحسن: - أخرجه ابن جرير و ابن أبي حاتم في تفسيرهما من طريق عباد بن منصور، عن الحسن في قوله:"إن كنتم تحبون الله" الآية، قال: إن أقوامًا كانوا على عهد رسول الله ﷺ يزعمون أنهم يحبون الله، فأراد الله أن يجعل لقولهم تصديقًا من عمل، فقال:"إن كنتم تحبون الله" الآية، كان اتباعُ محمد ﷺ تصديقًا لقولهم. و أخرجه ابن جرير بأسانيد أخرى إلى الحسن، منها: - قال حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله، عن بكر بن الأسود قال، سمعت الحسن يقول: قال قومٌ على عهد النبي ﷺ: يا محمد، إنا نحبّ ربنا! فأنزل الله عز وجل:"قُل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم"، فجعل اتباع نبيه محمد ﷺ عَلَمًا لحبه، وعذاب من خالفه. - و قال حدثني المثنى قال، حدثنا علي بن الهيثم قال، حدثنا عبد الوهاب، عن أبي عبيدة قال: سمعت الحسن يقول: قال أقوامٌ على عهد رسول الله ﷺ: يا محمد، إنا لنحب ربنا! فأنزل الله جل وعز بذلك قرآنًا:"قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم"، فجعل الله اتباع نبيه محمد ﷺ علمًا لحبه، وعذاب من خالفه. - وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، مِن طَرِيقِ أبِي عُبَيْدَةَ النّاجِيِّ، عَنِ الحَسَنِ قالَ: «قالَ أقْوامٌ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: واللَّهِ يا مُحَمَّدُ إنّا لَنُحِبُّ رَبَّنا. فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فاتَّبِعُونِي﴾ الآيَةَ» . ب. قول ابن جريج : - أخرجه ابن جرير و ابن المنذر في تفسيرهما، عن ابن جريج من طريق القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله:"إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله"، قال: كان قوم يزعمون أنهم يحبون الله، يقولون: إنا نحب ربّنا! فأمرهم الله أن يتبعوا محمدًا ﷺ، وجعل اتباع محمد علمًا لحبه. - ذكره ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب و نسبه إلى تفسير سنيد عن حجاج عن ابن جريج ( الحسين هو سنيد). و حكاه عن الحسن و ابن جريج ابن عطية في تفسيره، و الواحدي في أسباب النزول. - حكاه ابن عطية عن الحسن بن أبي الحسن وابن جريج قالا: إن قوما قالوا للنبي عليه السلام: يا محمد إنا نحب ربنا، فنزلت هذه الآية في قولهم، جعل الله فيها اتّباع محمد علَما لحبه. ذكر ابن عطية ان المتن فيه ( فنزلت)، و الروايات ليس فيها ذلك، في رواية الحسن ( فأنزل) و رواية ابن جريج ليس فيها ما يدل على سبب نزول صريح. حكاه ابن كثير عن الحسن وعن غيره من السلف. 2- المخاطبين أهل قريش : نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما . - نقل الواحدي في تفسيره أن جُوَيْبِرٌ روى، عَنِ الضَّحّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: وقَفَ النَّبِيُّ ﷺ عَلى قُرَيْشٍ وهم في المَسْجِدِ الحَرامِ وقَدْ نَصَبُوا أصْنامَهم، وعَلَّقُوا عَلَيْها بَيْضَ النَّعامِ، وجَعَلُوا في آذانِها الشُّنُوفَ، وهم يَسْجُدُونَ لَها، فَقالَ: ”يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، لَقَدْ خالَفْتُمْ مِلَّةَ أبِيكم إبْراهِيمَ وإسْماعِيلَ، ولَقَدْ كانا عَلى الإسْلامِ“ . فَقالَتْ قُرَيْشٌ: يا مُحَمَّدُ، إنَّما نَعْبُدُ هَذِهِ حُبًّا لِلَّهِ لِيُقَرِّبُونا إلى اللَّهِ زُلْفى. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿قُلْ إن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ﴾ وتَعْبُدُونَ الأصْنامَ لِتُقَرِّبَكم إلَيْهِ، ﴿فاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ . فَأنا رَسُولُ اللَّهِ إلَيْكم وحُجَّتُهُ عَلَيْكم، وأنا أوْلى بِالتَّعْظِيمِ مِن أصْنامِكم. - نقله عنه ابن حجر في العجاب من بيان الأسباب، و عقب عليه، فقال : قلت وهذا من منكرات جويبر فإن آل عمران مدنية وهذه القصة إنما كانت بمكة قبل الهجرة ولعل الذي نزل فيهما في أوائل الزمر). [العجاب في بيان الأسباب 3- وفد نصارى نجران ، رُوِي عن جعفر بن الزبير. - أخرجه ابن جرير قال: حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير:"قل إن كنتم تحبون الله"، أي: إن كان هذا من قولكم - يعني: في عيسى حبًّا لله وتعظيمًا له ،"فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم"، أي: ما مضى من كفركم ="والله غفور رحيم".( - نقل الواحدي في أسباب النزول، و ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب، ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ بْنِ يَسارٍ في المغازي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ قالَ: نَزَلَتْ في نَصارى نَجْرانَ؛ وذَلِكَ أنَّهم قالُوا: إنَّما نُعَظِّمُ المَسِيحَ ونَعْبُدُهُ حُبًّا لِلَّهِ وتَعْظِيمًا لَهُ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ رَدًّا عَلَيْهِمْ. - حكاه ابن عطية في تفسيره. 4- نزلت في اليهود: نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما و مقاتل ين سليمان. - نقله الواحدي في أسباب النزول و ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب عن الكَلْبِيُّ عَنْ أبِي صالِحٍ، عَنِه، أنَّ اليَهُودَ لَمّا قالُوا: نَحْنُ أبْناءُ اللَّهِ وأحِبّاؤُهُ. أنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ، فَلَمّا نَزَلَتْ عَرَضَها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلى اليَهُودِ، فَأبَوْا أنْ يَقْبَلُوها. - حكاه ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب ،عن مقاتل بن سليمان قال: لما دعا النبي كعب بن الأشرف وأصحابه إلى الإسلام قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه ولنحن أشد حبا لله مما تدعونا إليه فنزلت قل إن كنتم تحبون الله فاتبعون. توجيه الأقوال: - رجَح ابنُ جرير قولَ محمد بن جعفر بن الزبير: بأن المخاطبين هم نصارى نجران، مستندًا إلى السياق؛ لأنه لم تتناول الآيات غيرهم في السورة، و تعليم الرسول صلى الله عليه و سلم حجته في مجادلتهم. - و عقب بالرد على القول أن الخطاب خاص بقوم في عهد الرسول صلى الله عليه و سلم و هو قول الحسن ، أولًا أنه لا خبر به يصح عنده، و وجه قوله إن صح إلى أنه قد يكون المراد بهؤلاء القوم هم نصارى نجران. - قال ابن عطية في تفسيره باحتمال أن يكون المخاطبين أهل الكتاب: اليهود و النصارى، و حجته في ذلك أن الفريقين ادعو أنهم يحبون الله و يحبونه، ﴿نَحْنُ أبْناءُ اللهِ وأحِبّاؤُهُ﴾ [المائدة: ١٨]، ولَفْظُ "أحِبّاؤُهُ" إنَّما يُعْطِي أنَّ اللهَ يُحِبُّهُمْ، لَكِنْ يَعْلَمُ أنَّ مُرادَهم "وَمُحِبُّوهُ" فَيَحْسُنُ أنْ يُقالَ لَهُمْ: ﴿قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ﴾. ، . - قال ابن كثير بالعموم، لكل من ادعى محبة الله، و أنها حاكمة عليهم، و استدل بما ثبت في الصّحيح عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ" ولهذا قال: {قل إن كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه} أي: يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبّتكم إيّاه، وهو محبّته إيّاكم، وهو أعظم من الأوّل، كما قال بعض الحكماء العلماء: ليس الشّأن أن تحبّ، إنّما الشّأن أن تحبّ. - القول أنها نزلت في قوم في عهد الرسول صلى الله عليه و سلم: الآثار الي رويت عن الحسن من مراسيل الحسن، و من روى عنه أبو عبيدة ، و بكر بن الأسود و هما من الضعفاء،و قول ابن جريج هو من تابعي التابعين و ليس في الأثر ما يقول انه سبب نزول، و كما ذكرنا لم يصح خبر عند ابن جرير في ذلك. - أما الكلبي فهو متروك الحديث متهم بالكذب، وقال علي بن الجنيد، والحاكم أبو أحمد، والدارقطني: متروك [تهذيب التهذيب (3/ 569، قال ابن عدي في كتاب الكامل في ضعفاء الرجال(حَدَّثَنَا جنيدي، حَدَّثَنا البُخارِيّ قَالَ مُحَمد بن السائب أَبُو النضر الكلبي الكوفي تركه يَحْيى بن سَعِيد، وابن مهدي قال علي، حَدَّثَنا يَحْيى عن سفيان قَال لي الكلبي قَال لي أَبُو صَالِح كل ما حدثتك فهو كذب). و قال السيوطي: في الاتقان : وأوهى الطرق عن ابن عباس طريق الكلبي عن أبي صالح ،) . - أما قول مقاتل فهو بدون إسناد، و روى ابن عدي في كتاب الكامل في الضعفاء قال : حَدَّثَنَا ابْن حَمَّاد قَالَ البُخارِيّ مقاتل بْن سُلَيْمَان خراساني منكر الحديث سكتوا عنه. حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثَنا عَبَّاس، عَن يَحْيى، قَالَ مقاتل بْن سُلَيْمَان ليس حديثه بشَيْ. - القول أنها لخطاب أهل قريش عن قال عنه ابن حجر كما ذكرنا أنه من منكرات جويبر ،السبب أن آل عمران مدنية، و ما ذُكر في الأثر كلن بمكة قبل الهجرة. العجاب من بيان الأسباب. - الآيات التي تسبق هذه الآية كانت تتناول أهل الكتاب (اليهود و النصارى معًا)، و فيها خطاب عام كذلك. خلاصة القول: - و بالنظر لما سبق يظهر أنه و الله أعلم؛ أن الله أمر النبي صلى الله عليه و سلم أن يقول ذلك لوفد نصار نجران، كما اختار ابن جرير، و تحتمل الآية بعد ذلك اليهود و كل من ادعى محبة الله عز و جل ، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. المراجع : كتب التفسير( ابن جرير، ابن المنذر، ابن عطية، ابن كثير) كتب الحديث( الكامل في ضعفاء الرجال، تهذيب التهذيب) كتب أسباب النزول( أسباب النزول للواحدي، ابن حجر ؛ العجاب في بيان الأسباب) |
اقتباس:
التقويم: أ+ أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ. |
الساعة الآن 02:08 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir