باب صفة الصلاة (13/38) [ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في المغرب بسورة الطور]
289- وعن جُبيرِ بنِ مُطعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقرأُ في الْمَغْرِبِ بالطُّورِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. |
سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني
23/274 - وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) تَقَدَّمَ ضَبْطُهُمَا وَبَيَانُ حَالِ جُبَيْرٍ (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). قَدْ بَيَّنَ فِي فَتْحِ الْبَارِي أَنَّ سَمَاعَهُ لِذَلِكَ كَانَ قَبْلَ إسْلاَمِه ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَغْرِبَ لاَ يَخْتَصُّ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِـ {المص}، وَأَنَّهُ قَرَأَ فِيهَا بِالصَّافَّاتِ، وَأَنَّهُ قَرَأَ فِيهَا بِـ {حم} الدُّخَانِ، وَأَنَّهُ قَرَأَ فِيهَا {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وَأَنَّهُ قَرَأَ فِيهَا بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ، وَأَنَّهُ قَرَأَ فِيهَا بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ، وَأَنَّهُ قَرَأَ فِيهَا بِالْمُرْسَلاَتِ، وَأَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِيهَا بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَكُلُّهَا أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ. وَأَمَّا الْمُدَاوَمَةُ فِي الْمَغْرِبِ عَلَى قُصَارَى الْمُفَصَّلِ؛ فَإِنَّمَا هُوَ فِعْلُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَقَدْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَقَالَ لَهُ: مَالَكَ تَقْرَأُ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ؟! تَثْنِيَةُ طُولَى، وَالْمُرَادُ بِهِمَا الْأَعْرَافُ وَالْأَنْعَامُ، وَالْأَعْرَافُ أَطْوَلُ مِن الْأَنْعَامِ، إلَى هُنَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَهِيَ الْأَعْرَافُ. وَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ الْأَعْرَافَ فِي رَكْعَتَيِ الْمَغْرِبِ، وَقَدْ قَرَأَ فِي الْعِشَاءِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ، وَوَقَّتَ لِمُعَاذٍ فِيهَا بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ، وباللَّيْلِ إذَا يَغْشَى وَ{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وَنَحْوِها. وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاخْتِلاَفِ الْحَالاَتِ، وَالْأَوْقَاتِ وَالْأَشْغَالِ، عَدَماً وَوُجُوداً. |
توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام
230 - وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي المغربِ بالطُّورِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. · مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ: - الطُّور - بِضَمِّ الطاءِ -: هُوَ كُلُّ جَبَلٍ مُمْتَدٍّ، وَالْمُرَادُ هنا: جَبَلُ سَيْنَاءَ، الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلامُ. · مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ: 1- الغالبُ فِي الْقِرَاءَةِ فِي صَلاةِ المغربِ أَنَّهَا منْ قِصَارِ المُفَصَّلِ؛ لِضِيقِ وَقْتِهَا، وَلَكِنْ قَدْ تُصَلَّى بِطِوَالِهِ، فَلا تَخْتَصُّ بِالْقِصَارِ، فَقَدْ قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُورَةِ (الطورِ)، وَهِيَ منْ طِوَالِ المُفَصَّلِ. 2- وَرَدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِي المغربِ بِسُورَةِ (الأعرافِ)، وَقَرَأَ بِسُورَةِ (الصافَّاتِ)، وَقَرَأَ بِسُورَةِ (الدُّخَانِ)، وَقَرَأَ بِسُورَةِ (المُرْسَلاتِ)، وَقَرَأَ بِسُورَةِ (التِّينِ)، وَقَرَأَ بِسُورَتَي (المُعَوِّذَتَيْنِ)؛ وَكُلُّ هَذِهِ أحاديثُ صَحِيحَةٌ. وَهَذِهِ قِرَاءَاتٌ مُتَنَوِّعَةٌ، فَقَرَأَ مَرَّةً (الأعرافَ)، وَهِيَ من الحِزْبِ الأَوَّلِ، وَقَرَأَ بِـ (الصَّافَّاتِ) وَ (الدُّخَانِ)، وَهُمَا مِن الحزبِ الثَّانِي عَشَرَ، وَقَرَأَ بِـ (الطُّورِ) وَ (المُرْسَلاتِ) وَهُمَا منْ طِوَالِ المُفَصَّلِ، وَقَرَأَ بِـ {الأَعْلَى}،وَهِيَ مِنَ الوَسَطِ، والباقِي مِنْ قِصَارِهِ، فَعَلَ هَذَا صَلَوَاتُ اللَّهِ وسلامُهُ عَلَيْهِ؛ لِبَيَانِ الجوازِ فِي الْكُلِّ. 3- قَالَ العلماءُ: يَجِبُ كِتَابَةُ الْمُصْحَفِ عَلَى هَذَا الترتيبِ المَوْجُودِ الآنَ، فِي تَرْتِيبِ السُّوَرِ؛ لأَنَّهُ جَاءَ عَنْ إجماعِ الصحابةِ، وإجماعُهُم حُجَّةٌ. وَأَمَّا فِي الْقِرَاءَةِ، فَقَالَ النَّوَوِيُّ: الاختيارُ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى ترتيبِ الْمُصْحَفِ؛ سَوَاءٌ قَرَأَ فِي الصَّلاةِ، أَوْ فِي غَيْرِهَا، فَإِذَا قَرَأَ سُورَةً قَرَأَ الَّتِي تَلِيهَا؛ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الترتيبَ بَيْنَ السُّوَرِ إِنَّمَا جُعِلَ هكذا لِحِكْمَةٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُحَافَظَ عَلَيْهَا، إِلاَّ فِيمَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِاسْتِثْنَائِهِ؛ كصلاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَيَقْرَأُ فِي الأُولَى سُورَةَ {الم} (السجدةِ)، وَفِي الثَّانِيَةِ: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ}. وَرَكْعَتَي الفَجْرِ يَقْرَأُ فِي الأُولَى (الْكَافِرُونَ) وَالثَّانِيَةِ: (الإخلاصَ)، وَلَوْ خَالَفَ هَذِهِ الموالاةَ، أَوْ خَالَفَ هَذَا الترتيبَ جَازَ، فَقَدْ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُورَةِ ( الْبَقَرَةِ) ثُمَّ ( النِّسَاءِ) ثُمَّ (آلِ عِمْرَانَ). 4- جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ حِينَمَا سَمِعَ قِرَاءَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَةَ (الطورِ) كَانَ كَافِراً، وَبَلَّغَهَا، وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَقَدْ قَالَ العلماءُ: العِبْرَةُ بِأَدَاءِ الشهادةِ، لا بِتَحَمُّلِهَا، فَمَنْ تَحَمَّلَهَا، وَهُوَ كافرٌ، أَوْ فَاسِقٌ، ثُمَّ أَدَّاهَا مُسْلِماً، أَوْ عَدْلاً قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، والروايةُ مِثْلُ الشَّهَادَةِ. · خِلافُ العلماءِ: المشهورُ منْ مَذْهَبِ الحنابلةِ أَنَّ الَّذِي يَحْرُمُ هُوَ تَنْكِيسُ كَلِمَاتِ الْقُرْآنِ، وَأَمَّا تَنْكِيسُ السُّورَةِ وَالآياتِ فَيُكْرَهُ. والروايةُ الأُخْرَى عَنْ أحمدَ: أَنَّهُ لا يُكْرَهُ تَنْكِيسُ السُّوَرِ؛ لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ (النِّسَاءَ) قَبْلَ (آلِ عِمْرَانَ)، وَاحْتَجَّ الإمامُ أحمدُ: بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَلَّمَهُ عَلَى ذَلِكَ، ولأنَّ تَرْتِيبَهَا بالاجتهادِ فِي قَوْلِ جمهورِ الْعُلَمَاءِ. وَاخْتَارَ شَيْخُ الإِسْلامِ وَغَيْرُهُ تَحْرِيمَ تَنْكِيسِ الآيَاتِ؛ لأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَهَا هكذا، وَلِمَا فِيهِ منْ مخالفةِ النصِّ، وتَغْيِيرِ الْمَعْنَى، وقالَ: تَرْتِيبُهَا وَاجِبٌ؛ لأَنَّ تَرْتِيبَهَا بالنَّصِّ إِجْمَاعاً. والاحتجاجُ بِتَعْلِيمِهِ فِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّهُ كَانَ للحاجةِ؛ لأَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ حَسَبَ الوقائعِ. وَقَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: (إِنَّ تَرْتِيبَ السُّوَرِ اجْتِهَادٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حِينَ كَتَبُوا المَصَاحِفَ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ منْ تَرْتِيبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ). وَأَمَّا تَرْتِيبُ الآيَاتِ فَلا خِلافَ أَنَّ تَرْتِيبَ آياتِ كُلِّ سُورَةٍ بِتَوْقِيفٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الآنَ فِي الْمُصْحَفِ، وهكذا نَقَلَتْهُ الأُمَّةُ عَنْ نَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اهـ منْ كَلامِ الْقَاضِي عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. |
الساعة الآن 08:55 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir