معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   منتدى الامتياز (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=1031)
-   -   مجلس مذاكرة القسم الثامن من تفسير سورة النساء (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=45991)

هيئة الإشراف 6 ربيع الأول 1445هـ/20-09-2023م 10:35 PM

مجلس مذاكرة القسم الثامن من تفسير سورة النساء
 
مجلس مذاكرة القسم الثامن من تفسير سورة النساء
(من الآية 88 إلى الآية 101)

اختر مجموعة واحدة من المجموعتين التاليتين:
المجموعة الأولى:
س1.حرِّر الخلاف في سبب نزول قول الله تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ ...} الآية.
س2. حرر الخلاف في معنى (مراغمًا) من قوله تعالى: {ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغمًا كثيرًا وسعة}.
س3. من خلال دراستك لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}
اذكر القراءات المتواترة الواردة في هذه الآية، مع بيان توجيهها.





المجموعة الثانية:

س1. حرّر الخلاف في سبب نزول قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ...} الآية.
س2. حرر الخلاف في معنى (أركسهم) في قول الله تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ}.
س3. من خلال دراستك لقول الله تعالى: {لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ...} الآية.
اذكر القراءت المتواترة في قوله: {غير أولي الضرر} مع توجيهها.





تنبيهات:
- دراسة تفسير سورة النساء ستكون من خلال مجالس المذاكرة، وليست مقررة للاختبار.
- مجالس المذاكرة تهدف إلى تطبيق المهارات التي تعلمها الطالب سابقا؛ المهارات المتقدمة في التفسير، أصول التفسير البياني، أصول تدبر القرآن.
- لا يقتصر بحث المسائل على التفاسير الثلاثة الموجودة في الدروس.
- يوصى بالاستفادة من التفاسير الموجودة في جمهرة العلوم، وللطالب أن يستزيد من غيرها من التفاسير التي يحتاجها.


وفقكم الله

صلاح الدين محمد 11 ربيع الأول 1445هـ/25-09-2023م 09:42 PM

مجلس مذاكرة القسم الثامن من تفسير سورة النساء (من الآية 88 إلى الآية 101)
المجموعة الأولى:
س1.حرِّر الخلاف في سبب نزول قول الله تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ ...} الآية.
ذكر في سبب نزول الآية أقوال:
الأول: في اختلاف الصحابة فيمن تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد. وهو قول زيد بن ثابت. وذكره ابن عطية, وابن كثير.
- قول زيد أخرجه البخاري في صحيحه, ومسلم في صحيحه، وعبد بن حميد في تفسيره، وابن جرير في تفسيره، وابن المنذر في تفسيره، وابن أبي حاتم في تفسيره عن زيد بن ثابتٍ: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا خرج إلى أحدٍ، رجعت طائفةٌ ممّن كان معه، فكان أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فيهم فرقتين، فرقةٌ تقول: نقتلهم، وفرقةٌ تقول: لا. فنزلت هذه الآية: {فما لكم في المنافقين فئتين واللّه أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا} الآية، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في المدينة: إنّها طيّبةٌ وإنّها تنفي خبثها كما تنفي النّار خبث الفضّة.
الثاني: في اختلاف الصحابة في قومٍ كانوا قدموا المدينة من مكّة، فأظهروا للمسلمين أنّهم مسلمون، ثمّ رجعوا إلى مكّة وأظهروا لهم الشّرك. وهو قول مجاهد. وذكره ابن كثير.
- قول مجاهد أخرجه أخرجه ابن جرير في تفسيره, وابن المنذر في تفسيره، وابن أبي حاتم في تفسيره. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد, عن مجاهدٍ: {فما لكم في المنافقين فئتين} قال: قومٌ خرجوا من مكّة حتّى أتوا المدينة يزعمون أنّهم مهاجرون، ثمّ ارتدّوا بعد ذلك، فاستأذنوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلى مكّة ليأتوا ببضائع لهم يتّجرون فيها. فاختلف فيهم المؤمنون، فقائلٌ يقول: هم منافقون، وقائلٌ يقول: هم مؤمنون. فبيّن اللّه نفاقهم، فأمر بقتالهم. فجاءوا ببضائعهم يريدون المدينة، فلقيهم على بن عوميراو هلال بن عويمرٍ الأسلميّ، وبينه وبين النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حلفٌ، وهو الّذي حصر صدره أن يقاتل المؤمنين أو يقاتل قومه، فدفع عنهم بأنّهم يؤمّنون هلالا، وبينه وبين النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عهدٌ.
الثالث: في اختلاف الصحابة في قومٍ من أهل الشّرك كانوا أظهروا الإسلام بمكّة، وكانوا يعينون المشركين على المسلمين. وهو قول ابن عباس, وقتادة, ومعمر, والضحاك. وذكره ابن كثير.
- قول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره, وابن أبي حاتم في تفسيره, عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فما لكم في المنافقين فئتين} وذلك أنّ قومًا كانوا بمكّة قد تكلّموا بالإسلام، وكانوا يظاهرون المشركين، فخرجوا من مكّة يطلبون حاجةً لهم، فقالوا: إن لقينا أصحاب محمّدٍ عليه الصّلاة والسّلام، فليس علينا منهم بأسٌ. وأنّ المؤمنين لمّا أخبروا أنّهم قد خرجوا من مكّة قالت فئةٌ من المؤمنين: اركبوا إلى الخبثاء فاقتلوهم، فإنّهم يظاهرون عليكم عدوّكم. وقالت فئةٌ أخرى من المؤمنين: سبحان اللّه، أو كما قالوا، أتقتلون قومًا قد تكلّموا بمثل ما تكلّمتم به؟ من أجل أنّهم لم يهاجروا ويتركوا ديارهم تستحلّ دماؤهم وأموالهم لذلك. فكانوا كذلك فئتين، والرّسول عليه الصّلاة والسّلام عندهم لا ينهى واحدًا من الفريقين عن شيءٍ؛ فنزلت: {فما لكم في المنافقين فئتين واللّه أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضلّ اللّه} الآية.
- وقول قتادة أخرجه أخرجه ابن جرير في تفسيره، وابن المنذر في تفسيره, وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد, عن قتادة، قوله: {فما لكم في المنافقين فئتين} الآية، ذكر لنا أنّهما كانا رجلين من قريشٍ كانا مع المشركين بمكّة، وكانا قد تكلّما بالإسلام، ولم يهاجرا إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. فلقيهما ناسٌ من أصحاب نبيّ اللّه وهما مقبلان إلى مكّة، فقال بعضهم: إنّ دماءهما وأموالهما حلالٌ، وقال بعضهم: لا تحلّ لكم. فتشاجروا فيهما، فأنزل اللّه في ذلك: {فما لكم في المنافقين فئتين واللّه أركسهم بما كسبوا} حتّى بلغ: {ولو شاء اللّه لسلّطهم عليكم فلقاتلوكم}.
- وقول معمر أخرجه ابن جرير في تفسيره عن معمر بن راشدٍ، قال: بلغني أنّ ناسًا، من أهل مكّة كتبوا إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّهم قد أسلموا، وكان ذلك منهم كذبًا. فلقوهم، فاختلف فيهم المسلمون، فقالت طائفةٌ: دماؤهم حلالٌ، وقالت طائفةٌ: دماؤهم حرامٌ؛ فأنزل اللّه: {فما لكم في المنافقين فئتين واللّه أركسهم بما كسبوا}.
- وقول الضحاك أخرجه ابن جرير في تفسيره عن الضّحّاك، يقول في قوله: {فما لكم في المنافقين فئتين} هم ناسٌ تخلّفوا عن نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وأقاموا بمكّة، وأعلنوا الإيمان، ولم يهاجروا. فاختلف فيهم أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فتولاّهم ناسٌ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وتبرّأ من ولايتهم آخرون، وقالوا: تخلّفوا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ولم يهاجروا. فسمّاهم اللّه منافقين، وبرّأ المؤمنين من ولايتهم، وأمرهم أن لا يتولّوهم حتّى يهاجروا.
الرابع: في اختلاف الصحابة في قومٍ كانوا بالمدينة أرادوا الخروج عنها نفاقًا. وهو قول السدي, ومحمد بن كعب القرظي. وذكره ابن عطية.
- قول السدي أخرجه ابن جرير في تفسيره عن السّدّيّ: {فما لكم في المنافقين فئتين واللّه أركسهم بما كسبوا} قال: كان ناسٌ من المنافقين أرادوا أن يخرجوا من المدينة، فقالوا للمؤمنين: إنّا قد أصابنا أوجاعٌ في المدينة واتّخمناها، فلعلّنا أن نخرج إلى الظّهر حتّى نتماثل ثمّ نرجع، فإنّا كنّا أصحاب بريّةٍ. فانطلقوا؛ واختلف فيهم أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالت طائفةٌ: أعداء اللّه المنافقون، وددنا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أذن لنا فقاتلناهم. وقالت طائفةٌ: لا، بل إخواننا غمتهم المدينة فاتّخموها. فخرجوا إلى الظّهر يتنزّهون، فإذا برءوا رجعوا. فقال اللّه: {فما لكم في المنافقين فئتين} يقول: ما لكم تكونون فيهم فئتين {واللّه أركسهم بما كسبوا}.
- وقول القرظي أخرجه عبد الله بن وهب في تفسيره, عن القرظي أنه قال في هذه الآية: {فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا}، أتى رهطٌ إلى رسول الله فقالوا: يا رسول الله، إن المدينة قد ضاق علينا ترابها وسباخها، فأذن لنا نخرج إلى هذه الحرة فنكون منك قريبا، [ ....... ] إلى حرتنا هذه، فقعد رهطٌ من أصحاب النبي فيهم محمد بن مسلمة الأنصاري [ .... ] هم، فقال بعضهم: ما تقولون في هؤلاء الذين خرجوا إلى هذه الحرة، فقالوا: اسأل [ ........ ا] وهم إخواننا وقد أذن لهم نبينا، فقالت طائفةٌ من القوم لعمر: والله، ما [ .. .. ] خير حين تركوا مجالستنا ومسجدنا، وأن يحضروا معنا؛ وخرجوا إلى [ ........ ] الحرة ليس بيننا وبينهم إلا دعوة، فأكثروا القول في ذلك الطائفتان جميعا [ .... {فما لكم] في المنافقين فئتين}، وذلك: تريدون أن تقتتلوا فيهم فأنا أخبركم خبرهم، فإن الله {أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا ودوا}، للذين كفروا، {لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله}).
الخامس: في اختلاف الصحابة في أمر أهل الإفك. وهو قول ابن زيد. وذكره ابن عطية, وابن كثير.
- قول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره, قال ابن زيدٍ في قوله: {فما لكم في المنافقين فئتين واللّه أركسهم بما كسبوا} حتّى بلغ: {فلا تتّخذوا منهم أولياء حتّى يهاجروا في سبيل اللّه} قال: هذا في شأن ابن أبيٍّ حين تكلّم به.
الدراسة:
اختلف المفسرون في سبب نزول هذه الآية إلى عدة أقوال رجح ابن جرير منها القول الثاني في أنها نزلت في قوم قَدِمُوا المدينة فأسلموا، ثم رجعوا إلى مكة فارتدوا وأظهروا الشرك, واستند في ترجيحه على سياق الآية وظاهرها فقال: وأولى هذه الأقوال بالصّواب في ذلك قول من قال: نزلت هذه الآية في اختلاف أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في قومٍ كانوا ارتدّوا عن الإسلام بعد إسلامهم من أهل مكّة.
ثم بين رحمه الله سبب ترجيحه لهذا القول فقال: وإنّما قلنا ذلك أولى بالصّواب؛ لأنّ اختلاف أهل التويل في ذلك إنّما هو على قولين:أحدهما أنّهم قومٌ كانوا من أهل مكّة على ما قد ذكرنا الرّواية عنهم، والآخر أنّهم قومٌ كانوا من أهل المدينة.
واستدل ابن جرير وابن عطية على أن المراد من الآية هم غير أهل المدينة وذلك من سياق الآية في قوله تعالى: (حتى يهاجروا), فقال ابن جرير: وفي قول اللّه تعالى ذكره: {فلا تتّخذوا منهم أولياء حتّى يهاجروا} أوضح الدّليل على أنّهم كانوا من غير أهل المدينة لأنّ الهجرة كانت على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى داره ومدينته من سائر أرض الكفر، فأمّا من كان بالمدينة في دار الهجرة مقيمًا من المنافقين وأهل الشّرك، فلم يكن عليه فرض هجرةٍ؛ لأنّه في دار الهجرة كان وطنه ومقامه.
وقال ابن عطية: وكل من قال في هذه الآية: إنها فيمن كان بالمدينة يرد عليه قوله: (حتّى يهاجروا).
وذكر ابن عطية أن قول ابن عباس ومجاهد يقويهما, ويعضدهما آخر الآية فقال: وهذان القولان يعضدهما ما في آخر الآية من قوله تعالى: (حتّى يهاجروا).
فالراجح هو القول الثاني كما ذكر ذلك ابن جرير وكما هو الواضح من سياق الآية, من أن المراد به أهل غير المدينة, وإن كان المعنى أيضا يحتمل قول ابن عباس ومجاهد كما ذكر ابن عطية.
س2. حرر الخلاف في معنى (مراغمًا) من قوله تعالى: {ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغمًا كثيرًا وسعة}.
اختلف أهل العلم في معنى مراغما إلى أقوال:
الأول: التحول من أرض إلى أرض. وهو قول ابن عباس, والضحاك, والربيع, ومجاهد, والحسن أو قتادة, وسفيان الثوري. وذكره ابن عطية, وابن كثير.
- قول ابن عباس أخرجه أخرجه ابن جرير في تفسيره، وابن أبي حاتم في تفسيره, وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر, عن ابن عبّاسٍ، قوله: {مراغمًا كثيرًا} قال: المراغم: التّحوّل من الأرض إلى الأرض.
- قول الضحاك أخرجه ابن جرير في تفسيره عن عبيد بن سليمان قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {مراغمًا كثيرًا} يقول: متحوّلا.
- قول مجاهد أخرجه أخرجه ابن جرير في تفسيره، وابن أبي حاتم في تفسيره,وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهدٍ في قول الله: {مراغمًا كثيرًا} قال: مزحزحًا عمّا يكره.
- وقول الحسن أو قتادة أخرجه ابن جرير في تفسيره عن معمرٍ، عن الحسن، أو قتادة: {مراغمًا كثيرًا} قال: متحوّلا.
- وقول قتادة أخرجه وابن أبي حاتم في تفسيره, وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد عن سعيدٍ، ثنا قتادة قال: يجد في الأرض مراغماً كثيراً قال: أي واللّه من الضّلالة إلى الهدى، ومن العيلة إلى الغنى.
- قول سفيان أخرجه عبد الله بن وهب في جامعه, عن الثوري في قول الله: {ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا}، قال: متحولا.
الثاني: مبتغي معيشة. وهو قول السدي.وذكره ابن عطية.
- قول السدي أخرجه أخرجه ابن جرير في تفسيره، وابن أبي حاتم في تفسيره عن السّدّيّ: {يجد في الأرض مراغمًا كثيرًا} يقول: مبتغًى للمعيشة.
الثالث: المهاجرة. وهو قول ابن زيد.وذكره ابن عطية.
- قول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره عن ابن زيدٍ في قوله: {مراغمًا} المراغم: المهاجر.
الرابع: البروح. وهو قول سفيان بن عيينة.
- قول سفيان بن عيينة أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره عن نافعٍ قال سفيان يعني ابن عيينة: يجد في الأرض مراغما كثيرا قال: المراغم: البروح.
الدراسة:
معنى المراغم في اللغة كما ذكر الفراء مصدر وهو المضطرب والمذهب في الأرض, وقال أبو عبيدة: أن المراغم والمهاجر واحد تقول: راغمت وهاجرت قومي، وهي المذاهب, واستدل لهذا المعنى بقول النابغة الجعدي: كطودٍ يلاذ بأركانه... عزيز المراغم والمهرب
وقال ابن قتيبة في أصل المراغم: أصله: أن الرجل كان إذا أسلم خرج عن قومه مراغما لهم. أي مغاضبا، ومهاجرا. أي مقاطعا من الهجران. فقيل للمذهب: مراغم، وللمصير إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: هجرة - لأنها كانت بهجرة الرجل قومه. واستدل له بقول النابغة الجعدي السابق.
وذكر الزجاج أن معنى المراغم هو المهاجر واستدل له بقول الشاعر: إلى بلد غير داني المحل... بعيد المراغم والمضطرب
فأهل اللغة يجعلون معنى المراغم والمهاجر واحد, وأن باقي المعاني المذكورة للكلمة في كلام المفسرين؛ هي من احتمال الكلمة لهذه المعاني, من باب التفسير بالمعنى, كما ذكر ذلك ابن عطية بعد ذكره لأقوال المفسرين في معنى المراغم فقال: وهذا كله تفسير بالمعنى فأما الخاص باللفظة، فإن «المراغم» موضع بالمراغمة، وهو أن يرغم كل واحد من المتنازعين أنف صاحبه بأن يغلبه على مراده، فكفار قريش أرغموا أنوف المحبوسين بمكة، فلو هاجر منهم مهاجر في أرض الله لأرغم أنوف قريش بحصوله في منعة منهم، فتلك المنعة هي موضع المراغمة.
س3. من خلال دراستك لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}
اذكر القراءات المتواترة الواردة في هذه الآية، مع بيان توجيهها.
القراءات المتواترة الواردة في هذه الآية:
أولا: قوله تعالى: (فتبينوا) ذكر فيها قراءتان متواترتان هما:
1 - فتثبتوا: بثاء مثلثة مفتوحة وبعدها باء موحدة مفتوحة مشددة وبعدها تاء مضمومة, وهي قراءة حمزة والكسائي.
وهي مأخوذة من الثبت بمعنى التثبت وعدم العجلة.
قال أبو علي في الحجة: حجة من قال: تثبتوا: أن التثبّت هو خلاف الإقدام، والمراد التأنّي، وخلاف التقدّم، والتثبّت أشد اختصاصا بهذا الموضع. ومما يبين ذلك قوله: وأشد تثبيتا أي: أشدّ وقفا لهم عما وعظوا بأن لا يقدموا عليه. ومما يقوّي ذلك قولهم: تثبّت في أمرك. ولا يكاد يقال في هذا المعنى: تبيّن.
2 - فتبينوا: ياء موحدة مفتوحة وبعدها ياء مثناة مفتوحة مشددة، وبعدها نون مضمومة, وهي قراءة باقي القراء.
وهي مأخوذة من البيان أي التبين.
قال أبو على في الحجة: ومن قرأ: فتبينوا فحجته أنّ التبيّن ليس وراءه شيء، وقد يكون تبينت أشدّ من تثبّت، وقد جاء أنّ التبيّن من الله، والعجلة من الشيطان.
وقد ذكر بعض أهل اللغة أن التثبت والتبين بمعنى واحد, قال أبو منصور: التثبت والتبين بمعنى واحد، قال الفراء: تقول العرب للرجل: لا تعجل بإقامة حتى تتبين، وحتى تثبت.
ومن أهل اللغة من قال أن المعنى بينهما قريب, قال ابن خالويه: والأمر بينهما قريب، وذلك أن العرب تقول: تثبت في أمري وتبينت.
قال ابن أبي مريم: وهو قريب من الأول؛ إذ يتضمن ثباتًا مع حصول علمٍ ومعرفةٍ، يدل على تقارب التثبت والتبين قول الأعشى:-
كما راشد تجدن امرءًا = تبين ثم ارعوى أو قدم
وقد جاء أن التبين من الله والعجلة من الشيطان، فمقابلة التبين بالعجلة تدل على تقاربهما
وذكر البعض الآخر من أهل اللغة أن التبين أعم من التثبت, قال مكي بن أبي طالب: وأيضًا فإن التبين يعم التثبت، لأن كل من تبين أمرًا فليس يتبينه؛ إلا بعد تثبت، ظهر له ذلك الأمر أو لم يظهر له، لابد من التثبت مع التبين، ففي التبين معنى التثبت، وليس كل من تثبت في أمر تبينه، قد يثبت ولا يتبين له الأمر، فالتبين أعم من التثبت في المعنى لاشتماله على التثبت، وقد جاء عن النبي عليه السلام أنه قال: «التبين والعجلة من الشيطان، فتبينوا».
ثانيا: قوله تعالى: (السلام) ذكر فيها قراءتان متواترتان هما:
1 - السلم: بالقصر, أي: بحذف الألف بعد اللام, وهي قراءة نافع وابن عامر وحمزة.
قال ابن خالويه: يعني المقادة، وهو أن يُعطي الرجل بيده ويستسلم.
قال أبو منصور: ومن قرأ (السّلم) فمعناه: الاستسلام، و(السّلم) يكون بمعنى الصلح، ويكون بمعنى الإسلام.
قال عبيد: وهم يقرءون كلّ شيء في القرآن من الاستسلام بغير ألف.
2 - السلام: بالمد, أي: بإثبات الألف بعد اللام, وهي قراءة باقي القراء.
قال ابن خالويه:والسلام: هو السلام المعروف
قال أبو منصور: من قرأ (إليكم السّلام) فقد جاء في التفسير أن رجلا سلم على بعض سرايا المسلمين وظنوا أنه عائذ بالإسلام وليس مسلمًا فقتل.
قال أبو علي: من قرأ: السلام احتمل ضربين:
أحدهما: أن يكون السلام الذي هو تحيّة المسلمين، أي: لا تقولوا لمن حيّاكم هذه التحيّة: إنّما قالها تعوّذا، فتقدموا
عليه بالسيف، ولكن كفّوا عنه، واقبلوا منه ما أظهره من ذلك وارفعوا عنه السيف.
والآخر: أن يكون المعنى: لا تقولوا لمن اعتزلكم، وكفّوا أيديهم عنكم، ولم يقاتلوكم: لست مؤمنا.
ثالثا: قوله تعالى: (مؤمنا) ذكر فيها قراءتان متواترتان:
1 - بفتح الميم الأخيرة منه, وهي قراءة ابن وردان على أنه اسم مفعول.
2 - بكسر الميم, وهي قراءة باقي القراء, على أنه اسم فاعل.
والله أعلم

هيئة التصحيح 11 9 جمادى الآخرة 1445هـ/21-12-2023م 11:08 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صلاح الدين محمد (المشاركة 415296)
مجلس مذاكرة القسم الثامن من تفسير سورة النساء (من الآية 88 إلى الآية 101)
المجموعة الأولى:
س1.حرِّر الخلاف في سبب نزول قول الله تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ ...} الآية.
ذكر في سبب نزول الآية أقوال:
الأول: في اختلاف الصحابة فيمن تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد. وهو قول زيد بن ثابت. وذكره ابن عطية, وابن كثير.
- قول زيد أخرجه البخاري في صحيحه, ومسلم في صحيحه، وعبد بن حميد في تفسيره، وابن جرير في تفسيره، وابن المنذر في تفسيره، وابن أبي حاتم في تفسيره عن زيد بن ثابتٍ: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا خرج إلى أحدٍ، رجعت طائفةٌ ممّن كان معه، فكان أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فيهم فرقتين، فرقةٌ تقول: نقتلهم، وفرقةٌ تقول: لا. فنزلت هذه الآية: {فما لكم في المنافقين فئتين واللّه أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا} الآية، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في المدينة: إنّها طيّبةٌ وإنّها تنفي خبثها كما تنفي النّار خبث الفضّة.
الثاني: في اختلاف الصحابة في قومٍ كانوا قدموا المدينة من مكّة، فأظهروا للمسلمين أنّهم مسلمون، ثمّ رجعوا إلى مكّة وأظهروا لهم الشّرك. وهو قول مجاهد. وذكره ابن كثير.
- قول مجاهد أخرجه أخرجه ابن جرير في تفسيره, وابن المنذر في تفسيره، وابن أبي حاتم في تفسيره. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد, عن مجاهدٍ: {فما لكم في المنافقين فئتين} قال: قومٌ خرجوا من مكّة حتّى أتوا المدينة يزعمون أنّهم مهاجرون، ثمّ ارتدّوا بعد ذلك، فاستأذنوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلى مكّة ليأتوا ببضائع لهم يتّجرون فيها. فاختلف فيهم المؤمنون، فقائلٌ يقول: هم منافقون، وقائلٌ يقول: هم مؤمنون. فبيّن اللّه نفاقهم، فأمر بقتالهم. فجاءوا ببضائعهم يريدون المدينة، فلقيهم على بن عوميراو هلال بن عويمرٍ الأسلميّ، وبينه وبين النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حلفٌ، وهو الّذي حصر صدره أن يقاتل المؤمنين أو يقاتل قومه، فدفع عنهم بأنّهم يؤمّنون هلالا، وبينه وبين النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عهدٌ.
الثالث: في اختلاف الصحابة في قومٍ من أهل الشّرك كانوا أظهروا الإسلام بمكّة، وكانوا يعينون المشركين على المسلمين. وهو قول ابن عباس, وقتادة, ومعمر, والضحاك. وذكره ابن كثير.
- قول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره, وابن أبي حاتم في تفسيره, عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فما لكم في المنافقين فئتين} وذلك أنّ قومًا كانوا بمكّة قد تكلّموا بالإسلام، وكانوا يظاهرون المشركين، فخرجوا من مكّة يطلبون حاجةً لهم، فقالوا: إن لقينا أصحاب محمّدٍ عليه الصّلاة والسّلام، فليس علينا منهم بأسٌ. وأنّ المؤمنين لمّا أخبروا أنّهم قد خرجوا من مكّة قالت فئةٌ من المؤمنين: اركبوا إلى الخبثاء فاقتلوهم، فإنّهم يظاهرون عليكم عدوّكم. وقالت فئةٌ أخرى من المؤمنين: سبحان اللّه، أو كما قالوا، أتقتلون قومًا قد تكلّموا بمثل ما تكلّمتم به؟ من أجل أنّهم لم يهاجروا ويتركوا ديارهم تستحلّ دماؤهم وأموالهم لذلك. فكانوا كذلك فئتين، والرّسول عليه الصّلاة والسّلام عندهم لا ينهى واحدًا من الفريقين عن شيءٍ؛ فنزلت: {فما لكم في المنافقين فئتين واللّه أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضلّ اللّه} الآية.
- وقول قتادة أخرجه أخرجه ابن جرير في تفسيره، وابن المنذر في تفسيره, وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد, عن قتادة، قوله: {فما لكم في المنافقين فئتين} الآية، ذكر لنا أنّهما كانا رجلين من قريشٍ كانا مع المشركين بمكّة، وكانا قد تكلّما بالإسلام، ولم يهاجرا إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. فلقيهما ناسٌ من أصحاب نبيّ اللّه وهما مقبلان إلى مكّة، فقال بعضهم: إنّ دماءهما وأموالهما حلالٌ، وقال بعضهم: لا تحلّ لكم. فتشاجروا فيهما، فأنزل اللّه في ذلك: {فما لكم في المنافقين فئتين واللّه أركسهم بما كسبوا} حتّى بلغ: {ولو شاء اللّه لسلّطهم عليكم فلقاتلوكم}.
- وقول معمر أخرجه ابن جرير في تفسيره عن معمر بن راشدٍ، قال: بلغني أنّ ناسًا، من أهل مكّة كتبوا إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّهم قد أسلموا، وكان ذلك منهم كذبًا. فلقوهم، فاختلف فيهم المسلمون، فقالت طائفةٌ: دماؤهم حلالٌ، وقالت طائفةٌ: دماؤهم حرامٌ؛ فأنزل اللّه: {فما لكم في المنافقين فئتين واللّه أركسهم بما كسبوا}.
- وقول الضحاك أخرجه ابن جرير في تفسيره عن الضّحّاك، يقول في قوله: {فما لكم في المنافقين فئتين} هم ناسٌ تخلّفوا عن نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وأقاموا بمكّة، وأعلنوا الإيمان، ولم يهاجروا. فاختلف فيهم أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فتولاّهم ناسٌ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وتبرّأ من ولايتهم آخرون، وقالوا: تخلّفوا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ولم يهاجروا. فسمّاهم اللّه منافقين، وبرّأ المؤمنين من ولايتهم، وأمرهم أن لا يتولّوهم حتّى يهاجروا.
الرابع: في اختلاف الصحابة في قومٍ كانوا بالمدينة أرادوا الخروج عنها نفاقًا. وهو قول السدي, ومحمد بن كعب القرظي. وذكره ابن عطية.
- قول السدي أخرجه ابن جرير في تفسيره عن السّدّيّ: {فما لكم في المنافقين فئتين واللّه أركسهم بما كسبوا} قال: كان ناسٌ من المنافقين أرادوا أن يخرجوا من المدينة، فقالوا للمؤمنين: إنّا قد أصابنا أوجاعٌ في المدينة واتّخمناها، فلعلّنا أن نخرج إلى الظّهر حتّى نتماثل ثمّ نرجع، فإنّا كنّا أصحاب بريّةٍ. فانطلقوا؛ واختلف فيهم أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالت طائفةٌ: أعداء اللّه المنافقون، وددنا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أذن لنا فقاتلناهم. وقالت طائفةٌ: لا، بل إخواننا غمتهم المدينة فاتّخموها. فخرجوا إلى الظّهر يتنزّهون، فإذا برءوا رجعوا. فقال اللّه: {فما لكم في المنافقين فئتين} يقول: ما لكم تكونون فيهم فئتين {واللّه أركسهم بما كسبوا}.
- وقول القرظي أخرجه عبد الله بن وهب في تفسيره, عن القرظي أنه قال في هذه الآية: {فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا}، أتى رهطٌ إلى رسول الله فقالوا: يا رسول الله، إن المدينة قد ضاق علينا ترابها وسباخها، فأذن لنا نخرج إلى هذه الحرة فنكون منك قريبا، [ ....... ] إلى حرتنا هذه، فقعد رهطٌ من أصحاب النبي فيهم محمد بن مسلمة الأنصاري [ .... ] هم، فقال بعضهم: ما تقولون في هؤلاء الذين خرجوا إلى هذه الحرة، فقالوا: اسأل [ ........ ا] وهم إخواننا وقد أذن لهم نبينا، فقالت طائفةٌ من القوم لعمر: والله، ما [ .. .. ] خير حين تركوا مجالستنا ومسجدنا، وأن يحضروا معنا؛ وخرجوا إلى [ ........ ] الحرة ليس بيننا وبينهم إلا دعوة، فأكثروا القول في ذلك الطائفتان جميعا [ .... {فما لكم] في المنافقين فئتين}، وذلك: تريدون أن تقتتلوا فيهم فأنا أخبركم خبرهم، فإن الله {أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا ودوا}، للذين كفروا، {لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله}).
الخامس: في اختلاف الصحابة في أمر أهل الإفك. وهو قول ابن زيد. وذكره ابن عطية, وابن كثير.
- قول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره, قال ابن زيدٍ في قوله: {فما لكم في المنافقين فئتين واللّه أركسهم بما كسبوا} حتّى بلغ: {فلا تتّخذوا منهم أولياء حتّى يهاجروا في سبيل اللّه} قال: هذا في شأن ابن أبيٍّ حين تكلّم به.
الدراسة:
اختلف المفسرون في سبب نزول هذه الآية إلى عدة أقوال رجح ابن جرير منها القول الثاني في أنها نزلت في قوم قَدِمُوا المدينة فأسلموا، ثم رجعوا إلى مكة فارتدوا وأظهروا الشرك, واستند في ترجيحه على سياق الآية وظاهرها فقال: وأولى هذه الأقوال بالصّواب في ذلك قول من قال: نزلت هذه الآية في اختلاف أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في قومٍ كانوا ارتدّوا عن الإسلام بعد إسلامهم من أهل مكّة.
ثم بين رحمه الله سبب ترجيحه لهذا القول فقال: وإنّما قلنا ذلك أولى بالصّواب؛ لأنّ اختلاف أهل التويل في ذلك إنّما هو على قولين:أحدهما أنّهم قومٌ كانوا من أهل مكّة على ما قد ذكرنا الرّواية عنهم، والآخر أنّهم قومٌ كانوا من أهل المدينة.
واستدل ابن جرير وابن عطية على أن المراد من الآية هم غير أهل المدينة وذلك من سياق الآية في قوله تعالى: (حتى يهاجروا), فقال ابن جرير: وفي قول اللّه تعالى ذكره: {فلا تتّخذوا منهم أولياء حتّى يهاجروا} أوضح الدّليل على أنّهم كانوا من غير أهل المدينة لأنّ الهجرة كانت على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى داره ومدينته من سائر أرض الكفر، فأمّا من كان بالمدينة في دار الهجرة مقيمًا من المنافقين وأهل الشّرك، فلم يكن عليه فرض هجرةٍ؛ لأنّه في دار الهجرة كان وطنه ومقامه.
وقال ابن عطية: وكل من قال في هذه الآية: إنها فيمن كان بالمدينة يرد عليه قوله: (حتّى يهاجروا).
وذكر ابن عطية أن قول ابن عباس ومجاهد يقويهما, ويعضدهما آخر الآية فقال: وهذان القولان يعضدهما ما في آخر الآية من قوله تعالى: (حتّى يهاجروا).
فالراجح هو القول الثاني كما ذكر ذلك ابن جرير وكما هو الواضح من سياق الآية, من أن المراد به أهل غير المدينة, وإن كان المعنى أيضا يحتمل قول ابن عباس ومجاهد كما ذكر ابن عطية.

[عند دراسة أسباب النزول ننظر في صحتها أولا، ثم ننظر في الترجيح بينها أو إمكانية الجمع ووجهه.
والإسناد إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه صحيح، متفق على صحته، وزيد كاتب الوحي ممن عاصر التنزيل؛ فبالنظر لقوله، مقارنة بين بقية الأقوال، لابد من إيجاد جواب عن هذا السبب قبل ترجيح غيره، وكتب مشكل الحديث مثل كتاب شرح مشكل الآثار لأبي جعفر الطحاوي من مظان بحث هذه المسألة.
وتخريج الأحاديث والآثار من مخرجها يعينك على معرفة الصحيح والضعيف.

ويمكنك الاستعانة بأقوال المحققين لكتب أسباب النزول في معرفة صحة الأحاديث والآثار. ]

س2. حرر الخلاف في معنى (مراغمًا) من قوله تعالى: {ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغمًا كثيرًا وسعة}.
اختلف أهل العلم في معنى مراغما إلى أقوال:
الأول: التحول من أرض إلى أرض. وهو قول ابن عباس, والضحاك, والربيع, ومجاهد, والحسن أو قتادة, وسفيان الثوري. وذكره ابن عطية, وابن كثير.
- قول ابن عباس أخرجه أخرجه ابن جرير في تفسيره، وابن أبي حاتم في تفسيره, وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر, عن ابن عبّاسٍ، قوله: {مراغمًا كثيرًا} قال: المراغم: التّحوّل من الأرض إلى الأرض.
- قول الضحاك أخرجه ابن جرير في تفسيره عن عبيد بن سليمان قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {مراغمًا كثيرًا} يقول: متحوّلا.
- قول مجاهد أخرجه أخرجه ابن جرير في تفسيره، وابن أبي حاتم في تفسيره,وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهدٍ في قول الله: {مراغمًا كثيرًا} قال: مزحزحًا عمّا يكره.
- وقول الحسن أو قتادة أخرجه ابن جرير في تفسيره عن معمرٍ، عن الحسن، أو قتادة: {مراغمًا كثيرًا} قال: متحوّلا.
- وقول قتادة أخرجه وابن أبي حاتم في تفسيره, وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد عن سعيدٍ، ثنا قتادة قال: يجد في الأرض مراغماً كثيراً قال: أي واللّه من الضّلالة إلى الهدى، ومن العيلة إلى الغنى.
- قول سفيان أخرجه عبد الله بن وهب في جامعه, عن الثوري في قول الله: {ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا}، قال: متحولا.
الثاني: مبتغي معيشة. وهو قول السدي.وذكره ابن عطية.
- قول السدي أخرجه أخرجه ابن جرير في تفسيره، وابن أبي حاتم في تفسيره عن السّدّيّ: {يجد في الأرض مراغمًا كثيرًا} يقول: مبتغًى للمعيشة.
الثالث: المهاجرة. وهو قول ابن زيد.وذكره ابن عطية.
- قول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره عن ابن زيدٍ في قوله: {مراغمًا} المراغم: المهاجر.
الرابع: البروح. وهو قول سفيان بن عيينة.
- قول سفيان بن عيينة أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره عن نافعٍ قال سفيان يعني ابن عيينة: يجد في الأرض مراغما كثيرا قال: المراغم: البروح.
الدراسة:
معنى المراغم في اللغة كما ذكر الفراء مصدر وهو المضطرب والمذهب في الأرض, وقال أبو عبيدة: أن المراغم والمهاجر واحد تقول: راغمت وهاجرت قومي، وهي المذاهب, واستدل لهذا المعنى بقول النابغة الجعدي: كطودٍ يلاذ بأركانه... عزيز المراغم والمهرب
وقال ابن قتيبة في أصل المراغم: أصله: أن الرجل كان إذا أسلم خرج عن قومه مراغما لهم. أي مغاضبا، ومهاجرا. أي مقاطعا من الهجران. فقيل للمذهب: مراغم، وللمصير إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: هجرة - لأنها كانت بهجرة الرجل قومه. واستدل له بقول النابغة الجعدي السابق.
وذكر الزجاج أن معنى المراغم هو المهاجر واستدل له بقول الشاعر: إلى بلد غير داني المحل... بعيد المراغم والمضطرب
فأهل اللغة يجعلون معنى المراغم والمهاجر واحد, وأن باقي المعاني المذكورة للكلمة في كلام المفسرين؛ هي من احتمال الكلمة لهذه المعاني, من باب التفسير بالمعنى, كما ذكر ذلك ابن عطية بعد ذكره لأقوال المفسرين في معنى المراغم فقال: وهذا كله تفسير بالمعنى فأما الخاص باللفظة، فإن «المراغم» موضع بالمراغمة، وهو أن يرغم كل واحد من المتنازعين أنف صاحبه بأن يغلبه على مراده، فكفار قريش أرغموا أنوف المحبوسين بمكة، فلو هاجر منهم مهاجر في أرض الله لأرغم أنوف قريش بحصوله في منعة منهم، فتلك المنعة هي موضع المراغمة.


س3. من خلال دراستك لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}
اذكر القراءات المتواترة الواردة في هذه الآية، مع بيان توجيهها.
القراءات المتواترة الواردة في هذه الآية:
أولا: قوله تعالى: (فتبينوا) ذكر فيها قراءتان متواترتان هما:
1 - فتثبتوا: بثاء مثلثة مفتوحة وبعدها باء موحدة مفتوحة مشددة وبعدها تاء مضمومة, وهي قراءة حمزة والكسائي.
وهي مأخوذة من الثبت بمعنى التثبت وعدم العجلة.
قال أبو علي في الحجة: حجة من قال: تثبتوا: أن التثبّت هو خلاف الإقدام، والمراد التأنّي، وخلاف التقدّم، والتثبّت أشد اختصاصا بهذا الموضع. ومما يبين ذلك قوله: وأشد تثبيتا أي: أشدّ وقفا لهم عما وعظوا بأن لا يقدموا عليه. ومما يقوّي ذلك قولهم: تثبّت في أمرك. ولا يكاد يقال في هذا المعنى: تبيّن.
2 - فتبينوا: ياء موحدة مفتوحة وبعدها ياء مثناة مفتوحة مشددة، وبعدها نون مضمومة, وهي قراءة باقي القراء.
وهي مأخوذة من البيان أي التبين.
قال أبو على في الحجة: ومن قرأ: فتبينوا فحجته أنّ التبيّن ليس وراءه شيء، وقد يكون تبينت أشدّ من تثبّت، وقد جاء أنّ التبيّن من الله، والعجلة من الشيطان.
وقد ذكر بعض أهل اللغة أن التثبت والتبين بمعنى واحد, قال أبو منصور: التثبت والتبين بمعنى واحد، قال الفراء: تقول العرب للرجل: لا تعجل بإقامة حتى تتبين، وحتى تثبت.
ومن أهل اللغة من قال أن المعنى بينهما قريب, قال ابن خالويه: والأمر بينهما قريب، وذلك أن العرب تقول: تثبت في أمري وتبينت.
قال ابن أبي مريم: وهو قريب من الأول؛ إذ يتضمن ثباتًا مع حصول علمٍ ومعرفةٍ، يدل على تقارب التثبت والتبين قول الأعشى:-
كما راشد تجدن امرءًا = تبين ثم ارعوى أو قدم
وقد جاء أن التبين من الله والعجلة من الشيطان، فمقابلة التبين بالعجلة تدل على تقاربهما
وذكر البعض الآخر من أهل اللغة أن التبين أعم من التثبت, قال مكي بن أبي طالب: وأيضًا فإن التبين يعم التثبت، لأن كل من تبين أمرًا فليس يتبينه؛ إلا بعد تثبت، ظهر له ذلك الأمر أو لم يظهر له، لابد من التثبت مع التبين، ففي التبين معنى التثبت، وليس كل من تثبت في أمر تبينه، قد يثبت ولا يتبين له الأمر، فالتبين أعم من التثبت في المعنى لاشتماله على التثبت، وقد جاء عن النبي عليه السلام أنه قال: «التبين والعجلة من الشيطان، فتبينوا». [يوجد نقص هنا، والأولى بيان حكم الحديث من حيث صحته وضعفه ]
ثانيا: قوله تعالى: (السلام) ذكر فيها قراءتان متواترتان هما:
1 - السلم: بالقصر, أي: بحذف الألف بعد اللام, وهي قراءة نافع وابن عامر وحمزة.
قال ابن خالويه: يعني المقادة، وهو أن يُعطي الرجل بيده ويستسلم.
قال أبو منصور: ومن قرأ (السّلم) فمعناه: الاستسلام، و(السّلم) يكون بمعنى الصلح، ويكون بمعنى الإسلام.
قال عبيد: وهم يقرءون كلّ شيء في القرآن من الاستسلام بغير ألف.
2 - السلام: بالمد, أي: بإثبات الألف بعد اللام, وهي قراءة باقي القراء.
قال ابن خالويه:والسلام: هو السلام المعروف
قال أبو منصور: من قرأ (إليكم السّلام) فقد جاء في التفسير أن رجلا سلم على بعض سرايا المسلمين وظنوا أنه عائذ بالإسلام وليس مسلمًا فقتل.
قال أبو علي: من قرأ: السلام احتمل ضربين:
أحدهما: أن يكون السلام الذي هو تحيّة المسلمين، أي: لا تقولوا لمن حيّاكم هذه التحيّة: إنّما قالها تعوّذا، فتقدموا
عليه بالسيف، ولكن كفّوا عنه، واقبلوا منه ما أظهره من ذلك وارفعوا عنه السيف.
والآخر: أن يكون المعنى: لا تقولوا لمن اعتزلكم، وكفّوا أيديهم عنكم، ولم يقاتلوكم: لست مؤمنا.
ثالثا: قوله تعالى: (مؤمنا) ذكر فيها قراءتان متواترتان:
1 - بفتح الميم الأخيرة منه, وهي قراءة ابن وردان على أنه اسم مفعول.
2 - بكسر الميم, وهي قراءة باقي القراء, على أنه اسم فاعل.
والله أعلم



التقويم: أ
أحسنت، بارك الله فيك ونفع بك.


الساعة الآن 02:13 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir