معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   طبقات القراء والمفسرين (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=1037)
-   -   طبقات القراء والمفسرين في المدينة النبوية [ طبقة التابعين] (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=40218)

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 01:48 AM

طبقات القراء والمفسرين في المدينة النبوية [ طبقة التابعين]
 
طبقات القراء والمفسرين في المدينة النبوية
الطبقة الثانية: طبقة التابعين
تمهيد.
1: كثير بن أفلح الأنصاري(ت:63هـ).
2: قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة الخزاعي(ت:86هـ).

3: صالح بن خوات بن جبير بن النعمان الأنصاري(ت:90هـ تقريباً).

4: عروة بن الزبير بن العوام الأسدي (ت:93هـ).

5: سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي(ت:94هـ).

6: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي (ت:94هـ).

7: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي (ت:98هـ).

8: خارجة بن زيد بن ثابت بن الضحاك الخزرجي الأنصاري (ت:100هـ).

9: عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي(ت:101هـ).

10: عطاء بن يسار المدني (ت:103هـ).

11: أبو سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري(ت:104هـ).

12: عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الخزرجية الأنصارية (ت: 106هـ).

13: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي(ت:106هـ).

14: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (ت:108هـ).
15: أبو أيّوب سليمان بن يسار المدني (ت:107هـ).
16: أبو حمزة محمد بن كعب بن سليم القرظي(ت:108هـ).
17: أبو عبد الله مسلم بن جندب الهذلي (ت: بعد 110هـ).

18: محمد بن جعفر بن الزبير بن العوام القرشي (ت: 115هـ تقريباً).

19: أبو داوود عبد الرحمن بن هرمز بن كيسان الأعرج (ت:117هـ).

20: أبو عبد الله نافع المدني مولى عبد الله بن عمر (ت:117هـ).

21: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم النجاري الأنصاري(ت:120هـ).

22: عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الأوسي الانصاري(ت:120هـ).

23: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري(ت:124هـ).

24: أبو أيوب محمد بن قيس المدني (ت:126هـ)
.
25: أبو نعيم وهب بن كيسان الزبيري(ت:127هـ).

26: أبو روح يزيد بن رومان المدني (ت:130هـ).
27. أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني(ت:127هـ).

28: أبو بكر محمد بن المنكدر بن عبد الله التيمي القرشي(ت:130هـ).
29: شيبة بن نِصَاح بن سرجس المدني(ت:130هـ).
30: أبو الزناد عبد الله بن ذكوان المدني (ت:131هـ).

31: ربيعة بن أبي عبد الرحمن فرّوخ المدني مولى آل المنكدر (ت:136هـ).

32: زيد بن أسلم العدوي(ت:136هـ).
33: أبو حازم سلمة بن دينار الأعرج(ت:140هـ).
34: يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري(ت:143هـ).

35: أبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة العدوي القرشي(ت:125هـ).
36: عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق(ت:126هـ).
37: داود بن الحصين المدني (ت:135هـ).

38: عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب(ت:145هـ).
39: هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي(ت:146هـ).
40: محمد بن إسحاق بن يسار المدني(ت:151هـ).

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 01:49 AM

تمهيد

...

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 01:49 AM

1: كثير بن أفلح الأنصاري(ت:63هـ)

مولى أبي أيوب الأنصاري، من قُرّاء المدينة، وهو أحد كَتَبة المصاحف العثمانية زمن عثمان بن عفان، وكان أبوه أفلح وسيرين والد محمد من سبي عين التمر.
- قال هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن كثير بن أفلح أنه قال: (لما أراد عثمان أن يكتب المصاحف، جمع له اثني عشر رجلا من قريش والأنصار، فيهم أبي بن كعب، وزيد بن ثابت قال فبعثوا إلى الربعة التي في بيت عمر، فجيء بها.
قال: وكان عثمان يتعاهدهم، فكانوا إذا تدارءوا في شيء أخروه.
قال محمد: فقلت لكثير - وكان فيهم فيمن يكتب -: هل تدرون: لم كانوا يؤخرونه؟
قال: لا
قال محمد: فظننت ظناً، إنما كانوا يؤخرونها لينظروا أحدثهم عهدا بالعرضة الآخرة فيكتبونها على قوله). رواه ابن أبي داوود في كتاب المصاحف واللفظ له وعمر بن شبة في تاريخ المدينة.

قُتلَ كثير وأبوه يوم الحرة.
قال محمد بن سيرين: (بينا أنا نائم إذ رأيت كثير بن أفلح وقد كان أصيب يوم الحرة؛ فعلمت أنه مقتول، وأني نائم وأنما هي رؤيا رأيتها، قال: فكرهت أن أدعوه بكنيته، وكان في البيت الهذيل بن حفصة بنت سيرين، وكانت كنيتهما واحدة؛ فخشيت أن يستيقظ الهذيل؛ فناديته باسمه فأجابني.
قلت: أليس قد قتلت؟
قال: بلى.
قلت: ما صنعتم؟
قال: خيرا.
قلت: شهداء أنتم؟
قال: لا، إن المسلمين إذا التقوا فقتلت بينهم قتلى؛ فليسوا بشهداء، ولكنا ندباء). رواه ابن سعد وابن أبي شيبة وابن عساكر.
روى عن: أبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وابن عمر، وأبيه أفلح.
وروى عنه: ابن سيرين، وابناه عمر وعمرو.

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 01:50 AM

2: قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة الخزاعي(ت:86هـ)

ولد عام الفتح، وروي أنه أُتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليدعو له.
لقي جماعةً من كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وتفقّه بهم، حتى صار من كبار فقهاء أهل المدينة ومفتيهم، وأكثر ما يُروى عنه في كتب التفسير المسندة ما يتعلق بأحكام القرآن.
وكان كثير السفر إلى الشام للتجارة والغزو، وكان مقرباً من عبد الملك بن مروان.
- قال عباس الدوري عن يحيى بن معين: عبد الله بن الحارث كان معلما، وقبيصة بن ذؤيب كان معلما، وعمرو بن الحارث كان معلم ولد صالح بن علي، يعني الهاشمي.
- وقال أبو الزناد: (كان فقهاء أهل المدينة أربعة: سعيد بن المسيب، وقبيصة بن ذؤيب، وعروة بن الزبير، وعبد الملك بن مروان). رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه.
- وقال عامر الشعبي: (قبيصة بن ذؤيب أعلم الناس بقضاء زيد بن ثابت). رواه البخاري في التاريخ الكبير، والفسوي في المعرفة والتاريخ.
- وقال محمد بن راشد: حدثنا حفص بن عمر بن نبيه الخزاعي، عن أبيه (أن قبيصة بن ذؤيب كان معلم كتاب). رواه ابن أبي خيثمة.
أصيبت عينه يوم الحرة، واختلف في سنة وفاته على أقوال متقاربة والأكثر على أنه توفي سنة 86هـ.
روى عن: عثمان بن عفان، وأبي عبيدة عامر بن الجراح، وزيد بن ثابت.
وروى عنه: ابنه إسحاق وابن شهاب الزهري ورجاء بن حيوة وجعفر بن ربيعة وغيرهم.

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 01:59 AM

3: صالح بن خوات بن جبير بن النعمان الأنصاري(ت:90ه تقريباً )

روى عن أبيه خوات بن جبير، وعن خاله سهل بن أبي حثمة رضي الله عنهما، وغيرهما، وكان من قراء المدينة المعدودين.
قال ابن الجزري: (روى القراءة عن أبي هريرة، أخذ عنه القراءة عرضًا نافع بن أبي نعيم).
- وقال ابن سعد: (ثقة قليل الحديث).

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 02:00 AM

4: عروة بن الزبير بن العوام الأسدي (ت:93هـ)

أحد الفقهاء السبعة، من العلماء الأعلام الذين انتهت إليهم الفتوى بالمدينة، وكان واسع المعرفة بأحوال نزول القرآن وبالسير والمغازي، وأشعار العرب، وكان يتوقى القول في التفسير، فلذلك أكثر ما يُروى عنه في كتب التفسير ما يتصل بأسباب النزول وأحكام القرآن والسير والمغازي وما يرويه عن غيره وأكثره عن عائشة رضي الله عنها.
قال هشام بن عروة: (ما سمعت أبي عروة بن الزبير يُؤَوّل آية قط) رواه ابن وهب.
ولد سنة ثلاث وعشرين، في أوّل خلافة عثمان بن عفان، وأمّه أسماء بنت أبي بكر، شهد يوم الدار وهو صبي، واستصغر يوم الجمل فرُدَّ، كان بينه وبين أخيه عبد الله أكثر من عشرين سنة.
عُني بالعلم، وحفظ من أمّه وأخيه ولازم خالته عائشة رضي الله عنها مدة طويلة ووعى عنها علماً كثيراً مباركاً حتى كان من كبار أوعية العلم في زمانه.
- وقال الليث بن سعد: قلت ليحيى بن سعيد إن ابن شهاب قال: (وجدت عروة بن الزبير بحراً لا تكدره الدلاء، وأما سعيد بن المسيب فكان ينصب نفسه للناس).
فقال يحيى: (أما أعلمهم بالسنن وأقضية عمر فابن المسيب، وأما أكثرهم حديثا فعروة بن الزبير). رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ.
- وقال ابن أبي الزناد: حدثني عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف قال: دخلت مع أبي المسجد، فرأيت الناس قد اجتمعوا على رجل، قال: فقال أبي: أي بني! انظر من هذا؟ فنظرت فإذا هو عروة بن الزبير.
قال: فقلت له: يا أبة، هذا عروة!! وتعجبتُ من ذلك.
قال: فقال: (يا بني لا تعجب؛ فوالله لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنهم يسألونه). رواه أبو زرعة الدمشقي وأبو يوسف الفسوي.
- وقال إسماعيل بن عياش: حدثنا عمارة بن غزية، عن عثمان بن عروة، عن أبيه أنه كان يقول لبنيه: (يا بني أزهدُ الناس في عالم أهله، هلموا إليَّ فتعلَّموا فإنكم أوشك أن تكونوا كبار قوم، إني كنت صغيرا لا يُنظر إليّ؛ فلما أدركتُ من السنّ ما أدركت جعل الناس يسألونني، فما أشدَّ على امرئ يُسأل عن شيء من أمر دينه فيجهله). رواه ابن أبي خيثمة وابن عساكر.
وذكره أبو الحجاج المزي والذهبي من طريق المبارك بن فضالة عن هشام بن عروة عن أبيه بنحوه وزاد: (لقد رأيتني قبل موت عائشة بأربع حجج أو خمس حجج وأنا أقول: لو ماتت اليوم ما ندمت على حديث عندها إلا وقد وعيته، ولقد كان يبلغني عن الرجل من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الحديث فآتيه فأجده قد قال، فأجلس على بابه، فأسأله عنه). وهو في مختصر تاريخ دمشق لابن منظور، ولعله فيما فقد من الأصل.
- وقال الحميدي: أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه قال: (ما ماتت عائشة حتى تركتها قبل ذلك بثلاث سنين). رواه ابن عساكر.
يريد أنه وعى حديثها وحفظه.
- وقال حماد بن زيد عن هشام بن عروة عن أبيه قال: (يا بني سلوني فلقد ترُكتُ حتى كدتُ أن أنسى، وإني لأُسأل عن الحديث فيقيم لي حديث يومي). رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ.
- وقال سفيان بن عيينة: قال الزهري: (كان عروة يتألف الناس على علمه) رواه ابن أبي شيبة وابن أبي خيثمة وابن عساكر.
- وقال عمرو بن دينار: لما قدم مكة – يعني عروة - قال لنا: «ائتوني فتلقَّوا مني» رواه ابن أبي شيبة وابن أبي خيثمة وابن عساكر.

- قال عبد الرزاق بن همام: أخبرنا معمر، عن هشام بن عروة قال: (أحرق أبي يوم الحرة كتب فقه كانت له).
قال: (فكان يقول بعد ذلك: لأن تكون عندي أحب إلي من أن يكون لي مثل أهلي ومالي). رواه ابن سعد وابن عساكر.

- وقال ابن أبي الزناد: قال عروة بن الزبير: (كنا نقول لا يُتخذ كتابٌ مع كتاب الله؛ فمحوت كتبي؛ فوالله لوددت أن كتبي عندي، إن كتاب الله قد استمرّت مريرته). رواه ابن عساكر.
- وقال سعيد بن أسد: حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال: كان عروة بن الزبير إذا كان أيام الرطب ثلم حائطه فيدخل الناس فيأكلون ويحملون، وكان إذا دخله ردَّد هذه الآية فيه حتى يخرج منه {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله} حتى يخرج.
وكان عروة يقرأ ربع القرآن كل يوم نظرا في المصحف، ويقوم به الليل؛ فما تركه إلا ليلة قطعت رجله، ثم عاوده من الليلة المقبلة). رواه ابن أبي خيثمة والفسوي.
- وقال أبو عمرو الأوزاعي: (خرَجَت في بطن قدمه- يعني عروة- بثرة؛ فتأخر ما به ذلك إلى أن نُشِرَت ساقه.
قال: وقال عروة لما نشرت ساقه: (اللهم إنك تعلم أني لم أمش بها إلى سوء قط).رواه الفسوي.
- وقال عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة قال: (لما أصيب عروة برجله وبابنه محمد قال: اللهم إنهم كانوا سبعة فأخذت واحدا وأبقيت ستة، وكن أربعا فأخذت واحدة وأبقيت ثلاثا، فأيمنك لئن كنت أخذت لقد أبقيت، ولئن كنت ابتليت لقد أعفيت). رواه الزبير بن بكار في نسب قريش.
- وقال الزبير بن بكار: وحدثني عثمان بن المنذر وغيره: أن هشام بن عروة قال: لما قدم عروة من الشأم في سفره الذي أصيب فيه برجله وبابنه محمد، فبلغ قصره بالعقيق، حملناه لننزله من محمله، فسمعناه يقول: {لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا}).
تزوج عروة سودة بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب، وانتقل مع أخيه عبد الله بن الزبير إلى مكة في آخر خلافة معاوية، وبقي معه حتى قُتل، ثم خرج إلى عبد الملك بن مروان فبايعه، وأقام بالمدينة، وابتنى داراً بالعقيق، وكان يكثر الصيام حتى مات وهو صائم.
اختلف في سنة وفاته، فقيل سنة 93هـ، وقيل: 94هـ، وقيل:95هـ، والأول أرجح قال به أبو نعيم وعلي بن المديني وخليفة بن خياط.

روى عروة عن عائشة فأكثر وأطاب، وروى عن أمه أسماء وأخيه عبد الله وزيد بن ثابت وأبي حميد الساعدي، والمسور بن مخرمة ومروان بن الحكم وغيرهم.
وروى عنه ابنه هشام، وابن أخيه محمد بن جعفر بن الزبير، وابن أخيه عمرو بن مصعب بن الزبير، وأبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي المعروف بيتيم عروة، ويزيد بن رومان مولى آل الزبير، وابن شهاب الزهري، وأبو الزناد عبد الله بن ذكوان وغيرهم.

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 02:00 AM

5. سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي(ت:94هـ)

إمام التابعين في المدينة، ممن انتهت إليه الفتوى في زمانه، كان عالماً بالقرآن وبالقضاء وبعبارة الرؤيا، وكان أبوه وجده من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولد سعيد في أوّل خلافة عمر بن الخطاب نحو سنة 15هـ، وأدرك السماع منه وهو صبي، وأخذ عن جماعة من علماء الصحابة منهم عثمان وعلي وسعد بن أبي وقاص وزيد بن ثابت وأبو هريرة وابن عمر وعائشة وأمّ سلمة وغيرهم.
وكان من أكثر الناس حديثاً عن أبي هريرة وأثبتهم عنه، وهو زوج بنت أبي هريرة، ومن أعلم التابعين بمسائل عمر؛ جدّ في طلبها حتى حفظها واحتاج الناس إليه فيها، حتى قال الإمام مالك: (إن كان عبد الله بن عمر ليرسل إلى سعيد بن المسيب يسأله عن القضاء من أقضية عمر بن الخطاب).رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال مالك بن أنس أيضاً: (كان عمر بن عبد العزيز لا يقضي بقضاء حتى يسأل سعيد بن المسيب؛ فأرسل إليه إنساناً يسأله فدعاه فجاء حتى دخل؛ فقال عمر: « أخطأ الرسولُ، إنما أرسلناه يسألك في مجلسك» رواه ابن سعد.
- وقال عبد الرحمن بن مهدي: سمعت مالك بن أنس يحدث عن يحيى بن سعيد، قال: كان يقال: (سعيد بن المسيب راوية عمر بن الخطاب).رواه ابن أبي خيثمة في تاريخه.
- وروى سعد بن إبراهيم عن سعيد بن المسيب أنه قال: (ما بقي أحد أعلم بقضاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر منّي). رواه البخاري في التاريخ الكبير، وابن أبي خيثمة في تاريخه.
- وقال ابن شهاب الزهري: سمعت سليمان بن يسار، يقول: «كنا نجالس زيد بن ثابت أنا وسعيد بن المسيب وقبيصة بن ذؤيب، ونجالس ابن عباس؛ فأما أبو هريرة فكان سعيد أعلمنا بمسنداته لصهره منه». رواه ابن سعد.
- وقال معن بن عيسى: حدثنا مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب قال: (إن كنتُ لأسير الليالي والأيام في طلب الحديث الواحد). رواه ابن سعد في الطبقات.
- وقال ابن إسحاق: سمعت مكحولا يقول: (طفتُ الأرض كلها في طلب العلم فما لقيت أعلم من ابن المسيب). رواه البخاري في التاريخ الكبير.
- وقال علي ابن المديني: (لا أعلم في التابعين أوسع علما منه، هو عندي أجلّ التابعين).
- وقال ابن وهب: أخبرني مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب: أنه كان إذا سُئل عن تفسير آية من القرآن، قال: (أنا لا أقول في القرآن شيئًا). رواه ابن جرير.
- وقال ابن وهب: سمعت الليث يحدث، عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيَّب: (أنه كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن). رواه ابن جرير.
امتحن في الفتنة بين ابن الزبير وعبد الملك بن مروان، وسجن وضرب ضرباً شديداً وطيف به ثمّ فرّج الله عنه ورفع ذكره.
روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، وابن شهاب الزهري، وسالم بن عبد الله، وقتادة، وعبد الرحمن بن حرملة، وداود بن أبي هند، وعمرو بن مرة، وعلي بن زيد بن جدعان، وغيرهم.

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 02:00 AM

6: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي (ت:94هـ)

أحد الفقهاء السبعة وأئمة المسلمين، وكان من أشراف قريش وصالحيهم، كثير العبادة، وكان عالماً بالسير والمغازي، فقيهاً ورعاً، وأكثر ما يُروى عنه في التفسير ما له تعلّق بنزول القرآن وأحكامه.
- قال البخاري وابن أبي خيثمة: اسمه أبو بكر وكنيته أبو عبد الرحمن.
- وقال الذهبي: (الأصح أن اسمه كنيته، ويقال: اسمه محمد، وله عدة إخوة هو أجلّهم).
وأمّ أبي بكر هي الشريدة، واسمها فاختة بنت عتبة بن سهيل بن عمرو ، لُقّبت بالشريدة لقول عمر بن الخطاب: (زوّجوا الشريدَ الشريدةَ)
وذلك أنّ الحارث بن هشام وعتبة بن سهيل كانا قد خرجا متصاحبين للجهاد في الشام فقتلا، وأُتي بعبد الرحمن بن الحارث وفاختة بنت عتبة إلى المدينة، ولم يبق من ولد سهيل بن عمرو غيرها؛ فزوَّج عمرُ عبدَ الرحمن فاختةَ، وأقطعهما أرضاً بالمدينة وأوسع لهما، فقيل له: أوسعتهما يا أمير المؤمنين، قال: (لعل الله ينشرُ منهما).
قال مصعب الزبيري: (فنشر الله منهما ولداً كثيراً رجالاً ونساءً). ذكره ابن أبي خيثمة.
وولد أبو بكر في خلافة عمر، واستُصغر يوم الجمل، وردّ من الطريق، وهذا يدلّ على أنه لم يولد كفيفاً، ثمّ ابتلي بذهاب بصره بعد.
- قال موسى بن عقبة: سمعت علقمة بن وقاص يقول: (لما خرج طلحة والزبير وعائشة لطلب دم عثمان بن عفان عرضوا من معهم بذات عِرق فاستصغروا أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فردوه). رواه ابن سعد وابن أبي خيثمة وابن عساكر.
- وقال هشام بن عروة عن أبيه قال: (رُدِدتُ أنا وأبو بكر بن عبد الرحمن من الطريق يوم الجمل واستُصغرنا). رواه البخاري في التاريخ الكبير وابن عساكر.

نشأ أبو بكر في المدينة نشأة صالحة واجتهد في العلم والعبادة، وسمع من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أبي هريرة وزيد بن ثابت وجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد عدّه علي بن المديني من العشرة الذين هم أعلم التابعين بعلم زيد بن ثابت، وكان صوّاماً قوّاماً، جواداً كريماً، جليل القدر يُجلّه الخلفاء والعلماء والعامّة.
- قال مصعب بن عبد الله الزبيري: (كان يقال لأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: "راهب قريش"). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال عامر الشعبي، عن عمر بن عبد الرحمن، أن أخاه أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام (كان يصوم الدهر لا يفطر). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال يزيد بن هارون: أخبرنا المسعودي، عن جامع بن شداد، قال: (خرجنا حجاجا فقدمنا مكة، فسألت عن أعلم أهل مكة فقيل: عليك بأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام). رواه ابن سعد.
- وقال ابن أبي الزناد: (إن السبعة الفقهاء الذين كان يذكرهم أبو الزناد: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال ابن سعد: (كان ثقة فقيهاً كثير الحديث عالماً عالياً عاقلاً سخياً).
- وقال مصعب الزبيري: (كان ذا منزلة عند عبد الملك بن مروان، وأوصى به عبد الملك بن مروان حين حضرته الوفاة ابنه الوليد، قال: يا بني إن لي صديقين فاحفظني فيهما: عبد الله بن جعفر، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث). رواه ابن أبي خيثمة.

اختلف في سنة وفاته فقيل سنة 93هـ، والأكثر على أنه توفي سنة 94هـ، وكانت تسمى سنة الفقهاء لكثرة من مات فيها منهم.
قال هارون بن محمد: سمعت بعض أصحابنا قال: (مات سليمان بن يسار، وسعيد بن المسيب، وعلي بن الحسين، وأبو بكر بن عبد الرحمن يقال: سنة الفقهاء سنة أربع وتسعين). رواه البخاري في التاريخ الكبير.
روى عن أبيه، وعائشة وأم سلمة، وأبي هريرة، وأبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى عنه أولاده سلمة وعبد الله وعبد الملك، ومولاه سُميّ، وعمر بن عبد العزيز، وابن شهاب الزهري، ومجاهد بن جبر، وعكرمة بن خالد المخزومي، وعبد الله بن كعب الحميري مولى عثمان، وعراك بن مالك، وغيرهم.

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 02:01 AM

7: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي (ت:98هـ)

أحد الفقهاء السبعة، جدّه عتبة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قديم الإسلام، وهو أخو عبد الله بن مسعود، مات قبله، ووجد عليه وجداً شديداً، وأبوه عبد الله مختلف في صحبته، والأرجح أنه من طبقة صغار الصحابة رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس سنين أو ستّ، وكان عالماً فقيهاً.
وكان عبيد الله ذكيّا حافظاً فَهِماً، إذا حُدّث بحديث حفظه ووعاه، سمع من ابن عباس، وكان يُحسن التلطفَ له مع حفظه وجودة فهمه، فاستفاد منه علماً كثيراً مباركاً.
وروى عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري وعائشة وغيرهم.
وكان على سعة علمه بأحكام الشريعة من أهل المعرفة بالأدب والسير والمغازي وأيّام العرب، وكان حسن الرأي ثاقب النظر.
- قال يعقوب بن عبد الرحمن الزهري عن أبيه عن عمر بن عبد العزيز أنه قال يوما: (وددت أن لي من عبيد الله يوما بكذا وبكذا، ولو كان عبيد الله حيا لما صدرت إلا عن رأيه). رواه الفسوي، ورواه البخاري بنحوه في التاريخ الكبير من طريق يعقوب عن حمزة بن عبد الله بن مسعود عن عمر.
- وقال سفيان بن عيينة: سمعت الزهري يقول: (لما جالستُ عبيد الله بن عبد الله بن عتبة صرت كأني أصحب بحرا). رواه الفسوي.
- وقال مالك: (كان عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود من علماء الناس، وكان إذا دخل في صلاته فقعد إليه إنسان لم يُقبل عليه حتى يفرغ من صلاته نحو ما كان يرى من طولها). رواه الفسوي.
- وقال مالك أيضاً: (كان عبيد الله بن عبد الله بن عتبة من علماء الناس كثير العلم، وكان ابن شهاب يخدمه حتى إن كان ليناوله الشيء، وكان ابن شهاب يصحب عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود حتى إن كان لينزع له الماء). رواه الفسوي.
- وقال عبد الله بن نافع، عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، أنه قال: كان من أدركت من فقهائنا بالمدينة الذين يُنتهى إلى قوله منهم: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وسليمان بن يسار في مشيخة سواهم من نظرائهم أهل فقه وفضل، وربما اختلفوا في الشيء فأخذنا قول أكثرهم وأفضلهم رأيا، وكل هؤلاء السبعة قد روى عنهم الزهري). رواه ابن أبي خيثمة.

رُويت عنه أقوال في كتب التفسير، وأكثر مروياته في كتب التفسير عن ابن عباس، وعائشة، وأرسل عن ابن مسعود.
روى عنه الزهري، وحصين بن عبد الرحمن السلمي، وأبو الزناد.

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 02:01 AM

8: خارجة بن زيد بن ثابت بن الضحاك الخزرجي الأنصاري (ت:100هـ)

أحد الفقهاء السبعة، أبوه زيد بن ثابت كاتب الوحي، وأمّه جميلة بنت سعد بن الربيع أحد النقباء ليلة العقبة، شهد بدراً واستشهد بأحد، وكان من أفاضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولد خارجة سنة 30هـ في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وتفقّه بأبيه وجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عُدَّ من كبار أهل الفتوى في زمانه.
- قال عبد العزيز الدراودي: سمعت عبيد الله بن عمر قال: (كان الفقه بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري، وسعيد بن المسيب بن حزن المخزومي، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وقبيصة بن ذؤيب الخزاعي، وعبد الملك بن مروان بن الحكم، وسليمان بن يسار مولى ميمونة بنت الحارث). رواه ابن عساكر.
اختلف في سنة وفاته على أقوال أرجحها أنها سنة 100هـ، وله سبعون سنة.
وقد روي أنه رأى في منامه أنه بنى سبعين درجة فلما بلغ آخرها تهوّرت فنظر في عمره فإذا هو قد بلغ سبعين سنة؛ فمات في تلك السنة.
وروي أنّ عمر بن عبد العزيز لما بلغه موته استرجع، وصفق بإحدى يديه عَلَى الأخرى، وَقَال: (ثُلمة والله فِي الإسلام).
روى خارجة عن أبيه وأمّه وعن أسامة بن زيد، وسهل بن سعد الساعدي، وعبد الرحمن بن أبي عمرة، وأمّ العلاء الأنصارية.
وروى عنه: ابنه سليمان، وابن شهاب الزهري، ومحمد الديباج، وأبو الزناد، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، وعبد الله بن كعب الحميري، وغيرهم.

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 02:02 AM

9: عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي(ت:101هـ)

الإمام العادل، والفقيه الفاضل، ومجدد الدين في المائة الأولى، ولد سنة 63هـ، وأمّه أمّ عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، تولى أبوه ولاية مصر في زمن أخيه عبد الملك بن مروان، وبعثَ ابنَه عمر إلى المدينة ليتأدّب بها، وكتب إلى صالح بن كيسان يتعاهده، وكان رجلاً حازماً؛ فانتفع بحزمه وتأديبه.
وسمع من عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ووعى عنه علماً كثيراً، وأخذ من سليمان بن يسار، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وغيرهم.
- قال ابن شوذب: دخل عمر بن عبد العزيز اصطبلا لأبيه فشجه فرسٌ لأبيه، فخرج والدماء تسيل على وجهه، فقال أبوه: «لعلك تكون أشجَّ بني أمية»رواه نعيم بن حماد في الفتن.
- وقال المبارك بن فضالة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، قال: كنت أسمع ابن عمر كثيرا يقول: (ليت شعري مَن هذا الذي من ولد عمر في وجهه علامة يملأ الأرض عدلا). رواه ابن سعد في الطبقات وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في دلائل النبوة.
- وقال عفان بن مسلم: حدثنا عثمان بن عبد الحميد بن لاحق، عن جويرية بن أسماء، عن نافع، قال: بلغنا أن عمر بن الخطاب، قال: «إن من ولدي رجلا بوجهه شين يلي، فيملأ الأرض عدلا.» قال نافع من قِبَلِه: ولا أحسبه إلا عمر بن عبد العزيز). رواه البيهقي في دلائل النبوة.
- تولى إمارة المدينة سنة 87هـ، وهو ابن خمس وعشرين سنة، وذلك في خلافة الوليد بن عبد الملك، فولّى على قضاء المدينة أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري.
وجمع عشرة من كبار فقهاء المدينة فجعلهم من خاصته وقال لهم: (إني دعوتكم لأمر تؤجرون عليه، وتكونون فيه أعواناً على الحق، ما أريد أن أقطع أمرا إلا برأيكم أو برأي من حضر منكم؛ فإن رأيتم أحداً يتعدى أو بلغكم عن عامل لي ظلامة؛ فأحرّج بالله على أحد بلغه ذلك إلا أبلغني). والخبر في طبقات ابن سعد من طريق الواقدي عن ابن أبي الزناد عن أبيه.
وتقريبه للفقهاء وأهل العلم والفضل وصدوره عن رأيهم أمر ظاهر، وهو من أسباب توفيقه وتفقهه في الأحكام والأقضية، وقد اجتمع له بالمدينة أعلم الناس بأقضية النبي صلى الله عليه وسلم وأقضية أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت وغيرهم من فقهاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي إمارته للمدينة أمره الوليد بن عبد الملك أن يوسّع المسجد النبوي من جهاته الأربع، وأن يعطي أصحاب الحقوق ثمن الزيادات شاءوا أو أبوا.
وعُزل من إمارة المدينة سنة 93ه واستُقدم إلى الشام فأقام بها وكان من جلساء الخليفة، ثم إن الوليد بدا له أن يعزل سليمان بن عبد الملك عن ولاية العهد، ويعهد لابنه عبد العزيز بن الوليد؛ فأبى عمر وقال: لسليمان بيعة في أعناقنا، فضيّق عليه الوليد، وحبسه في بيتٍ حتى كاد أن يهلك ثم فرّج الله عنه.
وكان عمر عضداً للخليفة سليمان بن عبد الملك، ثم تولى الخلافة بعده سنة 99هـ، وهو ابن ستة وثلاثين، فأقام العدل، وردّ المظالم، فبدأ بأهل بيته ومظالم بني أميّة، ووضع المكوس عن الناس، وولّى على الأمصار الأخيارَ من أهل العلم والرأي والتدبير، ففشا الخير، وصلح أمر الرعية، واستيسر الناس، ودامت خلافته تسعة وعشرين شهراً، ومات وهو ابن تسعة وثلاثين لم يبلغ الأربعين.
- قال ابن وهب: حدثني ابن زيد، عن عمر بن أسيد قال: (والله ما مات عمر بن عبد العزيز حتى جعل الرجل يجيء بالمال العظيم، فيقول: اجعلوا هذا حيث ترون، فما يبرح حتى يرجع بماله كله، قد أغنى عمر الناس).
- وقال وهب بن مأنوس: سمعت سعيد بن جبير، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: ما رأيت أحداً أشبه صلاةً بصلاةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى، يعني عمر بن عبد العزيز فحزرنا «في ركوعه عشر تسبيحات، وفي سجوده عشر تسبيحات» رواه أبو داوود والنسائي.
- وقال عثمان بن يزدويه: خرجت إلى المدينة مع عمر بن يزيد، وعمر بن عبد العزيز عامل عليها قبل أن يُستخلف، قال: فسمعت أنس بن مالك وكان به وضح شديد، قال: وكان عمر يصلي بنا، فقال أنس: «ما رأيت أحدا أشبه صلاة بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى، كان يخفف في تمام» رواه أحمد.
- وقال الضحاك بن عثمان، عن يحيى بن سعيد، أو عن شريك بن أبي نمر لا يدري أيهما حدثه عن أنس بن مالك قال: ("ما صليت وراء أحد أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى"، يعني عمر بن عبد العزيز).
قال الضحاك: فكنت أصلي وراءه فيطيل الأولتين من الظهر , ويخفف الآخرتين , ويخف العصر , ويقرأ في المغرب بقصار المفصل , ويقرأ في العشاء بوسط المفصل , ويقرأ في الصبح بطوال المفصل). رواه ابن سعد.
- وقال جرير بن حازم: حدثنا المغيرة بن حكيم، قالت لي فاطمة ابنة عبد الملك امرأة عمر بن عبد العزيز: (يا مغيرة إنه يكون في الناس من هو أكثر صلاة وصياما من عمر، وما رأيت أحدا قط أشدَّ فَرَقا من ربّه عز وجل من عمر، كان إذا صلى العشاء قعد في مسجده ثم رفع يديه فلم يزل يبكي حتى تغلبه عيناه ثم ينتبه فلم يزل رافعا يديه يبكي حتى تغلبه عيناه). رواه ابن سعد والفسوي.
روى عن: أنس بن مالك، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب، ويوسف بن عبد الله بن سلام، وخولة بنت حكيم، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، والربيع بن سبرة الجهني، وإبراهيم بن ميسرة.
وروى عنه: ابنه عبد العزيز، وابن شهاب الزهري، ومحمد بن كعب القرظي، وأبو عمرو الأوزاعي، وميمون بن مهران، وعبد الله بن موهب، وهشام بن عروة، وأبو الزناد،

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 02:02 AM

10: عطاء بن يسار المدني (ت:103هـ)

مولى أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث، وهو أخو سليمان بن يسار، ولد سنة 19هـ، وتفقّه بجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى كان من الفقهاء المعدودين في المدينة النبوية، وكان عابداً واعظاً فصيحاً صاحب قصص وأخبار، شديد اللزوم لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- قال ابن وهب: حدثني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: كان أبو حازم يقول: ما رأيت رجلا ً كان ألزمَ لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من عطاء بن يسار.
- وقال عبيد الله بن عمر القواريري: أخبرنا يوسف بن يزيد عن موسى بن دهقان قال: (رأيت عطاء بن يسار يقصّ في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم غدوة وعشية، ورأيت القاسم وسالماً يجلسان إليه).رواه ابن عساكر.
- وقال يحيى بن سعيد: قال هشام بن عروة: (ما رأيت قاصا خيرا من عطاء بن يسار). رواه البخاري في التاريخ الكبير وابن أبي خيثمة في تاريخه.
- وقال سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال: (لم نر شيئا إلى شيء أزين من حلم إلى علم). رواه ابن عساكر.
- وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه قال: (كان عطاء بن يسار يقص علينا حتى نبكي، ثم يحدّثنا بالمُلَحِ حتى نضحك، ثم يقول: مرة كذا ومرة كذا). رواه ابن عساكر.
- وقال ابن حبان: (كان يقيم بالمدينة مدة وبالشام مدة وحديثه عند أهل المِصْرَينِ معاً، فكان أهل الشام يكنونه بعبد الله وأهل مصر يَكْنُونه بيسار).
اختلف في سنة وفاته فقيل سنة 94هـ، وقيل: 98هـ، والأرجح ما ذكره ابن حبان أنه توفي بالإسكندرية سنة 103هـ.
- قال يونس بن عبد الأعلى المصري: أخبرنا عبد الله بن وهب، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه قال: لو قيل لي من أحب الناس أن يُحيا لك ممن أدركت؟
لقلت: عطاء بن يسار.
وقال زيد: (وما رأيتُ أحداً كان أحسن رؤيا منه؛ قال لي: "يا أبا أسامة إني رأيت في المنام كأنه قيل: لي إنا جابذوك ثلاث جَبَذات، وجاعلوك في الغرفة العليا من الجنة).
قال: (فأخذته الخاصرة بالإسكندرية مرة، ثم أخذته أخرى، ثم أخذته الثالثة؛ فمات فيها). رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ وابن عساكر في تاريخه.

رويت عنه أقوال في التفسير.
روى عن: ميمونة، وعائشة، وعن ابن مسعود، وأبي الدرداء، وعبادة بن الصامت، وأبي هريرة، وزيد بن ثابت، ابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وأسامة بن زيد، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبي الدرداء، ورفاعة بن عرابة الجهني، وعمر بن الحكم رضي الله عنهم.
وأرسل عن معاذ بن جبل وأبيّ بن كعب.
وروى عنه: زيد بن أسلم، وموسى بن عقبة، ومحمد بن المنكدر، وسعد بن إبراهيم، وأبو صالح السمان، وصفوان بن سليم، وهلال بن أسامة، وهلال بن علي، وعبد الله بن قسيط، وشريك بن عبد الله بن أبي نمر، ومحمد بن أبي حرملة، وعبد الله بن لهيعة.

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 02:03 AM

11: أبو سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري(ت:104هـ)

غلبت كنيته على اسمه، حتى قيل إن اسمه كنيته، ولد سنة 21هـ من أمّ كَلْبية، قيل إنها أوّل كلبية تزوجها قرشي، ونشأ بالمدينة نشأة صالحة، وعني بطلب العلم والتفقّه في الدين؛ فحفظ عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً كثيراً، وكان وهو صغير يَسأل مسائلَ الكبار ويتحفّظها.
- قال أبو النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: سألتُ عائشة: ما يوجب الغسل؟
فقالت: «أتدري ما مثلك يا أبا سلمة؟ مثل الفَرُّوج يسمع الديكة تصرخ فيصرخ معها، إذا جاوز الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل» رواه مالك في الموطأ وعبد الرزاق في مصنفه.
ورويت هذه الكلمة عن عائشة في سياق آخر من غير إسناد، وهذا السياق أثبت وأشبه.
ودأب في طلب العلم وحفظ الحديث حتى وعى علماً كثيراً.
- قال عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن الزهري قال: (أدركت بحورا أربعة: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله، وأبا سلمة بن عبد الرحمن).
ولي أبو سلمةَ القضاءَ بالمدينة سنة 48هـ ولمّا يبلغ الثلاثين من عمره، وذلك في إمارة سعيد بن العاص إلى أن عُزل سعيد سنة 54هـ.
وكان يسائل ابنَ عباس ويماريه فحُرم بذلك كثيراً من علم ابن عباس.
قال الزهري: (وكان أبو سلمة يماري ابنَ عباس؛ فحُرِمَ بذلك علماً كثيراً). رواه البخاري في التاريخ الكبير والفسوي في المعرفة وابن عساكر في تاريخه.
ثم إنه ندم على ذلك، وقال: «لو رفقتُ بابن عباس لأصبتُ منه علما كثيرا» رواه الدارمي من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري عنه.
وكان ثقة كثير الحديث، صبيح الوجه، حريصاً على نشر العلم.
- قال محمد بن إسحاق: (رأيت أبا سلمة بن عبد الرحمن يأخذ بيد الصبي من الكُتَّاب؛ فيذهب به إلى البيت فيملي عليه الحديث ويكتب له). رواه الخطيب البغدادي وابن عساكر في تاريخيهما.
- وقال محمد بن أحمد المقدمي: حدثنا أبي قال: سُئل علي بن المديني وأنا حاضر عن أعلى أصحاب أبي هريرة فبدأ بسعيد بن المسيب، ثم قال: وبعد: أبو سلمة بن عبد الرحمن، وأبو صالح السمان، وابن سيرين). رواه ابن عساكر.
اختلف في سنة وفاته:
- فقال الهيثم بن عدي وابن سعد ويحيى بن معين: توفي سنة 94 وهي سنة الفقهاء.
- وقال ابن بكير والفلاس وابن حبان: توفي سنة 104هـ
رويت عنه أقوال في التفسير.
روى عن: أبي هريرة فأكثر، وعن عائشة، وزيد بن ثابت، وجابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري، وفاطمة بنت قيس، وغيرهم.
وأرسل عن أبيه وعن طلحة بن عبيد الله وأبيّ بن كعب وعبادة بن الصامت.
وروى عنه: ابن شهاب الزهري، ويحيى بن أبي كثير، وأبو حازم سلمة بن دينار، وابنه عمر وفيه ضعف وابن أخيه سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وجعفر بن ربيعة بن شرحبيل بن حسنة، ومحمد بن إبراهيم التيمي، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، وإسماعيل بن أبي خالد، وداوود بن صالح التمّار، والأسود بن العلاء الثقفي، وعبد الله بن فيروز الداناج، ومحمد بن طحلاء مولى أم سلمة، وعبد الملك بن عمير، والحارث بن عبد الرحمن القرشي خال ابن أبي ذئب، وأبو صخر حميد بن زياد الخراط، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وغيرهم.

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 02:03 AM

12: عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الخزرجية الأنصارية (ت: 106هـ)

جدّها سعد بن زرارة أخو أسعد بن زرارة رأس النقباء ليلة العقبة، وهو الذي نزل عنده مصعب بن عمير أوّل ما قدم المدينة، وتوفي أسعد بعد تسعة أشهر من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان نقيب بني النجار، وهو أوّل من دُفن بالبقيع من الأنصار، وأوصى ببناته إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهنّ كبشة وحبيبة والفارعة فنشأن في بيوت النبي صلى الله عليه وسلم.
وسعد بن زرارة - جدّ عمرة – ذكره بعضهم في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رويت عنه أحاديث قليلة، وأما عبد الرحمن فمختلف في صحبته، وقد وُلدت عمرة في خلافة عثمان بن عفان سنة 29هـ.
- قَال نوح بن حبيب القومسي: (من قال: عمرة بنت عبد الرحمن بن أَسْعَدَ بنِ زرارة؛ فقد أخطأ إنما هم ولد سعد بن زرارة، وهو أخو أسعد، فأما أسعد فلم يكن له عقب، وإنما غلط الناس فيه، لأن المشهور هو أسعد، وإنما الولد لسعد، سمعت ذلك من علي ابن المديني، ومن الذين يعرفون نسب الأنصار). ذكره أبو الحجاج المزي.
نشأت عمرة في بيوت النبي صلى الله عليه وسلم وكانت في حجر عائشة؛ فوعت علماً كثيراً مباركاً حتى كانت من أعلم أهل زمانها، واحتاج الناس إلى علمها.
- وقال ابن وهب: حدثني ابن لهيعة أن عمارة بن غزية حدثه أن ابن شهاب حدثه قال: قال القاسم بن محمد: (إن كنتَ تريد حديث عائشة فعليك بعمرة بنت عبد الرحمن فإنها من أعلم الناس بحديث عائشة، كانت في حجرها). رواه الفسوي في المعرفة.
- وذكر الذهبي هذا الخبر في تاريخ الإسلام من طريق أيوب بن سويد عن يونس عن الزهري قال: قال لي القاسم بن محمد: يا غلام، أراك تحرص على طلب العلم، أفلا أدلك على وعائه؟
قلت: بلى.
قال: عليك بعَمْرة فإنها كانت في حجر عائشة.
قال: (فأتيتها فوجدتها بحرا لا ينزف).
- وقال عبد الرحمن بن مهدي: أخبرنا شعبة، عن محمد بن عبد الرحمن، قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: (ما بقي أحد أعلم بحديث عائشة منها، يعني: عمرة).
قال: (وكان عمر -يعني: ابن عبد العزيز- يسألها). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن دينار قال: «كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن محمد بن حزم أن انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سنة ماضية أو حديث عمرة فاكتبه فإني خشيت دروس العلم وذهاب أهله». رواه ابن سعد.
- وقال المقدمي في تاريخه: قال لي أبي: سمعت علي بن المديني وذكر عمرة بنت عبد الرحمن ففخّمَ من أمرها وقال: (عمرة أحدُ الثقات العلماء بعائشة الأثبات فيها).
- وقال أحمد بن حنبل: سمعت سفيان بن عيينة يقول: (كانوا يسألونها عن البيوع -يعني عمرة-).
اختلف في سنة وفاتها، فقيل سنة 98هـ، وقيل: سنة 106هـ ولها 77 سنة، والأظهر أنها كانت حية في خلافة عمر بن عبد العزيز.
روت عمرة عن عائشة فأكثرت وأطابت، وروت عن أمّ سلمة، ورافع بن خديج، وأم هشام بنت حارثة بن النعمان وقيل: إنها أختها لأمها وهو وهم، أم هشام صحابية مذكورة في المبايعات، ولها أخت اسمها عمرة، فاشتبه ذلك على بعض الرواة.
وروى عن عمرة: ابنُها أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حارثة بن النعمان النجاري الأنصاري، وإنما سمي بأبي الرجال لأنه كان له عشرة أبناء، وكان أبو الرجال ثقة كثير الحديث، وابنه حارثة، وابن أختها أبو بكر بن محمد ابن حزم، وابنه عبد الله، وابن شهاب، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وسليمان بن يسار، وغيرهم.

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 02:04 AM

13: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي(ت:106هـ)

الفقيه الزاهد الوَرِع، أحد الفقهاء السبعة الذين انتهت إليهم الفتوى في زمانهم، وكان ثقة جليل القدر، حسن الرأي، يستشيره أمراء المدينة في زمانه ويستفتونه.
وكان على ذلك حسن
السَّحْنة، قويّ الجسم، كريم الخلق، محبوباً، يتَّجر في الأسواق، ويأكل من كسب يده.
سماه أبوه سالماً على اسم سالم مولى أبي حذيفة، وروي أنه أباه كان شديد المحبة له حتى ليم في ذلك.
- قال علي بن زيد ابن جدعان عن سعيد بن المسيب قال: قال لي عبد الله بن عمر: أتدري لم سميت ابني سالما؟
قال: قلت: لا.
قال: (باسم سالم مولى أبي حذيفة). رواه ابن عساكر.
- وقال محمد بن حرب المكي: سمعت خالد بن أبي بكر يقول: بلغني أن عبد الله بن عمر كان يُلام في حبّ سالم، وكان يقول:
يلومونني في سالم وألومهم ... وَجِلْدَة بين العين والأنف سالم). رواه ابن سعد، والبيت لزهير تمثّل به.
- وقال عبد الرحمن بن مهدي: حدثنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: (كان أشبه ولد عمر بن الخطاب به: عبد الله، وأشبه ولد عبد الله به: سالم). رواه ابن أبي خيثمة وابن عساكر.
- وقال أشهب عن مالك بن أنس قال: (لم يكن أحد في زمان سالم بن عبد الله أشبه بمن مضى من الصالحين في الزهد والقصد في العيش منه، كان يلبس الثوب بدرهمين ويشتري الشمال فيحملها). رواه أبو داوود في الزهد، والفسوي في المعرفة والتاريخ.
الشِّمَال جمع شَملة، وهي كساء من صوف أو شَعر يُشتمل به.
- وقال سلمة بن الفضل الأبرش: حدثني محمد بن إسحاق، قال: (رأيت سالم بن عبد الله يلبس الصوف، وكان عِلْج الخلقِ، يعالج بيديه ويعمل). رواه ابن عساكر.
- وقال جعفر بن سليمان: حدثنا أبو يحيى عمرو بن دينار، قال: (كنت مع سالم بن عبد الله ونحن نريد الصلاة؛ فنظر إلى السوق وقد خمروا متاعهم، وقاموا إلى الصلاة؛ فتلا سالم: {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} قال: هم هؤلاء). رواه ابن أبي الدنيا في "إصلاح المال" وابن جرير في تفسيره، وابن أبي حاتم في تفسيره.
- وقال عبد الله بن المبارك: (كان فقهاء أهل المدينة الذين كانوا يصدرون عن رأيهم سبعة: سعيد المسيب، وسليمان بن يسار، وسالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وخارجة بن زيد).
قال: (وكانوا إذا جاءتهم المسألة دخلوا فيها جميعاً فنظروا فيها، ولا يقضي القاضي حتى يرفع إليهم فينظرون فيها فيصدرون). رواه ابن عساكر.
- وقال حماد بن زيد، عن عبيد الله بن عمر بن حفص قال: (كان سالم لا يفسّر). رواه ابن سعد.
- وقال حماد بن زيد أيضاً: حدثنا عُبيد الله بن عمر، قال: لقد أدركت فقهاء المدينة، وإنهم ليغلّظون القول في التفسير منهم: سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيَّب، ونافع). رواه ابن جرير في تفسيره.
- وقال موسى بن مسعود: أخبرنا عكرمة بن عمار قال: (رأيت سالماً لا يشهد قاصّ جماعة ولا غيره). رواه ابن سعد.
- وقال مالك بن أنس: قال سليمان بن عبد الملك لسالم بن عبد الله ورآه حسن السحنة: أي شيء تأكل؟
فقال: الخبز والزيت، وإذا وجدت اللحم أكلته.
فقال له: أوَتشتهيه؟
فقال: (إذا لم أشتهه تركته حتى أشتهيه).رواه أبو داوود في كتاب الزهد.
- وقال الحميدي: سمعت سفيان بن عيينة يقول: دخل هشام بن عبد الملك الكعبةَ فإذا هو بسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب فقال له: يا سالم سلني حاجة.
فقال: إنني أستحيي من الله تبارك وتعالى أن أسأل في بيت الله غيرَ الله.
فلما خرجَ خرجَ في إثره فقال له: الآن قد خرجت؛ فسلني حاجة.
فقال له سالم: من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة؟
فقال: من حوائج الدنيا.
قال له سالم: (أما والله ما سألت الدنيا من يملكها؛ فكيف أسأل من لا يملكها). رواه ابن عساكر.
- وقال عيسى بن سالم: أخبرنا أبو المليح عن ميمون بن مهران قال: دخلت على ابن عمر فقوَّمتُ كلَّ شيءٍ في بيته؛ فما وجدته يسوى مائة درهم، قال: ثم دخلت مرة أخرى فما وجدت ما سوى ثمن طيلسان.
قال: (ودخلت على سالم من بعده فوجدته على مثل حاله). رواه ابن عساكر.
- وقال عبد الله بن المبارك: أخبرنا حنظلة بن أبي سفيان، قال: «رأيت سالم بن عبد الله عليه إزار ثمن أربعة، وقميص ثمن خمسة، وهو موسر» رواه ابن أبي الدنيا في "إصلاح المال".
- وقال هشيم بن بشير: أنبأنا الفضل بن عطية قال: «جلست إلى سالم بن عبد الله فقومت ثيابه ونعليه ثلاثة عشر درهما أو خمسة عشر درهما» رواه أحمد في الزهد.
وكان سالم كثير الحجّ، روى عنه أنه قال: (لو لم أجد للحج إلا حماراً أبتر لحججت عليه).
- وقال أسامة بن زيد، عن أبي حازم، عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: (رأيت في المنام كأن ثمانية أبواب الجنة فتحت إلا بابا واحدا؛ فقلت: ما شأن هذا الباب؟
فقيل: هذا باب الجهاد ولم تجاهد؛ فأصبحت وأنا أشتري الظَّهْر). رواه ابن أبي الدنيا في صفة الجنة.
الظَّهْر الدابة التي يُركَب على ظهرها للغزو أو غيره.
- وقال إبراهيم بن أبي عليّة: رأيت سالم بن عبد الله ومحمد بن عبد العزيز يتسايران بأرض الروم؛ فأبالَ أحدُهما دابَّته فأمسك عليه الآخر حتى لحقه). رواه ابن حبّان في روضة العقلاء.
فلعلّ غزوَه كان بعد تلك الرؤيا.
توفي سالم بالمدينة، وصلى عليه هشام بن عبد الملك، وكان قد حجّ تلك السنة ثم قدم المدينة، فوافق موت سالم بن عبد الله.
وشيّع جنازته خلق كثير حتى تعجّب هشام من كثرتهم، وما كان يظنّ أنّ بالمدينة كلّ هذا العدد؛ ففرض على أهل المدينة بعث أربعة آلاف رجل في الغزو.
- وقال حماد بن سلمة: حدثنا حميد الطويل، قال: (صلينا على سالم بن عبد الله عند مسجد النبي صلى الله عليه وسلم). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال عبد الله بن شوذب: حجَّ هشام بن عبد الملك سنة ست ومائة فمرَّ بالمدينة؛ فعاد سالم بن عبد الله بن عمر، وكان مريضا، ثم انصرف؛ فوجده حين مات فصلَّى عليه، ومات سنة ست ومائة). رواه ابن عساكر.
وكان القاسم بن محمد بن أبي بكر صديقاً لسالم؛ فلما مات سالم حزن عليه القاسم حزناً شديداً.
- وقال الهيثم بن عدي، عن عبد الرحمن بن محمد، عن عبد الرحمن بن القاسم قال: كان أبي لا يدخل منزله إلا تأوَّه؛ فقلت: يا أبة إنك لتصنع شيئا ما كنت تصنعه، ولا كنتُ أسمعه منك، وما أخرج ذلك منك إلا جوى.
قال: (أي بُني ما انتفعتُ بنفسي مذْ مات سالم). رواه ابن عساكر.

روى سالم عن أبيه فأكثر، وعن عمّته حفصة بنت عمر، وعن أبي هريرة، ورافع بن خديج، وأبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهم.
ذكره أبو عبيد في قرّاء التابعين بالمدينة، وله مرويّات في التفسير عن أبيه وعن غيره.
ورويت عنه بعض مسائل أصحابه في أحكام القرآن ونزوله، والمرويّ عنه في التفسير سوى ذلك قليل جداً.
وروى عنه: ابن أخيه القاسم بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، وابن شهاب الزهري، وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وأبو قلابة الجرمي، ومقاتل بن حيان، وعبد العزيز بن أبي رواد، وعمرو بن دينار، وموسى بن عقبة، وأيوب السختياني، وحنظلة بن أبي سفيان، والحسين بن عثمان المزني، وطارق بن عبد الرحمن، والضحاك بن عثمان، وسالم بن رزين الأحمري، وعبد الله بن يزيد الأزدي، والوازع بن نافع، وغيرهم.

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 02:04 AM

14: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (ت:108هـ)

أحد الفقهاء السبعة، بل كان مقدَّماً فيهم، ولد في آخر خلافة عثمان أو أوّل خلافة علي رضي الله عنهما، ونشأ في حجر عمّته عائشة رضي الله عنها، فأخذ من علمها وأدبها، ونشأ نشأة صالحة مباركة، وكان صاحب وَرَع وزهد، وافر العقل حادّ الذهن، كثير الصمت، لا يتكلّف ولا يُماري، وكان على سعة علمه يتوقّى الكلام في التفسير، ويتثبت في الفتوى، وقد رويت عنه مسائل في كتب التفسير أكثرها مما له صلة بأحكام القرآن، وما حفظه أصحابه مما استفتي فيه، وما رواه عن عائشة وابن عباس وأبي هريرة في التفسير.
- قال حماد بن زيد، حدثنا عُبيد الله بن عمر، قال: (لقد أدركت فقهاء المدينة، وإنهم ليغلظون القول في التفسير منهم: سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيَّب، ونافع). رواه ابن جرير.
- وقال حماد بن زيد، عن عبيد الله بن عمر قال: (كان القاسم لا يفسر يعني: القرآن). رواه ابن سعد.
- وقال عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عبد الواحد بن أبي عون، عن موسى بن مناح، قال: (كان القاسم رجلا صموتا فلما ولي عمر بن عبد العزيز، قال: اليوم تنطق العذراء في خدرها). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد قال: (لأن يعيش الرجل جاهلا بعد أن يعلم ما افترض الله عليه خير له من أن يقول ما لا يعلم). رواه ابن سعد.
- وقال الليث بن سعد عن يحي بن سعيد عن القاسم بن محمد أنه قال: (يا أهل العراق إنا والله لا نعلم كثيرا مما تسألونا عنه، ولئن يعيش الرجل جاهلا إلا أنه يعلم ما فرض الله عز وجل عليه خير له من أن يقول على الله عز وجل ورسوله ما لا يعلم). رواه الفسوي.
- وقال عبد الله بن شوذب، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، قال: (ما أدركنا أحدا بالمدينة نفضله على القاسم بن محمد). رواه الفسوي وابن أبي خيثمة.
- وقال عبد الله بن المبارك: سمعت سفيان يقول: (لم يكن أحد أعلم بحديث عائشة من عروة وعمرة). رواه ابن عساكر.
- وقال محمد بن عبد الله الأنصاري: حدثنا ابن عون قال: (كان القاسم بن محمد وابن سيرين ورجاء بن حيوة يحدثون بالحديث على حروفه، وكان الحسن وإبراهيم والشعبي يحدثون بالمعاني). رواه ابن أبي خيثمة وابن عساكر، ورواه ابن سعد مختصراً.
- وقال عبد الرحمن بن أبي الموالي: رأيت القاسم بن محمد يأتي المسجد أول النهار؛ فيصلي ركعتين، ثم يجلس بين الناس؛ فيسألونه). رواه ابن سعد وابن أبي خيثمة.
- وقال عبد الله بن وهب: أخبرني أفلح بن حميد الأنصاري، عن القاسم، قال: (لقد نفع الله الناس باختلاف أصحاب النبي عليه السلام، لا يعمل العامل بعمل رجل منهم إلا رأى أنه سعة، ورأى أن خيرا منه قد عمله). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال قبيصة بن عقبة: حدثنا أفلح بن حميد، عن القاسم بن محمد قال: (كان اختلاف أصحاب رسول الله رحمة للناس). رواه ابن سعد.

- وقال حماد بن زيد عن ابن عون قال: كنا عند القاسم بن محمد جلوساً؛ فقيل له كان بين قتادة وبين أبي بكر كلام في الولدان، قال: فتكلم ربيعةُ وكان رجلاً له منطق؛ فلما فرغ ربيعة، قال القاسم: (إذا انتهى الله إلى شئ فانتهوا عنده). رواه ابن عساكر.

رويت عنه وصايا نافعة وأخبار تدلّ على فقهه وزهده وورعه:
- قال خالد بن خداش: حدثنا مالك بن أنس، قال: كان القاسم بن محمد رجلا عاقلا، وكان ابنه يحدث عنه: (إن الذنوب لاحقة بأهلها). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال عمير بن مرداس: حدثنا مصعب بن عبد الله عن أبيه عن جده قال: قال القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق: (إن من أعظم الذنب أن يستخف المرء بذنبه). رواه ابن عساكر.
- وقال محمد بن عبد الله البكري: حدثنا أبي قال: قال القاسم بن محمد: (قد جعل الله في الصديقِ البارّ عوضاً من الرَّحِمِ المُدْبِرَة). رواه ابن عساكر.
- وقال ابن وهب: (حدثني مالك أن محمد بن سيرين قد ثَقل وتخلَّف عن الحج، فكان يأمر من يحج أن ينظر إلى هدي القاسم ولَبوسه وناحيته؛ فيبلّغوه ذلك؛ فيقتدي بالقاسم). رواه الفسوي وابن عساكر.
- وقال ابن وهب: حين التقى القاسم وعمر، وكان عمر يومئذ على المدينة؛ فقال عمر للقاسم: (إن معنا فُضولا من طعام ومتاع فخذ ذلك).
فقال القاسم: (إني لا أرزأ أحداً شيئا).
فقلت لمالك: أكان عمر يومئذ أميرا؟
قال: نعم). رواه الفسوي.
وقد روى ابن عساكر خبر لقيّهما وأنّ عمر بن عبد العزيز كان قافلاً من العمرة أو الحج، والقاسم كان خارجاً يريد العمرة؛ فعرض عليه عمر فضولاً من الظهر والطعام يستعين بها في سفره فاعتذر له من قبولها.

وكان عمر بن عبد العزيز يراه أهلاً للخلافة، لولا أنّه قد أُخِذ عليه العهد ليزيد بن عبد الملك.
- قال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن الضحاك الحزامي، عن أبيه قال: قال عمر بن عبد العزيز: لو كان إليَّ أن أعهد ما عدوتُ أحد رجلين: صاحب الأعوص، يعني إسماعيل بن أمية، وكان خيارا، أو أعيمش بني تيم، يعني القاسم). رواه ابن عساكر.
- وقال ابن وهب: حدثني مالك أن عمر بن عبد العزيز قال: (لو كان لي من الأمر شيء لوليت القاسمَ الخلافة). رواه الفسوي في المعرفة.
يقال: ذهب بصره في آخر حياته، وكان به عمَشٌ في خلافة عمر بن عبد العزيز، ومات بعده، في قُديد بين مكة والمدينة، واختلف في سنة وفاته على أقوال:
فقيل: سنة 102هـ، وقيل: سنة 106هـ، وقيل: سنة 108هـ، وهو قول الفلاس ويحيى بن معين وابن زبر الربعي ورواية عن علي بن المديني وغيرهم؛ فيكون موته في خلافة هشام بن عبد الملك، وقيل: إن موته كان في خلافة يزيد وقد توفي يزيد سنة 105هـ.
وأرجح الأقوال أنه توفي سنة 108هـ، فإنه كان حياً لما عُزل عبد الواحد النصري عن المدينة عن إمارة المدينة سنة 106هـ، وروي أنه توجَّع لعزله وجزع، وكان عبد الواحد رجلاً صالحاً محبوباً، وهو ابن عبد الله بن بسر رضي الله عنه.
- وقال مصعب بن عبد الله: (بلغني عن القاسم بن محمد أنه سئل عن شيء؛ فقال: "ما زلتُ أحبّه حتى بلغني أنَّ الأمير يكرهه"، والأمير إذا ذاك عبد الواحد النصري). رواه ابن عساكر.
- وقال عبد الله بن مسلمة القعنبي: أخبرنا محمد بن صالح، عن سليمان بن عبد الرحمن قال: مات القاسم بن محمد بقُديد، فقال: (كفّنوني في ثيابي التي كنت أصلي فيها: قميصي وإزاري وردائي).
فقال ابنه: يا أبت، لا تريد ثوبين؟
فقال: (يا بني هكذا كُفّن أبو بكر في ثلاثة أثواب، والحيُّ أحوج إلى الجديد من الميت). رواه ابن سعد.
- وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثنا الوليد بن شجاع، حدثنا ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة قال: مات القاسم بن محمد بين مكة والمدينة حاجاً أو معتمراً؛ فقال لابنه: سُنَّ علي الترابَ سَنّا وسوِّ عليَّ قبري، والحق بأهلك، وإيَّاك أن تقول: كان وكان). رواه ابن عساكر.

روى القاسم عن عائشة فأكثر، وعن أبي هريرة وابن عباس وابن عمر، وصالح بن خوات بن جبير، وغيرهم.
وأرسل عن عمر وابن مسعود.
وروى عنه: عبيد الله بن عمر العمري، وابن شهاب الزهري، وابن أبي مليكة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأبو الزناد، وأفلح بن حميد، وأيوب السختياني، وشيبة بن نصاح، وعبد الله بن عون، وداوود بن الحصين، وعباد بن منصور الناجي، ومحمد بن إسحاق بن يسار، ويزيد بن بكر الليثي، وأسامة بن زيد بن أسلم، والحضرمي بن لاحق، وغيرهم.

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 02:04 AM

15: أبو أيّوب سليمان بن يسار المدني (ت:107هـ)

مولى أمّ المؤمنين ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية رضي الله عنها، ولد في آخر خلافة عثمان .
- قال مصعب بن عبد الله الزبيري: (سليمان بن يسار كان مقدما في الفقه والعلم، وكان نظير سعيد بن المسيب، وكان مكاتبا لميمونة بنت الحارث بن حزن، زوجة رسول الله فأدى وعتق، ووهبت ميمونة ولاءَه لعبد الله بن عباس، وهي خالة عبد الله بن عباس). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال يزيد بن هارون: حدثنا عمرو بن ميمون بن مهران قال: حدثني سليمان بن يسار قال: استأذنتُ على عائشة؛ فعرفت صوتي؛ فقالت: أسليمان؟
قلت: سليمان.
قالت: أدَّيتَ ما قاضيتَ عليه أو قاطعت عليه؟
قلتُ: بلى لم يبق إلا يسير.
قالت: (ادخل فإنك مملوك ما بقي عليك شيء). رواه ابن سعد.
- وقال مصعب بن عبد الله: (سليمان بن يسار، وعطاء بن يسار، وعبد الله، وعبد الملك بنو يسار، كلهم يؤخذ عنه العلم، موالي ميمونة زوج النبي عليه السلام).رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال مصعب بن عثمان: (كان سليمان بن يسار من أحسنِ الناس وجهاً فدخلت عليه امرأة تستفتيه فسامته نفسه؛ فامتنع عليها وذكَّرها؛ فقالت له: لئن لم تفعل لأشهرنك ولأصيحنَّ بك).
قال: (فخرج وتركها في بيته؛ فرأى في منامه يوسف النبي عليه السلام؛ فقال له: أنت يوسف). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال ابن وهب: حدثنا مالك قال: (كان سليمان بن يسار من أعلم هذه البلدة بالسنن، وكان من علماء الناس، وكان يقول في مجلسه فإذا كثر فيه الكلام وسمع اللغط أخذ نعليه ثم قام عنهم).
فقلت لمالك: وهو في مجلسه؟
قال: نعم.
قال: (وكان ابن المسيب رجلاً شديدا يحصب الناس بالحصى). رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ وأبو زرعة الدمشقي.
- وقال سفيان بن عيينة: حدثنا عمرو بن دينار قال: أخبرني الحسن بن محمد قال: سليمان بن يسار أفْهَمُ عندنا من سعيد بن المسيب، ولم يقل أفقه). رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ وابن سعد في الطبقات.
ورواه البخاري في التاريخ الكبير بلفظ: (سليمان بن يسار أقيس عندنا من سعيد بن المسيب ولم يقل: أعلم ولا أفقه).
والحسن بن محمد هو ابن علي بن أبي طالب، قال ابن حبان: (كان من أعلم الناس بالاختلاف).
- وقال ابن بكير: حدثني الليث عن يزيد بن أبي حبيب أن رجلا سأل سعيد بن المسيب عن شيء؛ فقال: سألتَ أحدا غيري؟
قال: نعم.
قال: من هو؟
قال: عطاء بن يسار.
قال: فما قال لك؟
قال: كذا وكذا.
قال: فاذهب إلى سليمان بن يسار فسله ثم أخبرني ما قال لك.
قال: فسأله، فقال: الأمر فيه كذا وكذا، وأخبرت ابن المسيب؛ فقال ابن المسيب: عطاء قاصّ، وسليمان مفتٍ).رواه الفسوي.
- وقال ابن شهاب الزهري: سمعت سليمان بن يسار، يقول: «كنا نجالس زيد بن ثابت أنا وسعيد بن المسيب، وقبيصة بن ذؤيب، ونجالس ابن عباس، فأما أبو هريرة فكان سعيد أعلمنا بمسنداته لصهره منه». رواه ابن سعد.
وكان سعيد بن المسيب زوج بنت أبي هريرة.
اختلف في سنة وفاته على أقوال، وأكثر العلماء بالوفيات على أنه مات سنة 107هـ، وهو ابن ثلاث وسبعين.
عدّه أبو عبيد من قرّاء التابعين بالمدينة، ورويت عنه مسائل في التفسير.
روى عن: مولاته ميمونة، وأمّ سلمة، وعن أبي هريرة، وجابر بن عبد الله، وزيد بن ثابت، وابن عمر، وابن عباس، ورافع بن خديج، وأبي سعيد الخدري، وغيرهم.
وروى عنه: ابن شهاب الزهري، وأبو الزناد، ومحمد بن المنكدر، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأيوب بن أبي تميمة السختياني، وقتادة، ونافع مولى ابن عمر، ويحيى بن أبي إسحاق، وخالد بن أبي عمران، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، وبكير بن عبد الله ابن الأشج، وصالح بن كيسان، وعبد الله بن دينار، وغيرهم.

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 10:52 PM

16: أبو حمزة محمد بن كعب بن سليم القرظي(ت:108هـ)

هو محمد بن كعب بن سليم بن القرظي، من ذريّة هارون بن عمران عليه السلام.
قال البخاري: (كان أبوه ممن لم ينبت يوم قريظة فتُرك).
ولد في آخر خلافة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وروى عن كعب بن عجرة، وأبي هريرة وابن عباس، وزيد بن أرقم، ومعاوية بن أبي سفيان، وفضالة بن عبيد، وابن عمر، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وغيرهم.
وأرسل عن: أبي ذر، وابن مسعود، وأبي الدرداء، والعباس بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، وغيرهم.
وقال يعقوب بن شيبة السدوسي: (يعد في الطبقة الثالثة ممن روى عن أبي هريرة، وأبي سعيد، وابن عمر، وابن عباس).
وقد رُوي في فضله حديث في إسناده ضعف، رواه أبو صخر حميد بن زياد، عن عبد الله بن معتّب بن أبي بردة الظفري، عن أبيه، عن جده، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( يخرج من الكاهنين رجل يدرس القرآن دراسة لا يدرسها أحد يكون بعده ))أخرجه أحمد، والطبراني في الكبير، والبيهقي في دلائل النبوة.

وكان عالماً بالسير والمغازي، إماماً في التفسير، بارعاً في الاستنباط، واستخراج الحجج من القرآن، وكان يقول: (كنتُ إذا سمعت حديثاً عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم التمسته في القرآن). رواه ابن المبارك في الزهد.

وكان مجتهداً في العبادة، يغلب عليه الخوف من الله والخشوع، متقللاً من الدنيا، زاهداً فيها.
حتى قال زيد بن أسلم: (ليتَ أنَّ محمد بن كعب القرظي يرفق قليلا، يخفّف عن نفسه). رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ.
وقال أبو كثير [المصري]: قالت أم محمد بن كعب القرظي لابنها: (يا بني! لولا أني أعرفك صغيراً طيباً، وكبيراً طيّباً، لظننت أنّك أذنبت ذنبا موبقا؛ لما أراك تصنع بنفسك في الليل والنهار.
قال: يا أمَّاه! وما يؤمنني أن يكون الله قد اطلع عليَّ وأنا في بعض ذنوبي؛ فمقتني، وقال: اذهب، لا أغفر لك.
مع أن عجائب القرآن ترد بي على أمور حتى إنه لينقضي الليل ولم أفرغ من حاجتي). رواه ابن أبي الدنيا في محاسبة النفس، وابن عساكر في تاريخه.
وقال عون بن عبد الله: (ما رأيت أعلم بتأويل القرآن من القرظي). رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ وأبو زرعة الدمشقي في تاريخه.

وكانت له مجالس في التفسير، ومواعظ حسنة، وكان متمسكاً بالسنّة، حذراً من مداخل الشيطان.
- قال أبو معشر المدني: (كان محمد بن كعب القرظي يقصّ ودموعه تجري على خديه؛ فإن سمع باكياً زجره، وقال: ما هذا؟). رواه ابن أبي الدنيا في الرقة والبكاء.
- وقال سعد بن زياد: (كان محمد بن كعب يجئ كل جمعة من قريته على ميلين من المدينة، ولا يكلم أحدا حتى يصلي العصر). رواه البخاري في التاريخ الكبير، وابن أبي خيثمة في تاريخه في خبر مناظرته لغيلان القدري، وعند ابن أبي خيثمة أنه قال بعدما قام غيلان: (قد كنتُ أغبط رجالاً بالقرآن، بلغني أنهم تحوَّلوا عن حالهم التي كانوا عليها؛ فإن أنكرتموني فلا تجالسوني لا تضلوا كما ضللت).
- وقال بكر بن مضر المصري عن محمد بن كعب القرظي أنه كان يقول: (إن بين أيديكم مرصدا، فخذوا له جوازه، ثم قرأ: {إن جهنم كانت مرصادا للطاغين مئابا}). رواه ابن وهب في جامعه.
- وقال موسى بن عبيدة الربذي، عن محمد بن كعب القرظي قال: (إذا أراد الله بعبد خيرا زهَّده في الدنيا، وفقَّهه في الدين، وبصَّره عيوبه، ومن أوتيهن أوتي خير الدنيا والآخرة). رواه ابن المبارك في الزهد، ووكيع في الزهد واللفظ له، وابن أبي شيبة في المصنف، والبيهقي في شعب الإيمان، وابن عساكر في تاريخه.
- وقال محمد بن فضيل البزاز: (كان لمحمد بن كعب جلساء كانوا من أعلم الناس بتفسير القرآن، وكانوا مجتمعين في مسجد الربذة، فأصابتهم زلزلة، فسقط عليهم المسجد فماتوا جميعا تحته).رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ.
وكانت وفاته سنة 108هـ، على أرجح الأقوال، وهو قول تلميذه أبي معشر المدني وأكثر العلماء بالوفيات، وهو القول الذي اختاره البخاري ولم يحكِ غيره، وقيل: سنة 117هـ، وقيل: سنة 120هـ.

رُوي أن خاصة أصحابه ماتوا معه في الهدم، والذين لهم رواية عنه في كتب التفسير المسندة أكثر من خمسين راوياً، وأكثرهم رواية عنه: أبو صخر حميد بن زياد الخراط، وأبو معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي، وأبو عبد العزيز موسى بن عبيدة الربذي، ثم بعدهم محمد بن إسحاق بن يسار، وأفلح بن سعيد القبائي، وعاصم بن محمد العمري، وغيرهم.
وروى عنه جماعة من الأئمة مسائل سألوها إياه أو سمعوها منه، منهم: عمرو بن دينار، وقتادة، وسليمان بن طرخان التيمي، وعبد الله بن كثير المكي، والحكم بن عتيبة، ويزيد بن أبي حبيب، وغيرهم، وهؤلاء لا يكاد يوجد لكل واحد منهم عنه سوى رواية أو روايتين.

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 10:52 PM

17. أبو عبد الله مسلم بن جندب الهذلي (ت: بعد 110هـ)

كان قاصَّ الجماعة بالمدينة، وكان فصيحاً حسن القراءة عالماً بالتفسير، وهو معلّم عمر بن عبد العزيز.
- قال أبو بكر بن مجاهد: (كان من فصحاء الناس، وكان يقصّ بالمدينة).
- وقال معن بن عيسى: حدثنا مالك بن أنس أن (عمر بن عبد العزيز رَزَق مسلم بن جندب دينارين، وكان قبل ذلك يقضي بغير رزق) رواه ابن سعد.
يقضي لعله تصحيف والصواب: يقصّ؛ فقد كان القاضي في زمن عمر أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري
- وقال بشر بن عمر: أنبأنا مالك بن أنس، أن عمر بن عبد العزيز أمر رجلاً وهو بالمدينة أن يقصَّ على الناس، وجعل له دينارين كل شهر، فلما قدم هشام بن عبد الملك جعل له ستة دنانير كل سنة). رواه عمر بن شبّة.
- وقال محمد بن يحيى، عن مالك بن أنس قال: « عمر بن عبد العزيز رزق قاص الجماعة بالمدينة» رواه عمر بن شبة.
- وقال أبو موسى الهروي: حدثنا عباس بن الفضل الأنصاري عن جعفر بن الزبير: (كان مسلم بن جندب يقرأ علينا غدوة ثلاثين آية وعشية ثلاثين آية). رواه ابن مجاهد في كتاب السبعة.
- وقال عمر بن عبد العزيز: (من أحب أن يسمع القرآن فليسمع قراءة مسلم بن جندب). ذكره الذهبي في معرفة القراء.
- وقال الحسن بن أبي مهران: حدثنا أحمد بن يزيد عن عيسى ابن مينا قالون قال: (كان أهل المدينة لا يهمزون حتى همز ابن جندب فهمزوا {مستهزئون} و{استهزئ} ). رواه ابن مجاهد.
- وقال سعيد بن أبي مريم: حدثنا زياد بن يونس، قال: حدثني نافع بن أبي نعيم قال: سألت مسلم بن جندب عن قول الله عز وجل: {ردءا يصدقني} قال: زيادة، أما سمعت قول الشاعر:
وأسمر خطي كأن كعوبه ... نوى القسب قد أردى ذراعا على عشر). رواه ابن وهب وأبو جعفر الترمذي في جزء تفسير نافع بن أبي نعيم، وابن أبي حاتم.
- وقال الليث بن سعد: كان أوَّلَ من فسر هذه الآية لأهل المدينة مسلم بن جندب الهذلي: {فانفروا ثبات أو انفروا جميعا}، قال: ثُبَةٌ، ثُبَتَان، ثلاثُ ثُبَاتٍ، قال: الفرقة بعد الفرقة في سبيل الله، و{جميعا} بمرَّة). رواه ابن وهب.

قرأ مسلم على عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، وحدث عن أبي هريرة وحكيم بن حزام وابن عمر وابن الزبير وأسلم مولى عمر وغيرهم.
وقرأ عليه: نافع بن أبي نعيم المدني.
وروى عنه: ابنه عبد الله بن مسلم، ونافع بن أبي نعيم، وزيد بن أسلم، وابن أبي ذئب.
قال ابن حبان مات سنة 106هـ
وقال ابن سعد: مات في خلافة هشام بن عبد الملك.
وخلافة هشام كانت من سنة 105هـ إلى سنة 125هـ.
وقال الذهبي: مات في خلافة هشام بن عبد الملك بعد سنة عشر ومائة تقريباً.

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 10:52 PM

18: محمد بن جعفر بن الزبير بن العوام القرشي (ت: 115هـ تقريباً )

كان فقيها عالماً بالتفسير والسير والمغازي، يروي عن عمّه عروة بن الزبير، وعن ابن عمه عباد بن عبد الله بن الزبير
وكان من فقهاء أهل المدينة وقرائهم
ولابن إسحاق نسخة يرويها عنه في التفسير، أخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم مرويات كثيرة، وله مرويات كثيرة في كتب السيرة.
قال ابن سعد: (كان عالماً وله أحاديث).
أخرج له الجماعة، وهو متفق على توثيقه، وقال الذهبي: مات شاباً.
ذكره البخاري والذهبي في طبقة الذين ماتوا بين سنة 110هـ ، و 120هـ.
روى عنه: ابن إسحاق، وابن جريج، وعبد الله بن أبي جعفر.

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 10:53 PM

19. أبو داوود عبد الرحمن بن هرمز بن كيسان الأعرج (ت:117هـ)

مولى محمد بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وكان من كبار قراء المدينة وفقهائهم ومحدّثيهم.
- قال نافع بن أبي نعيم: قرأتُ على الأعرج، وقال الأعرج: قرأتُ على أبي هريرة، وقال أبو هريرة: قرأتُ على أبيّ بن كعب، وقال أُبيّ بن كعب: عرض عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن وقال: (( أمرني جبريل أن أعرض عليك القرآن)) . رواه ابن مجاهد في السبعة، وأبو عمرو الداني في "جامع البيان".
- وقال عاصم بن أبي النجود: قلتُ للطفيلِ بن أبيّ بن كعب: إلى أيّ معنى ذهب أبوك في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم له: ((أمرت أن أقرأ القرآن عليك))؟
فقال: (ليقرأ عليَّ فأحذو ألفاظه). رواه ابن مجاهد.
- وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: (معنى هذا الحديث أن يتعلم أبي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعلم قراءة أبي رضي الله تعالى عنه).
لازم الأعرجُ أبا هريرة رضي الله عنه مدّة، وحفظ عنه حديثاً كثيراً مباركاً، حتى عُدّ من أكابر أصحابه ورواة حديثه، وروى عن غيره من الصحابة كأبي سعيد الخدري، وابن عباس، وأبي جهيم الأنصاري، وعبد الله بن مالك ابن بحينة، وغيرهم.
- وقال علي ابن المديني: (أصحاب أبي هريرة هؤلاء الستة: سعيد بن المسيب، وأبو سلمة، والأعرج، وأبو صالح، ومحمد بن سيرين، وطاووس وكان همام بن منبه يشبه حديثه حديثهم إلا أحرفا). رواه ابن عساكر.
- وقال أبو إسحاق السبيعي: قال أبو صالح والأعرج: (ليس أحدٌ يحدّث عن أبي هريرة إلا علمنا أصادق هو أو كاذب). رواه ابن عساكر.
- وروى مالك في الموطّأ عن داود بن الحصين؛ أنه سمع الأعرج يقول: (ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان).
قال: (وكان القارئ يقرأ سورة البقرة في ثماني ركعات، فإذا قام بها في ثنتي عشرة ركعة، رأى الناس أنه قد خفف).
- وقال محمد بن عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: (كان عبد الرحمن الأعرج يكتب المصاحف). رواه ابن عساكر.
- وقال أبو علقمة الفروي: (رأيت عبد الرحمن الأعرج جالسا على باب داره، فإذا مر به مسكين أعطاه تمرة). رواه ابن أبي خيثمة.
وقال يحيى بن أبي بكير: حدثنا عبد الله بن لهيعة، عن أبي النضر قال: (كان عبد الرحمن بن هرمز من أول من وضع العربية، وكان من أعلم الناس بالنحو وأنساب قريش). رواه أبو بكر الزبيدي في طبقات النحويين.
قلت: هذه ليست أولية مطلقة إن صحّ الخبر؛ فقد سبقه أبو الأسود.
وقال الذهبي: (قالوا: هو أول من وضع العربية بالمدينة، أخذ عن أبي الأسود).
خرج في آخر حياته إلى الإسكندرية مرابطاً على الثغر ومات بها سنة 117هـ، وقيل سنة 119هـ، والأول أرجح.
- وقال أبو إسحاق الفزاري عن صفوان بن عمرو السكسكي قال: قال عبد الرحمن الأعرج: (إني أريد أن آتي الإسكندرية فأرابط بها).
فقيل له: وما تصنع بها وما عندك قتال، وما تكون في مكان إلا كنت كلا على المسلمين؟!!
قال: (سبحان الله!! فأين التحضيض؟)
قال: وكان شيخا كبيرا فخرج إليها.
قال: (أراه مات بها). رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق.

قرأ عبد الرحمن على أبي هريرة وابن عباس وعبد الله بن أبي عياش.
وقرأ عليه نافع بن أبي نعيم وغيره.
وروى عنه أسيد بن أبي أسيد البرّاد حروفاً في القراءة، وربّما تصحّف اسمه في بعض الكتب إلى أسد.
روى في التفسير عن أبي هريرة، وعبد الله ابن عباس، وأخيه كثير بن عباس، وأبي جهيم الأنصاري، ومجاهد بن جبر.
وروى عنه: ابن شهاب الزهري، وأبو الزناد، وجعفر بن ربيعة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأسيد بن أبي أسيد البرّاد، ومالك بن أنس، ومحمد بن إسحاق، وابن جريج، وسعد بن إبراهيم، وأبو الزبير المكي، وموسى بن عقبة، ويحيى بن أبي كثير، ويعقوب بن أبي سلمة الماجشون، وغيرهم.

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 10:53 PM

20: أبو عبد الله نافع المدني مولى عبد الله بن عمر (ت:117هـ)

من كبار الأئمة الحفاظ بالمدينة، وهو مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب، وكان من أحبّ مواليه إليه، وأكثرهم ملازمة له، وانتفاعاً بعلمه، ورواية له، أعطاه فيه عبد الله بن جعفر اثني عشر ألف درهم فأبى أن يبيعه، ثمّ أعتقه، ثمّ زوّجه جارية له كانت أحبّ جواريه إليه.
- قال حمزة بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: (خطرت هذه الآية {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}؛ فما وجدتُ شيئاً أحبَّ إليَّ من جاريتي رُميثة فأعتقتها، فلولا أني لا أعود في شيء جعلته لله لنكحتها، فأنكحتها نافعا، فهي أم ولده). رواه ابن سعد.
- وقال الأصمعي: حدثنا العمري، عن نافع قال: (دخلتُ مع مولاي على عبد الله بن جعفر فأعطاه فيَّ اثني عشر ألفا؛ فأبى وأعتقني أعتقه الله).رواه ابن عساكر.

وقد اختلف في أصل نافع على أقوال:
- فقال خالد بن زياد الترمذي قاضي ترمذ: قلت لنافع مولى ابن عمر: من أي بلاد أنت؟ قال: (من جبال براربنده من جبال الطالقان). ذكره ابن عساكر في تاريخه من غير إسناد.
وطالقان بلدة كبيرة جنوب بحر قزوين.
- وقال يزيد بن محمد: سمعت أبا عبد الله المقدمي يقول: (نافع مولى ابن عمر يكنى أبا عبد الله من سبي طالقان). رواه ابن عساكر.
- وقال عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن أبيه قال: (كان نافع مولى ابن عمر من سبي خراسان، سُبي وهو صغير فاشتراه ابن عمر، وهو نافع بن هرمز). رواه ابن عساكر.
- وقال أحمد بن علي ابن منجويه: أخبرنا أبو أحمد الكاتب الحاكم قال: (أبو عبد الله نافع القرشي العدوي المدني مولى ابن عمر يقال: كان من أهل المغرب). رواه ابن عساكر.
- وقال ابن سعد: (كان من أهل أَبَرْشَهْرْ، أصابه عبد الله في غزاته).
وأبر شهر كلمة فارسية معناها "بلد الغَيْمِ" كما في معجم البلدان لياقوت الحموي، وقال: (وهي نيسابور).
- وقال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: (نافع مولى ابن عمر ديلمي).
- وقال خليفة بن خياط في تاريخه: (سنة أربع وأربعين، فيها افتتح ابن عامر كابل) ثم قال: (ومن سبي كابل: مكحول الشامي، وسالم بن عجلان الأفطس، وكيسان أبو أيوب بن أبي تميمة السختياني، ونافع مولى ابن عمر، ومهران أبو حميد الطويل).

وقد انتفع نافع بصحبة عبد الله بن عمر انتفاعاً كبيراً؛ ولزمه نحواً من ثلاثين عاماً، وحفظ عنه علماً غزيراً مما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة، ومن أقواله فيما يُستفتى فيه وما يبتدئ به، ومن سيرة ابن عمر وسمته وهديه، وكان ابن عمر من أشبه الصحابة هدياً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وروى نافع عن أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، ورافع بن خديج، وعن عائشة وحفصة وأم سلمة رضي الله عنهم أجمعين، وروى عن جماعة من التابعين كسالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وصفيّة بنت أبي عبيد زوجة عبد الله بن عمر، وغيرهم.

وكان ثقة ثبتاً، فقيهاً عالماً، كثير الحديث، وكان من أعلم الناس بحديث ابن عمر ومسائله، وكان سالم بن عبد الله بن عمر يوصي بسؤاله، وبعثه عمر بن عبد العزيز إلى أهل مصر ليفقههم في الدين، ويعلّمهم السنن.

- قال ابن وهب: أخبرني أسامة بن زيد عن أبي بكر بن حفص بن سعد بن أبي وقاص عن سالم بن عبد الله قال: (سلوا نافعاً؛ فإنه أعلمنا بحديث ابن عمر). رواه الفسوي.
- وقال عبد الرزاق: سمعت عبيد الله بن عمر قال: (لما نشأت فأردت أن أطلب العلم جعلت آتي أشياخ آل عمر رجلاً رجلاً؛ فأقول: ما سمعت من سالم؟ فكلما أتيت رجلا منهم قال: عليك بابن شهاب؛ فإن ابن شهاب كان يلزمه، وكان ابن شهاب بالشام حينئذ؛ فلزمت نافعا؛ فجعل الله في ذلك خيرا كثيرا). رواه الفسوي وابن عساكر.
- وقال سفيان بن عيينة: سمعت عبيد الله بن عمر يقول: (لقد منَّ الله علينا بنافع) رواه ابن عساكر.
- وقال بشر بن عمر الزهراني: سمعت مالك بن أنس يقول: (كنت إذا سمعت حديث نافع عن ابن عمر لا أبالي أن لا أسمع من غيره). رواه البخاري في التاريخ الكبير.
- وقال خلف البزاز: سألت أحمد بن حنبل: أي الأسانيد أثبت؟ فقال: (أيوب عن نافع عن ابن عمر، وإن كان من حديث حماد بن زيد فيا لك). رواه ابن عساكر.
- وقال محمد بن سليمان النيسابوري: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: (أصح الأسانيد كلها: مالك عن نافع عن ابن عمر). رواه ابن عساكر.
- وقال ابن وهب: قال مالك: (كنت آتي نافعا مولى ابن عمر، وأنا يومئذ غلام حديث السن، ومعي غلام لي؛ فينزل إلي فيقعد معي ويحدثني). رواه الفسوي.

- وقال حماد بن زيد: (حدثنا عبيد الله بن عمر بن حفص أن عمر بن عبد العزيز بعث نافعا إلى مصر يعلمهم السنن). رواه ابن سعد وأبو زرعة الدمشقي.
- وقال محمد بن شعيب بن شابور: أخبرنا الوليد بن سليمان بن أبي السائب، عن سليمان بن موسى أنه أخبره: (أنه رأى نافعا مولى ابن عمر يمل علمه ويكتب بين يديه). رواه ابن أبي خيثمة.
- قال أحمد بن حنبل: أخبرنا سفيان بن عيينة قال: أخبرنا إسماعيل ابن أمية قال: (كنا نردّ نافعًا على اللحن فيأبى).
وقال ابن عيينة: (أي حديث أوثق من حديث نافع). رواه ابن أبي خيثمة، وعبد الله بن الإمام أحمد.
وفي رواية عند ابن عساكر: (كنا نريد نافعا على أن لا يلحن فيأبى إلا الذي سمع).

وكان نافع يكتب، وله حقيبة فيها صحف له مما كتبه، وكان يملي على أصحابه حديث ابن عمر، فكتب عنه جماعة منهم ابن جريج وخالد بن زياد الترمذي له عنه نسخة.
- قال يحيى بن سعيد القطان: قال ابن جريج: (طرح إلي نافع حقيبة فمنها ما قرأت، ومنها ما سألت).
قال يحيى: (فما قال: سألت وقلت؛ فهو مما سأله، والقراءة أخبرني نافع). رواه الخطيب البغدادي في تاريخه.
- وقال ابن حبان: (خالد بن زياد بن جرو الأزدي من أهل ترمذ يروي عن نافع صحيفة مستقيمة، وكان على القضاء بترمذ).
- وقال الأصمعي: أخبرنا نافع ابن أبي نعيم عن نافع مولى ابن عمر أنه قيل له: قد كتبوا علمك؛ فقال: كتبوا؟
فقيل له: نعم.
فقال نافع: (فليأتوا به حتى أقوّمه لهم). رواه ابن عساكر.

وقد روي أنه إنما حدّث وأفتى بعد موت سالم بن عبد الله، وهذا محمول على أنه لم يكن مكثراً من ذلك قبل موته أو لم يكن متصدّراً للتحديث في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في حياة سالم وأقرانه من كبار أئمة التابعين، فلما ماتوا ظهرت الحاجة إليه، وقد كان سالم يوصي بسؤاله كما تقدّم، وقد حدّث الزهريَّ في حياة سالم، وقد روي أن عمر بن عبد العزيز انتدبه للتعليم في مصر، وكان موت عمر قبل موت سالم.
- قال ابن وهب: قال مالك: (إنما حدَّث نافع بعد ما مات سالم بن عبد الله، وكان في حياة سالم لا يفتي أحداً شيئا). رواه الفسوي.
- وقال مصعب بن عبد الله: (عبيد الله وعبد الله ابنا عمر بن حفص بن عمر بن الخطاب كانا يجلسان إلى نافع مولى ابن عمر في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في الروضة). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال يونس بن يزيد: قال نافع: (من يعذرني من زهريكم هذا- يعني ابن شهاب- يأتيني وأحدثه عن ابن عمر، ثم يذهب إلى سالم بن عبد الله؛ فيقول: هل سمعت هذا من ابن عمر فيقول له: نعم؛ فيحدث عن سالم ويدعني، والسياق من عندي). رواه الفسوي.

وقد أخذ على نافع شيء من العسر والحدّة مع ما اشتهر عنه من بذل العلم ونشره.
- قال ابن وهب: سمعت مالكاً يقول: (كنت أرى نافعا بعد صلاة الصبح يلتف بكساء له أسود فيضعه على فيه وما يكلم أحدا، وكان صغير النفس).رواه الفسوي.
- وقال مطرف بن عبد الله اليساري: قال مالك: (كنت آتي نافعاً مولى ابن عمر نصف النهار ما يظلني شيء من الشمس، وكان منزله بالنقيع بالصورين، وكان حدّا فأتحيَّن خروجه فيخرج فأدعه ساعة وأريه أني لم أرده، ثم أعرض له فأسلم عليه، ثم أدعه حتى إذا دخل البلاط أقول: كيف قال ابن عمر في كذا وكذا؟ فيقول: قال: كذا وكذا، فأخنس عنه). رواه ابن سعد
والنقيع وادٍ جنوب المدينة، وهو من أكبر روافد وادي العقيق، والصوران موضع منه.
- وقال عبد اللَّه بن الإمام أحمد: سمعت أبي يقول: (كان في نافع مولى ابن عمر عسر في الحديث).
- وقال ابن أبي أويس عن أبيه: كنا نختلف إليه- يعني نافعا- وكان سيئ الخلق.
فقلت: ما أصنع بهذا العبد؟
قال: (فتركته ولزمه غيري؛ فانتفع به). رواه الفسوي.
قلت: من توفيق طالب العلم صبره على ما يجد من عسر شيخه، وحسن تلطفه له حتى يستفيد من علمه.

وكان كثير الذكر مقبلاً على شأنه زاهداً ورعاً.
- قال ابن وهب: وسمعت مالكا يقول: كان سعيد بن أبي هند ونافع مولى ابن عمر وموسى بن ميسرة يجلسون بعد صلاة الصبح حتى يرتفع النهار، ثم يتفرقون فما يكلّم بعضهم بعضا).
فقلنا له: (اشتغالا يذكر الله؟)
قال: (كل ذلك).رواه أبو يوسف الفسوي، وروى بعضه ابن أبي خيثمة من طريق قتيبة بن سعيد عن مالك.
- وقال ابن وهب: قال مالك: (وكان يجلس بعد صلاة الصبح في المسجد لا يكاد يأتيه أحد، وكان يلبس كساءه، وكان ربما يضعه على فمه لا يكلم أحدا).
قال: (وكان – أي نافع - يجلس حتى إذا طلعت الشمس خرج قبل أن يركع). رواه الفسوي.
- وقال علي بن شعيب: حدثني عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن أبيه، أنا نافعاً لما حضرته الوفاة جعل يبكي، فقيل له: ما يبكيك؟
قال: (ذكرت سعدا وضغطة القبر) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب المحتضرين وابن عساكر في تاريخ دمشق.

واختلف في سنة وفاته على أقوال:
القول الأول: مات سنة سبع عشرة ومائة، وهو قول حماد بن زيد، وأبي نعيم، وابن سعد، وأحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وأبي بكر وعثمان ابنا أبي شيبة، ويحيى بن بكير، وأبي حفص الفلاس، وغيرهم.
- قال سليمان بن حرب: سمعت حماد بن زيد يقول: (كنتُ هيَّأتُ الصحفَ لمقدمِ قتادةَ من واسط من عند خالد بن عبد الله القسري لأكتب عنه؛ فمات بواسط، وذلك في سنة سبع عشرة ومائة، وفيها مات نافع مولى ابن عمر، وعبد الله بن أبي مليكة). رواه ابن عساكر.
حماد بن زيد وُلد سنة 98هـ.
القول الثاني: مات سنة ثمان عشرة ومائة، وهو قول خليفة بن خياط.
القول الثالث: مات سنة تسع عشرة ومائة، وهو قول سفيان بن عيينة، ورواية عن أحمد.
القول الرابع: مات سنة عشرين ومائة، وهو قول أبي عمر الضرير.
- قال ابن أبي خيثمة: (سمعت ابن معين يقول: نافع مولى ابن عمر مات سنة تسع عشرة وقالوا: سنة عشرين ومئة).

- قال عارم بن الفضل: حدثنا حماد بن زيد عن عبيد الله بن عمر قال: (كان نافع لا يفسر). رواه ابن سعد وابن عساكر.
قلت: لعلّه يريد أنه لم يكن مكثراً من ذلك، أو لم يكن له مجالس مختصة بالتفسير، وإلا فقد رويت عنه أقوال يسيرة في كتب التفسير المسندة، وأكثر ما يروى عنه ما نقله من أقوال ابن عمر في التفسير، وما رواه من الأحاديث عن ابن عمر وغيره؛ وهي كثيرة جداً.

روى عنه في كتب التفسير: عبيد الله وعبد الله ابنا عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وأيوب، ومالك، وابن جريج، وابن إسحاق، ومحمد بن عجلان، وموسى بن عقبة، وابن عون، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومحمد بن سوقة، وعبد العزيز بن أبي رواد، وغيرهم.
وروى عنه ابنه عبد الله وهو ضعيف.

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 10:54 PM

21: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم النجاري الأنصاري(ت:120هـ)

قال يحيى بن معين وغيره: اسمه كنيته.
وهو الإمام الفقيه العابد، قاضي المدينة زمن إمارة عمر بن عبد العزيز، ثم تولى إمارة المدينة مرتين بعد ذلك، وكان أمير الحج سنوات عدة، وكان من أعلم الناس بالقضاء في زمانه، وكان يقضي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان في إمارته هو الذي يصلي بهم ويخطب في الجُمعات والأعياد.
- قال ابن وهب: حدثني مالك قال: (لم يكن عند أحد بالمدينة من علم القضاء ما كان عند أبي بكر، إنَّ أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم كان يتعلم القضاء من أبان بن عثمان). رواه الفسوي.
- وقال معن بن عيسى: حدثني سعيد بن مسلم، قال: (رأيت أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يقضي في المسجد في زمان عمر بن عبد العزيز) رواه ابن سعد، وقال: (يعني في ولاية عمر بن عبد العزيز على المدينة للوليد بن عبد الملك).
- وقال ابن وهب: سمعت مالكا يقول: (لم يكن على المدينة أنصاري أميراً غير أبي بكر بن عمرو بن حزم، وكان قاضيا). رواه الفسوي.
- وقال معن بن عيسى: حدثنا مالك بن أنس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه (رأى أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، يقضي في المسجد معه حَرَسيّان مستنداً إلى الأسطوانة عند القبر). رواه ابن سعد.
- وقال معن بن عيسى: حدثنا أبو الغصن قال: (رأيت أبا بكر بن محمد يعتمّ يوم العيد ويوم الجمعة بعمامة بيضاء، ورأيته يخلع نعليه إذا رقى منبر النبي صلى الله عليه وسلم). رواه ابن سعد.

أدرك جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، والسائب بن يزيد، وعن خالدة بنت أنس أم بني حزم وهي صحابية، وروى عن جماعة من التابعين منهم: خالته عمرة بنت عبد الرحمن، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وسالم بن عبد الله بن عمر، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وخارجة بن زيد بن ثابت، وأفلح مولى أبي أيوب، وغيرهم.

وهو من أوّل من جمع السنن وكتبها بأمر عمر بن عبد العزيز من حديث خالته عمرة بنت عبد الرحمن وحديث القاسم بن محمد وغيرهما.

- قال ابن وهب: حدثني مالك أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن عمرو بن حزم وكان عمر قد أمّره على المدينة بعد أن كان قاضيا.
قال مالك: وقد ولي أبو بكر بن حزم المدينة مرتين أميرا، فكتب إليه عمر أن يكتب له العلم من عند عمرة بنت عبد الرحمن والقاسم بن محمد.
فقلت لمالك: السنن؟
قال: نعم.
قال: فكتبها له.
قال مالك: فسألت ابنَه عبدَ الله بن أبي بكر عن تلك الكتب؛ فقال: (ضاعت). رواه الفسوي.
- وقال أحمد بن حنبل: حدثنا ابن عيينة، عن يحيى. [بن سعيد الأنصاري] قال: كتب عمر بن عبد العزيز، وهو والٍ إلى أبي بكر بن محمد؛ أن اكتب إلي من بما ثبت عندك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديث عمرة).رواه عبد الله بن الإمام أحمد في العلل.

قال الواقدي ويحيى بن معين وعلي بن المديني وأبو حفص الفلاس وخليفة بن خياط وابن منده: مات سنة عشرين ومائة.
قال الواقدي وغيره: (وله أربع وثمانون سنة).
وقال محمد بن المثنى ويحيى بن عبد الله بن بكير: مات سنة سبع عشرة ومائة.
له مرويات قليلة في كتب التفسير المسندة من طريق ابنه عبد الله، وحجاج بن أرطأة.

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 10:55 PM

22: عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الأوسي الانصاري(ت:120هـ)

جدّه قتادة بن النعمان من فضلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي أصيبت عينه يوم بدر، فسالت حدقته على وجنته، فأرادوا أن يقطعوها، فقالوا: لا، حتى نستأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأمروه، فقال: «لا» ثم دعا به فوضع راحته على حدقته، ثم غمزها؛ فكان لا يدرى أي عينيه أصيبت، والقصة في مسند أبي يعلى وفي مصنف بن أبي شيبة وغيرهما.
وكان عاصم بن عمر عالماً بالسير والمغازي ، وله مرويات في كتب التفسير المسندة أكثرها فيما يتصل بالمغازي ونزول القرآن.
- وقد روى عن أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، ومحمد بن لبيد، ونملة بن أبي نملة الأنصاري، وجدته رُميثة ولها صحبة.
وروى عن جماعة من التابعين: منهم أبوه عمر بن قتادة بن النعمان، والقاسم بن محمد، والحسن بن محمد بن الحنفية، وعبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وعبد الرحمن بن جابر بن عبد الله.
- وروى عنه ابن شهاب الزهري، وزيد بن أسلم، وعمارة بن غزية، ومحمد بن إسحاق، ومحمد بن عجلان، وغيرهم.
- وقال البخاري: (سمع أنساً، ومحمود بن لبيد، وأباه رضى الله عنهم، روى عنه محمد بن إسحاق وعمرو بن أبي عمرو ومحمد بن عجلان).
قلت: (قول البخاري قد يُشعر أنّ أباه من الصحابة، وقد عدّه ابن حجر في الطبقة الثالثة من التابعين؛ فيحرر هذا).
- وقال ابن سعد: (وفد عاصم بن عمر على عمر بن عبد العزيز في خلافته في دين لزمه؛ فقضاه عنه عمر، وأمر له بعد ذلك بمعونة، وأمره أن يجلس في جامع دمشق؛ فيحدّث الناس بمغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومناقب أصحابه، وقال: "إن بني مروان كانوا يكرهون هذا وينهون عنه"؛ فاجلس فحدّث الناس بذلك؛ ففعل ثم رجع إلى المدينة؛ فلم يزل بها حتى توفي سنة عشرين ومائة في خلافة هشام بن عبد الملك).
وقال ابن حبان: (من سادات الانصار وعبادهم).
- وقال الهيثم بن عدي ويحيى بن معين وعلي بن المديني وابن سعد وأبو الحسن المدائني وخليفة بن خياط وأبو عمر الضرير: توفي سنة عشرين ومائة.
- وقال أبو عبيد وأبو حسان الزيادي وعبيد الله بن سعد الزهري والحسن بن عثمان: مات سنة سبع وعشرين ومائة.
- وقال الواقدي وأبو حفص الفلاس وابن نمير والترمذي: مات سنة تسع وعشرين ومائة.
ورجّح الذهبي وفاته في سنة عشرين ومائة.

عبد العزيز الداخل 14 جمادى الآخرة 1440هـ/19-02-2019م 10:55 PM

23: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري(ت:124هـ)

الإمام الحافظ الكبير، كان من كبار أوعية العلم، وحفاظ السنة، ولد في منتصف القرن الأول، وأدرك جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، واجتهد في طلب العلم وهو شابّ صغير السنّ، وجالس ابن المسيب ثمان سنين، وأخذ عن بقية الفقهاء السبعة وغيرهم من فقهاء المدينة، وكان فَهِماً قويّ الحفظ، لا يكاد يستمع إلى حديث فينساه، حتّى إذا فقه وبلغ من العلم مبلغاً رحل إلى الشام، وسأورد ترجمته هناك إن شاء الله.


الساعة الآن 02:44 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir