ق25: المفرد المضاف إلى معرفة يفيد العموم
وَمـِثــْلــُهُ الــــمــــُفـْرَدُ إِذْ يُضَافُ = فَافْهَمْ هُدِيْتَ الرُّشْدَ مَا يُضَافُ |
شرح العلامة/عبد الرحمن بن ناصر السعدي
(35) يعني أَنَّ المفردَ المضافَ يعمُّ عمومَ الجمْعِ، ويستغرقُ جميعَ المعنى، كقولِهِ تعالى:
{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}،{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها}يعمُّ كلَّ نعمةٍ: دينيَّةٍ أَوْ دنيويَّةٍ، وقولِهِ [يا عِبَادي] وهوَ كثيرٌ في الكتابِ والسُّنَّةِ، يدخلُ فيهِ جميعُ العبادِ، وقولِهِ {سُبْحَانَ الَّذي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}{تَبَارَكَ الَّذي نَزَّلَ الفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ}إشَارةٌ إلى قيامِهِ بجميعِ وظائفِ العبوديَّةِ. |
روضة الفوائد ، لفضيلة الشيخ : مصطفى مخدوم
(35) (المفردُ): الاسمُ الدالُّ على الواحدِ، ويقابلُه المثنَّى والجمعُ. (الرُّشد): الهِدايةُ وفعلُ الصوابِ، وضدُّه الغَيُّ والضَّلالُ، كما قال تعالى: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ}[البقرة: 256]، وفرَّق بعضُ أهلِ اللُّغةِ بينَه وبينَ الرَّشَدِ -بفتحِ الراءِ والشِّينِ- بأن الأوَّلَ يقالُ في الأمورِ الدُّنيويَّةِ والأُخْرويَّةِ، أمَّا الثَّاني فيقالُ في الأمورِ الأُخْرويَّةِ فقط، ذكَره الراغبُ.
والمعنى: أن المفردَ المضافَ إلى معرفةٍ يفيدُ العمومَ مثلَ (أل)، فلا يُسْتَثْنَى منه شيءٌ إلا بدليلٍ. وذلك كقولِه تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا}[النحل: 18]، فيَعُمُّ كلَّ نِعْمةٍ دِينيَّةٍ أو دُنْيويَّةٍ، ظاهرةٍ أو باطنةٍ. وكقولِه تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ}[النور: 63] فيَعُمُّ كلَّ أمرٍ. وكذلك الجمعُ المضافُ إلى معرفةٍ يفيدُ العمومَ، فلا يُسْتَثْنَى منه شيءٌ إلا بدليلٍ، كقولِه تعالى: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ}[النساء، 11]، فيَعُمُّ جميعَ الأولادِ، ذكورًا وإناثًا، صغارًا وكِبارًا. وبهذا العمومِ احتجَّت فاطمةُ رضِي اللهُ عنها لميراثِها مِن رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يُخالِفْها الصَّحابةُ في الاستدلالِ بالآيةِ، ولكنهم احتجُّوا عليها بدليلِ التَّخصيصِ، وهو قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: ((نَحْنُ مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ لا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ)). فأخرَج أولادَ الأنبياءِ من عمومِ الآيةِ. |
شرح الشيخ : سعد بن ناصر الشثري ( مفرغ )
القارئ:
(ومثله المفرد إذ يضاف فافهم هديت الرشد ما يضاف) الشيخ: يعني مثل ماسبق من ألفاظ العموم المفرد المضاف، فهذا نوع آخر من أنواع ما يفيد العموم. ولفظ المفرد يراد به معنيان: المعنى الأول: ما يقابل الجملة، وشبه الجملة، بحيث يشمل الواحد والمثنى والجمع، فهذا يسمى مفرداً، عند النحاة وليس مراد الأصوليين بلفظ المفرد هنا هذا المعنى. والمعنى الثاني: إطلاق لفظ المفرد، على ما يقابل المثنى والجمع. وعلى كلٍ هل المراد هذا أو هذا، فإن المفرد إذا أضيف إلى نكرة، لم يفد العموم بالإجماع، مثل سيارة رجل، وقلم طالب، هذا مفرد أضيف إلى نكرة، فلا يفيد العموم بالاتفاق والإجماع، فقوله: (المفرد إذ يضاف) لابد أن يقيد بالإضافة، إلى معرفة. المضاف إلى معرفة ثلاثة أنواع: النوع الأول: الجمع، مثل أقلام زيد، فهذا يفيد العموم، ومنه قوله سبحانه: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ}، أولاد جمع مضافة إلى معرفة، وهو الكاف ضمير، فيكون مفيداً للعموم، {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}، أمهات جمع مضاف إلى معرفة، وهو الكاف، فيفيد العموم. النوع الثاني: أسماء الأجناس، وهذه إذا أضيفت إلى معرفة أفادت العموم أيضاً، مثل قوله: (ماء البحر). النوع الثالث: المفرد الذي ليس بمثنى ولا بجمع، إذا أضيف إلى معرفة هل يفيد العموم، مثل قولك: قلم زيد، وسيارة عمرو. اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين: القول الأول: أن المفرد المضاف إلى معرفة يفيد العموم، وهذا قول بعض الحنابلة وبعض المالكية واستدلوا عليه بقول الله سبحانه: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا} فقالوا: (نعمة) مفرد، وأضيفت إلى معرفة: لفظ الجلالة، وهي مفيدة للعموم بالإجماع، وبدلالة النص:{إِن تَعُدُّوا} هذا إنما يكون للعموم، {لاَ تُحْصُوهَا} إنما يكون للعموم، وهذا هو ظاهر اختيار المؤلف. والقول الثاني: قول الجمهور، بأن المفرد المضاف إلى معرفة، لا يفيد العموم، وهذا القول أرجح، بل هو الصواب، ودليل هذا القول، أنه لم يقم دليل على إفادة المفرد المضاف إلى معرفة يفيد العموم وأما قول الله سبحانه: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ} نعمة هنا ليست مفرداً، وإنما هي اسم جنس، واسم الجنس خارج عن محل النزاع. ومن ثمرات هذه المسألة: ما ورد في الحديث أنه كان يسبح بيده، يد مفرد مضافة إلى المعرفة، وهو الضمير الهاء، فحينئذ هل يفيد العموم، ويسبح باليدين معاً ؟ هذا على القول الأول، أولا يفيد العموم، هذا على القول الثاني. ومثله أيضاً لو قال الرجل: زوجتي طالق وعنده أربع نسوة، ولم ينوِ واحدة منهن، فعلى القول الأول تطلق الأربع جميعاً، وعلى القول الثاني لا تطلق إلا واحدة، وتعين بالقرعة. ولو قال الإنسان: نذرت ذبح ابني، على القول بصحة هذا النذر، فإنه على القول الأول يلزم بذبح شياه بعدد أبنائه، وعلى القول الثاني يلزم بذبح شاة واحدة. وإذا قال: أوصيت لجاري محمـد، وكان له جاران فعلى القول بصحة [هذه] الوصية، إذا قلنا إن المفرد المضاف إلى معرفة يفيد العموم، صرفت الوصية للجارين معاً، وعلى القول الآخر تصرف لواحد، وتعين بتعيين الورثة على قول، أو تعين بالقرعة على قول آخر. ومن صيغ العموم أيضاً التي لم يذكرها المؤلف، كل وجميع، وحذف متعلق الفعل المنفي، وترك الاستفصال عند تعدد الأحوال، فإنه يفيد العموم، إلى غير ذلك من الألفاظ والأساليب المفيدة للعمـوم. |
العناصر
شرح قول الناظم:
ومثله الفرد إذ يضــاف فافهم هديت الرشد ما يضاف 3- ترك الاستفصال عند تعدد الأحوالمن صيغ العموم: المفرد المضاف تعريف (المفرد) إطلاقات لفظ (المفرد): الإطلاق الأول: ما يقابل الجملة وشبه الجملة الإطلاق الثاني: ما يقابل المثنى والجمع المراد بلفظ (المفرد) عند الأصوليين هو ما يقابل المثنى والجمع الاستدراك على المؤلف في إطلاقه التعبير بالمفرد المضاف المفرد المضاف إلى نكرة لا يفيد العموم بالاتفاق الخلاف في إفادة المفرد المضاف إلى معرفة للعموم القول الأول: يفيد العموم وهو قول بعض الحنابلة وبعض المالكية القول الثاني: لايفيد العموم وهو قول الجمهور ثمرة الخلاف في إفادة المفرد المضاف إلى معرفة للعموم أنواع المضاف إلى معرفة: النوع الأول: الجمع المضاف إلى معرفة مثاله: (يوصيكم الله في أولادكم) النوع الثاني: أسماء الأجناس المضافة إلى معرفة مثاله: (ماء البحر) النوع الثالث: المفرد المضاف إلى معرفة مثاله: (قلم زيد) تعريف (الرُّشْد) الفرق بين (الرُّشْد) بضم الراء وسكون الشين و(الرَّشَد) بفتحهما من صيغ العموم: الجمع المضاف الدليل على إفادة الجمع المضاف للعموم أمثلة على إفادة الجمع المضاف للعموم مثال1: (حرمت عليكم أمهاتكم) مثال2: (يوصيكم الله في أولادكم) ذكر صيغ وأساليب للعموم لم يذكرها الناظم 1- (جميع) 2- حذف متعلق الفعل المنفي |
الأسئلة
الأسئلة س1: اذكر الخلاف في إفادة المفرد المضاف إلى معرفة للعموم. س2: اذكر ثلاثة صيغ للعموم لم يذكرها الناظم رحمه الله. س3: بين صيغ العموم الواردة في هذه الآيات: أ- قوله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت). ب- قوله تعالى: (ولم يكن له كفواً أحد). ج- قوله تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره). د- قوله تعالى: (هل تعلم له سمياً). هـ- قوله تعالى: (وله من في السموات والأرض). و- قوله تعالى: (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه). ز- قوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم). |
الساعة الآن 02:09 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir