سؤال عن معنى: «أن نسبة النحو إلى سائر الفنون التباين»
 

وفقك الله وسدد خطاك

إذا افترضنا أي شيئين معقولين؛ فإن العلاقة بينهما (أو النسبة بينهما) لا بد أن تكون شيئا من أربعة أشياء؛ وهي:
- التباين
- التساوي
- العموم والخصوص المطلق
- العموم والخصوص من وجه
كما قال في توشيح السلم:
لكل معقولين إحدى ذي النسب ............ وهي التساوي أو تباين تجب
أو في عموم وخصوص مطلق ............. أو صاحب الوجه على التحقق
فإذا تعقلنا مثلا لفظ (إنسان) ولفظ (بشر) وجدنا العلاقة بينهما: التساوي؛ لأن كل بشر هو إنسان وكل إنسان هو بشر.
وإذا تعقلنا مثلا لفظ (إنسان) ولفظ (حيوان) وجدنا العلاقة بينهما: العموم والخصوص المطلق لأن كل إنسان هو حيوان، وليس كل حيوان إنسانا.
وإذا تعقلنا مثلا لفظ (طعام) ولفظ (حيوان) وجدنا العلاقة بينهما العموم والخصوص الوجهي؛ لأن بعض الطعام ليس حيوانا كالأرز، وبعض الحيوان ليس طعاما كالأسد، ويشتركان فيما هو طعام وحيوان كالإبل.
وإذا تعقلنا مثلا لفظ (حيوان) ولفظ (نبات) وجدنا العلاقة بينهما: التباين؛ لأنه لا يوجد حيوان يوصف بأنه نبات، ولا يوجد نبات يوصف بأنه حيوان.

فإذا أردنا أن نطبق هذا الكلام على المثال المذكور؛ فإننا بالنظر إلى النحو نجده فنا يتعلق بالقوانين المستنبطة من استقراء كلام العرب للحكم على التراكيب والأعاريب بالصحة والخطأ ولإلحاق من ليس من العرب بالعرب في طريقة كلامهم، وهذا الموضوع لا يشترك مع غيره من العلوم في شيء من هذا، فمثلا علم أصول الفقه لا يتعلق بشيء من هذا الأمر، وعلم التفسير لا يتعلق كذلك بشيء منه، وعلم الحديث كذلك.
فمن هنا قال الشيخ إن علاقة علم النحو بغيره من العلوم هي التباين.
ويمكن أن يقال من جهة أخرى: إن العلاقة بينه وبين كثير من الفنون الأخرى هي العموم والخصوص الوجهي؛ وذلك لأن كثيرا من المسائل التي تدرس في النحو تجدها بعينها في أصول الفقه، وتجدها بعينها في التفسير.
ولكن لما كان كل علم يدرس هذه المسائل بطريقة مختلفة عن العلوم الأخرى، صح من هذه الجهة أن يقال إن العلاقة بينهما هي التباين.

والله أعلم.