المجلس الثامن والعشرون: مجلس مذاكرة القسم الثاني من دورة أعمال القلوب
مجلس القسم الثاني من دورة أعمال القلوب لفضيلة الشيخ عبد العزيز الداخل -حفظه الله. أجب عن إحدى المجموعات التالية : المجموعة الأولى: س1: بيّن منزلة الخوف من الله. س2: كيف يكون تحقيق الاستعانة؟ س3: بيّن معنى الصدق، وكيف يكون الصدق في العمل والحال؟ س4: بيّن أحكام وأقسام الناس في التوكّل. س5: ما هي درجات الخشية؟ س6: ما هو الزهد الفاسد؟ وما هي علل الزهد؟ س7: اكتب عن صبر النبي صلى الله عليه وسلم. س8: اذكر أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة أعمال القلوب. المجموعة الثانية: س1: الخوف من الله تعالى على ثلاثة أنواع باعتبار الأسباب الحاملة عليه، اشرحها باختصار. س2: بيّن فضل الصدق س3: بيّن منزلة التوكلّ. س4: بيّن منزلة الشكر ودرجاته. س5: بيّن درجات الورع، وحاجة السالك إلى الفقه في الورع. س6: هل يُشرع سؤال الصبر؟ وما الأسباب المعينة على الصبر؟ س7: يكثر تعرّض الشيطان لأهل الإنابة، ما سبب ذلك؟ وكيف يُدفع شرّه؟ س8: اذكر أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة أعمال القلوب. المجموعة الثالثة: س1: ما هي آثار الخوف من الله ؟ س2: بيّن التناسب بين الصدق والإخلاص. س3: اذكر أنواع التوكل، وكيف يكون تحقيقه؟ س4: اذكر درجات الإنابة، وبيّن علامتها التي تصحّ بها. س5: ما هي علل الورع؟ س6: ما هي أوجه حاجة السالك إلى الصبر؟ س7: بيّن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الزهد وعناية السلف الصالح بالزهد ومذاهبهم فيه. س8: اذكر أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة أعمال القلوب. المجموعة الرابعة: س1: ما هي الأسباب المعينة على تحصيل الخوف من الله، وتعظيمه في القلب؟ س2: هل يتفاضل المخلصون في إخلاصهم؟ وضّح إجابتك س3: بيّن معنى الاستعانة ومنزلتها. س4: اذكر الأسباب التي تحمل العبد على خشية الله. س5: بيّن منزلة الصبر وفضائله. س6: ما هي الأسباب المعينة على الزهد؟ س7: بيّن معنى الورع، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه. س8: اذكر أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة أعمال القلوب. المجموعة الخامسة: س1: بيّن أقسام الناس في الخوف من الله. س2: بيّن معنى الرجاء واشرح أقسامه. س3: اذكر الأسباب المعينة على تحقيق الإخلاص. س4: بيّن مراتب الشكر. س5: ما هي أقسام الاستعانة؟ وما فائدة معرفة هذا التقسيم؟ س6: بيّن معنى الزهد وحقيقته ودرجاته. س7: بيّن فضائل الورع، وعناية السلف الصالح به. س8: اذكر أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة أعمال القلوب. المجموعة السادسة: س1: بيّن منزلة الخشية والإنابة - ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.س2: بيّن معنى الإخلاص ودرجاته. س3: بم يُنال الصدق؟ س4: الناس في إرادة الدنيا على ثلاثة أقسام، اذكرها. س5: ما معنى الإنابة؟ وما الأسباب الحاملة عليها؟ س6: ما هي الأسباب المعينة على تحصيل الورع؟ س7: ما الفرق بين الزهد والورع؟ س8: اذكر أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة أعمال القلوب. تعليمات: - لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته. - يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة. - يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق. - تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب. تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة: أ+ = 5 / 5 أ = 4.5 / 5 ب+ = 4.25 / 5 ب = 4 / 5 ج+ = 3.75 / 5 ج = 3.5 / 5 د+ = 3.25 / 5 د = 3 هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة. معايير التقويم: 1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ] 2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص] 3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد] 4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية. 5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض. نشر التقويم: - يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب. - تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها. - نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم. _________________ وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم |
المجموعة الثالثة:
س1: ما هي آثار الخوف من الله ؟ 1- أنه يورث في القلب إجلال الله ومهابته، وهذا هو حقيقة التعبد. 2- أنه يدفع العبد للمنافسة في الخيرات، وترك المحرمات، والتقليل من المباحات والشهوات، ويعزز من شعور مراقبة الله. "إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57)وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60( أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ" وقال عليه الصلاة والسلام: ((من خاف أدلج ، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة )) رواه الترمذي. 3- أنه سبب للانتفاع بالقرآن، فالخوف ثمرة الإنذار، وثمرته العمل والاتباع. "فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ". 4- أنه يهذب النفس وينقيها، ويطهر القلب ويصفيه، فإذا حل الخوف في القلب رأيت الكبر والعجب والحسد وغيرها من أدواء القلوب تنجلي عنه. 5- أنه يزجر العبد عن الظلم والطغيان، فمن خاف انزجر، وسلم الناس من لسانه ويده. س2: بيّن التناسب بين الصدق والإخلاص. الإخلاص أن لا تشرك بالله شيئاً، وأن لا تريد بعملك إلا وجه الله. والصدق أن تجمع همتك على إحسان العمل؛ فتكون صادق القول والعمل. فصحة الإخلاص تستلزم وجود الصدق، والصدق يقتضي الإخلاص. وقد عبَّر ابن القيم رحم الله عن التناسب بينهما بعبارة حسنة فقال: وقال أيضا: (إن للعبد مطلوباً وطلباً؛ فالإخلاص توحيد مطلوبه، والصدق توحيد طلبه؛ فالإخلاص أن لا يكون المطلوب منقسماً، والصدق أن لا يكون الطلب منقسما؛ فالصدق بذل الجهد، والإخلاص إفراد المطلوب). وقال أيضاً: (الإخلاص: توحيد المطلوب، وحقيقة الصدق: توحيد الطلب والإرادة، ولا يثمران إلا بالاستسلام المحض للمتابعة؛ فهذه الأركان الثلاثة: هي أركان السير وأصول الطريق التي من لم يَبْنِ عليها سلوكه وسيره فهو مقطوع وإن ظن أنه سائر؛ فسيره إما إلى عكس جهة مقصوده، وإما سير المقعَد والمقيَّد، وإما سير صاحب الدابة الجموح كلما مشت خطوة إلى قُدَّام رجعت عشرة إلى خلف. فإنْ عدم الإخلاص والمتابعة انعكس سيره إلى خلف، وإن لم يبذل جهده ويوحّد طلبه سار سير المقيد. وإن اجتمعت له الثلاثةُ فذلك الذي لا يجاري في مضمارِ سيرِه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم). وقال ابن القيم رحمه الله في تفسير قول الله تعالى: {فأقم وجهك للدين حنيفاً}: (فحنيفا هو حال مقررة لمضمون قوله: {فأقم وجهك للدين}ولهذا فسرت مخلصاً، فتكون الآية قد تضمنت الصدق والإخلاص؛ فإنَّ إقامة الوجه للدين هو إفراد طلبه بحيث لا يبقى في القلب إرادة لغيره، والحنيف المفرِد لا يريد غيرَه؛ فالصدق أن لا ينقسم طلبك، والإفراد أن لا ينقسم مطلوبك، الأول: توحيد الطلب، والثاني: توحيد المطلوب). ومن جمع الصدق والإخلاص فقد نصح لله ورسوله، وبذلك يكون من المحسنين، وهذه غاية مطالب السالكين. س3: اذكر أنواع التوكل، وكيف يكون تحقيقه؟ التوكل على الله لا يكون في أمور الدنيا وحاجياتها فقط، بل إنه كما يطلب فيها ويثاب عليه وقد يكون واجبا في حقه، فإنه في أمور الدين أولى وأعظم وأنفع، وبذا يكون التوكل نوعان: الأول: توكل عليه في جلب حوائج العبد وحظوظه الدنيوية أو دفع مكروهاته ومصائبه الدنيوية. والثاني: التوكل عليه في حصول ما يحبه هو ويرضاه من الإيمان واليقين والجهاد والدعوة إليه. وتحقيقه يكون بـ: 1- صدق الالتجاء إلى الله وتفويض الأمر إليه (العبادة القلبية). 2- اتباع هداه، وذلك بفعل الأوامر واجتناب النواهي، والقيام بالأسباب التي تدفع الضر وتجلب النفع بإذن الله (بذل السبب، والذي هو مقتضى هداية الله). س4: اذكر درجات الإنابة، وبيّن علامتها التي تصحّ بها. درجات الإنابة: 1- أصل الإنابة، وهو الإنابة من الشرك إلى التوحيد، وهذا ما لا يصح الإسلام إلا به، ومن لم يأت به فهو مشرك كافر، ومن أتى به فيدخل في بشرى الله لعباده: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17)}. 2- إنابة المتقين، وهي الإنابة من المعصية إلى الطاعة، ويدخل فيها من ترك المعصية وعمل الطاعة إنابة إلى الله، ويخرج منها المسرف بالذنوب من العباد: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54)}. 3- إنابة المحسنين، وهي الإنابة بكثرة الطاعات والنوافل، وكثرة ذكر الله والإقبال عليه، وهي أحسن الإنابات وأفضلها، قال تعالى عن أنبيائه: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} وقال عن شعيب أنه قال: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}. أما علامتها التي تصح بها فهي طمأنينة القلب بذكر الله، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27) الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)}. س5: ما هي علل الورع؟ 1- الورع الفاسد، وذلك بالتورع عن الواجب أو المستحب أو المباح الذي له منفعة خالصة أو راجحة، وقد يحمله على ذلك سوء القصد واتباع الهوى، فيلبس عليه، ويظن الباطل حقا والحق باطلا، أو يحمله جهله وقلة علمه ببعض الأحكام على ذلك، قال تعالى: { وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49)}. 2- أن يحمله التورع عن فعل أمر على الوقوع فيما هو أسد منه. 3- أن يحمله الورع على إساءة الظن بمن لم يتورع مثله، فيقع في سوء الطن والازدراء. 4- أن يوقعه الورع في العجب بالنفس، فقد يتورع عن الشبه، ويقع في كبائر الأعمال الباطنة. 5- أن يغلو في ورعه، فيقع في المهالك، والتنطع المودي به لضر نفسه أو من حوله. 6- أن يتكلف تكلفا مذموما، وذلك بترك ما يظنه شبهة لهوى، أو سوء تقدير لعدم علمه وعدم سؤاله الأعلم منه، فيقع في التكلف والوسوسة. 7- أن يقع في الجبن والبخل والبطالة باسم الورع، فيدع واجبات شرعية من صلة ونفقة لأجل ظن أو هوى أو جهل. 8- أن يظن أن الورع هو في باب الترك لا الواجبات. 9- أن يتورع عن الدقائق، ويقع في المحرمات البينات والكبائر. قال عبد الرحمن بن أبي نعم: كنت شاهداً لابن عمر، وسأله رجل عن دم البعوض، فقال: ممن أنت؟ فقال: من أهل العراق. قال: انظروا إلى هذا، يسألني عن دم البعوض، وقد قتلوا ابن النبي صلى الله عليه وسلم، وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «هما ريحانتاي من الدنيا». رواه أحمد والبخاري وغيرهما. 10- أن يحمل نفسه على ورع لا يطيقه، وقد يؤول به الأمر للانفجار بعد التشديد على نفسه وتكليفها ما لا يطيق، والناس في ذلك يتفاوتون، فلا يقس نفسه على غيره ممن بلغ شأوا في ذلك. س6: ما هي أوجه حاجة السالك إلى الصبر؟ لا ينفكّ السالك من حاجة إلى الصبر؛ فهو بين طاعات يصبر نفسه على أدائها، وبين معاصٍ يصبر نفسه عن مقارفتها، وبين أقدار تُقدَّر عليه من مصائب صغرت أو عظمت فيصبر عليها. حتى وهو في حال الصحة والغنى ونعم السرَّاء يحتاج إلى الصبر عن اتّباع الهوى، وعن الاغترار بها، وعن أن تلهيه عن ذكر الله، ولذلك كان من السلف من يعدّ الصبر في السرَّاء أشدّ من الصبر في الضرّاء، وقد روى الترمذي وغيره عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه قال: (( ابتلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالضراء فصبرنا، ثم ابتلينا بالسراء بعده فلم نصبر)). والسالك في طريق الهداية يعرض له الشيطان في كلّ شيء من شأنه، كما في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الشيطان يحضر أحدكم عند كلّ شيء من شأنه)). رواه مسلم وغيره. فيحتاج إلى مصابرة هذا الشيطان الموسوس، والاستعاذة بالله من شرّه، وفعل الأسباب التي يوقى بها من شرّه، والصبر عليها. وتعرض له فتنٌ يحتاج إلى الصبر فيها على اتّباع الهدى حتى يخرج منها بسلام. وتعرض له أحوال في سلوكه يحتاج فيها إلى الصبر على انتهاج المنهج الأصلح له، وإن كان فيه ما تكرهه النفس في بادئ الأمر حتى يفضي به إلى العاقبة الحسنة. كما تعرض للداعية فتن وبلايا في دعوته، فهو أشد ما يحتاج للصبر، وذلك بالصبر على التبليغ، والصبر على الأذى، والصبر في انتظار الهداية الفرج. فالصبر كما يتبين لك يحتاج له المرء في كل حالاته، كما أن الجميع مضطر إليه، والموفق من احتسبه لله خالصا لوجهه الكريم. س7: بيّن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الزهد وعناية السلف الصالح بالزهد ومذاهبهم فيه. هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الزهد التوسط بين الغلوّ والجفاء، وفيه تحقيق للمقاصد الشرعية في حقّ الفرد وفي حقّ الأمة؛ فتقوم مصالح المسلمين على أساس متين من التناصح والقصد وأداء الحقوق في تشاحّ ولا تشاحن؛ ففيه جمع بين إصلاح القلب وإصلاح المجتمع المسلم. ومن تأمّل الأحاديث المرويّة عن النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الزهد وجدها منادية بهذا المنهج القويم والهدى المستقيم الذي لا وكس فيه ولا شطط. 1. قال أنس بن مالك رضي الله عنه: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا كأنهم تقالّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا. وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني» رواه أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم من طرق عن أنس رضي الله عنه. 2. وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: زوَّجني أبي امرأةً من قريش، فلما دخلتْ عليَّ جعلتُ لا أنحاش لها، مما بي من القوة على العبادة، من الصوم والصلاة، فجاء عمرو بن العاص إلى كنته، حتى دخل عليها، فقال لها: كيف وجدت بعلك؟ قالت: خير الرجال أو كخير البعولة من رجل لم يفتش لنا كنفا، ولم يعرف لنا فراشا فأقبل علي، فعذَمني، وعضَّني بلسانه، فقال: أنكحتك امرأة من قريش ذات حسب، فعضلتها، وفعلت، وفعلت ثم انطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكاني، فأرسل إلي النبي صلى الله عليه وسلم فأتيته، فقال لي: «أتصوم النهار؟» قلت: نعم. قال: «وتقوم الليل؟» قلت: نعم قال: «لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأمس النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني». رواه أحمد والنسائي في الكبرى من حديث حصين بن عبد الرحمن عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. 3. وقالت عائشة رضي الله عنها: دخلت علي خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية، وكانت عند عثمان بن مظعون قالت: فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذاذة هيئتها، فقال لي: (( يا عائشة، ما أبذ هيئة خويلة؟)) قالت: فقلت: يا رسول الله، امرأة لا زوج لها، يصوم النهار ويقوم الليل؛ فهي كمن لا زوج لها، فتركت نفسها وأضاعتها. قالت: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن مظعون فجاءه، فقال: ((يا عثمان، أرغبةً عن سنتي؟!" فقال: لا والله يا رسول الله، ولكن سنتك أطلب. قال: ((فإني أنام وأصلي، وأصوم وأفطر، وأنكح النساء، فاتق الله يا عثمان، فإنَّ لأهلك عليك حقا، وإنَّ لضيفك عليك حقا، وإن لنفسك عليك حقا، فصم وأفطر، وصل ونم)). رواه أحمد وأبو داوود والنسائي من حديث ابن إسحاق قال: حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. 4. قال موسى بن علي بن رباح وكان أمير مصر زمن أبي جعفر المنصور: سمعت أبي يقول: سمعت عمرو بن العاص يخطب الناس بمصر يقول: (ما أبعد هديكم من هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم، أما هو فكان أزهد الناس في الدنيا، وأما أنتم فأرغب الناس فيها). رواه أحمد وابن حبان والحاكم. 5. وفي الصحيحين من حديث عبيد عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خبر طويل وفيه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أدم، حشوها ليف، وإن عند رجليه قرظا مضبورا، وعند رأسه أهبا معلقة، فرأيت أثر الحصير في جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكيت، فقال: «ما يبكيك؟» فقلت: يا رسول الله، إن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما ترضى أن تكون لهما الدنيا، ولك الآخرة». 6. وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير فأثر الحصير بجلده، فلما استيقظ جعلت أمسح عنه، وأقول: يا رسول الله، ألا آذنتني قبل أن تنام على هذا الحصير فأبسط لك عليه شيئا يقيك منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما لي وللدنيا، وما للدنيا ولي، ما أنا والدنيا إلا كراكب استظل في فيء، أو ظل شجرة ثم راح وتركها» رواه ابن المبارك في الزهد وأحمد وابن أبي شيبة والترمذي والحاكم وغيرهم من طريق المسعودي قال: حدثنا عمرو بن مرة عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود، وله شاهد من حديث عكرمة عن ابن عباس عن عمر عند أحمد والطبراني وغيرهما. أما السلف الصالح فقد كانت عنايتهم به واضحة، فقد أقاموا العمران، وفتحوا البلدان، ولم يزدهم ذلك إلا زهدا وورعا، وأزهدهم هم الصحابة رضي الله عنهم خير هذه الأمة وأحسنهم هدياً في الزهد وغيره من أعمال القلوب والجوارح، لما علّمهم النبي صلى الله عليه وسلم وأدّبهم به، ولما وقر في قلوبهم من اليقين والإيمان الذي زكّاهم الله به وجعله علامة على الهداية كما قال الله تعالى: {فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا}. ومما ورد عنهم في ذلك: -قال مصعب بن سعد بن أبي وقاص: قالت حفصة لعمر: (ألا تلبس ثوبا ألين من ثوبك، وتأكل طعاما أطيب من طعامك! فقد فتح الله عليك الأرض، ووسع عليك الرزق) فقال: «سأخاصمك إلى نفسك»، فجعل يذكّرها ما كان فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كانت فيه من الجهد حتى أبكاها، فقال: "قد قلت لك: إنه كان لي صاحبان سلكا طريقا، وإني إن سلكت غير طريقهما، سلك بي غير طريقهما، وإني والله لأشاركنهما في مثل عيشهما، لعلي أن أدرك معهما عيشهما الرخي"). رواه عبد الله بن المبارك في الزهد، وإسحاق بن راهويه في مسنده، وابن أبي شيبة في مصنفه، والنسائي في السنن الكبرى، والحاكم في المستدرك، وفي سماع مصعب من حفصة خلاف. - قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لبعض التابعين: (أنتم أطول اجتهادًا، وأطول صلاة، - أو أكثر صلاة - من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا خيرا منكم) فقيل: لم؟ قال: (كانوا أزهد في الدنيا، وأرغب في الآخرة منكم). رواه ابن المبارك في الزهد وابن أبي شيبة في مصنفه وأبو داوود في الزهد من طريق عبد الرحمن بن يزيد النخعي، عن ابن مسعود. أما مذاهبهم في الزهد فينبغي التقديم لها بمقدمة، وهي توضيح مذاهب العلماء في الزهد: -المذهب الأول: مذهب المتقللين، وهم الذين يتقللون من اللباس والمعاش وسائر متع الدنيا، فيكتفون منها بما يتقوّون به على أمور دينهم والتبلّغ في دنياهم، ويكفّون النفس عن طلب ما وراء ذلك. -والمذهب الثاني: مذهب المقتصدين في المعيشة، وهم الذين يكون لهم متاع حسن ظاهر، فيتجمّلون في لباسهم ومعاشهم من غير إسراف، ويظهر عليهم أثر النعمة، ويغلب عليهم الجود والعطاء فيتصدقون، ويُكرمون الضيف، ويصلون الرحم، ويواسون الصديق، وهم على ذلك من الزهّاد. والمقصود التنبيه على أنّ أئمّة الزهّاد من السلف الصالح كانوا على مذاهب في التقلل من الدنيا على اختلاف أحوالهم في الفقر والغنى، فكانوا على أصناف: -الصنف الأول: من كان يتقلّل وهو فقير، فيصبر على الفقر والحاجة، ومنهم كثير من فقراء المهاجرين والأنصار، صبروا على ما بهم من فاقة، ومنهم من كان يؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة. ولما فتح الله على المسلمين ودرّت الأرزاق بقي من هؤلاء من قنع بحاله، وصبر على فقره ولو شاء لتكسّب وأثرى، ومن هؤلاء: أبو ذر الغفاري، وعمير بن سعد الأوسي، وأويس القرني وغيرهم. -والصنف الثاني: من كان يتقلل وهو غنيّ: ومنهم: عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وسلمان الفارسي، وعبد الله بن عمر، وابنه سالم بن عبد الله بن عمر، وطاووس بن كيسان، وغيرهم. - قال أنس بن مالك رضي الله عنه: «رأيت بين كتفي عمر أربع رقاع). رواه ابن المبارك في الزهد، وابن أبي شيبة في مصنفه، وابن أبي الدنيا في إصلاح المال من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس. - قال عيسى بن سالم: أخبرنا أبو المليح عن ميمون بن مهران قال: دخلت على ابن عمر فقوَّمتُ كلَّ شيءٍ في بيته؛ فما وجدته يسوى مائة درهم، قال: ثم دخلت مرة أخرى فما وجدت ما سوى ثمن طيلسان. قال: (ودخلت على سالم من بعده فوجدته على مثل حاله). رواه ابن عساكر. -وقال عبد الله بن المبارك: أخبرنا حنظلة بن أبي سفيان، قال: «رأيت سالم بن عبد الله عليه إزار ثمن أربعة، وقميص ثمن خمسة، وهو موسر» رواه ابن أبي الدنيا في "إصلاح المال". - وقال رمان المرادي: قيل لطاووس: إنَّ منزلك قد استرمّ قال : (قد أمسينا) رواه ابن أبي الدنيا في "قصر الأمل" والبيهقي في شعب الإيمان. يريد أنه لم يبق من الدنيا إلا قليل. وهؤلاء كانوا مع تقللهم واختيارهم اليسير من اللباس والمعاش على عناية حسنة بالطهارة فهو زُهد بتطهّر، وقد رأى طاووس بن كيسان رجلاً مسكينا، في عينيه غمص، وفي ثوبه وسخ، فقال له: (عدّ أن الفقر من الله، فأين أنت عن الماء؟!). وإنما نبّهت على ذلك لئلا يُظنّ في الأئمة الزهّاد ما لا يليق بهم من التقذّر. -والصنف الثالث: من كان يتجمّل في لباسه ويتخيّر الجيّد من الطعام في غير إسراف، ومنهم: تميم الداري، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وأبو قلابة الجرمي، ومالك بن أنس، وغيرهم كثير. - قال محمد بن سيرين: (اشترى تميم الداري حُلَّة بألف، كان يصلي فيها). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب الزهد لأبيه. - وقال ابن عون: « ما أتينا محمد بن سيرين في يوم قط إلا أطعمنا خبيصاً أو فالوذجاً». رواه أبو نعيم في الحلية وابن عساكر في تاريخ دمشق. - وقال أيوب السختياني: رآني أبو قلابة وأنا أشتري تمراً رديئاً؛ فقال: «قد كنت أظنّ أنَّ الله تعالى قد نفعك بمجالستنا، أما علمت أن الله تعالى قد نزع من كل رديء بركته؟» رواه أبو نعيم. - وقال مطرف بن عبد الله اليساري: (كان مالك بن أنس طويلا عظيم الهامة، أصلع، أبيض الرأس واللحية، أبيض شديد البياض إلى الشقرة، وكان لباسه الثياب العدنية الجياد). رواه ابن سعد. -وقال مصعب بن عبد الله الزبيري: كان مالك يلبس الثياب العدنية الجياد، والخراسانية والمصرية المرتفعة البِيض، ويتطيب بطيب جيد، ويقول: (ما أحب لأحد أنعم الله عليه إلا ويرى أثر نعمته عليه، وخاصة أهل العلم) وكان يقول: (أحبّ للقارئ أن يكون أبيض الثياب). ذكره القاضي عياض. س8: اذكر أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة أعمال القلوب. - الفائدة العلمية، وذلك باستعراض أعمال القلوب، وحسن ترتيبها، والاستدلال على نقاطها، مع الشمول والاختصار المفيد غير المخل، والثراء المعرفي بذكر أقوال السلف ومعرفة مصطلحاتهم وتقسيماتهم واستنباطاتهم. - الفائدة العملية، وذلك بتذكير المرء نفسه أولا وقبل كل شيء بالسبب الأول الذي دعاه للعلم والمعرفة، والعودة للمربع الأول مربع القلب والنية والإخلاص والتوكل، والذي يظن المرء أنه آت به، فإذا بالنسيان وكثرة الاعتياد يذهبان بمقتضاه، ويجد المرء أنه قد تعداه لغيره، وبدأ يشعر بقلة أثر هذه الأعمال القلبية على نفسه وحياته، فمثل هذه الدروس تجعل المرء يعيد حساباته، ويتذكر أسباب دراسته في المقام الأول، ويتعظ بما يقرأ ويحفظ. -مهما قرأ المرء وشاهد في مثل هذه المواضيع، فإنه يكتشف أنه محتاج دوما للتذكير، جاهل دوما ببعض الأمور، غير مطلع على كل النصوص فيها، وغير واع أحيانا بما اطلع عليه سابقا، فيتجدد الوعي والتذكر والفهم والاتعاظ، وهذا لعمر الله هو المقصد الأول من وراء هذه المجالس. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المجموعة الأولى:
س1: بيّن منزلة الخوف من الله الخوف هو أصل تقوى الله، فإن تعريف التقوى: هي أن يجعل العبد بينه وبين ما يخشاه وقايه، وبين الله سبحانه وتعالى أنه سبحانه هو الذي يجب أن يفرد بالخوف فقال سبحانه وتعالى ": {إنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيطَانُ يُخَوِّفُ أوْلِيَآءَهُ فَلاَ تَخَافُـوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} وقال تعالى: {وإياي فارهبون} وقال تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} وقال تعالى: {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى} وقد جعل هذا الأصل العظيم شرط من شروط العبادة مع المحبة والرجاء فيعبد الله سبحانه بالمحبة والخوف والرجاء ويعرف أنه عباده بأمور منها: =أن الله أمر به فقال "وخافون" =وأن الله جعله شرطا للإيمان ومقتضى من مقتضياته "وخافون إن كنتم مؤمنين" =وأن الله سبحانه وتعالى يحب أن نخاف منه وأيضا أنه أثنى على من يخافه قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) . س2: كيف يكون تحقيق الاستعانة؟ تحقيقها يكون بأمرين: -أحدهما: أن يوجه العبد قلبه لله فلا يلتفت إلى فبذلك يكون التوجه إلى الله في طلب النفع أو دفع الضر أو تدبير الأمور كلها صغيرها وكبيرها. -والآخر: بفعل الأسباب التي هدى الله لها على حسب كل مطلوب. وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين هذين الأصلين العظيمين في حديث أبي هريرة عند مسلم حيث قال " : ))احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز(( فأرشدنا صلى الله عليه وسلم إلى: الحرص على ما ينفع سواء في الدين أو الدنيا والاستعانة بالله وعدم العجز وهو ترك بذل الاسباب مع القدرة عليها فالحرص على ما ينفع يسبق الاستعانة ويدفع لطلبها، ثم بين لنا صلى الله عليه وسلم أن طلبها يكون من الله سبحانه وتعالى، ثم بعد ذلك يبذل الأسباب التي أذن به الله فإذا فعل هذه الأمور الثلاثة فإنه قد حقق الاستعانة. س3: بيّن معنى الصدق، وكيف يكون الصدق في العمل والحال؟ الصدق في اللغة ظاهر وشواهده كثيرة، بل إن الصدق يوصف به السبب الذي لا يكاد يتخلف تأثيره، والأداة التي يطابق عملها ما صنعت له؛ فيقولون: سيفُ صدقٍ، ورمح صدق، وقوس صدق، وثوب صدق، ونحو ذلك إذا كانت جيدة حسنة تؤدي ما صنعت له. والشواهد من كلام العرب وأشعارهم كثيرة منها: قول تأبط شراً: بل من لعذَّالة خذَّالة أشِب .....حرَّق باللوم جلدي أي تحراق يقول أهلكتَ مالاً لو قنعت به .....من ثوبِ صدق ومن بزّ وأعلاق وقول عنترة: إذا كذب البرق اللموع لشائم.....فبرقُ حسامي صادق غير كاذب والصدق يكون في القول والعمل والحال فأما صدق القول هو بأن يقول الحقيقة المطابقة لواقع الأمر وأما صدق العمل : فهو بأن يعمل بما يصدق ويوافق كلامه وعزمه وما أريد به، لأنه إن عمل بما يخالف قوله فهو منافق كما قال تعالى : {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون} وقد يكون منافقا أصليا لم يدخل الإسلام من البداية بل كذب من أول أمره ليكيد للمسلمين بعد أن يأمنوه على أنفسهم. وقد يكون منافقا مرتدا نكص على عقبيه بعد أن عرف الحق وعمل به فصار يقول به فقط ولا يعمل به وأما صدق الحال: فهو مطابقة الحال للهدي الصحيح، فإنه قد يصدق في القول وفي العمل ويكون قوله وعمله ليس على الهدي الصحيح فهنا يكون صدقه ناقصا لهذه المرتبة والصدق في هذه المراتب الثلاث هو الصدق الكامل المطلوب من العبد أن يكون عليه حتى يكون من الصادقين ولا يكون من المنافقين فقد قال تعالى في كتابه: {ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم}. س4: بيّن أحكام وأقسام الناس في التوكّل القسم الأول: من لم يحقق عبادة التوكل بل صرفها لغير الله وحكمه أنه وقع في الكفر والشرك والضلال، الدليل قوله تعالى: : {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين}فقدم الجار والمجرور لإفادة الحصر، كما صرح به في قوله تعالى: {ألا تتخذوا من دوني وكيلا}. وقال: {وعلى الله فليتوكل المتوكلون} وقال تعالى: {قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا} والقسم الثاني: الذين لم يصرفوا هذه العبادات لغير الله جل وعلا؛ لكنهم وقعوا في التفريط في واجبات التوكل ولم يحققوه؛ وهذا يقع بأمور منها أن يتعلقوا بالأسباب فيضعف اعتماد قلوبهم على ربهم مع اعتقادهم أن النفع والضر بيد الله وحده وقد يقع بسبب التفريط في الأسباب الواجبة. وهذا هو حال عصاة الموحدين وهم أصحاب الكبائر. والقسم الثالث: الذين حققوا عبادة التوكل على الله ؛ ففوضوا الأمور إلى الله مع بذل الأسباب المشروعة وأصحاب هذه الدرجة هم المؤمنين الاتقياء وهم متفاضلون في هذه العبادة تفاضلا كبيرا بحسب ما يقوم في قلوبهم من تحقيق هذه العبادة الجليلة. س5: ما هي درجات الخشية؟ درجات الخشية ثلاثة: =الدرجة الأولى: درجة أصل الخشية : وهي التي تحمل العبد على الدخول في الاسلام وترك ما يناقضه من كفر وشرك وغيرهم وهي الفارقة بين الاسلام والكفر، وأهلها وإن كانت تقع منهم بعض الكبائر فإنهم يشتركون مع أهل الخشية في نصيب من الثواب لأنها تحجزهم عن الكفر الذي يحرم صاحبه من الثواب ويوقعه في العقاب وهي درجة عصاة المسلمين من أصحاب الكبائر =الدرجة الثانية: درجة عباد الله المتقين الذين حملتهم الخشية على فعل الطاعات واجتناب المحرمات فاستقاموا على أمر الله ونهيه =الدرجة الثالثة: درجة المحسنين، الذين حملتهم الخشية على عبادة الله كأنهم يرونه فسارعوا في عمل الخيرات واتقوا الشبهات والمكروهات وتقربوا إلى الله بفعل القرب والنوافل من العبادات وهم أصحاب مرتبة الإحسان. س6: ما هو الزهد الفاسد؟ وما هي علل الزهد؟ الزهد الفاسد هو خالف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فهديه صلى الله عليه وسلم خير الهدي فهو إمام الزاهدين ولا يصح أن يأتي أحد من هذه الأمة أو غيرها بأفضل من زهده ولذلك فإن معرفة الزهد الفاسد يتجلى بمعرفة زهد النبي صلى الله عليه وسلم وطريق معرفته هو الأحاديث التي صحت عنه صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ومنها: -قال أنس بن مالك رضي الله عنه: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا كأنهم تقالّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا. وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني» رواه أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم من طرق عن أنس رضي الله عنه. -وقالت عائشة رضي الله عنها: دخلت علي خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية، وكانت عند عثمان بن مظعون قالت: فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذاذة هيئتها، فقال لي: (( يا عائشة، ما أبذ هيئة خويلة؟)) قالت: فقلت: يا رسول الله، امرأة لا زوج لها، يصوم النهار ويقوم الليل؛ فهي كمن لا زوج لها، فتركت نفسها وأضاعتها. قالت: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن مظعون فجاءه، فقال: ((يا عثمان، أرغبةً عن سنتي؟!" فقال: لا والله يا رسول الله، ولكن سنتك أطلب. قال: ((فإني أنام وأصلي، وأصوم وأفطر، وأنكح النساء، فاتق الله يا عثمان، فإنَّ لأهلك عليك حقا، وإنَّ لضيفك عليك حقا، وإن لنفسك عليك حقا، فصم وأفطر، وصل ونم)). رواه أحمد وأبو داوود والنسائي من حديث ابن إسحاق قال: حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة فدلنا النبي صلى الله عليه وسلم من خلال هذه الأحاديث إلى معنى الزهد الصحيح وبين أنه لا يؤدي إلى ضياع الحقوق والواجبات التي تلزم العبد وتتعلق بها ذمته فإن وقع ذلك فهو ليس من الزهد الممدوح. == وللزهد علل ينبغي أن يحذرها العبد ومنها: -أن يقع في الزهد البدعي وهو ما يكون فهي مخالفة للسنة -أن يشتغل القلب بحظوظ النفس الدنيوية من الزهد فيتزهد ليعظم شأنه كمن يتزهد في اللباس والمعاش قال ابن القيم: (أفضل الزهد إخفاء الزهد، وأصعبه الزهد في الحظوظ). -ومنها العجب بنفسه وبزهده والنظر إلى الناس بعين الازراء. -ومنها تسمية العجز والكسل والبطالة زهدا قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (كثيرا ما يشتبه الزهد بالكسل والعجز والبطالة عن الأوامر الشرعية، وكثيرا ما تشتبه الرغبة الشرعية بالحرص والطمع والعمل الذي ضلَّ سعي صاحبه). -الزهد البارد وهو الزهد في بعض ما ينفع في الآخرة مع تيسره قال ابن تيمية: (الزهد هو عما لا ينفع إما لانتفاء نفعه أو لكونه مرجوحاً لأنه مفوّت لما هو أنفع منه، أو محصّل لما يربو ضرره على نفعه، وأما المنافع الخالصة أو الراجحة فالزهد فيها حُمْق). -ومنها يسمى الزهد من الدنيا وذمها زهدا فيطلبها حتى إذا استيأس منها ذمها وعد نفسه زاهدا فيها، وهذا ليس الزهد المشروع فإن الزهد المشروع هو الذي يكون فيه الحامل هو الرغبة في الآخرة قال ابن تيمية: (المحمود في الكتاب والسنة إنما هو إرادة الدار الآخرة، والمذموم إنما هو من ترك إرادة الدار الآخرة، واشتغل بإرادة الدنيا عنها؛ فأما مجرد مدح ترك الدنيا فليس في كتاب الله ولا سنة رسوله، ولا تنظر إلى كثرة ذمّ الناس الدنيا ذمّا غير ديني؛ فإن أكثر العامّة إنما يذمونها لعدم حصول أغراضهم منها؛ فإنها لم تصف لأحد قط، ولو نال منها ما عساه أن ينال)ا.ه س7: اكتب عن صبر النبي صلى الله عليه وسلم. صبر النبي صلى الله عليه وسلم صبرا عظيما جميلا امتثالا لأمر ربه تبارك وتعالى حيث قال له: ": {فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل} فصبر على طاعة الله سبحانه وتعالى، وصبر على تبليغ رسالته إلى العباد، ثم قارن التبليغ أنواع من الصعاب تطلبت أنواعا عظيمة من الصبر منها الصبر على أذى المشركين ومنها الصبر على دعوة المسلمين وتعليمهم أمور دينهم وصبر على أنواع الطاعات مثل صبره على قيام الليل حتى تفطرت قدماه وصبر على ذكر الله حتى انه ربما استغفر في المجلس الواحد أكثر من مائة مرة وصبر على قراءة القرآن آناء الليل وأطراف النهار وتعليمه للصحابة وصبر على الصدقة حى وصف بأنه كان أسرع بالخير من الريح المرسلة وصبر في قتال المشركين فكان اشجع الناس وكان في مقدمه أصحابه عند اشتداد المعركة وصبر على عرض الدنيا عليه كما وقع من المشركين حينما عرضوا عليه الملك والمال والنساء ورفض كل هذا وصبر ولأنه كان خير الناس فكان هو أشدهم بلاء كما في الحديث الذي رواه سعد بن أبي وقاص قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أشد بلاء؟ فقال: ((الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل علي حسب دينه، فإن كان رقيق الدين ابتلي على حسب ذاك، وإن كان صلب الدين ابتلي على حسب ذاك)). قال: ((فما تزال البلايا بالرجل حتى يمشي في الأرض وما عليه خطيئة)). رواه أحمد والدارمي وابن ماجه والترمذي والنسائي في الكبرى وغيرهم - وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك، فمسسته بيدي، فقلت: يا رسول الله إنك لتوعك وعكا شديدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم». قال: فقلت: ذلك أن لك أجرين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أجل» س8: اذكر أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة أعمال القلوب =درسة بعض العبادات القلبية التي تعين على التعبد بها على بصيرة . =التعرف على فضل أعمال القلوب وبيان أنها الأصل لعبادات الجوارح. =دراسة تفاصيل بعض العبادات مثل المحبة والرجاء والخوف والخشية والتوكل والإنابة والاستعانة والزهد والورع وغيرها. =التمييز بين ما يكون من أصل العبادة وما يكون من كمالها . =معرفة ما يترتب على الإخلال بإصل العبادة وما يترتب على الإخلال بكمالها. =التعرف على معاني بعض العبادات مما يعين على التعبد لله بها كمعرفة معنى الخوف ومعنى الخشية مما يعين على التفريق بينهما فيتمكن العبادة من التقرب إلى الله بكل منهما. =التعرف على مراتب الناس في تحقيق بعض أنواع العبادات القلبية. =بيان الأمور التي إذا دخلت على بعض هذه العبادات سببت فسادها والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين والحمد لله رب العالمين. |
مجلس القسم الثاني من دورة أعمال القلوب لفضيلة الشيخ عبد العزيز الداخل -حفظه الله. س1: بيّن منزلة الخشية والإنابة. منزلة الخشية والإنابة هما منزلتان من منازل مدارج السالكين الصراط المستقيم وهما عملان جليلان من أعمال القلوب اللذان يحبهما الله يرضاهما لعبادة المؤمنين الموحدين السالكين للصراط المستقيم في الدنيا المفضي إلى اجتياز الصراط المستقيم في الآخرة،وهما منزلالتان مقترنتان لا يفترقان ،ومن سلكهما كان من المصطفين الأخيار ومن المهتدين. والخشية :هي شدة الخوف المبني على العلم بعظمة الله وجماله وجلاله وكل أسماءه الحسنى وصفاته ،والهيبة منه - سبحانه- . والدليل :قوله تعالى:{إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَماءُ}. وحقيقة الخشية تقوم على أصلين عظيمين : الأصل الأول : العلم عن الله. الأصل الثاني : تقوي الله . واجتماع هذاين الأصلين في قلب المؤمن يثمر عبادات عبادات عظيمة في قلبه من المحبة والخوف والرجاء التي هي أصل العبادات القلبية وغيرها، وهم أيضا من أسباب الخشية،إذا فكلما زاد العلم عن الله وتقواه زاد العبادات القلبية التي من أعمدتها المحبة والخوف والرجاء ،وهذه العبادات من أسباب زيادة الخشية وهكذا يكون العبد في زيادة دائمة . فأسباب الخشية الحاملة عليها هي: السبب الأول: محبة الله جل وعلا، المحبة تحمل على الخشية من الانقطاع عن الله جل وعلا والحرمان من رضوانه. السبب الثاني: الرجاء ، فإنَّ صدق الرجاء يحمل على الخشية من فوات ثواب الله عز وجل وفضله العظيم. السبب الثالث: الخوف، فالخوف الصادق يحمل على خشية التعرض لسخط الله وعقابه. للخشية درجات هي: الدرجة الأولى: أصل الخشية، وهي الخشية التي تحمل العبد على الدخول في الإسلام وعبادة الله وحده لا شريك له واجتناب الشرك وما ينقض الإسلام،هي الفارقة بين الإسلام والكفر، وهي درجة عصاة المسلمين من أصحاب الكبائر. الدرجة الثانية: درجة المتقين،الذين يخشون الله في السر والعلانية باجتناب ما حرَّم الله، وامتثال ما أمر الله ،فلهم الأمن والفضائل والبركات التي جعلها الله لعباده المتقين. والدرجة الثالثة: درجة المحسنين ،الذين يعبدون الله كأنهم يرونه فإن لم يكونوا يرونه فأنه يرونه، فيسارعون في الخيرات وهي أعلى مراتب الدين. ومن أهم ثمرات منزلة الخشية: منزلة الإنابة وهي:الرجوع والإقبال على الله عزوجل . والدليل : قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}الزمر ،وقوله:{وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ}: أي أقبلوا إلى ربكم. إذا يستنبط من هذه الآية أن أسباب الإنابة ثلاث وهي السبب الأول: المحبة ،أي محبة الله عزوجل ،فمن أحب الله أناب إليه. السبب الثاني: الرجاء في رحمته ومغفرته وفضله . السبب الثالث: الخوف من عذابه . فمن أحب الله تعالى أناب إليه، ومن رجا فضله تعالى أناب إليه، ومن خاف عذابه أناب إليه. ومن ثمرات الإنابة: الهداية إليه ،والدليل :قوله تعالى:{قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ } فإذا اهتدى العبد إلى الله حصلت له الخشية ولابد ،والدليل قوله تعالى: {وأهديك إلى ربك فتخشى}. إذا بين الخشية والإنابة تناسب وتلازم ؛ فالخشية تقتضي الإنابة ، والإنابة ثمرة الخشية. والإنابة درجات كما أن الخشية درجات س2: بيّن معنى الإخلاص ودرجاته. الإخلاص في اللغة: التصفية ، وهو مصدر أخلص يُخلص إخلاصاً. شرعاً: تصفية الأعمال بصالح النية من شوائب الشرك بالله جل وعلا، وإفراد الله تعالى وحده بالعبادة. والدليل:قوله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة}.البينة درجات الإخلاص: وللإخلاص ثلاث درجات هي: الدرجة الأولى :الذين معهم أصل الإخلاص، وهو الكفر بالطاغوت وعبادة الله وحده لا شريك له، لكنهم وقعوا في بعض كبائرالذنوب مثل الشرك الأصغر من الرياء والسمعة في بعض الأعمال وغيرها من الكبائر ؛ فهم من أهل الوعيد من المسلمين ،فما معهم من أصل الإخلاص يمنعهم من الخلود في النار، ويدخلهم الجنة بإذن الله تعالى، وتنفعهم شفاعة الشافعين. الدرجة الثانية: درجةالمتقون ؛الذين حققوا القدر الواجب من الإخلاص،بفعل الواجبات واجتناب المحرمات، فاجتنبوا الشرك الأكبر والأصغر كالرياء والسمعة وطلب الدنيا بعمل الآخرة . الدرجة الثالثة: درجة المحسنون ؛الذين حققوا الكمال المستحب في الأخلاص ،فعبدوا الله كأنهم يرونه فأن لم يكونوا يرونه فأنه يراهم وهم الذين استكملوا الإيمان لما استكملوا الإخلاص . س3: بم يُنال الصدق؟ ينال الصدق بعلم اليقين الذي لا يتطرقه شك في الأخبار والأحكام ،فيستوي في قلب الصادق الغيب والشهادة ،فيصدق بالثواب والعقاب ؛فيكون الغيب الذي أخبر به الله سبحانه وتعالى ورسوله كمشاهدة عنده بل ربما قد يُكذب بصره فيما يبصر ولا يُكذب الأخبار ؛ولهذا لُقب أبو بكر رضي الله عنه بالصديق ،و قيل عنه ما سبقكم أبا بكر بكثرة صيام ولا صلاة ولكن شئ وقر في قلبه ،ألا وهو اليقين بما جاء به صلى الله عليه وسلم ،والذي استحق به لقب الصديق. والدليل:أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قام خطيباً على المنبر بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم بسَنة؛ فقال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامي هذا عامَ الأوَّل ثم بكى أبو بكر. ثم قال: (سلوا الله العفو والعافية؛ فإنَّ الناس لم يعطوا بعد اليقين شيئاً خيراً من العافية، وعليكم بالصدق فإنه مع البرّ، وهما في الجنة، وإيَّاكم والكذب؛ فإنه مع الفجور، وهما في النار، ولا تقاطعوا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا إخواناً كما أمركم الله عزَّ وجلَّ). س4: الناس في إرادة الدنيا على ثلاثة أقسام، اذكرها. القسم الأول: الكفار ومن في حكمهم ممن ارتكب ناقضا من نواقض الإسلام :وهم الذين آثروا الحياة الدنيا على الآخرة إيثاراً مطلقاً فليس في قلوبهم إلا هماً واحداً وهو هم الدنيا. القسم الثاني: أهل الفسق من المسلمين :وهم الذين يؤثرون الدنيا على الآخرة فتركوا بعض الواجبات واقترفوا بعض المحرمات مع بقائهم على أصل الدين من التوحيد واجتناب نواقض الإسلام. القسم الثالث:السعداء الفائزون:وهم الذين استعانوا بأمور الدنيا على ما ينفعهم في الآخرة، فأخذوا من الدنيا ما يقويهم على طاعة الله . س5: ما معنى الإنابة؟ وما الأسباب الحاملة عليها؟ معنى الإنابة لغة: الرجوع والإقبال. وشرعاً:الرجوع والإقبال على الله عزوجل . والدليل : قوله تعالى::{وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ}: أي أقبلوا إلى ربكم. وقال أبو منصور الأزهري: (أناب فلان إلى الله إنابة، فهو مُنيب، إذا تاب ورجع إلى الطاعة). الأسباب الحاملة عليها: قول تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}الزمر السبب الأول: محبة الله عزوجل، وذلك بمعرفة الله بأسمائه الحسنى و صفاته العلى المقتضية لمحبته فهو ربهم وهم عباده، وهو الرحيم الذي لا ينبغي أن ييأس عبادُه من رحمته، ولا ينبغي أن تمنعهم ذنوبهم من الإقبال عليه فهو الغفور الذي يغفر الذنوب جميعاً مهما بلغت؛ وهو الودود الذي تودد إلى عباده بحسن مخاطبتهم رحمة بهم وإحساناً إليهم مع غناه عنهم جل وعلا من قوله{يا عبادي}. السبب الثاني: الرجاء في رحمته ومغفرته وفضله العظيم ،من قوله تعالى:{لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} السبب الثالث: الخوف من عذابه جل وعلا،من قوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} س6: ما هي الأسباب المعينة على تحصيل الورع؟ من الأسباب المعينة على تحصيل الورع: 1-الخوف من الله، وتقواه وهي أصل الورع 2-العلم النافع، وبه تحصل البصيرة بما يجب أن يتورع منه. 3- الزهد في الدنيا. 4- الصبر، ولوهو واجب في تحصيل الورع. 5: العزيمة الصادقة والقوّة في دين الله، لأنه لا يصح الورع مع الضعف والوهن. س7: ما الفرق بين الزهد والورع؟ الزهد :هوترك الرغبة فيما لا ينفع في الآخرة من فضول المباح التي لا يستعان بها على طاعة الله ،والدافع له إيثار الآخرة على الدنيا . الورع :هو ترك ما يضر في الآخرة من ترك المحرمات والشبهات خشية عقاب الله ،والدافع له تقوى الله والسلامة من حصول الأثم . س8: اذكر أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة أعمال القلوب. من أهم الفوائد التي استفدتها من خلال دراستي لدورة أعمال القلوب : 1- لمست كم نحن محتاجون إلى تزكية قلوبنا وتطهيرها من الأمراض أوالوقاية منها. 2- التعرف على أمراض القلوب وعللها وطرق الوقاية منها. 3- أن سلامة قلب العبد سبب في نجاته في الدنيا والآخرة حيث لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. 4- سلامة القلب ليست بالتمني ولكن بالجهاد والعمل المستمر ومن قبلهم الدعاء والاستعانه بالله. 5- أهمية طلب العمل ،فكل علل القلب سببها الجهل. 6- مناسبتها لواجب الوقت حيث أننا درسناها ونحن مقبلون علي خير الأيام ؛أيام العشر من ذي الحجة ،لترق قلوبنا فيها. 7- أهمية الذكرى للمؤمنين فأنها تنفعهم. 8- جمع شيخنا الكريم المادة العلمية جمع وافي وشامل فيسهل علينا تدريسهامرة أخري . فقد استفدت منها فوائد كثيرة لا تعد ولا تحصى ،وفعلا استمتعت أثناء دراستي لهذه الدورة المباركة. |
المجموعة الثانية:
س1: الخوف من الله تعالى على ثلاثة أنواع باعتبار الأسباب الحاملة عليه، اشرحها باختصار. الخوف له أنواع ثلاثة: 1- خوف المحبين وهو خوفهم أن يسخط الله عليهم ويحرمهم رضوانه ولذة النظر إلى وجهه تعالى ، فيجتنبون معاصيه التي تحرمهم هذه النعم .قال النبي صلى الله عليه وسلم:((وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة)).كما أن عقوبة الكفار منعهم من رؤية وجهه سبحانه وتعالى .قال تعالى: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون . ثم إنهم لصالوا الجحيم}. فالله أملهم وملجأهم ونصيرهم يستمدون منه قوتهم وأنسهم وأسباب حياتهم فيخافون أشد الخوف من اقتراف الذنوب التي تفقدهم هذه البركات فيتقون الله . قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (خمسٌ احفظوهن، لو ركبتم الإبل لأنضيتموهنّ قبل أن تدركوهن: لا يخافنّ العبدُ إلا ذنبَه، ولا يرجُ إلا ربَّه، ولا يستحيِ جاهلٌ أن يسأل، ولا يستحيِ عالمٌ إن لم يعلم أن يقول الله أعلم، والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، إذا قطع الرأس نتن باقي الجسد، و لا إيمان لمن لا صبر له). 2- خوف المؤمنين المتقين وهو الخوف من العذاب الدنيوي والأخروي، قال الله تعالى في صفات المؤمنين {وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28)}. فيجتنبون كبائر الذنوب ويحاسبون أنفسهم باستمرار،قال ذو النون المصري: (الخوف رقيب العمل). 3-خوف الصالحين العاملين المجتهدين يخافون أن تضيع أعمالهم سدى فيجتنبون محبطات العمل العامة وهي نقائض الإسلام التي تحبط جميع العمل . قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65)بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)}. كما يجتنبون المحبطات الخاصة من رياء أصغر ومنة وغيرها س2: بيّن فضل الصدق تتبين فضائل الصدق من خلال حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرَّى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقاً، وإياكم والكذب فإنَّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرَّى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)). وهي كالآتي: 1-الصدق في القول أو العمل أو الحال يقود إلى أعمال البر ويدل لهذا قول الله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)} 2-أن الصدق يؤدي إلى الاستقامة والهداية، والصادق يوفق لصدق آخر ولا يزال العبد يتحرى الصدق ويكثر منه حتى يكتب عند الله صديقاً وهي مرتبة لايسبقها إلا مرتبة النبوة .كما أن الكذب يقود إلى أعمال الفجور؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (الشرك وسائر البدع مبناها على الكذب والافتراء، ولهذا فإنَّ كلَّ من كان عن التوحيد والسنة أبعد كان إلى الشرك والابتداع والافتراء أقرب، كالرافضة الذين هم أكذب طوائف أهل الأهواء وأعظمهم شركاً؛ فلا يوجد في أهل الأهواء أكذب منهم ولا أبعد عن التوحيد).اهـ. 3-أصحاب الصدق ينظرون بنور الله ويفقهون ما بينه الله في كتابه . 4-الصدق سبب السعادة كما أن الكذب سبب الشقاء وقد قسم سبحانه الخلق إلى قسمين: سعداء وأشقياء، فجعل السعداء هم أهلَ الصدق والتصديق، والأشقياء هم أهلَ الكذب والتكذيب. 5-الصدق منجاة للعباد ينفعهم يوم القيامة وهو دليل الإيمان كما أن الكذب دليل الكفر والنفاق قال ابن القيم في فوائد قصة غزوة تبوك كيف نجَّى الله الثلاثة الذين خلفوا بالصدق: (ومنها: عِظَم مقدارِ الصِّدق، وتعليقُ سعادة الدنيا والآخرة، والنجاة مِن شرهما به، فما أنجى الله مَن أنجاه إلا بالصدق، ولا أهلك مَن أهلَكه إلا بالكذب، وقد أمر اللهُ سبحانه عِباده المؤمنين أن يكونوا مع الصادقين، فقال: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ َآمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} والله سبحانه أنجى الثلاثَةَ بصدقهم، وأهلكَ غيرَهم من المخلَّفين بكذبهم، فما أنعم اللهُ على عبدٍ بعد الإسلام بنعمة أفضل من الصدق الذى هو غِذاء الإسلام وحياتُه، ولا ابتلاه ببلية أعظمَ من الكذب الذى هو مرضُ الإسلام وفساده. والله المستعان) اهـ. س3: بيّن منزلة التوكلّ. 1-التوكل عبادة من أعظم العبادات. 2- جامع لعبادات عظيمة من التذلل لله، والخضوع إليه، والالتجاء إليه، والتسليم له، والثقة به، ورجائه وتفويض الأمر إليه، وحسن الظن به، والرضا به، واعتقاد أن النفع والضر بيده وحده جلَّ وعلا. 3-التوكل يستلزم الإيمان بأسماء الله الحسنى وصفاته العليا. س4: بيّن منزلة الشكر ودرجاته. -منزلة الشكر: 1-الشكر من أشرف أعمال القلوب، وأعلاها. 2-الشكر نصف الإيمان. 3- أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم وسائر الرسل قبله ،وجميع خلقه بالشكر وأثنى عليهم به. قال الله تعالى: {بل الله فاعبد وكن من الشاكرين}. وقال عن إبراهيم: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121)} وقال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)} وقال: {وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)} 4-الشكر من مقامات الخاصة قال ابن القيم: (ويا عجبا! أي مقام أرفع من الشكر الذي يندرج فيه جميع مقامات الإيمان، حتى المحبة والرضا، والتوكل وغيرها؟!! فإن الشكر لا يصح إلا بعد حصولها، وتالله ليس لخواصّ أولياء الله، وأهل القرب منه سبيل أرفع من الشكر ولا أعلى)ا.هـ -فضائل الشكر: 1-أهله هم أهل المنن والعطايا والزيادات كما قال الله تعالى: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنّكم .. }. 2-الشكر يمنع العذاب ويزيله؛ فقال تعالى: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)} 3-والشكر يميز المؤمن من الكافر ؛ كما قال تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)} قال الله تعالى في خبر سليمان عليه السلام: { فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)}. 3-قلب الشاكر قلب طيب ينتفع بالنعم ويظهر أثرها عليه ويزيده الله من فضله حتى يبلغه الدجات العليا .قال الله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58)} وقلب الكَفور قلب خبيث لا يقبل النعمة، ولا يظهر أثرها عليه، وإن جهد في بعضها فلا يلبث خبث طبعه وسوء قصده أن يغلبه فلا ينتفع بتلك النعمة، ولا يظهر عليه شيء من أثرها إلا بنكد ولأواء. 4-تولى الله جزاء الشاكرين بغير حدود .قال تعالى: {وسيجزي الله الشاكرين} س5: بيّن درجات الورع، وحاجة السالك إلى الفقه في الورع. درجات الورع: 1-أصل الورع، يكون عند كل مسلم مالم يفعل ما ينقض الإسلام من كفر وشرك ،لا يسمى صاحبها ورعاً مع أن عنده أصل الورع والتقوى وذلك لأنه يأتي الفجور . 2-الورع الواجب، يتقي الذنوب والكبائر ويفعل الواجب ويترك المحرم وهو ورع المتقين ولكنه قد يأتي الشبهات أوالمكروهات 3-الورع المستحبّ وهو على مرتبتين: 1- ترك الشبهات، والاستبراء منها، وبه يحصل تمام التقوى ؛فيرقى العبد إلى مراتب الإحسان. 2-ترك المكروهات، وما يؤدي إلى الشبهة أو الفتنة ، أو إلى اختيار مفضول على فاضل. وفي الصحيحين من حديث ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف قال: «اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم وأتوني بأنبجانية أبي جهم، فإنها ألهتني آنفا عن صلاتي» فترك النبي صلى الله عليه وسلم ما هو مباح في الأصل حتى لا يُشغله عن صلاته؛ لكن لما كان هذا العمل فيه نصّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أصبح لبس ما فيه أعلام تشغل المصلّي عن صلاته مكروهاً. حاجة السالك إلى الفقه في الورع: - قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (يحتاج المتدين المتورع إلى علم كثير بالكتاب والسنة والفقه في الدين وإلا فقد يفسد تورعه الفاسد أكثر مما يصلحه كما فعله الكفار وأهل البدع من الخوارج والروافض وغيرهم). وفقه الورع يقوم على أصول العلم والتقوى والصبر. وعماده: معرفة خير الخيرين وشرّ الشرين، والبصيرة بالمخارج من المضايق، والبصيرة بما يُصلح النفس. ينبغي للسالك أن يكون له فقه في الورع بأن: 1-يعرف أصوله ودرجاته ومراتبه، وما يصحّ منه وما لا يصحّ، 2-معرفة ما يلزمه من ترك ما أراد التورّع عنه، وأن يوازن المصالح والمفاسد. 3-يعرف مذاهب العلماء في الورع، وما يحتمله هو من الورع؛ حتّى لا يحمل نفسه على ما لا تطيق فيعجز ويقع في شرّ مما أراد التورّع عنه. 4-أن يأتسي بأهل الورع في زمانه، ولا سيما في المسائل النازلة التي ليس فيها نصّ ولا أثر وخفي عليه طريق الاجتهاد فيها. - قال ابن وهب: (حدثني مالك أن محمد بن سيرين قد ثَقل وتخلَّف عن الحج، فكان يأمر من يحج أن ينظر إلى هدي القاسم ولَبوسه وناحيته؛ فيبلّغوه ذلك؛ فيقتدي بالقاسم). س6: هل يُشرع سؤال الصبر؟ وما الأسباب المعينة على الصبر؟ - لا يشرع سؤال الصبر قبل البلاء بل الذي يشرع هو سؤال العافية لأن سؤال الصبر كأنه سأل البلاء عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل وهو يقول: اللهم إني أسألك الصبر. فقال: ((قد سألت البلاء فسل الله العافية)) لكن إذا وقع البلاء أو هم بمعصية ، أو وجد في نفسه تكاسلاً عن طاعة يسأل الله أن يصبره ويعينه. قام النبي صلى الله عليه وسلم في الناس خطيبا فقال: «أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف» - وحديث أبي مالك الأشجعي، عن أبيه، قال: كان الرجل إذا أسلم، علمه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة، ثم أمره أن يدعو بهؤلاء الكلمات: «اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، وعافني، وارزقني». رواه مسلم وغيره. الأسباب المعينة على الصبر: 1-الاستعانة بالله عند البلاء وطلب الصبر والمعونة من الله والعلم بأن الصبر عطاء من الله . قال الله تعالى: {واصبر وما صبرك إلا بالله} 2-أن تكون لديه بصيرة بفضل الصبر إجمالاً -بأنّ الله مع الصابرين وأنّ الله يحبّ الصابرين -وتفصيلاً -بأن يكون لديه بصيرة تعينه على أنواع الصبر ،وهي: -بصيرة بفضل الطاعة وثمارها فتحبها نفسه وتسهل عليه . -و بصيرة بعواقب المعاصي وشؤمها فتبغضها نفسه ويبتعد عنها . -وبصيرة على البلاء والمصائب بأنها مكفرة للذنوب جالبة للحسنات من ورائها حكمة وغيرها من البصائر التي ترقى به إلى منزلة الرضا والشكر-مما يرقى به إلى اليقين بحسن عاقبة الصبر . وقد قال نافع مولى ابن عمر: كان ابن عمر إذا جلس مجلساً لم يقم حتى يدعو لجلسائه بهذه الكلمات، وزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهن لجلسائه: «اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون علينا مصائب الدنيا ... » الحديث. 3-أن يحب العبد ما يحبه الله ويبغض ما يبغضه الله وهذا من أثر تزيين الإيمان في قلبه فتسهل عليه جميع أنواع الصبر؛لأن قلبه سليم من الشبهات والشهوات أو الوهن. قال الله تعالى: { وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7)} 4-التصبّر، يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ومن يتصبَّر يصبره الله)). 5-الاقتداء بالصالحين من أهل الصبر الذين شابهوه في مصيبته وأخذهم أسوة من كانت له محبة عظيمة في القلب . قال الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} ، وقال: { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ}. س7: يكثر تعرّض الشيطان لأهل الإنابة، ما سبب ذلك؟ وكيف يُدفع شرّه؟ يكثر تعرّض الشيطان لأهل الإنابة لأنهم مقبلين على ربهم بالعلم والعبادة فيكيد لهم الشيطان ليصدهم عن ذلك ،أما الغافل العاصي فلا يتعرض له الشيطان لأنه قام بالمطلوب بدونه . قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} يدفع شره بالإستعاذة بالله في بدء كل عباداته حتى يبعد عنه الشيطان فلا يقربه بالوساوس والشبهات . س8: اذكر أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة أعمال القلوب. فوائد كثيرة بفضل الله يصعب التعبير عنها لكن من أبرزها أن القلوب أهم من الجسد فمرض الجسد قد لا يكون يد للإنسان فيه لكن مرض القلب هو نتيجة الغفلة وعدم الاستعانة بالله اللهم طهر قلوبنا وردنا إليك رداً جميلاً . |
عذراً الآن انتبهت أني نسيت درجات الشكر وهي
1-أصل الشكر وهي التي تبقي الناس في الإسلام وتمنعهم من الشرك واقتراف نواقض الإسلام وهي درجة أصحاب الكبائر والمذنبين مصيرهم إما أن يغفر الله لهم أو يطهرهم من ذنوبهم فيدخلون الجنة 2-المتقين المقتصدين وهم الذين أدوا ما عليهم من واجبات واجتنبوا المحرمات 3-درجة المحسنين الذين شكروا الله بعمل الواجبات واجتناب النواهي وزيادة النوافل |
المجموعة الرابعة:
س1: ما هي الأسباب المعينة على تحصيل الخوف من الله، وتعظيمه في القلب؟ 1- العلم بالله تعالى وبأسمائه وصفاته وأفعاله ، فيعلم قوته وبطشه ، وملكه وقدرته ، وأن له الأمر والحكم فيخافه ويخشاه . 2- العلم بمساخط الله تعالى ، و بالجناية وقبحها ، فيتجنبها ما استطاع ، ويقدّم خوف الله تعالى على خوف البشر . 3- خوف المقام بين يدي الله تعالى ، فيعلم أنه لا بدّ له منه فيستعد له ، و يوجل قلبه لذاك المقام ويستحي من ربه ، ويتذكر الآيات الواردة في فضل الخوف من الله ، قال تعالى :" ولمن خاف مقام ربه جنتان " ، وقال تعالى : ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى ) . 4- مطالعة آيات الوعيد وأحاديثه وتصديقها والحذر منها ، قال تعالى : ( فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) . 5- كثرة الذكر ، فإن الغفلة سبب من أسباب قسوة القلب ، قال تعالى ( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا ) . 6- دوام محاسبة النفس ، وفيه ينمي الإنسان حس تعظيم ما اقترف ، ويستشعر عظمة الله تعالى فيستغفر وينيب و يلين قلبه ويخشى ربه . 7- تزكية النفس من عللها وأدوائها كالكبر والحسد والبغض وغير ذلك ، لأنها تؤثر على القلب قسوة و غفلة ، فإذا قسا القلب عزّ الخوف ، فصار لا يبالي بما أتى ولا يحاسب نفسه على ما اقترف . س2: هل يتفاضل المخلصون في إخلاصهم؟ وضّح إجابتك نعم يتفاضل المخلصون في إخلاصهم على درجات : فأصحاب الدرجة الأولى : هم الذين أتوا بأصل الإخلاص ، فاجتنبوا الطاغوت والشرك الأكبر ، لكنهم وقعوا في الكبائر ، كالشرك الأصغر من الرياء والسمعة وغيرها من الكبائر ، فهؤلاء ممنوعون من الخلود في النار ، فيعذبون بحسب ذنوبهم ثم يُخرجون إلى الجنة ، وتنفعهم الشفاعات ودعوات المؤمنين ، فأصل الإخلاص معهم نفعهم و منعهم من الخلود في النار . أما أصحاب الدرجة الثانية : فهم الذين أتوا بأصل الإخلاص وزادوا عليه اجتناب الكبائر من الرياء والعجب وطلب الدنيا بعمل الآخرة ، فهؤلاء أعلى درجة في الإخلاص ممن قبلهم وهم المتقون . أما أصحاب الدرجة الثالثة : فهم الذين بلغوا رتبة الإحسان في الإخلاص ، فأحبوا لله وأبغضوا لله ، وأعطوا لله ومنعوا لله ، وهذه درجة المحسنين ، نسأل الله من فضله . س3: بيّن معنى الاستعانة ومنزلتها. الاستعانة هي طلب الإعانة على تحصيل نفع يُرجى حصوله ، ويكون بالقلب والقول والعمل . منزلتها : الاستعانة من أجل العبادات لأن معناها واسع يدخل فيه المعنى العامّ فتشمل الدعاء والتوكل والاستعاذة والاستغاثة والاستهداء وغيرها ، لأن كل ما يقوم به العبد يرجو به تحصيل منفعة أو دفع مفسدة فهو استعانة . كما أفردها الله تعالى في سورة الفاتحة مختصة من العبادة فقال سبحانه وتعالى ( إياك نعبد وإياك نستعين ) ، وحاجة العباد إليها عظيمة في التثبيت والهداية وستر الذنوب والقيام بالمصالح والحفظ وغير ذلك فهم محتاجون إلى عون من بيده النفع والضر في جميع شؤونهم ، قال تعالى : ( وإن من شيء إلا عندنا خزائنه ) ، وقال سبحانه : ( فابتغوا عند الله الرزق ) . س4: اذكر الأسباب التي تحمل العبد على خشية الله. 1- المحبة : تحمله على الخشية من الانقطاع عن الله ، و فوات رضاه ، فمتى وجدوا إثما يعاقب عليه صاحبه بالبعد أو الغضب أو الحرمان من النظر إلى الله تعالى أورثهم خشية هذه العقوبة لم قام في نفوسهم من حبِّ لله وشوقا إلى لقائه . 2- الرجاء : يحمله على الخشية من فوات الأجر والثواب . 3- الخوف : يحمل العبد على خشية التعرض لمساخطه . س5: بيّن منزلة الصبر وفضائله. - للصبر منزلة عالية ، وقد ذكره الله تعالى في القرآن الكريم في تسعين موضعا ، وأثنى على أهله . - إذا اجتمع الصبر مع اليقين كان سببا لنيل الإمامة في الدين . - بين الله تعالى في سورة العصر أنه لا نجاة للإنسان إلا بأمور أربعة بينها في سورة العصر ومنها التواصي بالصبر ، فالإيمان أساس العمل الصالح، والتواصي بالحق من الأعمال الصالحة، وخُص بالذكر لأهميته. والتواصي بالصبر هو أيضاً من هو من التواصي بالحق. فصارت مرتبة الإيمان هي الأصل وينبني عليها العمل الصالح وينبي عليهما التواصي بالحق وينبي على ذلك كله التواصي بالصبر. - الصبر بمنزلة الرأس من الجسد ، روي عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: «الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الصبر ذهب الإيمان» وهو منقطع . س6: ما هي الأسباب المعينة على الزهد؟ 1- العلم الصحيح بحقيقة كل من الدنيا والآخرة ، وعقل الأمثال التي ضربها الله في القرآن في هذا الأمر ، قال تعالى : ( إنّما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء قديرا ) . 2- قصر الأمل والإكثار من ذكر الموت ، و التمعن في زوال الدنيا ، وفي الحكمة من خلقه ووجوده ، والتفكر في المآل وما ذا أعدّ لدار البقاء ، فإن هذا من أعظم ما يعين على الزهد . 3- مجالسة الصالحين ، والقراءة في سيرهم وأخبارهم . 4- حب المساكين ، ومجالسة الفقراء . 5- قطع نهمة النفس بالمباح من شهواتها ، لأن النفس إذا اشتد تطلعها لأمر فإنها تعطى منه بقدر يخفف من حدة طلبها له ، لأن معالجة الحرمان أشد . 6- القناعة باليسير وقطع التكلف ، بالعلم بأن رزقه سيأتيه لا يجلبه حرص حريص ولا يرده كراهة كاره . 7- التذكر والتفكر ، وهما وقود القلب ، فيتدبر آيات الله الشرعية وآياته الكونية . س7: بيّن معنى الورع، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه. لغة : شدّة التحرج والكف عن القبيح وما لا ينبغي ، فيقال : رجلٌ ورِعٌ ، وقد وَرِعَ يَرِع ورعا . شرعا : كفّ النفس عمّا يُخشى إثمه تحرّجاً ، فيدخل فيه الترك والفعل بمعنى أنه يترك المحرمات والمشتبهات ويقوم بما أوجب الله . هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه : هديه عليه الصلاة و السلام فيه أفضل الهدي وأحسنه ، وهو وسط بين الغلوّ والتفريط ، فمن تعدّاه تنطّع ومن قصر عنه فقد فرّط ، وهديه فيه عبارة عن أقوال له و أفعال ، فمن أقواله صلى الله عليه وسلم : - ما رواه النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (الحلال بين، والحرام بين، وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات: كراع يرعى حول الحمى، يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا إن حمى الله في أرضه محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة: إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)). قوله صلى الله عليه وسلم: (وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس) فيه أنّ المشبّهات قد يعلمها بعض الناس وخاصّة أهل العلم، فمن تبيّن له الحلال من الحرام؛ فلا يكون تناولُه ما استبان له حلُّه من خوارم الورع، ولو أنه لم يستبن لغيره. ومن أقواله وأفعاله عليه الصلاة والسلام : - ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني لأنقلب إلى أهلي، فأجد التمرة ساقطة على فراشي أو في بيتي، فأرفعها لآكلها، ثم أخشى أن تكون من الصدقة فألقيها ) - وفي حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تضوَّر ذات ليلة؛ فقيل له ما أسهرك؟ قال: « إني وجدت تمرة ساقطة فأكلتها، ثم تذكرتُ تمراً كان عندنا من تمر الصدقة؛ فلا أدري أمن ذلك كانت التمرة أو من تمر أهلي؛ فذلك أسهرني » . - وقال أبو الحوراء السعدي: قلت للحسن بن علي ما تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أخذت تمرة من تمر الصدقة؛ فجعلتها في فيّ. قال: فنزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلعابها؛ فجعلها في التمر. فقيل: يا رسول الله ما كان عليك من هذه التمرة لهذا الصبي؟ قال: ((إنا آل محمد لا تحلّ لنا الصدقة)). قال: وكان يقول: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك؛ فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة)). قال: وكان يعلمنا هذا الدعاء: ((اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت)). - وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بلَحْمٍ، فقيل: إن هذا ما تصدق به على بريرة، فقال: «هو لها صدقة، ولنا هدية». فالنبي صلى الله عليه وسلم لا تحلّ له الصدقة، لكن اللحم الذي تُصدّق به على بريرة لمّا انتقل ملكه إليها صار لها حقّ التصرّف فيه، ومن التصرّف الجائز أن تهديه، والهديّة حلال للنبي صلى الله عليه وسلم. س8: اذكر أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة أعمال القلوب. الفوائد كثيرة جدا ولله الحمد ، وأذكر منها : - أهمية العناية بهذا العلم للطالب ، وأنه يثمر أصل الخشية ، وهو طريق مختصر يوصل إلى المطلوب أسرع مما يُتصوّر . - أخذ تصور شامل مقتصد في أعمال القلوب ، لاغلو فيه ولا تفريط . - عظمة هذه الروح وهذا القلب ، والالتفات له فهو محل نظر الرب سبحانه . - الاستفادة من دقائق ولطائف ولفتات نغفل عنها عادة . - أهمية تعاهد النفس ، بالعلم والعمل . |
المجموعة الثالثة: س1: ما هي آثار الخوف من الله ؟ للخوف من الله تعالى ثمرات عظيمة وآثار جليلة: - يورث في القلب إجلال الله و تعظيمه وتوقيره وخشيته و والحياء منه، وهذا هو حقيقة التعبد. - دافع للعبد على حسن الاستقامة... امتثال الأمر واجتناب النهي ..التورع عن الشبهات.. التقلل من فضول المباحات...مراقبة الجوارح..ويقوى و يعزز الشعور بمراقبة الله عزوجل - سبب للانتفاع بالمواعظ و التذكير ...لأن الخوف هو ثمرة الإنذار..وهو أعظم ما ينتفع به هو القران..كما قال الله تعالى:{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} -سبيل لتزكية النفس و تطهيرها مما يسوؤها من الأخلاق السيئة و أمراض القلوب وأدواءها...فهو سبيل لسحن الخلق و صفاء القلب وطهارته --زاجر للعبد عن المظالم والعدوان وأخذ حقوق الناس...فيسلم الناس من شر لسان ويديه ..فمن خاف انزجر - دافع لرد حقوق الناس و مظالمهم ..والاستحلال منهم...بل دافع للتوبة من كل الأعمال السيئة..كما أن الخوف يعد من أحسن الطرق لإصلاح ذات البين.. -يعد العجلة المحركة للاستعداد ليوم الأخر والتأهب له. بالتوبة و كثرة الاستغفار والإقبال على الله والعمل الصالح ** س2: بيّن التناسب بين الصدق والإخلاص. الصدق والإخلاص عملان جليلان من أعمال القلوب، بل لا تصح أعمال القلوب إلا بهما، قرينان يكادا لا يفترقان ..كثير ما يقرن القران بينهما كما يقرن بين الشرك والكذب. -الإخلاص ..: عدم الإشراك بالله شيئا ..وهو أن لا يريد العبد بعمله إلا وجه الله عزوجل . والصدق : جمع الهمة على إحسان العمل .فتعلق الصدق بالقول والعمل فالمخلص ناظر إلى مطلوبه .والصادق ناظر إلى طلبه....فحقيقة الإخلاص توحيد المطلوب ..وحقيقة الصدق توحيد الطلب والإرادة. -.فبينهما تلازم ....فصحة الإخلاص تستلزم وجود الصدق، والصدق يقتضي الإخلاص. - وهما نتاج اقتران الاستسلام المحض والمتابعة فمن جمع بينهما كان ناصحا لله وللرسول ......وثمرتهما كون العبد يصير من المحسنين ؛ والإحسان منزلة و درجة هي غاية مطالب السالكين -ومن حقق الصدق والإخلاص حقق إقامة الدين لله عزوجل كما بين ذلك ابن القيم في تفسيره عند تفسير قوله تعالى :{ فأقم وجهك للدين القيم" قال رحمه الله تعالى " . .الآية قد تضمنت الصدق والإخلاص؛ فإنَّ إقامة الوجه للدين هو إفراد طلبه بحيث لا يبقى في القلب إرادة لغيره، والحنيف المفرِد لا يريد غيرَه؛ فالصدق أن لا ينقسم طلبك، والإفراد أن لا ينقسم مطلوبك، الأول: توحيد الطلب، والثاني: توحيد المطلوب). س3: اذكر أنواع التوكل، وكيف يكون تحقيقه؟ التوكل نوعان: 1--في قضاء أمور الدنيا وحاجياتها.في جلب المصالح ودفع المفاسد. والمصائب 2- التوكل على الله في الأمور الدينية في أداء واجبات العبودية لله.. ..توكل على الله في حصول الإيمان .وتحقيق مراد الله .وامتثال مراضيه ... التوكل في طلب الهداية في جميع الأمور كبيرها وصغيرها. النوع الثاني سبيل لكفاية الله في حصول تمام الكفاية في النوع الأول. قال ابن القيم رحمه الله تعالى" أعظم التوكل عليه التوكل في الهداية وتجريد التوحيد ومتابعة الرسول وجهاد أهل الباطل فهذا توكل الرسل وخاصة أتباعهم)ا.هـ. وتحقيقه يكون بـ: -أولا : صدق الالتجاء إلى الله وتفويض الأمرإليه وإحسان الظن به جل وعلا .. وجامع ذلك.تعليق القلب بالله وحده مع تعظيمه ومحبته -ثانيا : إتباع هدى الله عزوجل ، وذلك بامتثال الأمر و اجتناب النهي ، والإتيان بالأسباب التي تجلب النفع وتدفع الضر...وهذا راجع بفعل السبب فمرجع تحقيق التوكل إلى عملين عمل قلبي وعمل بالجوارح الجوارح تسعى في جلب اتخاذ الأسباب ..والقلب معلق بالرحمان في تحقيق ذلك وحصول النفع به س4: اذكر درجات الإنابة، وبيّن علامتها التي تصحّ بها. درجات الإنابة: الإنابة علىثلاث درجات: الدرجة الأولى: أصل الإنابة، ..الإنابة من الشرك إلى التوحيد، ومن الكفر إلى الإيمان، وهي الإنابة الفارقة بين الإسلام والكفر، ...وهى التي تعصم صاحبها من الكفر وتدخله في دائرة الإسلام ومن لم يأتي بها فهو مشرك كافر ليس من أهل ملة الإسلام؛ فإن ادَّعى الإسلام فإنما هو منافق....وهي التي توجب لصاحبها الدخول الجنة ولو بعد حين و تنجيه من الخلود في النار الدرجة الثانية.: .إنابة المتقين ...وهى ترك المعصية والإنابة إلى الله بفعل الطاعة..ومن لم يأتي بها فهو من أهل الإسراف. من عصاة المسلمين الذين أسرفواعلى أنفسهم .. يشملهم اسم الإسلام ويخشى عليهم من العذاب الدرجة الثالثة...: إنابة المحسنين،...إنابة الذاكرين الله كثيرا ؛..إنابة المحسنين في عبادة الله..إنابة التائبين المقبلين على الله عزوجل . وهي الإنابة بكثرة الطاعات والنوافل والتقرب إلى الله وحسن الظن به وإنابة المحسنين هي أحسن الإنابات وأحبها إلى الله ، لما تقتضيه من كثرة التوبة والرجوع إلى الله، وحسن الإقبال إليه تعالى، ولذلك كانت من صفات أصفيائه من خلقه. قال الله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} وقال عن شعيب أنه قال: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}. وأوحى الله تعالى إلى نبيه محمدصلى الله عليه وسلمقوله: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}. س5: ما هي علل الورع؟ للورع علل تفسده وتقدح فيه منها... 1-الورع الفاسد ..وهو التورع عن ما شرعه الله عزوجل . التورع عن الواجب أو المستحب أو المباح الذي له منفعة خالصة أو راجحة.. والحامل على هذا الورع إما جهل ببعض الأحكام، واعتقاد صحّة ما لا يصحّ.. فيظن الباطل حقا والحق باطلا،.. وإما سوء القصد وإتباع الهوى، وإنما لبّسه لباس الورع تمويهاً أو اغتراراً. 2- التورع عن فعل أمر على حساب ارتكاب ما هو شر منه...الورع الذي يحمل صاحبه على فعل شر المفسدتين. 3-أن يحمله الورع على إساءة الظنّ بمن لم يتورّع مثل ورعه، فيقع في سوء الظنّ بالمسلم،والازدراء به.....والتورّع عن سوء الظنّ بالمسلمين من أبواب الورع. 4-الورع الذي يحمل على العجب بالنفس ..يعجب العبد بنفسه لتورعه.وهو لا يدرى أنه قد تورع عن بعض الشبهات ووقع في كبائر المحرمات وقع في كبيرة من الكبائر الباطنة. 5-أن يغلو في ورعه؛ فيقع فيالتنطّع المهلك، ويؤول أمره إلى الوقوع في محرّمات قطعية، بل ربما في كبائر. 6- ...ترك التعلم وسؤال أهل العلم في معرفة الحرام والحلال والاعتماد على اعتقاد التحريم على الشبهة والظن وما تهواه نفسه بدعوى الاحتياط لدينه فيقع في التكلف المذموم أو الوسوسة 7- ورع الجبن والبخل والبطالة .. وهو أن يعمد العبد إلى الواجبات الشرعية - من النفقات وصلة الأرحام والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر - .. فيتركها لما قام في قلبه من الجبن والبخل -8:أن يظنّ أنّ الورع إنما هو في باب الترك ويغفل عن الورع في أداء الواجبات -9 التورع في الأبواب الدقيقة والمسائل الخفية ؛ والوقوع في المحرمات البينات وكبائر الذنوب .10-أن يحمل نفسه على ورع لا يطيقه.. حملا لنفسه على تشبه بالأخيار وأهل الفضل أصحاب الورع العالي ..ويخشى عليه فيقع في صريح المحظور. س6: ما هي أوجه حاجة السالك إلى الصبر؟ الصبر رفيق السالك والسائر إلى الله عزوجل لا ينفك عن صاحبه ولا يفارقه.. لحظة..كيف يفارقه...؟؟ وبفراقه ينقطع السالك عن الطريق و يتوقف السائر عن السير فلا يصل إلى مطلوبه. فالسالك لا تنفك حاجته إلى الصبر بل كل أحد محتاج بل مضطر إلى الصبر ..فالسالك دائما بين: طاعات يصبر نفسه على أدائها، وبين معاصٍ يصبر نفسه عن مقارفتها، وبين أقدار تُقدَّر عليه من مصائب صغرت أو عظمت فيصبر عليها. . وهو إما في حالة سراء ونعيم صحة وغنى فيحتاج إلى الصبر عن إتباع الهوى، وعن الاغترار بها، وعن أن تلهيه عن ذكر الله، وإما في حلة ضراء و سقم وفقر فيحتاج إلى الصبر حتى لا يتسخط على ربه ويرضى بما قدر عليه - وهو في طريق الهداية يعرض له ما يقطع عنه سيره ..فيعرض له الشيطان في كلّ شيء من شأنه، وتعرض له الفتن.و تعرض له أحوال في سلوكه..فيحتاج إلى صبر فيها جميعا.. صبر ومصابرة في دفع الشيطان الموسوس، والاستعاذة بالله من شرّه، ..وصبر على إتباع الهدى ودفع الفتن حتى يخرج منها بسلام. ..ويحتاج إلى صبر على انتهاج المنهج الأصلح له حتى يدفع مايعرض له من أحوال في سلوكه حتى . - والداعية إلى الله هو أيضا محتاج إلى الصبرعلى التبليغ، والصبر على الأذى، والصبر في انتظار الهداية الفرج. - فالصبر يحتاج إليه كل أحد بل مضطرون إليه ..كيف ولا وهوزادهم في سيرهم..والموفق من احتسبه لله خالصا لوجهه الكريم. س7: بيّن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الزهد وعناية السلف الصالح بالزهد ومذاهبهم فيه - قال سفيان بن عيينة: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الميزان الأكبر.."..فالنبي صلى الله عليه وسلم ..هو المعيار والميزان التي توزن به الأعمال ليتبين مدى صحتها من فسادها و مدى قربها مما شرعه الله وبعدها منه..ذلك لأن "خير الهدي هدي محمد ، وشرّ الأمور محدثاتها" - فالنبي صلى الله عليه وسلم إمام الزاهدين، ولا يصحّ أن يأتي أحد من هذه الأمة أو غيرها بهدي في الزهد أحسن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ فبهديه يُميّز الزهد الصحيح من الزهد الفاسد. .لهذا كان بعض السلف ينكر على ما خالف النبي صلى الله عليه وسلم في زهده - - عن عمرو بن العاص خطب الناس بمصر فقال: (ما أبعد هديكم من هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم، أما هو فكان أزهد الناس في الدنيا، وأما أنتم فأرغب الناس فيها). رواه أحمد وابن حبان والحاكم. - فزهد النبي صلى الله عليه وسلم وسط بين الغلوّ والجفاء. - ومن اتبع هدي النبي صلى الله عليه و سلم في الزهد واقتفى أثره فيه نال الثمار المرجوة منه . من تحقيق المقاصد الشرعية في حقّ الفرد وفي حقّ الأمة؛ .وقيام مصالح المسلمين على أساس متين من التناصح والقصد ؛ وتأدية الحقوق في تشاحّ ولا تشاحن. - فصار هدي النبي في الزهد جامع بين إصلاح القلب وإصلاح المجتمع المسلم. والأحاديث المرويّة عن النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الزهدأكبر شاهد ودليل على ذلك:.. -في الصحيحين من حديث عبيد عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خبر طويل وفيه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أدم، حشوها ليف، وإن عند رجليه قرظا مضبورا، وعند رأسه أهبا معلقة، فرأيت أثر الحصير في جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكيت، فقال: «ما يبكيك؟»فقلت: يا رسول الله، إن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما ترضى أن تكون لهما الدنيا، ولك الآخرة». أما السلف فكانت عنايتهم بالزهد جلية واضحة في جميع أحوالهم ومعاشهم وإقبالهم على الآخرة ...فقد جمعوا بين إصلاح القلوب، وإصلاح البلاد؛..عمروا قلوبهم بالإيمان والتقوى والخوف من الجليل والاستعداد والتأهب ليوم الرحيل ..ومع ذلك فقد عمروا الأرض والبلاد .فشيدوا المدن والقرى ؛و فتحوا الأمصار وغنموا الغنائم و فازوا بالدارين كان الصحابة رضي الله عنهم خير هذه الأمة وأحسنهم هدياً في الزهد..كيف ولا وهم قد تربوا في مدرس سيد الزاهدين فاقتفوا أثره واتبعوا منهجه وسلكوا طريقته في الزهد ؛فكانوا خير الناس.فقد جمعوا بين أعمال القلوب و الجوارح. لما وقر في قلوبهم من اليقين والإيمان...وقد زكا. الله عزوجل إيمانهم وجعله علامة على الهداية كما قال الله تعالى: {فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا} وقال: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} ؛ فلم يجعل لمن بعدهم طريقاً للهداية إلا باتّباعهم بإحسان. وكلّ من اتّخذ سبيلاً غير سبيلهم في التعبّد لله تعالى واتّباع رسوله صلى الله عليه وسلم كان ذلك علامة بيّنة على ضلاله. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لبعض التابعين: (أنتم أطول اجتهادًا، وأطول صلاة، - أو أكثر صلاة - من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا خيرا منكم) فقيل: لم؟ قال: (كانوا أزهد في الدنيا، وأرغب في الآخرة منكم). رواه ابن المبارك في الزهد وابن أبي شيبة في مصنفه وأبو داوود في الزهد من طريق عبد الرحمن بن يزيد النخعي، عن ابن مسعود. ** أما مذاهبهم في الزهد: كان السلف أصنافا في التقلل من الدنيا على اختلاف أحوالهم في الفقر والغنى: -الصنف الأول: من كان يتقلّل مع فقره وحاجته؛صابرا على ما به من الفاقة ؛ حتى أن بعض هؤلاء كان يؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة...بل وصل الأمر ببعضهم عدم قبول ما فتح الله على المسلمين من الأرزاق والخيرات جراء الفتوحات الإسلامية آثار الصبر على الفقر على أن يأخذ من تلك الأموال ومن هؤلاء: أبو ذر الغفاري، وعمير بن سعد الأوسي، وأويس القرني وغيرهم. -الصنف الثاني: من كان يتقلل مع غناه..: ومنهم: عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وسلمان الفارسي، وعبد الله بن عمر، وابنه سالم بن عبد الله بن عمر، وطاووس بن كيسان، وغيرهم. .. -وقال عبد الله بن المبارك: أخبرنا حنظلة بن أبي سفيان، قال: «رأيت سالم بن عبد الله عليه إزار ثمن أربعة، وقميص ثمن خمسة، وهو موسر» رواه ابن أبي الدنيا في "إصلاح المال". -تنبيه : وهؤلاء الزهاد من السلف ؛فهم مع زهدهم وتقللهم من الدنيا واختيارهم اليسر واللباس والمعاش كانت لهم عناية حسنة بالطهارة فهو زُهد بتطهّر، وقد رأى طاووس بن كيسان رجلاً مسكينا، في عينيه غمص، وفي ثوبه وسخ، فقال له: (عدّ أن الفقر من الله، فأين أنت عن الماء؟!). وإنما كان هذا التنبيه حتى لا يظن في الأئمة الزهّاد ما لا يليق بهم من التقذّر. -والصنف الثالث:.. من كان يتجمّل في لباسه ويتخيّر الجيّد من الطعام في غير إسراف، ومنهم: تميم الداري، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وأبو قلابة الجرمي، ومالك بن أنس، وغيرهم كثير. - قال محمد بن سيرين: (اشترى تميم الداري حُلَّة بألف، كان يصلي فيها). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب الزهد لأبيه. -وقال ابن عون: « ما أتينا محمد بن سيرين في يوم قط إلا أطعمنا خبيصاً أو فالوذجاً».رواه أبو نعيم في الحلية وابن عساكر في تاريخ دمشق. . س8: اذكر أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة أعمال القلوب. يمكن تقسيم الإفادة إلى نوعين فائدة علمية: - التعرف على فضل علم السلوك عموما وعلى فضل علم أعمال القلوب خصوصا -التعرف على مصطلحات هذا العلم وتقسيماته .. -التعرف على أدواء القلوب وعلاجها - التعرف على أعمال القلوب و كيفية التخلق بها -التعرف على هدي النبي صلى الله عليه و سلم في أعمال القلوب -التعرف على سلف الصالح وكيف كان سلوكهم وسيرهم إلى الله عزوجل الفائدة العملية: هذه تحتاج إلى ممارسة وطول زمن و جهاد مع النفس....وهو أن يسعى العبد إلى تزكية نفسه تطيرها و تطوريها لتصل إلى المقصود المرغوب المطلوب منها فينظر العبد إلى نفسه؛ إلى حالها فيقيمها حتى يتعلم ما لها وما عليها ثم.يعمل على اتخاذ المنهج السليم في تقويم نفسه وإصلاحها وكانت لهذا دورة دور مهم في تذكير النفس إلى ضرورة إعادة النظر في أعمال القلب ..فقد يظن المرء أنه قد أتقنها فإذا هو يظهر له عكس ذلك ..لما علم من العلل والشوائب التي قد تفسد تلك الأعمال.وهو كان في غفلة عنها...أو علم من الكمالات التي كان يجهلها..ولا نتكلم عما كان عالما به إلا أنه كان في حظيرة النسيان .فكانت هذه الدورة بمثابة التعليم والتذكير |
المجموعة الرابعة: س1: ما هي الأسباب المعينة على تحصيل الخوف من الله، وتعظيمه في القلب؟ من الأسباب المعينة على الخوف من الله وتعظيمه في قلب العبد: 1- العلم بالله تعالى وبأسمائه وصفاته، فكلما كان علم العبد بربه أكبر كان خوفه وخشيته أعظم وأجلّ. فكلما ازداد علم العبد بعظمة ربه وكبريائه وجبروته وصفات جلاله وعظيم سلطانه كلما كان خوفه أعظم ولذلك قال الله تعالى: {إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا)) متفق عليه، وفي رواية أخشاكم. وقد قيل: على قدر علم المرء يعظم خوفه ..... فما عالم إلا من الله خائف فآمن مكر الله بالله جاهل ..... وخائف مكر الله بالله عارف 2- استحضار الوقوف بين يدي الملك جلّ وعلا، وأمر محتم على على كل مكلف فمن تفكر في هذا المقام وخافه في الدنيا هوَّنه الله عليه يوم القيامة، ومن استخف به في الدنيا شدده الله عليه يوم القيامة. قال الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)} وقال تعالى:{ولمن خاف مقام ربه جنتان} وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ما منكم من أحدٍ إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدَّم من عمله، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدَّم من عمله، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرةٍ )) متفق عليه . 3- مطالعة الأدلة على الوعيد واستحضارها في الذهن والقلب، والةقوف عن ما أعد الله لأهل معصيته والتفكر فيها وتأملها وتدبرها قال الله تعالى: {فذكر بالقرآن من يخاف وعيد}وقال:{ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد}. 4- كثرة ذكر الله تعالى والحذر من الغفلة، ولا يزال الغافل يقسو قلبه شيئاً فشيئاً لكثرة ما يرين عليه؛ حتى يختم على قلبه فلا يؤثر فيه زجر ولا وعظ إلا أن يشاء الله أن يتداركه برحمته فيمنَّ عليه بتوبة من عنده. قال الله تعالى: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا}. 5- تزكية النفس وتخليتها من أمراض القلوب ولا سيما الكبر والعجب والشحّ والحسد؛ فإنّها تفسد القلب وتقسّيه، وإذا فسد القلب وقسا ضعف فيه أثر الخوف، وكان إلى عدم المبالاة أقرب. أما الخوف من الوقوع في المعصية أو الهم بها فهناك 3 أسباب تعين عليه: 1- العلم بالجرم وقبحه. 2- العلم بعقوبته وتصديق الوعيد على ذلك. 3- عدم أمن أمكان التوبة؛ فقد يحول الله تعالى بين المرء وقلبه فلا يقدر على الإتيان بها بعد القووع في الجرم. س2: هل يتفاضل المخلصون في إخلاصهم؟ وضّح إجابتك تتفاضل قوة الإخلاص بأمرين: 1- درجة إحسان المخلص في العمل فكلما كان العمل لله أخلص؛ خاليا من شائبة ما يقدح فيه من محبة رؤية الناس للعمل أو رؤية النفس كان ثوابه أعظم وأثقل في الميزان، -وقد ذكر ابن رجب عن عبد الله بن المبارك أنه قال: (رُبَّ عملٍ صغيرٍ تعظِّمهُ النيَّةُ، وربَّ عمل كبيرٍ تُصَغِّره النيَّةُ). ولذلك قد يعمل رجل عملاً يسيراً فيما يرى الناس ويثيبه الله تعالى عليه ثواباً عظيماً، بل قد يدخله به الجنة، وقد يعمل آخر عملاً عظيماً فيما يرى الناس ولا يكون له ذلك الوزن في ميزان حسناته. 2- الاستكثار من العبادات التي ئؤديها العبد بإخلاص؛ فكلُّ عبادة يؤديها العبد خالصة لله يزداد بها إخلاصاً. فبازدياد العبد من الأعمال الخالصة وازدياد قوة الإخلاص تزداد محبة الله تعالى له كما في حديث الولي المشهور. س3: بيّن معنى الاستعانة ومنزلتها. الاستعانة هي طلب العون على جلب نفع أو دفع ضر، وهذا الطلب يكون بالقلب اللسان والجوارح. والاستعانة عند الاطلاق تشمل الاستعاذة والاستغاثة؛ فهي أعم وأوسع هذه المعاني الثلاثة، أما بمعناها العام فهي أوسع من ذلك كله؛ فتشمل الدعاء والتوكل والاستهدا والاستنصار والاستكفاء وغير ذلك. وهي بذلك تكون من أعظم العبادات وأجلها؛ لذلك جعلت قسيمة العبادة في سورة الفاتحة رغم دخولها فيها. فالعبد دائما وأبدا في حاجة للاستعانة لتحصيل المطلوب سواء كان دنيويا أو أخرويا، فالأمر كله بيديه سبحانه. والعبد حارث همام دائما وأبدا له حاجة يرجو حصولها وما إن وصل إليها انتقل إلى إرادة غيرها مما يجلب له نفعي الدنيا والآخرة فيستعين بربه على قضاء حاجته لعلمه أن الأمر ابتدائه منه سبحانه فهو الأول الذي ليس قبله شئ، وانتهائه له فهو الآخر الذي ليس بعده شئ، فهو سبحانه الذي ييسر السبب ويسوقه سوقا للعبد، وبعد حصول العبد على السبب وتمكنه منه فلا نتيجة لهذا السبب إلا بيده سبحانه، فمتى علم العبد ذلك واستقر في قلبه توجه لربه وحده بالطلب ابتداء. قال ابن القيم رحمه الله: ({وإن من شيء إلا عندنا خزائنه} متضمن لكنز من الكنوز وهو أن كلَّ شيء لا يطلب إلا ممن عنده خزائنه ومفاتيح تلك الخزائن بيديه، وأن طلبه من غيره طلب ممن ليس عنده ولا يقدر عليه. وقوله: {وأن إلى ربك المنتهى} متضمن لكنز عظيم وهو أن كل مراد إن لم يُرَد لأجله ويتصل به وإلا فهو مضمحل منقطع؛ فإنه ليس إليه المنتهى، وليس المنتهى إلا إلى الذي انتهت إليه الأمور كلها؛ فانتهت إلى خلقه ومشيئته وحكمته وعلمه؛ فهو غاية كل مطلوب. وكل محبوب لا يحب لأجله؛ فمحبته عناء وعذاب، وكل عمل لا يراد لأجله؛ فهو ضائع وباطل، وكل قلب لا يصل إليه؛ فهو شقي محجوب عن سعادته وفلاحه. فاجتمع ما يراد منه كله في قوله: {وإن من شيء إلا عندنا خزائنه} واجتمع ما يراد له كله في قوله: {وأن إلى ربك المنتهى } فليس وراءه سبحانه غاية تطلب، وليس دونه غاية إليها المنتهى. وتحت هذا سرٌّ عظيم من أسرار التوحيد، وهو أن القلب لا يستقرُّ ولا يطمئنُّ ولا يسكن إلا بالوصول إليه، وكل ما سواه مما يحب ويراد؛ فمراد لغيره، وليس المراد المحبوب لذاته إلا واحد إليه المنتهى، ويستحيل أن يكون المنتهى إلى اثنين، كما يستحيل أن يكون ابتداء المخلوقات من اثنين؛ فمن كان انتهاء محبته ورغبته وإرادته وطاعته إلى غيره بطل عليه ذلك وزال عنه وفارقه أحوج ما كان إليه، ومن كان انتهاء محبته ورغبته ورهبته وطلبه هو سبحانه ظفر بنعمته ولذته وبهجته وسعادته أبد الآباد) ا.هـ. ومن أبصر أن ربه هو المستعان على كل مطلوب وأن كل شئ بيديه قام في قلبه العديد من المعاني والعبادات القلبية كالمحبة والرجاء والخوف والرغب والرهب والتوكل وإسلام القلب له جل وعلا والثقة به وإحسان الظن فيه ؛ ويحصل في قلب المؤمن بسبب ذلك من السكينة والطمأنينة والبصيرة ما تطيب به حياته وما تندفع به عنه الشرور والمكاره. س4: اذكر الأسباب التي تحمل العبد على خشية الله. للخشية ثلاثة أسباب توجبها، وهي في الحقيقة أصول العبادات القلبية: المحبة، والرجاء، والخوف. 1- محبة العبد لربه تبارك وتعالى، فالمحبة الصادقة تحمل على الخشية من البعد عن رضوان الله والحرمان مما أعده الله للمقربين له سبحانه من تكليمه إياهم ورؤية وجهه الكريم يوم القيامة. 2- الرجاء، فصدق الرجاء يحمل على الخشية من فوات الثواب أو نقصانه. 3- الخوف، فصدق الخوف يحمل على الخشية من سخط الله وعقابه وانتقامه . وهذه الأصول الثلاثة لها جامع ومغذي؛ ألا وهو العلم؛ فإن صح العلم عن الرب عز وجل زاد نصيبه من الخشية . قال ابن رجب رحمه الله: (فلما زادت معرفة الرسول بربه زادت خشيته له وتقواه ، فإن العلم التام يستلزم الخشية كما قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}فمن كان بالله وبأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه أعلم كان له أخشى وأتقى، إنما تنقص الخشية والتقوى بحسب نقص المعرفة بالله . وقد خرج البخاري في آخر "صحيحه " عن مسروق قال : قالت عائشة: صنع النبيصلى الله عليه وسلم (شيئا ترخص فيه وتنزه عنه قوم ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ فحمد الله ثم قال: (( ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه؟ فو الله إني لأعلمهم بالله وأشدهم خشية)) (ا.هـ. س5: بيّن منزلة الصبر وفضائله. للصبر منزلة عظيمة في الإسلام، فقد حث الله عليه وذكره في مواضع كثيرة في كتابه العزيز. قال الإمام أحمد رحمه الله: (ذكر الله سبحانه الصبر في القرآن في تسعين موضعا). قال الله تعالى: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} وقال: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ}. واجتماع الصبر مع اليقين سبباً لنيل الإمامة في الدين كما قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}. وقال الله تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} فلا نجاة للإنسان من الخسران إلا بهذه الأمور الأربعة المذكورة فيها: الإيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر. وهذه الأمور الأربعة مترتبة بعضها على بعض؛ فالإيمان أساس العمل الصالح، فلا يصلح العمل إلا بالإيمان، والعمل الصالح من الإيمان. والتواصي بالحق من الأعمال الصالحة، وخُص بالذكر لأهميته. والتواصي بالصبر هو أيضاً من التواصي بالحق. فصارت مرتبة الإيمان هي الأصل وينبني عليها العمل الصالح وينبي عليهما التواصي بالحق وينبي على ذلك كله التواصي بالصبر. فصار الصبر بمنزلة الرأس من الجسد، وقد روي عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: «الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الصبر ذهب الإيمان» وإن كان هذا الأثر لم يثبت عن علي إلا أنه صحيح المعنى. وقد ورد في فضل الصبر أحاديث كثيرة منها: 1. حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والصبر ضياء) رواه أحمد ومسلم والترمذي. 2. وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ ناساً من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده، فقال: « ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفّه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبَّر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر» رواه مالك وأحمد والبخاري ومسلم وغيرهم. - وورد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ((الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله)). س6: ما هي الأسباب المعينة على الزهد؟ من الأسباب المعينة على تحقيق الزهد: 1: العلم الصحيح بحقيقتي الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: { إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) } - وقال أحمد بن أبي الحواريّ: «من عرف الدّنيا زهد فيها، ومن عرف الآخرة رغب فيها، ومن عرف اللّه آثر رضاه» رواه البيهقي في الزهد. 2: قصر الأمل والإكثار من ذكر الموت، وفي مرسل الربيع بن أنس «كفى بالموت مزهداً في الدنيا، ومرغبا في الآخرة» رواه ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان. 3: مجالسة الصالحين، والقراءة في سيرهم وأخبارهم، فالجليس الصالح له أكبر الأثر على صاحبه. 4: حبّ المساكين، ومجالسة الفقراء. - قال سفيان الثوري: كان عون بن عبد الله يقول: «كنت أجالس الأغنياء، فكنت من أكثر الناس هما، وأكثرهم غما، أرى مركبا خيرا من مركبي، وثوبا خيرا من ثوبي، فأهتم، فجالست الفقراء فاسترحت» رواه أبو نعيم في حلية الأولياء . 5: قطع نهمة النفس بالمباح من شهواتها؛ فإنّ النفس إذا تاقت إلى أمر أشغلت القلب به؛ وإذا أخذت النفس نهمتها منه بقدر خفّ تطلّعها إليه، وهو أسهل من معالجة الحرمان. 6: القناعة باليسير، وترك التكلّف، ويسهّله اليقين بأنّ زهده فيها لا يمنعه رزقاً كتبه الله له، كما أنّ حرصه عليها لا يجلب له رزقاً غير مكتوب له. قال ذو النون المصري: (من لم يقنعه اليسير افتقر في طلب الكثير). رواه البيهقي في الزهد. قلت: يريد افتقار القلب. 7. التذكّر والتفكّر، وهما وقود القلب؛ فإذا استمدّ منهما أثمرا له الانتفاع بالعلم والحال، وإن تركهما أصابته الغفلة. - قال ابن القيم رحمه الله: (التذكر والتفكر كل منهما لقاح الآخر إذا اجتمعا أنتجا الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة). س7: بيّن معنى الورع، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه. معنى الورع: الورع في اللغة شدّة التحرّج والكفّ عن القبيح وما لا ينبغي، يقال منه: رجلٌ وَرِعٌ، وقد وَرِعَ يرِعُ وَرَعاً. ومنه قولهم: (ورَّعت بين الرجلين) أي: حجزتهما عن التعارك، و(ورَّعْتُ الإبل عن حوض) إذا رددتها فارتدَّت. والوَرَع في الشرع: كفّ النفس عمّا يُخشى إثمه تحرّجاً. وبذلك يشمل الترك والفعل؛ فيترك المحرمات والمشتبهات، ويؤدي الواجبات. وينبغي للعبد أن يلمّ بفقه خير الخيرين وشر الشرين حتى يستقيم ورعه، وذلك يستلزم علما صحيحا يحصله العبد أو سؤال أهل العلم حتى لا يوقع نفسه في ما هو أشر مما تورع عنه. ولذلك فإنّ الورع لا يصحّ في ترك واجب ولا مستحبّ، ولا فيما كان مصلحته أعظم من مفسدته، ولا في ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما. - قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما الورع فإنه الإمساك عما قد يضر؛ فتدخل فيه المحرمات والشبهات لأنها قد تضرّ فإنّه من اتقى الشبهات استبرأ لعرضه ودينه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي حول الحمى يوشك أن يواقعه، وأما الورع عما لا مضرة فيه أو فيه مضرة مرجوحة لما تقترن به من جلب منفعة راجحة أو دفع مضرة أخرى راجحة فجهل وظلم، وذلك يتضمن ثلاثة أقسام لا يُتورَّع عنها: المنافع المكافأة والراجحة والخالصة كالمباح المحض أو المستحب أو الواجب فإنَّ الورع عنها ضلالة)ا.هـ. هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الورع: هدي النبي صلى الله عليه وسلم هو أحسن الهدي وأنفعه ولا سيما في الورع، فورعه صلى الله عليه وسلم قائما على الفقه، فهو وسط بين الغلوّ والتفريط، فمن خرج عنه غلوا أو تفريطا فقد تعدى هذا الهدي الكريم.
- وفي حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تضوَّر ذات ليلة؛ فقيل له ما أسهرك؟ قال: « إني وجدت تمرة ساقطة فأكلتها، ثم تذكرتُ تمراً كان عندنا من تمر الصدقة؛ فلا أدري أمن ذلك كانت التمرة أو من تمر أهلي؛ فذلك أسهرني » رواه أحمد. س8: اذكر أهمّ الفوائد التي استفدتها من دراستك لدورة أعمال القلوب. استفدت بفضل الله عدة فوائد من دراسة هذه الدورة المباركة وإن كان القلم يعجز عن إحصائها وسردها ومنها: 1- أن السلوك أعظم ثمرات العلم فعلم بلا عمل هو وبال على صاحبه، بل هو حجة عليه. 2- أن القلب محل نظر الرب تبارك وتعالى فلا يهم المظهر الذي يراه الناس وإنما ما وقر في القلب من عبادات ومعان تعبدية. 3- أهمية الورع وعلاقته بفقه خير الخيرين وشر الشرين وأنه لا ورع في ترك واجب ولا مستحبّ، ولا فيما كان مصلحته أعظم من مفسدته، ولا في ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهم، فلطالما يقع العبد في مثل ذلك ظنا منه أن ذلك من باب الورع. 4- العلم بحقيقة الزهد في الدنيا وفضائله ودرجاته وأسبابه المعينة عليه. 5- تذكر منزلة الصبر وفضائله والعلم بصبر النبي صلى الله عليه وسلم والتأسي بهديه في ذلك. 6- التبصر بأنواع القلوب وأدواءها وعللها وسبل شفائها. |
تقويم مجلس مذاكرة القسم الثاني من أعمال القلوب المجموعة الأولى: علاء عبد الفتاح: أ+ أحسنت، بارك الله فيكِ. س6: واعتقاد التلازم بين الزهد والفقر. المجموعة الثانية: ميسر ياسين: أ س1: النوع الثاني يكون خوفًا من العذاب الدنيوي أو الأخروي ولا يحمل فقط على ترك كبائر الذنوب، بل هو عام في أدق من ذلك فقد يحمل على ترك صغائر الذنوب أيضًا. والنوع الثالث يكون الخوف من فوات الثواب عمومًا، والمقصود أن المتقين قد يحملهم على فعل الواجبات وترك المحرمات الخوف من العذاب أو الخوف من فوات الثواب ولا معنى لتخصيص المتقين بالنوع الثاني فقط. فالأنواع هنا في الأسباب الحاملة على الخوف وليس في درجاته. وكثيرًا ما قُرن الأمر بالتقوى بالترغيب تارة والترهيب تارة أخرى. قال تعالى: {واتقوا الله لعلكم تفلحون} وقال تعالى: { واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب} وقال: {واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون} وقال: {واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين} المجموعة الثالثة: نورة الأمير: أ+ أحسنتِ، بارك الله فيكِ، ووددتُ لو اعتمدتِ أكثر على أسلوبكِ وتجنبت الاعتماد على عبارات الشيخ - حفظه الله-. عقيلة زيان: أ+ مذاهب السلف في الزهد؛ على مذهبين: مذهب المتقللين ومذهب المقتصدين، والأصناف ما هي إلا بسط لهذه المذاهب ببيان أن المتقللين كان منهم فقراء لا يجدون أصلا، أو أغنياء ومع هذا تقللوا من الدنيا. المجموعة الرابعة: سارة المشري: أ أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ. س1: ولصاحب المعصية يحتاج لأمور تعينه على الخوف من الله ليقلع عن معصيته ويستقيم قد ذكرتِ واحدة منها وهي العلم بقبح المعصية، ومنها أيضًا: - العلم بعقوبة المعصية، والخوف أن يحال بينه وبين التوبة بسبب الذنب. س2: ويضاف لذلك درجة إحسان العبد المخلص في العمل، وازدياده من العبادات الخالصة لله عز وجل. س5: والصبر ضياء وما أعطي عبد عطاء أفضل وأوسع من الصبر كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم. حنان علي محمود: أ أحسنتِ، بارك الله فيكِ، ورجوتُ لو لم تعتمدي في بعض المواضع على أسلوب الشيخ، زادكِ الله توفيقًا وسدادًا. س2: ويضاف لذلك درجات تحقيق الإخلاص، وقد أحال الشيخ لدرجات تحقيق العبودية في الدرس الثاني لبيانها، فلتراجع. المجموعة السادسة: مها شتا: أ+ أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ. س1: لعلكِ إن لخصتِ ما ورد في هذه المشاركة استوعبتِ بشكل أكثر منزلة الخشية والإنابة دون الاستطراد لمسائل أخرى غير مطلوبة. http://afaqattaiseer.net/vb/showpost...05&postcount=2 زادكم الله توفيقًا وسدادًا. |
الساعة الآن 09:02 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir