سؤال عن معنى (ثم) في قوله تعالى: {ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البيانات}
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وقع عندي إشكال في قول الله تعالى في سورة النساء: {فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك}. هنا جاءت {ثم اتخذوا}، فهل كان اتخاذهم العجل بعد أن اختار موسى من قومه سبعين رجلا للميقات الذي وقع في الصعق؟ أحسن الله إليكم. |
اقتباس:
اتخاذهم للعجل قبل الميقات، و{ثم} هنا للترتيب الذكْري وليست للترتيب الزمني في أظهر أقوال المفسرين وقد نصّ على هذا جماعة من اللغويين كالفراء والزجاج وابن الأنباري وأبي حيان وغيرهم . قال الفراء: (وقوله: {ثم اتخذوا العجل} ليس بمردود على قوله: {فأخذتهم الصاعقة} ثم اتخذوا؛ هذا مردود على فعلهم الأوّل. وفيه وجه آخر: أن تجعل (ثم) خبرا مستأنفا. وقد تستأنف العرب بثم والفعل الذي بعدها قد مضى قبل الفعل الأوّل؛ من ذلك أن تقول للرجل: قد أعطيتك ألفا ثم أعطيتك قبل ذلك مالا؛ فتكون (ثم) عطفا على خبر المخبر؛ كأنه قال: أخبرك أني زرتك اليوم، ثم أخبرك أني زرتك أمس)ا.هـ. وهذا من باب تعديد جرائمهم وكبائرهم ، ويسوغ في هذا الباب مخالفة الترتيب الزمني وتكون (ثم) للترتيب الذكري، كما يقول الرجل لمن يعاتبه أو يريد أن يعاقبه: إنك قد فعلت كذا وكذا فعفوت عنك، ثم فعلت كذا وكذا، ثم فعلت كذا وكذا؛ فهذا ونحوه لا يلزم منه الترتيب الزمني. وقد استُدلّ لهذا الاستعمال لثمّ بقول الله تعالى: {ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة} ، وقوله تعالى: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثمّ لم يرتابوا} ، وقوله تعالى: {ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} . والله تعالى أعلم. |
الساعة الآن 11:41 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir