معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   أسئلة العقيدة (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=978)
-   -   سؤال: كيف نوفق بين أن صحة العمل وفساده مرتبط بصحة النية وفسادها، ودلالة النصوص على عدم اعتبار القصد الصالح عند المخالفة؟ (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=35979)

تلميذ ابن القيم 14 محرم 1431هـ/30-12-2009م 06:38 AM

سؤال: كيف نوفق بين أن صحة العمل وفساده مرتبط بصحة النية وفسادها، ودلالة النصوص على عدم اعتبار القصد الصالح عند المخالفة؟
 
في حديث (إنما الأعمال بالنيات) كيف نوفق بين معنى الحديث باعتبار صحة العمل أو فساده مرتبطا بصحة النية أو فسادها مع قوله تعالى: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} فنيتهم كانت صالحة بالتقرب إلى الله تعالى، وكذلك المنافق المريد للتحاكم إلى الطاغوت في قوله تعالى: {إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا} لماذا لم تحتسب نيته الصالحة؟
وكذلك المحلل الذي تزوج امرأة ليعيدها لزوجها الأول بعد استنفادهما للطلقات الثلاث بنية إصلاح حياتهما الزوجية وتجنب تشرد الأطفال وغيره من الأسباب؟

عبد العزيز الداخل 14 محرم 1431هـ/30-12-2009م 02:52 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تلميذ ابن القيم (المشاركة 299178)
في حديث (إنما الأعمال بالنيات) كيف نوفق بين معنى الحديث باعتبار صحة العمل أو فساده مرتبطا بصحة النية أو فسادها مع قوله تعالى: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} فنيتهم كانت صالحة بالتقرب إلى الله تعالى، وكذلك المنافق المريد للتحاكم إلى الطاغوت في قوله تعالى: {إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا} لماذا لم تحتسب نيته الصالحة؟
وكذلك المحلل الذي تزوج امرأة ليعيدها لزوجها الأول بعد استنفادهما للطلقات الثلاث بنية إصلاح حياتهما الزوجية وتجنب تشرد الأطفال وغيره من الأسباب؟

الجواب عن هذا كله أن لصلاح العمل شرطين: الإخلاص والمتابعة.
فإذا تخلف شرط منهما لم يكن العمل صالحاً، فإذا كان لا يريد بالعمل إلا وجه الله ولكنه خالف فيه هدي النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن عمله صالحاً كحال من يتقرب بالبدع،والنية من جملة الأعمال فيشترط لصلاحها ما يشترط لصلاح سائر الأعمال من الإخلاص والمتابعة.
فمن قصد شيئاً يخالف مقصد الشارع فنيته غير صالحة وإن زعم أنه لم يرد إلا الخير كنية المحلل ونية من يرأف بالمحدود في الزنا عند إقامة الحد لمخالفته أمر الله تعالى في قوله: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} فإذا وجب إقامة الحد حرم ما يخالف مقصد الشرع فتكون نية الستر والرأفة محرمة عند إقامة الحد استجابة لأمر الله ورسوله أما قبل أن يصل الأمر إلى السلطان فيندب إلى الستر والمناصحة بالحسنى والأخذ على أيدي السفهاء فأما إذا بلغ الأمر السلطان فيجب عليه أن يقيم الحد لما في سنن أبي داوود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب).
وقال يحيى بن راشد: خرج علينا ابن عمر فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره). رواه أحمد وأبو داوود والحاكم وصححه.
فالذي يشفع في حد من حدود الله قد ضاد الله في أمره واستحق الإثم وإن كان قصده الرأفة بمن وجب عليه الحد.
فصلاح النية وفسادها مبناه على موافقة قصد الشارع فالنية المخالفة للشرع فاسدة وإن زعم صاحبها أنه لم يرد إلا خيراً وهذه قاعدة عامة.
وبهذا يعلم أن الذين قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى لم يتحقق الصلاح في مقصدهم لمخالفتهم فيه قصد الشارع من تحريم اتخاذ الوسائط من دون الله
وأما قوله تعالى : {فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاؤوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحساناً وتوفيقاً} فهذا إخبار من الله تعالى عن المنافقين أنهم سيقولون هذا القول الذي هم فيه كاذبون خاطئون كما هو دأبهم في كذبهم ونفاقهم وتلبيسهم.


الساعة الآن 10:52 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir