معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   كتاب الصلاة (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=139)
-   -   باب صفة الصلاة (5/38) [استحباب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام] (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2630)

محمد أبو زيد 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م 11:14 AM

باب صفة الصلاة (5/38) [استحباب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام]
 

275- وعن ابنِ عمرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ: إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وإِذَا كَبَّرَ للرُّكوعِ، وإِذَا رَفَعَ رأسَهُ مِن الرُّكوعِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
276- وفي حديثِ أبي حُمَيْدٍ، عندَ أبي دَاوُدَ: يَرفعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحاذِيَ بهما مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ يُكَبِّرَ.
277- ولمسلِمٍ، عن مالكِ بنِ الْحُوَيْرِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نحوُ حديثِ ابنِ عمرَ، ولكن قالَ: حَتَّى يُحَاذِيَ بهما فُروعَ أُذَنَيْهِ.

محمد أبو زيد 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م 01:45 PM

سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني
 

9/260 - وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِن الرُّكُوعِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ؛ أي: مُقَابِلَ (مَنْكِبَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ) تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ.
(وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ) رَفَعَهُمَا.
(وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ) أي: أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَهُ (مِن الرُّكُوعِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
وَفِيه شَرْعِيَّةُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي هَذِهِ الثَّلاَثَةِ الْمَوَاضِعِ؛ أَمَّا عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَتَقَدَّمَ فِيهِ الْكَلاَمُ.
وَأَمَّا عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ فَهَذَا الْحَدِيثُ دَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ: أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى ذَلِكَ، إلاَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ. قُلْتُ: وَالْخِلاَفُ فِيهِ لِلْهَادَوِيَّةِ مُطْلَقاً فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلاَثَةِ؛ وَاسْتُدِلَّ لِلْهَادِي عليه السلامُ فِي الْبَحْرِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا لِي أَرَاكُمْ)) الْحَدِيثَ.
قُلْتُ: وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ والنَّسائِيُّ، وَلَفْظُهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا بِأَيْدِينَا: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. وَأَشَارَ بِيَدَيْهِ إلَى الْجَانِبَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((عَلاَمَ تُومِئُونَ بِأَيْدِيكُمْ؟ مَا لِي أَرَى أَيْدِيَكُمْ كَأَذْنَابِ خَيْلِ شُمُسٍ؟! اسْكُنُوا فِي الصَّلاَةِ، وَإِنَّمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ ثُمَّ يُسَلِّمَ عَلَى أَخِيهِ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ)). انْتَهَى بِلَفْظِهِ.
وَهُوَ حَدِيثٌ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ فِي إيمَائِهِمْ بِأَيْدِيهِمْ عِنْدَ السَّلاَمِ، وَالْخُرُوجِ مِن الصَّلاَةِ, وَسَبَبُهُ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((اسْكُنُوا فِي الصَّلاَةِ)) فَهُوَ عَائِدٌ إلَى مَا أَنْكَرَهُ عَلَيْهِمْ مِن الْإِيمَاءِ [إلَى كُلِّ حَرَكَةٍ](1) فِي الصَّلاَةِ؛ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ الصَّلاَةَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ حَرَكَاتٍ، وَسُكُونٍ ، وَذِكْرٍ للَّهِ.
قَالَ الْمَقْبَلِيُّ فِي الْمَنَارِ عَلَى كَلاَمِ الْإِمَامِ الْمَهْدِيِّ: إنْ كَانَ هَذَا غَفْلَةً مِن الْإِمَامِ إلَى هَذَا الْحَدِّ فَقَدْ أَبْعَدَ، وَإِنْ كَانَ مَعَ مَعْرِفَتِهِ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ فَهُوَ أَوْرَعُ وَأَرْفَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَالْإِكْثَارُ فِي هَذَا لَجَاجٌ مُجَرَّدٌ، وَأَمْرُ الرَّفْعِ أَوْضَحُ مِنْ أَنْ تُورَدَ لَهُ الْأَحَادِيثُ الْمُفْرَدَاتُ.
وَقَدْ كَثُرَتْ كَثْرَةً لاَ تُوَازَى، وَصَحَّتْ صِحَّةً لاَ تُمْنَعُ؛ وَلِذَا لَمْ يَقَعِ الْخِلاَفُ الْمُحَقَّقُ فِيهِ إلاَّ لِلْهَادِي فَقَطْ، فَهِيَ مِن النَّوَادِرِ الَّتِي تَقَعُ لِأَفْرَادِ الْعُلَمَاءِ مِثْلِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَغَيْرِهِمَا، مَا أَحَدٌ مِنْهُمْ إلاَّ لَهُ نَادِرَةٌ يَنْبَغِي أَنْ تُغْمَرَ فِي جَنْبِ فَضْلِهِ، وَتُجْتَنَبَ. انْتَهَى.
وَخَالَفَتِ الْحَنَفِيَّةُ فِيمَا عَدَا الرَّفْعَ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ، وَاحْتَجُّوا بِرِوَايَةِ مُجَاهِدٍ: أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ ابْنِ عُمَرَ فَلَمْ يَرَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ ، وَبِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، بِأَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ ثُمَّ لاَ يَعُودُ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، وَقَدْ سَاءَ حِفْظُهُ؛ وَلِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِرِوَايَةِ نَافِعٍ وَسَالِمٍ ابنَيِ ابنِ عُمَرَ لِذَلِكَ، وَهُمَا مُثْبِتَانِ، وَمُجَاهِدٌ نَافٍ، وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ، وَبِأَنَّ تَرْكَهُ لِذَلِكَ إذَا ثَبَتَ كَمَا رَوَاهُ مُجَاهِدٌ يَكُونُ مُبَيِّناً لِجَوَازِهِ، وَأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَاجِباً، وَبِأَنَّ الثَّانِيَ -وَهُوَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ- لَمْ يَثْبُتْ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَلَوْ ثَبَتَ لَكَانَتْ رِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ مُقَدَّمَةً عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا إثْبَاتٌ، وَذَلِكَ نَفْيٌ، وَالْإِثْبَاتُ مُقَدَّمٌ.
وَقَدْ نَقَلَ الْبُخَارِيُّ عَن الْحَسَنِ، وَحُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ، أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عنهم كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْحَسَنُ أَحَداً. وَنَقَلَ عَنْ شَيْخِهِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ قَالَ: حَقٌّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَرْفَعُوا أَيْدِيَهُمْ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا.
وَزَادَ الْبُخَارِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بَعْدَ كَلاَمِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ: وَكَانَ عَلِيٌّ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ. قَالَ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ فَقَدْ طَعَنَ فِي الصَّحَابَةِ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ:
10/261 - وَفِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ، عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ: يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ.
(وَفِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ: يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ ، ثُمَّ يُكَبِّرُ) تَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ مِنْ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الرَّفْعِ إلاَّ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، بِخِلاَفِ حَدِيثِهِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ؛ فَفِيهِ إثْبَاتُ الرَّفْعِ فِي الثَّلاَثَةِ الْمَوَاضِعِ، كَمَا أَفَادَهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ.
وَلَفْظُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ إذَا قَامَ إلَى الصَّلاَةِ اعْتَدَلَ قَائِماً، وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ" ، الْحَدِيثُ تَمَامُهُ: "ثُمَّ قَالَ: ((اللَّهُ أَكْبَرُ)). وَرَكَعَ ، ثُمَّ اعْتَدَلَ، ولَمْ يُصَوِّبْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُقْنِعْ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ قَالَ: ((سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ)). وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَاعْتَدَلَ حَتَّى رَجَعَ كُلُّ عَظْمٍ إلَى مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلاً" الْحَدِيثَ.
فَأَفَادَ رَفْعَهُ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ يَدَيْهِ فِي الثَّلاَثَةِ الْمَوَاضِعِ، وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ: ثُمَّ يُكَبِّرُ: الْحَدِيثَ؛ لِيُفِيدَ أَنَّ الِاسْتِدْلاَلَ بِهِ جَمِيعِهِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي حُمَيْدٍ لَيْسَ فِيهِ إلاَّ الرَّفْعُ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ:



11/262 - وَلِمُسْلِمٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ نَحْوُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، لَكِنْ قَالَ: حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ.
(وَلِمُسْلِمٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ نَحْوُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ) أي: في الرَّفْعِ فِي الثَّلاَثَةِ الْمَوَاضِعِ.
(لَكِنْ قَالَ: حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا) أي: الْيَدَيْنِ (فُرُوعَ أُذُنَيْهِ) أَطْرَافَهُمَا.
فَخَالَفَ رِوَايَةَ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي حُمَيْدٍ فِي هَذَا اللَّفْظِ، فذَهَبَ الْبَعْضُ إلَى تَرْجِيحِ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ؛ لِكَوْنِهَا مُتَّفَقاً عَلَيْهَا، وَجَمَعَ آخَرُونَ بَيْنَهُمَا فَقَالُوا: يُحَاذِي بِظَهْرِ كَفَّيْهِ المَنْكِبَيْنِ، وَبِأَطْرَافِ أَنَامِلِهِ الْأُذُنَيْنِ. وَأَيَّدُوا ذَلِكَ بِرِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ وَائِلٍ بِلَفْظِ: "حَتَّى كَانَتْ حِيَالَ مَنْكِبَيْهِ وَحَاذَى بِإِبْهَامَيْهِ أُذُنَيْهِ" وَهَذَا جَمْعٌ حَسَنٌ.


(1) لعل الصواب: "لاَ إلى كلِّ حركةٍ". واللهُ أعلمُ.



محمد أبو زيد 5 محرم 1430هـ/1-01-2009م 01:46 PM

توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام
 

218 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ، وَإِذَا كَبَّرَ للركوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ من الركوعِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ: يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ.
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَحْوُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، لَكِنْ قَالَ: حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ.

· دَرَجَةُ الحديثِ:
حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ صَحِيحٌ، فَأَصْلُهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ القَيِّمِ. وَأَعَلَّهُ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو لَمْ يَلْقَ أَبَا قَتَادَةَ، فَقَدْ رَوَاهُ عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ أَنَّهُ وَجَدَ عَشَرَةً منْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ الحافظُ: والتحقيقُ عِنْدِي: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو الَّذِي رَوَاهُ عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ عَنْهُ، هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ اللَّيْثِيُّ، وَهُوَ لَمْ يَلْقَ أَبَا قَتَادَةَ، وَلا قَارَبَ ذَلِكَ، إِنَّمَا يَرْوِي عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَغَيْرِهِ مِنْ كبارِ التَّابِعِينَ.
وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الَّذِي رَوَاهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْهُ، فَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ، جَزَمَ الْبُخَارِيُّ بِأَنَّهُ سَمِعَ منْ أَبِي حُمَيْدٍ، وَغَيْرِهِ، وَأَخْرَجَ الْحَدِيثَ منْ طريقِهِ، ولِلْحَدِيثِ طُرُقٌ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ سُمِّيَ فِي بَعْضِهَا مِنَ العَشَرَةِ: مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَأَبُو أُسَيْدٍ، وسهلُ بْنُ سَعْدٍ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ مَاجَهْ منْ حَدِيثِ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ.
· مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- حَذْوَ - بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَسُكُونِ الذالِ المُعْجَمَةِ -؛ أي: إِزَاءَ وَمُقَابِلَ مَنْكِبَيْهِ.
- مَنْكِبَيْهِ: تَثْنِيَةُ (مَنْكِبٍ)، وَجَمْعُهُ: (مَنَاكِبُ)، وَهُوَ مُجْتَمَعُ رَأْسِ العَضُدِ والكَتِفِ، مُذَكَّرٌ.
- فُرُوعَ أُذُنَيْهِ: عَوَالِيَ أُذُنَيْهِ.
· مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- اسْتِحْبَابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ حَتَّى تُحَاذِيَ المَنْكِبَيْنِ، عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلاةِ بِتَكْبِيرَةِ الإحرامِ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ تكبيرةِ الركوعِ، وَعِنْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ من الركوعِ، فَهَذِهِ ثَلاثَةُ مَوَاضِعَ يُسْتَحَبُّ فِيهَا رَفْعُ اليَدَيْنِ حَذْوَ المَنْكِبَيْنِ.
2- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ: أَجْمَعَ علماءُ الأَمْصَارِ عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ فَقَدْ خَالَفَت الحنفيَّةُ فِيمَا عدا الرفعَ عِنْدَ تكبيرةِ الإحرامِ، مُسْتَدِلِّينَ بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، عَن ابْنِ مَسْعُودٍ بِأَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ الافتتاحِ، ثُمَّ لا يَعُودُ).
والجوابُ: أَنَّ الرفعَ فِي غَيْرِ تكبيرةِ الإحرامِ قَدْ ثَبَتَ، وَالمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي، وحديثُ ابْنِ مَسْعُودٍ لَمْ يَثْبُتْ، كَمَا قَالَ الشافعيُّ، وَعَلَى فَرْضِ ثُبُوتِهِ؛ فَإِنَّ تَرْكَهُ لَهُ يَكُونُ مُبَيِّناً لِجَوَازِهِ.
وَقَدْ نَقَلَ الْبُخَارِيُّ عَن الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَحُمَيْدِ بْنِ هلالٍ أَنَّ الرفعَ هُوَ عملُ الصحابةِ، ولذا قَالَ عَلِيُّ بْنُ المَدِينِيِّ: حَقٌّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَرْفَعُوا أَيْدِيَهُمْ عِنْدَ الركوعِ والرفعِ مِنْهُ.
قَالَ شَيْخُ الإسلامِ: رَفْعُ الأَيْدِي عِنْدَ الركوعِ والرَّفْعِ مِنْهُ، بِمِثْلِ رَفْعِهِمَا عِنْدَ الاستفتاحِ، مشروعٌ باتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.
قُلْتُ: تَقَدَّمَ خِلافُ أَهْلِ الْكُوفَةِ. قَالَ شَيْخُ الإسلامِ: هُمْ مَعْذُورُونَ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَهُمْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
3- الروايةُ الأُخْرَى: (أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بهما فُرُوعَ أُذُنَيْهِ)، وَأَحْسَنُ جَمْعٍ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّوَسُّعِ، واخْتِلافِ الأحوالِ، فَالوَجْهَانِ سُنَّةٌ.
4- قَالَ فِي (شَرْحِ الإقناعِ): ويكونُ رَفْعُ اليَدَيْنِ مَعَ ابتداءِ الركوعِ اسْتِحْبَاباً؛ لِقَوْلِهِ فِي الحديثِ: (وَإِذَا كَبَّرَ للرُّكُوعِ).
5- والرَّفْعُ فِي المواطنِ كُلِّهَا منْ مُسْتَحَبَّاتِ الصَّلاةِ، قَالَ ابْنُ القَيِّمِ: رَوَى رَفْعَ اليَدَيْنِ عَنْهُ فِي هَذِهِ المواطنِ الثلاثةِ نَحْوُ ثَلاثِينَ صَحَابِيًّا، وَاتَّفَقَ عَلَى رِوَايَتِهَا العَشَرَةُ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ خِلافُ ذَلِكَ.
وَقَالَ فِي (شَرْحِ الإقناعِ): رَفْعُ اليَدَيْنِ فِي مَوْضِعِهِ منْ تمامِ الصَّلاةِ وَسُنَنِهَا، فَمَنْ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي مَوْضِعِهِ، فَهُوَ أَتَمُّ صَلاةً مِمَّنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ؛ للأخبارِ.
6- اخْتَلَفَتْ آراءُ الْعُلَمَاءِ فِي الحكمةِ فِي رَفْعِ اليَدَيْنِ، فَقَالُوا فِي تكبيرةِ الإحرامِ: رَفْعُ حِجَابِ الغفلةِ عَن اللَّهِ، والدخولُ عَلَيْهِ، وَفِي غَيْرِهَا: إِعْظَاماً لِلَّهِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهَا استسلامٌ وَانْقِيَادٌ كالأسيرِ المُسْتَسْلِمِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: زِينَةٌ للصلاةِ، وَيُرْوَى هَذَا عَن ابْنِ عُمَرَ، وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ اتِّبَاعٌ لِسُنَّةٍ ثَابِتَةٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
· فَائِدَةٌ:
وَرَدَ مَوْضِعٌ رَابِعٌ يُشْرَعُ رَفْعُ اليَدَيْنِ فِيهِ وَذَلِكَ حِينَمَا يَقُومُ منَ التَّشَهُّدِ الأَوَّلِ فِي الصَّلاةِ ذَاتِ التَّشَهُّدَيْنِ، فَقَدْ جَاءَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ (736)، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، كَمَا كَانَ يَصْنَعُ عِنْدَ افتتاحِ الصَّلاةِ.
كَمَا جَاءَ أَيْضاً فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ (721)، والتِّرْمِذِيِّ (218)، وَابْنِ حِبَّانَ (5/187)، مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي صِفَةِ صَلاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَوَوْا أَنَّهُ إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ منْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَالْقَوْلُ بِهِ لازِمٌ عَلَى أَصْلِ قَبُولِ الزياداتِ، والزيادةُ من الثقةِ مَقْبُولَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ دَقِيقٍ فِي (شَرْحِ العمدةِ): ثَبَتَ الرفعُ عِنْدَ القيامِ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ.
وَقَالَ البَيْهَقِيُّ: هُوَ مَذْهَبُ الشافعيِّ؛ لقولِهِ: إِذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي، وَلِذَلِكَ حَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ نصِّ الشَّافِعِيِّ، وقالَ: إِنَّهُ فِي الصَّحِيحِ، وَأَطْنَبَ فِي ذَلِكَ فِي (شَرْحِ المهذَّبِ).
وَقَالَ شَيْخُ الإسلامِ: رَفْعُ اليَدَيْنِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ عِنْدَ مُحَقِّقِي الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ بالسُّنَّةِ، وَقَدْ ثَبَتَتْ فِي الصِّحَاحِ والسُّنَنِ، وَلا مُعَارِضَ لَهَا وَلا مُقَاوِمَ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَجَدُّهُ وَصَاحِبُ (الفَائِقِ)، وَاسْتَظْهَرَهُ فِي (الفروعِ) و (المُبْدِعِ)، وَصَوَّبَهُ فِي (الإنصافِ)، وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ.


الساعة الآن 08:55 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir