المجلس الثامن: مجلس مذاكرة مقدمة تفسير ابن عطية
مجلس مذاكرة مقدمة تفسير ابن عطية الأندلسي س: استخلص المسائل التي اشتملت عليها مقدّمة تفسير ابن عطية الأندلسي، ثم لخّص بأسلوبك ما قيل في كل مسألة. تعليمات: - ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته. - يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة. - يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق. - تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب. تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة: أ+ = 5 / 5 أ = 4.5 / 5 ب+ = 4.25 / 5 ب = 4 / 5 ج+ = 3.75 / 5 ج = 3.5 / 5 د+ = 3.25 / 5 د = 3 هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة. معايير التقويم: 1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ] 2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص] 3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد] 4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية. 5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض. نشر التقويم: - يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب. - تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها. - نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم. _________________ وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم. |
استخلص المسائل التي اشتملت عليها مقدّمة تفسير ابن عطية الأندلسي، ثم لخّص بأسلوبك ما قيل في كل مسألة.
اشتملت مقدمة تفسير ابن عطية على عدة مسائل ومن هذه المسائل : أولا خطبة الكتاب : واشتملت خطبة الكتاب على عدة أمور : 1 – حمد الله تعالى والثناء عليه بما هو أهله . 2 – سبب اختياره علم التفسير للتصنيف فيه ؛ وهو أن الله تعالى من عليه بعلوم كثيرة , وحاز منها على ما قسم الله تعالى به , فأراد أن يختار لنفسه منها علما فلم يجد أشرف من العلم بكتاب الله تعالى , فصنف فيه هذا الكتاب النافع. 3 – منهجه في الكتاب , وذكر أن منهجه في التفسير يكون : أ – تعليق ما يتخيل إليه في المناظرة من علم التفسير , وترتيب المعاني . ب – قصد فيه أن يكون محررا جامعا وجيزا . ت – لا يذكر القصص إلا ما لا تنفك عنه معنى الآية . ث – يذكر أقوال العلماء منسوبة إلى قائليها على منهج السلف الصالح بلا تحريف أهل الإلحاد وأهل الرموز الباطنية. ج - إذا وجد قول لأهل العلم مما يحسن به الظن قد وقع فيما وقع فيه أهل الإلحاد نبه على قوله وعلق عليه بما يناسب رتبة الألفاظ ؛ من حكم أو نحو أو لغة أو معنى أو قراءة. ح – قصد إلى تتبع الألفاظ ؛ لكي لا يقع فيه طفر كما وقع فيه غيره من المفسرين كالمهدوي . خ – قصد إلى جمع القراءات جميعها مستعملها وشاذها , وتبين المعاني و جميع محتملات الألفاظ . د – أنهى الخطبة بدعاء الله تعالى أن يبارك له في عمله ويجعله له خالصا , وأن ينفع به . ثانيا : ذكر بعض ما ورد في السنة وأقوال الصحابة و السلف الصالح في فضل القرآن والاعتصام به : فمن السنة : قوله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم)) قيل: فما النجاة منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو فصل ليس بالهزل من تركه تجبرا قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء من علم علمه سبق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم)). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن)). ومن أقوال الصحابة : قال رجل لعبد الله بن مسعود: أوصني فقال: إذا سمعت الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فأرعها سمعك فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه. ومن أقوال السلف : قال أنس بن مالك في تفسير قول تعالى: {فقد استمسك بالعروة الوثقى} قال: هي القرآن. ثالثا : فضل التفسير والكلام على معانيه ولغته وإعرابه ودقائق معانيه : ذكر في فضل التفسير ومعانيه وإعرابه أقوال عن السلف منها : قال صلى الله عليه وسلم: ((أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله يحب أن يعرب)). قال أبو العالية في تفسير قوله عز وجل: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} قال: الحكمة الفهم في القرآن، وقال قتادة: الحكمة القرآن والفقه فيه، وقال غيره: الحكمة تفسير القرآن. قال ابن عباس: الذي يقرأ ولا يفسر كالأعرابي الذي يهذ الشعر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة)). قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما من شيء إلا وعلمه في القرآن ولكن رأي الرجل يعجز عنه. رابعا : تعظيم السلف لتفسير القرآن والتوقف فيه تورعا : روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر من كتاب الله إلا آيا بعدد علمه إياهن جبريل. وهذا محمول على الغيبيات , وما لا سبيل إليه إلا بتوقيف . ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)). وهذا محمول على تسور القرآن برأيه دون نظر والرجوع إلى أهل العلم . خامسا : المبرزين في التفسير من الصحابة والتابعين وتابعيهم : فمن المبرزين من الصحابة في التفسير : علي بن أبي طالب , عبدالله بن عباس وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص: ومن المبرزين من التابعين : الحسن بن أبي الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وعلقمة. ومن المبرزين من السلف : محمد بن جرير فقد جمع شتات هذا العلم وقرب البعيد وشفى في الإسناد. ومن المبرزين في المتأخرين أبو إسحاق الزجاج وأبو علي الفارسي فإن كلامهما منخول . سادسا : اختلاف العلماء في معنى الأحرف السبعة : ذكر الأحاديث التي وردت في الباب : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف نهي وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وائتمروا وانتهوا واعتبروا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه)). عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يا أبي إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها إلا شاف وكاف إن قلت: غفور رحيم سميع عليم أو عليم حكيم وكذلك ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب)). عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف)). اختلف العلماء في المراد بالأحرف السبعة على أقوال كثير : فمن العلماء من قال سبعة أوجه فما دونها كأقبل وتعال وكاللغات التي في أف وكالحروف التي في كتاب الله فيها قراءات كثيرة. وذكر القاضي أن هذا قول ضعيف . ومنهم من قال : هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام. وهو قول ابن شهاب . وقال القاضي : هذا كلام محتمل . ومنهم من قال : هي معاني كتاب الله تعالى وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال. وضعف هذا القول القاضي. ومنها قول صاحب الدلائل وأبو بكر بن الطيب إذ قالوا : أن وجوه الاختلاف سبعة وهي : 1 – منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل: {هن أطهرُ} وأطهرَ. 2 – ومنها ما لا تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب مثل: {ربنا باعِد} وباعَد. 3 – ومنها ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل: (ننشرها) و{ننشزها}. 4 – ومنها ما تتغير صورته ويبقى معناه كقوله: {كالعهن المنفوش}و(كالصوف المنفوش). 5 - ومنها ما تتغير صورته ومعناه مثل: {وطلح منضود} و(طلع منضود). 6 - ومنها بالتقديم والتأخير كقوله: {وجاءت سكرة الموت بالحق} و(سكرة الحق بالموت). 7 – ومنها الزيادة والنقصان كقوله: (تسع وتسعون نعجة أنثى). وابطل القاضي أبو بكر قول من قال أن المقصود هو سبع لغات مختلفة إلا إن أراد الأوجه المختلفة التي تستعمل في قصة واحدة , ودلل على ذلك بأن عمر بن الخطاب وأبي بن كعب وهشام بن حكيم وابن مسعود لغتهم واحدة وقراءتهم مختلفة وخرجوا بها إلى المناكرة. ومنهم من قال أنها نزلت على سبع لغات لسبع قبائل من قبائل العرب . وهو قول أبي عبيدة وغيره . وذكروا أن هذه القبائل هي : قريش ومنها لكنانة ومنها لأسد ومنها لهذيل ومنها لتميم ومنها لضبة وألفافها ومنها لقيس. وقال القاضي أبو محمد : أن هذه القبائل انتهت إليها الفصاحة وسلمت لغاتها من الدخيل ويسرها الله لذلك ليظهر آية نبيه بعجزها عن معارضة ما أنزل عليه وسبب سلامتها أنها في وسط جزيرة العرب في الحجاز ونجد وتهامة فلم تطرقها الأمم. وذكر بعض قبائل العرب مثل اليمن والعراق وشرقي الجزيرة والشام وغيرها أفسدت لغنها مخالطة غير العرب لهم . وقال القاضي أبو محمد : فبقيت القبائل المذكورة سليمة اللغات لم تكدر صفو كلامها أمة من العجم ويقوي هذا المنزع أنه لما اتسع نطاق الإسلام وداخلت الأمم العرب وتجرد أهل المصرين البصرة والكوفة لحفظ لسان العرب وكتب لغتها لم يأخذوا إلا عن هذه القبائل الوسيطة المذكورة ومن كان معها وتجنبوا اليمن والعراق والشام فلم يكتب عنهم حرف واحد وكذلك تجنبوا حواضر الحجاز مكة والمدينة والطائف لأن السبي والتجار من الأمم كثروا فيها فأفسدوا اللغة وكانت هذه الحواضر في مدة النبي صلى الله عليه وسلم سليمة لقلة المخالطة فمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) أي فيه عبارات سبع قبائل بلغة جملتها نزل القرآن فيعبر عن المعنى فيه مرة بعبارة قريش ومرة بعبارة هذيل ومرة بغير ذلك بحسب الأفصح والأوجز في اللفظة . سابعا : جمع عثمان رضي الله عنه للقرآن : لما تفرق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في البلدان وانتشرت روايات الأحاديث اختلف الناس في القراءة , بل وصل المر أن بعضهم كفر بعض , فذهب حذيفة بن اليمان إلى عثمان رضي الله عنه وقال له : أدرك هذه الأمة قبل أن تهلك , ويتفرقوا في الكتاب تفرق اليهود والنصارى , وذكر له ما يحدث بين الناس , فأمر عثمان بجمع المصحف في مصحف واحد على لغة واحدة , وتجرد للأمر واستناب الكفاة العلماء الفصحاء في أن يكتبوا القرآن ويجعلوا ما اختلفت القراءة فيه على أشهر الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفصح اللغات وقال لهم: "إذا اختلفتم في شيء فاكتبوه بلغة قريش". قال الطبري أيضا: إن الصحف التي كانت عند حفصة جعلت إماما في هذا الجمع الأخير وروي أن عثمان رضي الله عنه قال لهم: إذا اختلفتم في شيء فاجعلوه بلغة قريش فاختلفوا في التابوه والتابوت قرأه زيد بن ثابت بالهاء والقرشيون بالتاء فأثبته بالتاء وكتب المصحف على ما هو عليه غابر الدهر ونسخ عثمان منه نسخا ووجه بها إلى الآفاق وأمر بما سواها من المصاحف أن تحرق أو تخرق وتروى بالحاء غير منقوطة وتروى بالخاء على معنى ثم تدفن، ورواية الحاء غير منقوطة أحسن. ثامنا : حكم الصلاة بالقراءة الشاذة : أما شاذ القراءات فلا يصلى به وذلك لأنه لم يجمع الناس عليه أما أن المروي منه عن الصحابة رضي الله عنهم وعن علماء التابعين لا يعتقد فيه إلا أنهم رووه. تاسعا : ترتيب سور المصحف : ترتيب السور كان من تلقاء زيد ومن معه ممن جمع المصحف بمشاركة عثمان رضي الله عنهم أجمعين . وضع البسملة في الأوائل هو من النبي صلى الله عليه وسلم ولما لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة هذا أحد ما قيل في براءة. ظاهر الآثار أن السبع الطول والحواميم والمفصل كان مرتبا في زمن النبي عليه السلام وكان في السور ما لم يرتب فذلك هو الذي رتب وقت الكتب. عاشرا : نقط المصحف وشكله وتحزيبه : روي أن عبد الملك بن مروان أمر به وعمله فتجرد لذلك الحجاج بواسط وجد فيه وزاد تحزيبه وأمر وهو والي العراق الحسن ويحيى بن يعمر بذلك. وذكر أن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي , وقيل : نصر بن عاصم , وذكر أن ابن سيرين نقط له مصحفه يحيي بن يعمر . أما وضع الأعشار فقيل : إنه المأمون , وقيل : الحجاج بن يوسف . وذكر أبو عمرو الداني عن قتادة أنه قال: بدؤوا فنقطوا ثم خمسوا ثم عشروا وهذا كالإنكار. حادي عشر : الاختلاف في وجود لغات غير العربية في كتاب الله : قال أبو عبيدة وغيره: إن في كتاب الله تعالى من كل لغة. وذهب الطبري أنه ليس في القرآن غير العربية , وما ورد فيها من ذلك هو مما توارد عليه اللغات . قال ابن عباس: نشأ بلغة الحبشة قام من الليل ومنه قول تعالى: {يؤتكم كفلين من رحمته}. قال أبو موسى الأشعري: كفلان ضعفان من الأجر بلسان الحبشة. وذكر القاضي أبو محمد أن القاعدة في ذلك أن القرآن نزل بلسان عربي مبين , وأنه ليس هناك لفظة تخرج عن كلام العرب فلا تفهمها إلا من لسان آخر , أما الألفاظ التي يقال أنها غير عربية فإن العرب العاربة التي نزل القرآن بلسانها قد اختلطت بغيرها من الأجناس في رحلتي الشتاء والصيف وغيرها من التجارات , فصارت هذه الألفاظ تجري مجرى اللغة العربية , واستخدمت في الأشعار والمحاورات بينهم ووقع بها البيان وعلى هذا الحد نزل بها القرآن فإن جهلها عربي ما فكجهله الصريح بما في لغة غيره كما لم يعرف ابن عباس معنى فاطر إلى غير ذلك فحقيقة العبارة عن هذه الألفاظ أنها في الأصل أعجمية لكن استعملتها العرب وعربتها فهي عربية بهذا الوجه. وما ذهب إليه الطبري من أن اللغتين اتفقتا في لفظة فذلك بعيد بل إحداهما أصل والأخرى فرع في الأكثر لأنا لا ندفع أيضا جواز الاتفاق قليلا شاذا. ثاني عشر : الاختلاف في إعجاز القرآن بما وقع : قال قوم: إن التحدي وقع بالكلام القديم الذي هو صفة الذات وإن العرب كلفت في ذلك ما لا يطاق وفيه وقع عجزها. وقال قوم: إن التحدي وقع بما في كتاب الله تعالى من الأنباء الصادقة والغيوب المسرودة. وهذا الإعجاز وقع لمت تقرر عنده الشريعة ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم . أما الكفار فقد وقع عليهم الإعجاز في رصف القرآن ونظمه وفصاحتهوصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه , فهو خارج قدرة البشر . ووجه إعجازه أن الله تعالى محيط بكل شيء , وأنه أحاط بالكلام كله علما , فترتيب اللفظة من القرآن علم من الله تعالى بأنها هي التي تصلح عن غيرها , وأنها هي التي تبين المعنى عن غيرها . فتحداهم أن يأتوا بمثله فلم يستطيعوا فمنهم من آمن وأذعن ومنهم من حسد كأبي جهل وغيره . وقامت الحجة على العالم بالعرب إذ كانوا أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة كما قامت الحجة في معجزة عيسى بالأطباء وفي معجزة موسى بالسحرة فإن الله تعالى إنما جعل معجزات الأنبياء بالوجه الشهير أبرع ما يكون في زمن النبي الذي أراد إظهاره فكأن السحر في مدة موسى قد انتهى إلى غايته وكذلك الطب في زمن عيسى والفصاحة في مدة محمد عليهم الصلاة والسلام. ثالث عشر : حكم استخدام الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى : المراد بإيجاز العبارة هو : أن المتكلم يسوق كلام إلى أن يقول خاطب الله بهذه الآية المؤمنين وشرف الله بالذكر الرجل المؤمن من آل فرعون وحكى الله تعالى عن أم موسى أنها قالت: {قصيه} ووقف الله ذرية آدم على ربوبيته بقوله: {ألست بربكم} ونحو هذا من إسناد أفعال إلى الله تعالى لم يأت إسنادها بتوقيف من الشرع. وقد استعمل هذه الطريقة المفسرون والمحدثون والفقراء , أما الأصوليون فقالوا : لا يجوز أن يقال حكى الله ولا ما جرى مجراه. وذكر القاضي أبو محمد : أنه إذا استعمل ذلك في سياق الكلام والمراد منه حكت الآية أو اللفظ فذلك استعمال عربي شائع وعليه مشى الناس. وقد استعملت العرب أشياء في ذكر الله تعالى تنحمل على مجاز كلامها فمن ذلك قول أبي عامر يرتجز بالنبي صلى الله عليه وسلم (فاغفر فداء لك ما اقتفينا). رابع عشر : تفسير أسماء القرآن : 1 – القرآن : مصدر من قولك: قرأ الرجل إذا تلا يقرأ قرآنا وقراءة وحكى أبو زيد الأنصاري وقرءا . وقال قتادة: القرآن معناه التأليف قرأ الرجل إذا جمع وألف قولا وبهذا فسر قتادة قول الله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه} أي تأليفه. 2 – الكتاب فهو مصدر من كتب إذا جمع ومنه قيل كتيبة لاجتماعها ومنه قول الشاعر: (واكتبها بأسيار) أي: اجمعها. 3 – الفرقان أيضا فهو مصدر لأنه فرق بين الحق والباطل والمؤمن والكافر فرقا وفرقانا 4 – الذكر فسمي به لأنه ذكر به الناس آخرتهم وإلههم وما كانوا في غفلة عنه فهو ذكر لهم. وقيل: سمي بذلك لأنه فيه ذكر الأمم الماضية والأنبياء. وقيل: سمي بذلك لأنه ذكر وشرف لمحمد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء به. خامس عشر : معنى السورة : يرجع معنى السورة إلى معنيين : 1 – من همزها : فهي عنده كالبقية من الشيء والقطعة منه التي هي سؤر وسؤرة من أسأر إذا أبقى ومنه سؤر الشراب. 2 – من لم يهمزها : فمنهم من يراها من المعنى المتقدم إلا أنها سهلت همزتها ومنهم من يراها مشبهة بسورة البناء أي القطعة منه لأن كل بناء فإنما يبنى قطعة بعد قطعة وكل قطعة منها سورة وجمع سورة القرآن سور بفتح الواو وجمع سورة البناء سور بسكونها. سادس عشر : معنى الآية : الآية : هي العلامة في كلام العرب ومنه قول الأسير الموصي إلى قومه باللغز: (بآية ما أكلت معكم حيسا). وقيل سميت آية لما كانت جملة وجماعة كلام كما تقول العرب جئنا بآيتنا أي بجماعتنا. وقيل لما كانت علامة للفصل بين ما قبلها وما بعدها سميت آية. ووزن آية عند سيبويه فعلة بفتح العين أصلها أيية تحركت الياء الأولى وما قبلها مفتوح فجاءت آية. وقال الكسائي: أصل آية آيية على وزن فاعلة حذفت الياء الأولى مخافة أن يلتزم فيها من الإدغام ما لزم في دابة. وقيل: أصلها أية على وزن فعلة بسكون العين أبدلت الياء الساكنة ألفا استثقالا للتضعيف قاله الفراء وحكاه أبو علي عن سيبويه في ترجمة {وكأين من نبي}. وقال بعض الكوفيين: أصلها أيية على وزن فعلة بكسر العين أبدلت الياء الأولى ألفا لثقل الكسر عليها وانفتاح ما قبلها. والله أعلم |
مسائل خطبة تفسير ابن عطية
- نعمة القرآن العظيم و فضائله الذي اختص بها الله أمة محمد عليه الصلاة و السلام . - تنوع العلوم و فنونه و مسالكه . - قوة العزم و التحلي بالصبر في طلب العلم لبلوغ المجد فيه. - التعمق في أصول العلم و ضبط مسائله و فصوله المتشعبة لكي يكون مرجع يستند فيه إلى أقواله و يحتذى به. - شرف العلم على شرف المعلوم و أجل العلوم هو العلم بكتاب الله تعالى . - جمع القرآن الكريم للعلوم شتى و أنه أصل للسنة و الفروض و منبع المبادئ و المعارف . - العلم بكتاب الله أفضل العلوم تقريبا إلى الله و أكثرها إخلاصا لله و بعدا عن حظوظ الدنيا. - فوائد القرآن الكريم كثيرة و هي تغلب قوة الحفظ و تتفصى من الصدر تفصي الإبل من العقل. منهج بن عطيه في تفسيره - تقيد العلم بالكتابة و ترتيب المعاني فيه. - الحرص بأن يكون جامعا وجيزا محررا و ذكر القصص التي ترتبط بالأية . - نسبة الأقوال و المعاني إلى قائليها من العلماء . - التنبيه عند وجود أخطاء للعلماء الثقة و التسريد في توضيح رتبة ألفاظ الآية من حكم أو نحو أو لغة أو معنى. - تتبع الألفاظ و إيراد جميع القراءات و تتبع جميع محتملات الألفاظ و من ثم حذف فضول الكلام . باب ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به - كتاب الله هو حبل الله المتين و نوره المبين من تمسك و اعتصم به هدي إلى الصراط المستقيم و نجاة من الفتن . - علم الأولين و الأخرين في القرآن و تلاوته سبب في مضاعفة الأجور و الحسنات. - القرآن الكريم لا يمل منه لأن علومه و قصصه غضه ، و أنه أفضل ما أوتي العبد و أفضل شفيع . عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ القرآن فرأى أن أحدا أوتي أفضل مما أوتي فقد استصغر ما عظم الله)) -أفضل عبادة هي تلاوة القرآن و أفضل البيوت بيت يتلى فيه القرآن ، و كل من يتلو القرآن له أجر سواء كان صعب عليه أو أنه متقن في تلاوته. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إن أصفر البيوت بيت صفر من كتاب الله)). - القرآن الكريم ميراث محمد عليه الصلاة و السلام ، و أنه سبب لغفران الذنوب عن أبو عمرو الداني عن علي الأثرم قال: كنت أتكلم في الكسائي وأقع فيه فرأيته في النوم وعليه ثياب بيض ووجهه كالقمر فقلت يا أبا الحسن ما فعل الله بك فقال غفر لي بالقرآن. - عدم الخشوع و التأثر عند تلاوة القرآن من علامات قسوة القلوب . - القرآن الكريم رسائل من الله إلى العبد ، فيجب للعبد العمل به و القيام بحقوقه . باب في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه -إعراب القرآن أصل في الشريعة لأن بذلك تقوم معانيه التي هي الشرع. - {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا}الحكمة هي الفهم في القرآن و الفقه فيه و تفسيره . -أحب الخلق إلى الله أعلمهم بكتابه ، و شتان بين من يتلو القرآن و هو يعرف تفسيره و من يهذيه كالشعر . قال إياس بن معاوية: مثل الذين يقرؤون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا وليس عندهم مصباح فتداخلتهم روعة لا يدرون ما في الكتاب ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرؤوا ما في الكتاب. باب ما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين - التحذير من تفسير القرآن بالرأي من دون النظر فيما قاله العلماء أو اقتضته قوانين العلوم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)). - من تعظيم القرآن التورع في تفسيره خوفا من وقوع خطاء في ذلك . - ممن أخذ علم التفسير منهم علي بن أبي طالب و ابن عباس و مجاهد و سعيد بن الجبير، و من ثم السدي و ابن جرير و الزجاج . باب معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه)) - اختلاف الناس في معنى الحروف السبعة - الحروف السبعة هي فيما يتفق أن يقال على سبعة أوجه فما دونها كتعال وأقبل وإلي ونحوي و غيرها و هذا قول ضعيف . - السبعة الأحرف هي الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام. - السبعة الأحرف هي معاني كتاب الله تعالى وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال. - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يا أبي إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها إلا شاف وكاف إن قلت: غفور رحيم سميع عليم أو عليم حكيم وكذلك ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب)). 1-إنما هي سبعة أوجه من أسماء الله تعالى.حمل على أن هذا كان مطلقا ثم نسخ فلا يجوز للناس أن يبدلوا اسما لله في موضع بغيره مما يوافق معناه أو يخالفه. 2-أن كل كلمة تختلف القراءة فيها فإنها على سبعة أوجه وإلا بطل معنى الحديث. 3-تعرف بعض الوجوه بمجيء الخبر به ولا نعرف بعضها إذا لم يأت به خبر. 4-ظاهر الحديث يوجب أن يوجد في القرآن كلمة أو كلمتان تقرآن على سبعة أوجه فإذا حصل ذلك تم معنى الحديث. 5-معنى الحديث أنه نزل على سبع لغات مختلفات - عد الوجوه والطرائق المختلفة في كتاب الله مرة من جهة لغة ومرة من جهة إعراب وغير ذلك. - أنه أنزل على سبع لغات لسبع قبائل و عينوا القبائل السبع بحسب القطر ومن جاور منشأ النبي صلى الله عليه وسلم. - جمع القرآن الكريم في عهد عثمان بن عفان - جواز قراءة السبعة في الصلاة بالإجماع - شاذ القراءات لا يصلى به وذلك لأنه لم يجمع الناس عليه باب ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره - كان القرآن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم متفرقاً في صدور الرجال ، و كتب الناس منه في الصحف والجريد واللخاف، و بدء جمع القرآن بعد معركة اليمامة عندما كثر قتل القراء جمعه ابن مسعود بأمر من أبوبكر الصديق جمع غير مرتب السور و قد سقطت الآية من آخر براءة. و كانت هذه الصحف عند أبوبكر و ثم عمر بن خطاب و من ثم حفصة بنت عمر . - انتشرت الصحف و تعددت فيما بعد كمصحف عبدالله بن مسعود و مصحف أبي و غيرها و كان فيها اختلافا من حيث الأحرف السبع فأمر عثمان بن عفان رضي الله عنه جمع المصحف وأمر زيد بن ثابت بجمعه وقرن بزيد ثلاثة من قريش. و أمرهم عثمان إذا اختلفوا في شيء أن يجعلوه بلغة قريش ، كما هو في التابوه والتابوت قرأه زيد بن ثابت بالهاء والقرشيون بالتاء فأثبته بالتاء. و أمر بنسخ هذه النسخه و نشرها بين المسليمن و البلدان و أمر بحرق و خرق النسخ الاخرى . - و قد تولى النبي عليه الصلاة و السلام ترتيب الآيات في السور ووضع البسملة في الأوائل ولما لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة هذا أحد ما قيل في براءة. - ترتيب السور كالسبع الطول والحواميم والمفصل كان مرتبا في زمن النبي عليه السلام و اما باقي السور فتولى ترتيبها زيد ومن كان معه مع مشاركة من عثمان رضي الله عنه. - وأما شكل المصحف ونقطه فروي أن عبد الملك بن مروان أمر به وعمله فتجرد لذلك الحجاج ، و قد أسند الزبيدي في كتاب الطبقات إلى المبرد أن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي. وذكر الجاحظ في كتاب الأمصار أن نصر بن عاصم أول من نقط المصاحف وكان يقال له: نصر الحروف. - وأما وضع الأعشار فيه فمر بي في بعض التواريخ أن المأمون العباسي أمر بذلك وقيل إن الحجاج فعل ذلك باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق - اختلف الناس في هذه المسألة فقال أبو عبيدة وغيره: إن في كتاب الله تعالى من كل لغة. -ذهب الطبري وغيره إلى أن القرآن ليس فيه لفظة إلا وهي عربية صريحة. وأن الأمثلة والحروف التي تنسب إلى سائر اللغات إنما اتفق فيها أن تواردت اللغتان فتكلمت بها العرب والفرس أو الحبشة بلفظ واحد وذلك مثل قول تعالى: {إن ناشئة الليل} [المزمل: 6].قال ابن عباس: نشأ بلغة الحبشة قام من الليل. - أن القرآن نزل بلسان عربي مبين فأما هذه الألفاظ وما جرى مجراها فإنه قد كان للعرب بعض مخالطة لسائر الألسنة بتجارات وبرحلتي قريش وكسفر مسافر فعلقت العرب بهذا كله ألفاظا أعجمية غيرت بعضها بالنقص من حروفها وجرت إلى تخفيف ثقل العجمة واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها حتى جرت مجرى العربي الصريح. نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن - قال قوم إن التحدي وقع بالكلام القديم الذي هو صفة الذات وإن العرب كلفت في ذلك ما لا يطاق وفيه وقع عجزها وقال قوم: إن التحدي وقع بما في كتاب الله تعالى من الأنباء الصادقة والغيوب المسرودة. و هذين القولين فيهما عجز . - القول الراجح أن التحدي إنما وقع بنظمه وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه ، ووجه إعجازه أن الله تعالى قد أحاط بكل شيء علما وأحاط بالكلام كله علما، و هو إبطال لقول من قال إن العرب كان من قدرتها أن تأتي بمثل القرآن فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم صرفوا عن ذلك وعجزوا عنه. و لا يقدر بشر على الإيتان بمثله . باب في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى - إسناد أفعال إلى الله تعالى إيجازا لم يأت إسنادها بتوقيف من الشرع. وقد استعمل هذه الطريقة المفسرون والمحدثون والفقهاء واستعملها أبو المعالي في الإرشاد . - تقرير الصفات و ثبوتها لله تعالى مستعملة كسائر أوصافه تبارك وتعالى، وأما إذا استعمل ذلك في سياق الكلام والمراد منه حكت الآية أو اللفظ فذلك استعمال عربي شائع وعليه مشى الناس. باب في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية - فالقرآن مصدر من قولك: قرأ الرجل إذا تلا يقرأ قرآنا وقراءة، و أما قول قتادة القرآن معناه التأليف قرأ الرجل إذا جمع وألف قولا . والقول الأول أقوى إن القرآن مصدر من قرأ إذا تلا ومنه قول حسان بن ثابت يرثي عثمان بن عفان رضي الله عنه: [البسيط] ضحوا بأشمط عنوان السجود به ..... يقطع الليل تسبيحا وقرآنا أي: قراءة - الكتاب فهو مصدر من كتب إذا جمع ومنه قيل كتيبة لاجتماعها. وأما الفرقان أيضا فهو مصدر لأنه فرق بين الحق والباطل والمؤمن والكافر فرقا وفرقانا. - الذكر سمي به لأنه ذكر به الناس آخرتهم وإلههم وما كانوا في غفلة عنه فهو ذكر لهم. وقيل: سمي بذلك لأنه فيه ذكر الأمم الماضية والأنبياء. وقيل: سمي بذلك لأنه ذكر وشرف لمحمد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء به. - وأما السورة فإن قريشا ومن جاورها من قبائل العرب يقولون سورة بغير همز وتميم كلها وغيرهم أيضا يهمزون فيقولون سؤر وسؤرة. فأما من همز فهي عنده كالبقية من الشيء والقطعة منه التي هي سؤر وسؤرة من أسأر إذا أبقى ومنه سؤر الشراب. وأما من لا يهمز يراها مشبهة بسورة البناء أي القطعة منه لأن كل بناء فإنما يبنى قطعة بعد قطعة وكل قطعة منها سورة وجمع سورة القرآن سور بفتح الواو وجمع سورة البناء سور بسكونها. - وأما الآية فهي العلامة في كلام العرب فلما كانت الجملة التامة من القرآن علامة على صدق الآتي بها وعلى عجز المتحدى بها سميت آية هذا قول بعضهم وقيل سميت آية لما كانت جملة وجماعة كلام كما تقول العرب جئنا بآيتنا أي بجماعتنا وقيل لما كانت علامة للفصل بين ما قبلها وما بعدها سميت آية. |
بارك الله فيكما ونفع بكما.
- الغالب على تلخيصكما هو أنه فاتكما عدد من المسائل، وأحسب أن السبب في ذلك هو عدم الاجتهاد في استنباط المسائل من الأحاديث والآثار، وجرى التلخيص على ما صنفه ابن عطية رحمه الله من فصل وعندنا مثلا الفصل الذي فيه صور الاعتصام بالقرآن الكريم يمكنكم استنباط عدد من المسائل من الأحاديث التي أوردها الشيخ منها فضل تلاوة القرآن فضل تعلم القرآن وتعليمه آداب تلاوة القرآن - الأخ صلاح أكثر استيعابًا للمسائل، والأخت مريم أكثر تصرفًا في العبارة، دون الاعتماد على ألفاظ ابن عطية - الأولى التلخيص بأسلوبكم حتى تنمو لديكم ملكة التعبير، والمسائل الخلافية يحسن تحريرها بنفس طريقة تحرير المسائل التي تعلمناها في دورات سابقة من تفصيل الأقوال، بوضوح؛ القول الأول، القول الثاني ...، ثم بيان ما رجحه ابن عطية ووجه ترجيحه. التقويم: صلاح الدين محمد: أ مريم البلوشي: ب+، خُصمت نصف درجة للتأخير. وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى. |
س: استخلص المسائل التي اشتملت عليها مقدّمة تفسير ابن عطية الأندلسي، ثم لخّص بأسلوبك ما قيل في كل مسألة.
الإجابة : المسائل المستنبطة من : خطبة ابن عطية : ذكر نسب الشيخ القاضي أبي محمد ، حمد الله على نعمة التوحيد، والخلق ،والهداية إلى شرعه ،وإنزال القرآن ،فيه كمال الدين ورواء الباحثين . الصلاة على رسول الله الذي شرفه الله بالاصطفاء والشفاعة والرسالة الخالدة إلى قيام الساعة . أن طلب شرف العلم وتحصيله ، وبلوغ مرتبة العالم الذي يشار إليه بالبنان ، يتطلب الأخذ من كل علم بطرف والتبحر في علم يتقنه . بلوغ مرتبة العالم يتطلب بذل الأوقات وسهر الليالي وثني الركب عند العلماء وطول الصبر والمصابرة . التخصص في أحد العلوم مطلب للبروز، فيتخير علما من هذه العلوم ليبرز فيه ، ويُعرف به ، فيبذل فيه غاية الجهد والوسع ، يتتبع مفرداته ، ويضبط أصوله وفروعه ، ويدفع ما يرد علي من الاعتراضات ، حتى يصبح فيه مرجعا لأهل عصره ومن بعدهم . سبب اختيار أبي محمد القاضي للتصنيف في علم التفسير ؛ فهو أشرف العلوم و أمتنها و أرسخها ، عليه قوام الشرع ، ومصدر المعارف ، فهو أعظم العلوم تقريبا إلى الله تعالى . راجيا أن يرحمه الله فينجيه من النار لاشتغاله بكتابه فكرا دائما و نظرا متواصلا ، وترداد لآيه . سبب توجه أبي محمد إلى التأليف ، بعدما بلغ مرتبة من الفهم ، ورأى أن ماجمعه من العلم تغلب على قوة الحفظ ، وشعر يتفلت بعضه من صدره بدأ بالتأليف . منهج أبي محمد في التأليف :فبدأ بالتأليف في علم التفسير ومعاني القرآن طامحا أن يكون مُؤَلَّفه : جامعا وجيزا محررا ، مثبتا لأقوال العلماء منسوبة إليهم ، ممحصا من الإلحاد والعقائد الفاسدة ، ساردا تفسيره حسب رتبة الألفاظ من حكم أو نحو أو لغة أو معنى أو قراءة ، قاصدا الإيجاز وحذف فضول القول . ثانيا : باب ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به . ما ورد في فضل القرآن والاعتصام به . أنه النجاة وقت الفتن . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم)) قيل: فما النجاة منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو فصل ليس بالهزل من تركه تجبرا قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء من علم علمه سبق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم)). أنه العروة الوثقى التي أمرنا أن نستمسك بها .قال أنس بن مالك في تفسير قول تعالى: {فقد استمسك بالعروة الوثقى} . قال: هي القرآن. القرآن مصدر العلوم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن)). في القرآن عبرة لألي الألباب . قيل لمحمد بن سعيد: ما هذا الترديد للقصص في القرآن فقال ليكون لمن قرأ ما تيسر منه حظ في الاعتبار. القرآن غضّ جديد مهما طال الزمن لا يُملّ ولا تنفذ فوائده . قيل لجعفر بن محمد الصادق: لم صار الشعر والخطب يمل ما أعيد منها والقرآن لا يمل؟ فقال: لأن القرآن حجة على أهل الدهر الثاني كما هو حجة على أهل الدهر الأول فكل طائفة تتلقاه غضا جديدا ولأن كل امرئ في نفسه متى أعاده وفكر فيه تلقى منه في كل مرة علوما غضة وليس هذا كله في الشعر والخطب . فضل قراءة القرآن . قال صلى الله عليه وسلم: ((اتلوا هذا القرآن فإن الله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف)). القرآن شفيع لقارئه . قال عليه السلام: ((ما من شفيع أفضل عند الله من القرآن لا نبي ولا ملك)). تلاوة القرآن من أفضل العبادات .قال عليه السلام: ((أفضل عبادة أمتي القرآن))،وحدث أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ مائة آية كتب من القانتين ومن قرأ مائتي آية لم يكتب من الغافلين ومن قرأ ثلاثمائة آية لم يحاجه القرآن)). القرآن مجمع العلم . قال عبد الله بن عمرو بن العاصي: من قرأ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه. فضل الصبر على تعلم قراءة القرآن ، وفضل إتقان تلاوته . قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي يتعاهد هذا القرآن ويشتد عليه له أجران والذي يقرأه وهو خفيف عليه مع السفرة الكرام البررة)). ومر أعرابي على عبد الله بن مسعود وعنده قوم يقرؤون القرآن فقال: ما يصنع هؤلاء؟ فقال له ابن مسعود: يقتسمون ميراث محمد صلى الله عليه وسلم. استماع الملائكة لتلاوة القرآن .في حديث صحيح عن أسيد بن حضير في تنزل الملائكة في الظلة لصوته بقراءة سورة البقرة. ما ورد في التأثر بالقرآن . فضل التخشُّع في تلاوة القرآن .روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أحسن الناس قراءة أو صوتا بالقرآن فقال: ((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى)). البكاء عند سماع القرآن من رقة القلب . ويروى أن أهل اليمن لما قدموا أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه سمعوا القرآن فجعلوا يبكون فقال أبو بكر: هكذا كنا ثم قست القلوب. شدة تأثر الفاروق بالقرآن . روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ مرة: {إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع} [الطور: 7] فأن أنة عيد منها عشرين يوما . ما ورد في الحث على تدبره والعمل به . الإصغاء لأوامر الله ونواهيه في القرآن .قال رجل لعبد الله بن مسعود: أوصني فقال: إذا سمعت الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فأرعها سمعك فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه. الحث على الاهتمام بتدبر القرآن والعمل به أكثر من هم تلاوته وختمه .قال الحسن بن أبي الحسن البصري إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا تركبونه فتقطعون به المراحل وإن من كان قبلكم رأوه رسائل إليهم من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار. وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول أنزل عليهم القرآن ليعملوا به فاتخذوا درسه عملا إن أحدهم ليتلو القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفا وقد أسقط العمل به. العمل بالقرآن والقيام بحقوقه ثقيل يحتاج إلى مصابرة .قال القاضي عبد الحق رضي الله عنه قال الله تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر} وقال تعالى: {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} [المزمل: 5] أي علم معانيه والعمل به والقيام بحقوقه ثقيل فمال الناس إلى الميسر وتركوا الثقيل وهو المطلوب منهم. وقيل ليوسف بن أسباط: بأي شيء تدعو إذا ختمت القرآن قال: أستغفر الله من تلاوتي لأني إذا ختمته وتذكرت ما فيه من الأعمال خشيت المقت فأعدل إلى الاستغفار والتسبيح. وقرأ رجل القرآن على بعض العلماء قال فلما ختمته أردت الرجوع من أوله فقال لي: اتخذت القراءة علي عملا اذهب فاقرأه على الله تعالى في ليلك وانظر ماذا يفهمك منه فاعمل به. وروي عنه عليه السلام أنه قال في آخر خطبة خطبها وهو مريض: ((أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين إنه لن تعمى أبصاركم ولن تضل قلوبكم ولن تزل أقدامكم ولن تقصر أيديكم كتاب الله سبب بينكم وبينه طرفه بيده وطرفه بأيديكم فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وأحلوا حلاله وحرموا حرامه ألا وعترتي وأهل بيتي هو الثقل الآخر فلا تسبوهم فتهلكوا)). ثالثا :باب في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه فضل علم معاني القرآن . روى ابن عباس أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال أي علم القرآن أفضل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عربيته فالتمسوها في الشعر)). فضل إعراب القرآن . قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه إعراب القرآن أصل في الشريعة لأن بذلك تقوم معانيه التي هي الشرع. فضل فهم القرآن وتفسيره . وقال أبو العالية في تفسير قوله عز وجل: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} [البقرة: 269] قال: الحكمة الفهم في القرآن، وقال قتادة: الحكمة القرآن والفقه فيه، وقال غيره: الحكمة تفسير القرآن. حرص مسروق تفسير القرآن .قال الشعبي: رحل مسروق إلى البصرة في تفسير آية فقيل له: إن الذي يفسرها رحل إلى الشام فتجهز ورحل إليه حتى علم تفسيرها. شمول علم القرآن وسعته .وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما من شيء إلا وعلمه في القرآن ولكن رأي الرجل يعجز عنه. رابعا : باب ما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين . شناعة القول في التفسير بالرأي المجرد . روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر من كتاب الله إلا آيا بعدد علمه إياهن جبريل. وبين القاضي أبو محمد أن المقصود مغيبات القرآن التي لا سبيل إليها إلا بتوقيف من الله . ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)). بين القاضي أبو محمد أن المقصود من تكلم في كتاب الله برأيٍ مجرد لا تقتضيه قوانين العلوم ولا يعزوه لعالم معتبر ، أما من اعتمد على قوانين علم يجيده فليس بمقصود . مراتب المفسرين : من الصحابة : إمام المفسرين علي بن أبي طالب ، قال عنه ابن عباس : ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما . ويأتي بعده ابن عباس رضي الله عنهما ، وإن كان المحفوظ عنه أكثر وقد أثنى عليه علي بن أبي طالب وقال عنه : كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق . وحث على الأخذ عنه ، ووصفه ابن مسعود بترجمان القرآن . ويأتي بعدهما عبدالله بن مسعود وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبدالله بن عمرو بن العاص من التابعين : الحسن بن أبي الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وعلقمة ، ويتلوهم عكرمة والضحاك بن مزاحم . ثم حمل التفسير العدول من كل طبقة كعبدالرزاق والمفضل وعلي بن أبي طلحة والبخاري وغيرهم . فضل ابن جرير في جمع التفسير . كان لابن جرير الطبري شأن في جمع أشتات التفسير والاهتمام بالإسناد . من المتأخرين : قد برز من المتأخرين في التفسير أبو إسحاق الزجاج وأبو علي الفارسي وابو بكر النقاش وأبو جعفر النحاس ومكي بن ابي طالب وأبو العباس المهدوي . خامسا : باب معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه)) اختلف الناس في معنى هذا الحديث على أقوال : الأول : أي على سبعة أوجه فما دونها كتعال وأقبل وإليّ ونحوي وقصدي واقرب وجئ .وقال القاضي أبو محمد وهذا قول ضعيف . الثاني : هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام قاله ابن شهاب ، وقال القاضي أبو محمد : وهذا كلام محتمل . الثالث : أي : معاني كتاب الله تعالى وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال.وضعّف هذا القول القاضي أبو محمد لأن هذه لا تسمى أحرفا ، والتوسعة لم تقع في تحريم حلال ولا تحليل حرام بالإجماع . الرابع : قول حكاه القاضي أبو بكر بن الطيب وبعض العلماء مفاده أن الاختلاف في القراءة له سبعة أوجه بالنظر في الحركة والمعنى والصورة 1- ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل: {هن أطهرُ} وأطهرَ. 2- ما لا تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب مثل: {ربنا باعِد} وباعَد. 3 - ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل: (ننشرها) و{ننشزها}. 4 - ما تتغير صورته ويبقى معناه كقوله: {كالعهن المنفوش} و(كالصوف المنفوش) 5 - ما تتغير صورته ومعناه مثل: {وطلح منضود} و(طلع منضود) 6 - ما يتغير بالتقديم والتأخير كقوله: {وجاءت سكرة الموت بالحق} و(سكرة الحق بالموت). 7 - ما يتغير بالزيادة والنقصان كقوله: (تسع وتسعون نعجة أنثى). سادسا : باب ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره ذكر جمع القرآن . في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كان القرآن غير مجموع ، بل متفرقا في صدور الصحابة ، ومنهم من كتب شيئا منه على ما تيسر من صحف وجريد وغيره مما يمكن الكتابة عليه . في عهد أبي بكر الصديق جمع القرآن بإشارة من عمر بن الخطاب بعد أن قتل عدد من القراء الحفظة ، حيث كلف بذلك زيد بن ثابت وشارك معه بعض القراء ، لكنه جمع غير مرتب السور .ثم بقيت هذه الصحف عند أبي بكر ثم عمر ثم حفصة بنت عمر في خلافة عثمان . بداية توسع الاختلاف في قراءة القرآن وسبب جمعه .فمن الفتوحات انتشرت صحف كتبت عن بعض القراء كابن مسعود وأبيّ وبعض الصحابة في الشام ، وكان بينها اختلاف ؛ فاختلف الناس في قراءة القرآن . ثم أمر عثمان بن عفان زيد بن ثابت بجمعه بعد أن ذكر له حذيفة حال المسلمين واختلافهم في القراءة بعد عودته من غزوة أرمينية ، وقرن به بعض الصحابة ، لكن هذا الجمع كان له مرجع وهو ما كان عند حفصة من صحف . ترتيب آي السور في القرآن . كان مرتب الآيات في السور على ترتيب النبي صلى الله عليه وسلم . ترتيب السور في المصحف . كان بعضها بترتيب النبي صلى الله عليه وسلم كالسبع الطوال والحواميم والمفصل ، وما لم يرتب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، رتِّب باجتهاد زيد وعثمان ومن معهم من الصحابة المكلفين بالجمع . وكان بدون شكل ولا نقط . الخلاف في من شكل المصحف ونقطه . قيل :كان من عمل الحجاج بعد أمر عبدالملك بن مروان ، وزاد على شكل المصحف ونقطه تحزيبه ، عندما أمر الحجاج الحسن ويحيى بن يعمر . وقيل : أن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي ، أسنده إليه الزبيدي في كتاب الطبقات ، ذكره المبرد . وقال أبو الفرج : أن نقطه بأمر من زياد بن أبي سفيان . وقال الجاحظ : أن أول من نقط المصحف نصر بن عاصم . أما وضع الأعشار فكان بأمر من المأمون العباسي ، وقيل فعله الحجاج . سابعا : باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق . ورد في تعلق بعض ألفاظ كتاب الله بلغات العجم قولان : الأول : أن كتاب الله من كل لغة . وهذا قول أبي عبيدة وغيره . الثاني : وهو قول الطبري وغيره أن القرآن ليس فيه لفظة إلا وهي عربية صريحة .ووافقه القاضي أبو محمد . أما تعليل الطبري للأمثلة والحروف التي تنسب إلى سائر اللغات ، بأنه من توارد اللغتين فتكلمت بها العرب والفرس أو الحبشة بلفظ واحد ، مثل قوله تعالى: {إن ناشئة الليل} . قال ابن عباس: نشأ بلغة الحبشة قام من الليل ، ومثل قوله تعالى: {يؤتكم كفلين من رحمته} .قال أبو موسى الأشعري: كفلان ضعفان من الأجر بلسان الحبشة ، وكذلك قال ابن عباس في القسورة: إنها الأسد بلغة الحبشة إلى غير هذا من الأمثلة. فلم يوافقه عليه القاضي أبو محمد ؛ وعلل لهذه الألفاظ بأن العرب العاربة كان لهم مخالطة لسائر الألسنة بتجارات ورحلات كرحلات قريش ، وسفر الأعشى وهو حجة في اللغة إلى الحيرة ومخالطتهم ، فعلقت بهم ألفاظ أعجمية غيرت بعضها للتخفيف وبقيت بعضها كما هي ، ودرج استعمالها بين العرب حتى استعملت في أشعارهم ومحاوراتهم حتى جرت مجرى العربي الصريح ووقع بها البيان ، فنزل بها القرآن . فإن جهل العربي شيئا منها فكجهله بلغة غيره من العرب كجهل ابن عباس بمعنى فاطر . ثامنا : نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن اختلف الناس في التحدي بإعجاز القرآن بم هو ؟ على أقوال : الأول : أنه الكلام القديم الذي هو صفة الذات ، فوقع الإعجاز ؛ لأن العرب لا تطيق ذلك . الثاني : أنه بالأنباء الصادقة والغيوب المسرودة . لكن هذين القولين لا يتحقق الإعجاز فيهما إلا لمن تقرر الإيمان في نفسه ، أم الكافر فلا يدرك هذا الإعجاز . أم القول الثالث : الذي عليه الجمهور وهو الصحيح ، أن الإعجاز وقع بنظمه وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه ، مما يدل على إحاطة الله بالعلم كله ، وبالكلام كله ، فاللفظة في القرآن تأتي في غاية الفصاحة موقعا ومعنى وترتيبا ، وكذا جميع ألفاظ القرآن ، مما يعجز عنه فصحاء العرب مجتمعين ، لأنه ليس في قدرة أحد من المخلوقين الإتيان بهذا . وحال فصحاء العرب مع القرآن التي لم يفصحوا عنها ، ومثلهم مثل الوليد بن المغيرة حين قال: والله ما هو بالشعر ولا هو بالكهانة ولا بالجنون .فعرفوا أنه لا يقدر بشر على مثله . فمنهم من أقرّ وآمن ، ومنهم من جحد وكفر . فبقي القرآن معجزة خالدة للعرب أرباب الفصاحة . تاسعا : باب في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى ذكر بعض الأصوليين عدم جواز قول : حكى الله ، وخاطب الله ، وشرّف الله ونحوه من عبارات ، التي قد يسوقها المفسرون بقصد الإيجاز في العبارة ، وكذلك المحدثون والفقهاء وغيرهم . فقال القاضي أبو محمد : أن هذا الاستعمال في سياق الكلام المراد منه حكت الآية أو اللفظ ، واستعمال ذلك عربي شائع وعليه مشى الناس . وإن كان القاضي أبو محمد يجتهد في أن يتحفظ منه بقدر ما يستطيع ، لكنه يعتذر عما وقع فيه المفسرون . ومن هذا الاستعمال قول سعد بن معاذ: عرق الله وجهك في النار يقول هذا للرامي الذي رماه وقال: خذها وأنا ابن العرقة. عاشرا : باب في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية وفي الباب ثلاث مسائل : الأولى : أسماء القرآن . وقد ورد للقرآن عدة أسماء : أشهرها القرآن . وهو مصدر قرأ ، وقال قتادة : معناه التأليف ، وقرأ الرجل إذا جمع وألف قولا . قال تعالى : ( إن علينا جمعه وقرآنه ) أي : تأليفه . الكتاب : وهو مصدر كتب إذا جمع ، ومنها كتيبة لاجتماع نفر من المحاربين . الفرقان : وهو مصدر فرق بين الحق والباطل فرقا وفرقانا . الذكر : إما لأنه ذكّر الناس آخرتهم وإلههم ، أو أن فيه ذكر الأمم الماضية والانبياء ، أو أنه ذكر وشرف للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن علم به . أما المسألة الثانية :فهي تبحث نطق ( السورة ) ومعناها . فتميم وغيرهم يهمزون فيقولون (سؤرة) ، وهي عندهم البقية من الشيء و القطعة منه ، ومنه سؤر الشراب . و أما قريش ومن جاورها من العرب فينطقونها بدون همز ، ولها معنيان : القطعة من الشيء ، أو التشبيه بسورة البناء ، أي القطعة منه .فالبناء يبنى قطعة بعد قطعة . أما المسألة الثالثة :فتبحث في ( الآية ) معناها ،وسبب تسميتها ،ووزنها الصرفي : . وهي العلامة في كلام العرب . ولسبب تسميتها بذلك أقوال : لأنها جملة تامة من القرآن ، وهي علامة على صدق الآتي بها ، وعلى عجز المتحدَّى بها . لأنها جملة وجماعة كلام ، والعرب تقول جئنا بآيتنا أي بجماعتنا . لأنها علامة للفصل بين ما قبلها وما بعدها . واختلف علماء اللغة في وزن ( آية ) على خمسة أقوال : قال سيبويه ( آية ) على وزن : فَعَلَة ، أصلها : أيَيَة وقال الكسائي على وزن : فاعلة ، أصلها آيية ، فحذفت الياء الأولى . وقال مكي : على وزن دابّة فأصلها آيّة ثم سهلت الياء المثقلة . وقال الفراء : وزنها فَعْلَة ثم أبدلت الياء الساكنة ألفا استثقالا للتضعيف .وحكاه أبو علي عن سيبويه . وقال بعض الكوفيين : على وزن فَعِلَة ، أصلها أيِيَة ، فأبدل |
مجلس مذاكرة مقدمة تفسير ابن عطية الأندلسي س: استخلص المسائل التي اشتملت عليها مقدّمة تفسير ابن عطية الأندلسي، ثم لخّص بأسلوبك ما قيل في كل مسألة. اشتملت مقدّمة تفسير ابن عطية الأندلسي على مسائل يمكن إجمالها فيما يلى : المسألة الأولى:بعض الأدلة الواردة في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به. · قال صلى الله عليه وسلم: ((اتلوا هذا القرآن فإن الله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف)). · وروى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من شفع له القرآن نجا ومن محل به القرآن يوم القيامة كبه الله لوجهه في النار وأحق من شفع له القرآن أهله وحملته وأولى من محل به من عدل عنه وضيعه)). · وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي يتعاهد هذا القرآن ويشتد عليه له أجران والذي يقرأه وهو خفيف عليه مع السفرة الكرام البررة)). · وقال رجل لأبي الدرداء: إن إخوانا لك من أهل الكوفة يقرئونك السلام ويأمرونك أن توصيهم فقال أقرئهم السلام ومرهم فليعطوا القرآن بخزائمهم فإنه يحملهم على القصد والسهولة ويجنبهم الجور والحزونة. · وقال رجل لعبد الله بن مسعود: أوصني فقال: إذا سمعت الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فأرعها سمعك فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه. · وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أحسن الناس قراءة أو صوتا بالقرآن فقال: ((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى)). · وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول أنزل عليهم القرآن ليعملوا به فاتخذوا درسه عملا إن أحدهم ليتلو القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفا وقد أسقط العمل به. · وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ مرة: {إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع} [الطور: 7] فأن أنة عيد منها عشرين يوما وقال الحسن بن أبي الحسن البصري إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا تركبونه فتقطعون به المراحل وإن من كان قبلكم رأوه رسائل إليهم من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار. · وقيل ليوسف بن أسباط: بأي شيء تدعو إذا ختمت القرآن قال: أستغفر الله من تلاوتي لأني إذا ختمته وتذكرت ما فيه من الأعمال خشيت المقت فأعدل إلى الاستغفار والتسبيح. · وقرأ رجل القرآن على بعض العلماء قال فلما ختمته أردت الرجوع من أوله فقال لي: اتخذت القراءة علي عملا اذهب فاقرأه على الله تعالى في ليلك وانظر ماذا يفهمك منه فاعمل به. المسألة الثانية : فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه. · قال أبو العالية في تفسير قوله عز وجل: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} [البقرة: 269] قال: الحكمة الفهم في القرآن، وقال قتادة: الحكمة القرآن والفقه فيه، وقال غيره: الحكمة تفسير القرآن . · ذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه جابر بن عبد الله فوصفه بالعلم فقال له رجل: جعلت فداك تصف جابرا بالعلم وأنت أنت فقال: إنه كان يعرف تفسير قول تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} [القصص: 197]. · قال الشعبي: رحل مسروق إلى البصرة في تفسير آية فقيل له: إن الذي يفسرها رحل إلى الشام فتجهز ورحل إليه حتى علم تفسيرها. · قال إياس بن معاوية: مثل الذين يقرؤون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا وليس عندهم مصباح فتداخلتهم روعة لا يدرون ما في الكتاب ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرؤوا ما في الكتاب. · قال ابن عباس: الذي يقرأ ولا يفسر كالأعرابي الذي يهذ الشعر. · قال مجاهد: أحب الخلق إلى الله أعلمهم بما أنزل. · قال الحسن: والله ما أنزل الله آية إلا أحب أن يعلم فيمن أنزلت وما يعني بها. · قال الحسن: أهلكتهم العجمة يقرأ أحدهم الآية فيعيى بوجوهها حتى يفتري على الله فيها. · كان ابن عباس يبدأ في مجلسه بالقرآن ثم بالتفسير ثم بالحديث.قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما من شيء إلا وعلمه في القرآن ولكن رأي الرجل يعجز عنه. المسألة الثالثة:تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين. كان كثير من السلف كسعيد بن المسيب وعامر الشعبي وغيرهما يعظمون تفسير القرآن ويتوقفون عنه تورعا واحتياطا لأنفسهم مع إدراكهم وتقدمهم وكان جلة من السلف كثير عددهم يفسرونه وهم أبقوا على المسلمين في ذلك رضي الله عنهم. من هؤلاء المفسرين : · علي بن أبي طالب رضي الله عنه ويتلوه عبد الله بن العباس رضي الله عنهما وهو تجرد للأمر وكمله وتتبعه وتبعه العلماء عليه كمجاهد وسعيد بن جبير وغيرهما والمحفوظ عنه في ذلك أكثر من المحفوظ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. · قال ابن عباس ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب. · كان علي بن أبي طالب يثني على تفسير ابن عباس ويحث على الأخذ عنه. · عبد الله بن مسعود يقول: نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس وهو الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم فقهه في الدين)) وحسبك بهذه الدعوة. · قال عنه علي بن أبي طالب: ابن عباس كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق ويتلوه عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص وكل ما أخذ عن الصحابة فحسن متقدم ومن المبرزين في التابعين الحسن بن أبي الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وعلقمة. قرأ مجاهد على ابن عباس قراءة تفهم ووقوف عند كل آية ويتلوهم عكرمة والضحاك بن مزاحم وإن كان لم يلق ابن عباس وإنما أخذ عن ابن جبير. · وأما السدي رحمه الله فكان عامر الشعبي يطعن عليه وعلى أبي صالح لأنه كان يراهما مقصرين في النظر ثم حمل تفسير كتاب الله تعالى عدول كل خلف وألف الناس فيه كعبد الرزاق والمفضل وعلي بن أبي طلحة والبخاري وغيرهم. · ثم جاء محمد بن جرير الطبري رحمه الله جمع على الناس أشتات التفسير وقرب البعيد وشفى في الإسناد. · ومن المبرزين في المتأخرين أبو إسحاق الزجاج وأبو علي الفارسي فإن كلامهما منخول وأما أبو بكر النقاش وأبو جعفر النحاس فكثيرا ما استدرك الناس عليهما وعلى سننهما . · مكي بن أبي طالب رضي الله عنه وأبو العباس المهدوي رحمه الله متقن التأليف وكلهم مجتهد مأجور رحمهم الله ونضر وجوههم المسألة الرابعة:معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه)). اختلف العلماء فى ذلك إلى أقوال : الأول: أن تلك الحروف السبعة هي فيما يتفق أن يقال على سبعة أوجه فما دونها كتعال وأقبل وإلي ونحوي وقصدي واقرب وجئ وكاللغات التي في أف وكالحروف التي في كتاب الله فيها قراءات كثيرة وهذا قول ضعيف. قال ابن شهاب في كتاب مسلم: بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام. الثانى: المراد بالسبعة الأحرف معاني كتاب الله تعالى وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال. وهذا أيضا ضعيف لأن هذه لا تسمى أحرفا وأيضا فالإجماع أن التوسعة لم تقع في تحريم حلال ولا في تحليل حرام ولا في تغيير شيء من المعاني المذكورة. وحكى صاحب الدلائل عن بعض العلماء وقد حكى نحوه القاضي أبو بكر بن الطيب قال: تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعة : 1- منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل: (هن أطهرُ)وأطهرَ. 2- ومنها ما لا تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب مثل:(ربنا باعِد)وباعَد. 3- ومنها ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل:(ننشرها) وننشزها. 4- ومنها ما تتغير صورته ويبقى معناه كقوله: (كالعهن المنفوش)و(كالصوف المنفوش) . 5- ومنها ما تتغير صورته ومعناه مثل :(وطلح منضود)و(طلع منضود). 6- ومنها بالتقديم والتأخير كقوله: (وجاءت سكرة الموت بالحق)] و(سكرة الحق بالموت). 7- ومنها بالزيادة والنقصان كقوله: (تسع وتسعون نعجة أنثى). · ذكر القاضي أبو بكر بن الطيب في معنى هذه السبعة الأحرف حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف نهي وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وائتمروا وانتهوا واعتبروا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه. الثالث: وذكر القاضي أيضا: أن أبيا رضي الله عنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يا أبي إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها إلا شاف وكاف إن قلت: غفور رحيم سميع عليم أو عليم حكيم وكذلك ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب. · إذا ثبتت هذه الرواية حمل على أن هذا كان مطلقا ثم نسخ فلا يجوز للناس أن يبدلوا اسما لله في موضع بغيره مما يوافق معناه أو يخالفه. الرابع: قال القاضي أبو بكر بن الطيب: وقد زعم قوم أن معنى الحديث أنه نزل على سبع لغات مختلفات وهذا باطل إلا أن يريد الوجوه المختلفة التي تستعمل في القصة الواحدة والدليل على ذلك أن لغة عمر بن الخطاب وأبي بن كعب وهشام بن حكيم وابن مسعود واحدة وقراءتهم مختلفة وخرجوا بها إلى المناكرة. · فأما الأحرف السبعة التي صوب رسول الله صلى الله عليه وسلم القراءة بجميعها وهي التي راجع فيها فزاده وسهل عليه لعلمه تعالى بما هم عليه من اختلافهم في اللغات فلها سبعة أوجه وسبع قراءات مختلفات وطرائق يقرأ بها على اختلافها في جميع القرآن أو معظمه حسبما تقتضيه العبارة في قوله: ((أنزل القرآن)) فإنما يريد به الجميع أو المعظم فجائز أن يقرأ بهذه الوجوه على اختلافها ويدل على ذلك قول الناس: حرف أبي وحرف ابن مسعود ونقول في الجملة: إن القرآن منزل على سبعة أحرف من اللغات والإعراب وتغيير الأسماء والصور وإن ذلك مفترق في كتاب الله ليس بموجود في حرف واحد وسورة واحدة يقطع على اجتماع ذلك فيها. قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: انتهى ما جمعت من كلام القاضي أبي بكر رضي الله عنه وإطلاقه البطلان على القول الذي حكاه فيه نظر لأن المذهب الصحيح الذي قرره آخرا من قوله ونقول في الجملة إنما صح وترتب من جهة اختلاف لغات العرب الذين نزل القرآن بلسانهم وهو اختلاف ليس بشديد التباين حتى يجهل بعضهم ما عند بعض في الأكثر وإنما هو أن قريشا استعملت في عباراتها شيئا واستعملت هذيل شيئا غيره في ذلك المعنى وسعد بن بكر غيره والجميع كلامهم في الجملة ولغتهم. واستدلال القاضي رضي الله عنه بأن لغة عمر وأبي وهشام وابن مسعود واحدة فيه نظر لأن ما استعملته قريش في عبارتها ومنهم عمر وهشام وما استعملته الأنصار ومنهم أبي وما استعملته هذيل ومنهم ابن مسعود قد يختلف ومن ذلك النحو من الاختلاف هو الاختلاف في كتاب الله سبحانه فليست لغتهم واحدة في كل شيء وأيضا فلو كانت لغتهم واحدة بأن نفرضهم جميعا من قبيلة واحدة لما كان اختلافهم حجة على من قال: إن القرآن أنزل على سبع لغات لأن مناكرتهم لم تكن لأن المنكر سمع ما ليس في لغته فأنكره وإنما كانت لأنه سمع خلاف ما أقرأه النبي صلى الله عليه وسلم وعساه قد أقرأه ما ليس من لغته واستعمال قبيلته. فكأن القاضي رحمه الله إنما أبطل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قصد في قوله: ((على سبعة أحرف)) عد اللغات التي تختلف بجملتها وأن تكون سبعا متباينة لسبع قبائل تقرأ كل قبيلة القرآن كله بحرفها ولا تدخل عليها لغة غيرها بل قصد النبي عليه السلام عنده عد الوجوه والطرائق المختلفة في كتاب الله مرة من جهة لغة ومرة من جهة إعراب وغير ذلك ولا مرية أن هذه الوجوه والطرائق إنما اختلفت لاختلاف في العبارات بين الجملة التي نزل القرآن بلسانها وذلك يقال فيه اختلاف لغات. وصحيح أن يقصد عليه السلام عد الأنحاء والوجوه التي اختلفت في القرآن بسبب اختلاف عبارات اللغات. وصحيح أن يقصد عد الجماهير والرؤوس من الجملة التي نزل القرآن بلسانها وهي قبائل مضر فجعلها سبعة وهذا أكثر توسعة للنبي صلى الله عليه وسلم لأن الأنحاء تبقى غير محصورة فعسى أن الملك أقرأه بأكثر من سبعة طرائق ووجوه. قال القاضي في كلامه المتقدم فجائز أن يقرأ بهذه الوجوه على اختلافها. قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه: والشرط الذي يصح به هذا القول هو أن تروى عن النبي عليه السلام ومال كثير من أهل العلم كأبي عبيد وغيره إلى أن معنى الحديث المذكور أنه أنزل على سبع لغات لسبع قبائل انبث فيه من كل لغة منها وهذا القول هو المتقرر من كلام القاضي رضي الله عنه وقد ذكر بعضهم قبائل من العرب روما منهم أن يعينوا السبع التي يحسن أن تكون مراده عليه السلام نظروا في ذلك بحسب القطر ومن جاور منشأ النبي صلى الله عليه وسلم. واختلفوا في التسمية وأكثروا وأنا ألخص الغرض جهدي بحول الله: فأصل ذلك وقاعدته قريش ثم بنو سعد بن بكر لأن النبي عليه السلام قرشي واسترضع في بني سعد ونشأ فيهم ثم ترعرع وعقت تمائمه وهو يخالط في اللسان كنانة وهذيلا وثقيفا وخزاعة وأسدا وضبة وألفافها لقربهم من مكة وتكرارهم عليها ثم بعد هذه تميما وقيسا ومن انضاف إليهم وسط جزيرة العرب فلما بعثه الله تعالى ويسر عليه أمر الأحرف أنزل عليه القرآن بلغة هذه الجملة المذكورة وهي التي قسمها على سبعة لها السبعة الأحرف وهي اختلافاتها في العبارات حسبما تقدم. قال ثابت بن قاسم: لو قلنا من هذه الأحرف لقريش ومنها لكنانة ومنها لأسد ومنها لهذيل ومنها لتميم ومنها لضبة وألفافها ومنها لقيس لكان قد أتى على قبائل مضر في مراتب سبعة تستوعي اللغات التي نزل بها القرآن. قال القاضي أبو محمد عبد الحق: وهذا نحو ما ذكرناه وهذه الجملة هي التي انتهت إليها الفصاحة وسلمت لغاتها من الدخيل ويسرها الله لذلك ليظهر آية نبيه بعجزها عن معارضة ما أنزل عليه وسبب سلامتها أنها في وسط جزيرة العرب في الحجاز ونجد وتهامة فلم تطرقها الأمم فأما اليمن وهي جنوبي الجزيرة فأفسدت كلام عربه خلطة الحبشة والهنود على أن أبا عبيد القاسم بن سلام وأبا العباس المبرد قد ذكرا أن عرب اليمن من القبائل التي نزل القرآن بلسانها. قال القاضي أبو محمد عبد الحق: وذلك عندي إنما هو فيما استعملته عرب الحجاز من لغة اليمن كالعرم والفتاح. - فأما ما انفردوا به كالزخيخ والقلوبي ونحوه فليس في كتاب الله منه شيء. - وأما ما والى العراق من جزيرة العرب وهي بلاد ربيعة وشرقي الجزيرة فأفسدت لغتها مخالطة الفرس والنبط ونصارى الحيرة وغير ذلك. - وأما الذي يلي الشام وهو شمالي الجزيرة وهي بلاد آل جفنة وابن الرافلة وغيرهم فأفسدها مخالطة الروم وكثير من بني إسرائيل. - وأما غربي الجزيرة فهي جبال تسكن بعضها هذيل وغيرهم وأكثرها غير معمور. فبقيت القبائل المذكورة سليمة اللغات لم تكدر صفو كلامها أمة من العجم ويقوي هذا المنزع أنه لما اتسع نطاق الإسلام وداخلت الأمم العرب وتجرد أهل المصرين البصرة والكوفة لحفظ لسان العرب وكتب لغتها لم يأخذوا إلا عن هذه القبائل الوسيطة المذكورة ومن كان معها وتجنبوا اليمن والعراق والشام فلم يكتب عنهم حرف واحد وكذلك تجنبوا حواضر الحجاز مكة والمدينة والطائف لأن السبي والتجار من الأمم كثروا فيها فأفسدوا اللغة وكانت هذه الحواضر في مدة النبي صلى الله عليه وسلم سليمة لقلة المخالطة فمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) أي فيه عبارات سبع قبائل بلغة جملتها نزل القرآن فيعبر عن المعنى فيه مرة بعبارة قريش ومرة بعبارة هذيل ومرة بغير ذلك بحسب الأفصح والأوجز في اللفظة ألا ترى أن (فطر) معناها عند غير قريش ابتدأ خلق الشيء وعمله فجاءت في القرآن فلم تتجه لابن عباس حتى اختصم إليه أعرابيان في بئر فقال أحدهما: أنا فطرتها قال ابن عباس: ففهمت حينئذ موقع قول تعالى:{فاطر السماوات والأرض} [فاطر: 1، الزمر 46]. وقال أيضا: ما كنت أدري معنى قوله: {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق} [الأعراف: 89]. حتى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها: تعال أفاتحك أي: أحاكمك. وكذلك قال عمر بن الخطاب وكان لا يفهم معنى قول تعالى: {أو يأخذهم على تخوف} [النحل: 47] فوقف به فتى فقال: إن أبي يتخوفني حقي فقال عمر: الله أكبر {أو يأخذهم على تخوف} أي: على تنقص لهم. وكذلك اتفق لقطبة بن مالك إذ سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة {والنخل باسقات} [ق: 10] ذكره مسلم في باب القراءة في صلاة الفجر إلى غير هذا من الأمثلة. فأباح الله تعالى لنبيه هذه الحروف السبعة وعارضه بها جبريل في عرضاته على الوجه الذي فيه الإعجاز وجودة الوصف ولم تقع الإباحة في قوله عليه السلام: ((فاقرؤوا ما تيسر منه)) بأن يكون كل واحد من الصحابة إذا أراد أن يبدل اللفظة من بعض هذه اللغات جعلها من تلقاء نفسه. ولو كان هذا لذهب إعجاز القرآن وكان معرضا أن يبدل هذا وهذا حتى يكون غير الذي نزل من عند الله وإنما وقعت الإباحة في الحروف السبعة للنبي عليه السلام ليوسع بها على أمته فقرأ مرة لأبي بما عارضه به جبريل صلوات الله عليهما ومرة لابن مسعود بما عارضه به أيضا. وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف)). وعلى هذا تجيء قراءة عمر بن الخطاب لسورة الفرقان وقراءة هشام بن حكيم لها وإلا فكيف يستقيم أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة كل منهما وقد اختلفتا ((هكذا أقرأني جبريل)) هل ذلك إلا لأنه أقرأه بهذه مرة وبهذه مرة؟. وعلى هذا يحمل قول أنس بن مالك حين قرأ (إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا) [المزمل: 6] فقيل له: إنما تقرأ: {وأقوم} فقال أنس: أصوب وأقوم وأهيأ واحد. فإنما معنى هذا أنها مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم وإلا فلو كان هذا لأحد من الناس أن يضعه لبطل معنى قول الله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9]. ثم إن هذه الروايات الكثيرة لما انتشرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وافترق الصحابة في البلدان وجاء الخلف وقرأ القرآن كثير من غير العرب وقع بين أهل الشام والعراق ما ذكر حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وذلك أنهم لما اجتمعوا في غزوة أرمينية فقرأت كل طائفة بما روي لها فاختلفوا وتنازعوا حتى قال بعضهم لبعض: أنا كافر بما تقرأ به فأشفق حذيفة مما رأى منهم فلما قدم حذيفة المدينة فيما ذكر البخاري وغيره دخل إلى عثمان بن عفان قبل أن يدخل بيته فقال: أدرك هذه الأمة قبل أن تهلك قال: فيماذا؟ قال: في كتاب الله إني حضرت هذه الغزوة وجمعت ناسا من العراق ومن الشام ومن الحجاز فوصف له ما تقدم وقال: إني أخشى عليهم أن يختلفوا في كتابهم كما اختلفت اليهود والنصارى قال عثمان رضي الله عنه: أفعل فتجرد للأمر واستناب الكفاة العلماء الفصحاء في أن يكتبوا القرآن ويجعلوا ما اختلفت القراءة فيه على أشهر الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفصح اللغات وقال لهم: "إذا اختلفتم في شيء فاكتبوه بلغة قريش". فمعنى هذا إذا اختلفتم فيما روي وإلا فمحال أن يحيلهم على اختلاف من قبلهم لأنه وضع قرآن فكتبوا في القرآن من كل اللغات السبع مرة من هذه ومرة من هذه وذلك مقيد بأن الجميع مما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقرئ عليه واستمر الناس على هذا المصحف المتخير وترك ما خرج عنه مما كان كتب سدا للذريعة وتغليبا لمصلحة الألفة وهي المصاحف التي أمر عثمان بن عفان رضي الله عنه أن تحرق أو تخرق. فأما ابن مسعود فأبى أن يزال مصحفه فترك ولكن أبى العلماء قراءته سدا للذريعة ولأنه روي أنه كتب فيه أشياء على جهة التفسير فظنها قوم من التلاوة فتخلط الأمر فيه ولم يسقط فيما ترك معنى من معاني القرآن لأن المعنى جزء من الشريعة وإنما تركت ألفاظ معانيها موجودة في الذي أثبت. ثم أن القراء في الأمصار تتبعوا ما روي لهم من اختلافات لاسيما فيما وافق خط المصحف فقرؤوا بذلك حسب اجتهاداتهم فلذلك ترتب أمر القراء السبعة وغيرهم رحمهم الله ومضت الأعصار والأمصار على قراءة السبعة وبها يصلى لأنها ثبتت بالإجماع. · وأما شاذ القراءات فلا يصلى به وذلك لأنه لم يجمع الناس عليه أما أن المروي منه عن الصحابة رضي الله عنهم وعن علماء التابعين لا يعتقد فيه إلا أنهم رووه. · كان المصحف غير مشكول ولا منقوط وقد وقع لبعض الناس خلاف في بعض ما ذكرته في هذا الباب ومنازعات اختصرت ذلك كراهة التطويل وعولت على الأسلوب الواضح الصحيح والله المرشد للصواب برحمته. المسألة الخامسة: جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره . · كان القرآن في مدة رسول الله صلى الله عليه وسلم متفرقا في صدور الرجال وقد كتب الناس منه في صحف وفي جريد وظرر وفي لخاف وفي خزف وغير ذلك فلما استحر القتل بالقراء يوم اليمامة أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بجمع القرآن مخافة أن يموت أشياخ القراءة كأبي وزيد وابن مسعود فيذهب فندبا إلى ذلك زيد بن ثابت فجمعه غير مرتب السور بعد تعب شديد منه رضي الله عنه. · بقيت الصحف عند أبي بكر ثم عند عمر بن الخطاب بعده ثم عند حفصة بنته في خلافة عثمان وانتشرت في خلال ذلك صحف في الآفاق كتبت عن الصحابة كمصحف ابن مسعود وما كتب عن الصحابة بالشام ومصحف أبي وغير ذلك وكان في ذلك اختلاف حسب السبعة الأحرف التي أنزل القرآن عليها. · قام عثمان رضى الله عنه بجمع المصحف وأمر زيد بن ثابت بجمعه وقرن بزيد فيما ذكر البخاري ثلاثة من قريش سعيد بن العاصي وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن الزبير وكذلك ذكر الترمذي وغيرهما. · قال القاضي أبو بكر بن الطيب: وترتيب السور اليوم هو من تلقاء زيد ومن كان معه مع مشاركة من عثمان رضي الله عنه في ذلك وقد ذكر ذلك مكي رحمه الله في تفسير سورة براءة وذكر أن ترتيب الآيات في السور ووضع البسملة في الأوائل هو من النبي صلى الله عليه وسلم ولما لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة هذا أحد ما قيل في براءة وذلك مستقصى في موضعه موفى إن شاء الله تعالى. · ظاهر الآثار أن السبع الطول والحواميم والمفصل كان مرتبا في زمن النبي عليه السلام وكان في السور ما لم يرتب فذلك هو الذي رتب وقت الكتب . · شكل المصحف ونقطه ،روي أن عبد الملك بن مروان أمر به وعمله فتجرد لذلك الحجاج بواسط وجد فيه وزاد تحزيبه وأمر وهو والي العراق الحسن ويحيى بن يعمر بذلك وألف إثر ذلك بواسط كتاب في القراءات جمع فيه ما روي من اختلاف الناس فيما وافق الخط ومشى الناس على ذلك زمانا طويلا إلى أن ألف ابن مجاهد كتابه في القراءات. · وأسند الزبيدي في كتاب الطبقات إلى المبرد أن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي وذكر أيضا أن ابن سيرين كان له مصحف نقطه له يحيى بن يعمر. · ذكر الجاحظ في كتاب الأمصار أن نصر بن عاصم أول من نقط المصاحف وكان يقال له: نصر الحروف. · أما وضع الأعشار فيه فمر بي في بعض التواريخ أن المأمون العباسي أمر بذلك وقيل إن الحجاج فعل ذلك. وذكر أبو عمرو الداني عن قتادة أنه قال: بدؤوا فنقطوا ثم خمسوا ثم عشروا وهذا كالإنكار. المسألة السادسة:الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق . اختلف الناس في هذه المسألة على أقوال : · قال أبو عبيدة وغيره: إن في كتاب الله تعالى من كل لغة. · ذهب الطبري وغيره إلى أن القرآن ليس فيه لفظة إلا وهي عربية صريحة وأن الأمثلة والحروف التي تنسب إلى سائر اللغات إنما اتفق فيها أن تواردت اللغتان فتكلمت بها العرب والفرس أو الحبشة بلفظ واحد وذلك مثل قول تعالى: {إن ناشئة الليل} [المزمل: 6]. قال ابن عباس: نشأ بلغة الحبشة قام من الليل ومنه قول تعالى: {يؤتكم كفلين من رحمته} [الحديد: 28]. قال أبو موسى الأشعري: كفلان ضعفان من الأجر بلسان الحبشة. وكذلك قال ابن عباس في القسورة: إنها الأسد بلغة الحبشة إلى غير هذا من الأمثلة. قال ابن عطية رحمه الله : القرآن نزل بلسان عربي مبين فليس فيه لفظة تخرج عن كلام العرب فلا تفهمها إلا من لسان آخر فأما هذه الألفاظ وما جرى مجراها فإنه قد كان للعرب العاربة التي نزل القرآن بلسانها بعض مخالطة لسائر الألسنة بتجارات وبرحلتي قريش وكسفر مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس إلى الشام وسفر عمر بن الخطاب وكسفر عمرو بن العاصي وعمارة بن الوليد إلى أرض الحبشة وكسفر الأعشى إلى الحيرة وصحبته لنصاراها مع كونه حجة في اللغة فعلقت العرب بهذا كله ألفاظا أعجمية غيرت بعضها بالنقص من حروفها وجرت إلى تخفيف ثقل العجمة واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها حتى جرت مجرى العربي الصريح ووقع بها البيان وعلى هذا الحد نزل بها القرآن فإن جهلها عربي ما فكجهله الصريح بما في لغة غيره كما لم يعرف ابن عباس معنى فاطر إلى غير ذلك فحقيقة العبارة عن هذه الألفاظ أنها في الأصل أعجمية لكن استعملتها العرب وعربتها فهي عربية بهذا الوجه وما ذهب إليه الطبري من أن اللغتين اتفقتا في لفظة فذلك بعيد بل إحداهما أصل والأخرى فرع في الأكثر لأنا لا ندفع أيضا جواز الاتفاق قليلا شاذا. المسألة السابعة: مما قال العلماء في إعجاز القرآن . اختلف الناس في إعجاز القرآن بم هو؟ · فقال قوم: إن التحدي وقع بالكلام القديم الذي هو صفة الذات وإن العرب كلفت في ذلك ما لا يطاق وفيه وقع عجزها. · وقال قوم: إن التحدي وقع بما في كتاب الله تعالى من الأنباء الصادقة والغيوب المسرودة. وهذان القولان إنما يرى العجز فيهما من قد تقررت الشريعة ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم في نفسه ،وأما من هو في ظلمة كفره فإنما يتحدى فيما يبين له بينه وبين نفسه عجزه عنه وأن البشر لا يأتي بمثله ويتحقق مجيئه من قبل المتحدي . · كفار العرب لم يمكنهم قط أن ينكروا أن رصف القرآن ونظمه وفصاحته متلقى من قبل محمد صلى الله عليه وسلم فإذا تحديت إلى ذلك وعجزت فيه علم كل فصيح ضرورة أن هذا نبي يأتي بما ليس في قدرة البشر الإتيان به إلا أن يخص الله تعالى من يشاء من عباده. · القول الذي عليه الجمهور والحذاق وهو الصحيح في نفسه أن التحدي إنما وقع بنظمه وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه. · وجه الإعجاز أن الله تعالى قد أحاط بكل شيء علما وأحاط بالكلام كله علما فإذا ترتبت اللفظة من القرآن علم بإحاطته أي لفظة تصلح أن تلي الأولى وتبين المعنى بعد المعنى ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره والبشر معهم الجهل والنسيان والذهول. · جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة وبهذا النظر يبطل قول من قال إن العرب كان من قدرتها أن تأتي بمثل القرآن فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم صرفوا عن ذلك وعجزوا عنه. · والصحيح أن الإتيان بمثل القرآن لم يكن قط في قدرة أحد من المخلوقين ويظهر لك قصور البشر في أن الفصيح منهم يصنع خطبة أو قصيدة يستفرغ فيها جهده ثم لا يزال ينقحها حولا كاملا ثم تعطى لآخر نظيره فيأخذها بقريحة جامة فيبدل فيها وينقح ثم لا تزال كذلك فيها مواضع للنظر والبدل كتاب الله لو نزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب في أن يوجد أحسن منها لم يوجد. · كان العرب يومئذ في سلامة الذوق وجودة القريحة وميز الكلام ألا ترى ميز الجارية نفس الأعشى وميز الفرزدق نفس جرير من نفس ذي الرمة ونظر الأعرابي في قوله عز فحكم فقطع إلى كثير من الأمثلة اكتفيت بالإشارة إليها اختصارا فصورة قيام الحجة بالقرآن على العرب أنه لما جاء محمد صلى الله عليه وسلم به وقال: (فأتوا بسورة من مثله) قال: كل فصيح في نفسه وما بال هذا الكلام حتى لا آتي بمثله فلما تأمله وتدبره ميز منه ما ميز الوليد بن المغيرة حين قال: والله ما هو بالشعر ولا هو بالكهانة ولا بالجنون وعرف كل فصيح بينه وبين نفسه أنه لا يقدر بشر على مثله فصح عنده أنه من عند الله تعالى. · حال الناس مع إعجاز القرآن : منهم من آمن وأذعن ومنهم من حسد كأبي جهل وغيره ففر إلى القتال ورضي بسفك الدم عجزا عن المعارضة حتى أظهر الله دينه ودخل جميعهم فيه ولم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الأرض قبيل من العرب يعلن كفره. وقامت الحجة على العالم بالعرب إذ كانوا أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة كما قامت الحجة في معجزة عيسى بالأطباء وفي معجزة موسى بالسحرة فإن الله تعالى إنما جعل معجزات الأنبياء بالوجه الشهير أبرع ما يكون في زمن النبي الذي أراد إظهاره فكأن السحر في مدة موسى قد انتهى إلى غايته وكذلك الطب في زمن عيسى والفصاحة في مدة محمد عليهم الصلاة والسلام. المسألة الثامنة: الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى. · إيجاز العبارة قد يسوق المتكلم في التفسير إلى أن يقول خاطب الله بهذه الآية المؤمنين وشرف الله بالذكر الرجل المؤمن من آل فرعون وحكى الله تعالى عن أم موسى أنها قالت: (قصيه) ، ووقف الله ذرية آدم على ربوبيته بقوله: (ألست بربكم) ونحو هذا من إسناد أفعال إلى الله تعالى لم يأت إسنادها بتوقيف من الشرع. · استعمل هذه الطريقة المفسرون والمحدثون والفقهاء واستعملها أبو المعالي في الإرشاد وذكر بعض الأصوليين أنه لا يجوز أن يقال حكى الله ولا ما جرى مجراه . قال القاضي أبو محمد عبد الحق: وهذا على تقرير هذه الصفة له وثبوتها مستعملة كسائر أوصافه تبارك وتعالى، وأما إذا استعمل ذلك في سياق الكلام والمراد منه حكت الآية أو اللفظ فذلك استعمال عربي شائع وعليه مشى الناس وأنا أتحفظ منه في هذا التعليق جهدي لكني قدمت هذا الباب لما عسى أن أقع فيه نادرا واعتذارا عما وقع فيه المفسرون من ذلك. · استعملت العرب أشياء في ذكر الله تعالى تنحمل على مجاز كلامها فمن ذلك: 1- قول أبي عامر يرتجز بالنبي صلى الله عليه وسلم (فاغفر فداء لك ما اقتفينا). 2- وقول أم سلمة فعزم الله لي في الحديث في موت أبي سلمة وإبدال الله لها منه رسول الله. 3- ومن ذلك قولهم الله يدري كذا وكذا، والدراية إنما هي التأتي للعلم بالشيء حتى يتيسر ذلك. قال أبو علي واحتج بعض أهل النظر على جواز هذا الإطلاق بقول الشاعر الجوهري: لا همَّ لا أدري وأنت الداري · قال أبو علي: وهذا لا ثبت فيه لأنه يجوز أن يكون من غلط الإعراب. قال ابن عطيه رحمه الله: إن الطريقة كلها عربية لا يثبت للنظر المنخول شيء منها وقد أنشد بعض البغداديين: لا همَّ إن كنت الذي بعهدي .... ولم تغيرك الأمور بعدي · وقد قال العجاج: فارتاح ربي وأراد رحمتي وقال الآخر: قد يصبح الله إمام الساري وقال الآخر: يا فقعسى لم أكلته لمه .....لو خافك الله عليه حرمه · وقال أوس: أبني لبينى لا أحبكم ..... وجد الإله بكم كما أجد · وقال الآخر: وإن الله ذاق عقول تيم ..... فلما راء خفتها قلاها · ومن هذا الاستعمال الذي يبنى الباب عليه قول سعد بن معاذ: عرق الله وجهك في النار يقول هذا للرامي الذي رماه وقال: خذها وأنا ابن العرقة. المسألة التاسعة: تفسير أسماء القرآن. ورد فى المقدمة أربعة أسماء للقرآن : 1- القرآن :مصدر من قولك: قرأ الرجل إذا تلا يقرأ قرآنا وقراءة وحكى أبو زيد الأنصاري وقرءا. ومنه قول حسان بن ثابت يرثي عثمان بن عفان رضي الله عنه: [البسيط] ضحوا بأشمط عنوان السجود به ..... يقطع الليل تسبيحا وقرآنا أي: قراءة وقال قتادة: القرآن معناه التأليف قرأ الرجل إذا جمع وألف قولا وبهذا فسر قتادة قول الله تعالى:(إن علينا جمعه وقرآنه) أي تأليفه. 2- الكتاب : وهومصدر من كتب إذا جمع ومنه قيل كتيبة لاجتماعها ومنه قول الشاعر: (واكتبها بأسيار) أي: اجمعها. 3- الفرقان:وسمى بذلك لأنه فرق بين الحق والباطل والمؤمن والكافر. 4- الذكر : وسمي بذلك لأنه يذكر الناس بآخرتهم وإلههم وما كانوا في غفلة عنه فهو ذكر لهم. وقيل: سمي بذلك لأنه فيه ذكر الأمم الماضية والأنبياء. وقيل: سمي بذلك لأنه ذكر وشرف لمحمد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء به. المسألة العاشرة : المراد بالسورة والآية. ورد فى المراد بالسورة قولان : الأول :البقية من الشيء والقطعة منه التي هي سؤر وسؤرة من أسأر إذا أبقى ومنه سؤر الشراب، وبهذا تقرأ قبيلة تميم كلها وغيرهم أيضا يهمزون فيقولون سؤر وسؤرة. ومنه قول الأعشى وهو ميمون بن قيس: [المتقارب] فبانت وقد أسأرت في الفؤاد ..... صدعا على نأيها مستطيرا أي: أبقت فيه. ومنهم من لا يهمز فيرى أنها سهلت همزتها ، حيث أن قريش كلها ومن جاورها من قبائل العرب كهذيل وسعد بن بكر وكنانة يقولون سورة بغير همز ومنهم من يراها مشبهة بسورة البناء أي القطعة منه لأن كل بناء فإنما يبنى قطعة بعد قطعة وكل قطعة منها سورة وجمع سورة القرآن سور بفتح الواو وجمع سورة البناء سور بسكونها . قال أبو عبيدة: إنما اختلفا في هذا فكأن سور القرآن هي قطعة بعد قطعة حتى كمل منها القرآن. الثانى :الرتبة الرفيعة من المجد والملك ، ومنه قول النابغة الذبياني للنعمان بن المنذر: [الطويل] ألم تر أن الله أعطاك سورة ..... ترى كل ملك دونها يتذبذب فكأن الرتبة انبنت حتى كملت. وأما الآية : وهى بمعنى العلامة في كلام العرب . فلما كانت الجملة التامة من القرآن علامة على صدق الآتي بها وعلى عجز المتحدى بها سميت آية . وقيل سميت آية لما كانت جملة وجماعة كلام كما تقول العرب جئنا بآيتنا أي بجماعتنا. وقيل لما كانت علامة للفصل بين ما قبلها وما بعدها سميت آية. . |
اقتباس:
مجهودك طيب في التلخيص، وينقصه حسن التنسيق ليظهر للقارئ، والتنسيق ييسر عليك عند المراجعة فحاول تنسيقه في مسودتك الخاصة. الملحوظة الأخرى: إعادة النظر في ترتيب المسائل، وصياغة بعض العناوين، وقد أشرت لمواضعه أعلاه. التقويم: ب خُصمت نصف درجة للتأخير. |
س: استخلص المسائل التي اشتملت عليها مقدّمة تفسير ابن عطية الأندلسي، ثم لخّص بأسلوبك ما قيل في كل مسألة.
أولا خطبة الكتاب: 1- حمد وثناء على الله تعالى. 2- جانب من طلبه للعلم ومثابرته في تحصيله. 3- اختيار ابن عطية لأن يتخصص في علم كتاب الله تعالى وسبب ذلك، ومن الأسباب التي ذكرها. - تعلقه بكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. - استقلاله بالسنة والفرض. - شرفه الله بأنه نزل به أمين السماء جبريل عليه السلام. - استقلاله بالسنة والفرض. - به مبادئ جميع العلوم والمعارف. -يقينه بأنه أعظم العلوم التي يتقرب بها إلى الله تعالى وبه تتخلص النوايا من حظوظ الدنيا. 4- طريقته في تأليف كتابه وكيف قيد هذا العلم الذي حازه في هذا الكتاب. - أن يكون جامعًا وجيزًا محررًا. - لا يذكر من القصص إلا ما لا تنفك الآية إلا به. - إثبات أقوال العلماء في المعاني على منهج السلف. -التنبيه على الأخطاء الواردة عن العلماء إن وجدت التي تكون مخالفة لمنهج السلف. - ذكر جميع القراءات المتعلقة بالآية المستعمل منها والشاذ. - تبيين المعاني وجميع محتملات الألفاظ بإيجاز وحذف فضول الأقوال. ثانيا: باب ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به وقد أورد ابن عطية رحمه الله عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال من السلف من الصحابة والتابعين عن فضل القرآن ومنها: 1- هو سبب النجاة من الفتن. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم)) قيل: فما النجاة منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو فصل ليس بالهزل من تركه تجبرا قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء من علم علمه سبق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم)). 2- يشمل جميع العلوم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن)). 3- عظيم الأجر لقارئه: وقال صلى الله عليه وسلم: ((اتلوا هذا القرآن فإن الله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف)).. وحدث أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ مائة آية كتب من القانتين ومن قرأ مائتي آية لم يكتب من الغافلين ومن قرأ ثلاثمائة آية لم يحاجه القرآن)). 4- القرآن أفضل شفيع: روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "((ما من شفيع أفضل عند الله من القرآن لا نبي ولا ملك)). وروى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من شفع له القرآن نجا ومن محل به القرآن يوم القيامة كبه الله لوجهه في النار وأحق من شفع له القرآن أهله وحملته وأولى من محل به من عدل عنه وضيعه)). 5- فضل تعلم القرآن وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أشراف أمتي حملة القرآن)). وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي يتعاهد هذا القرآن ويشتد عليه له أجران والذي يقرأه وهو خفيف عليه مع السفرة الكرام البررة)). وروى عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه)). 6- أثر القرآن على القلوب: وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أحسن الناس قراءة أو صوتا بالقرآن فقال: ((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى)). ويروى أن أهل اليمن لما قدموا أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه سمعوا القرآن فجعلوا يبكون فقال أبو بكر: هكذا كنا ثم قست القلوب. 7- أهمية العمل بالقرآن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:: ((اقرؤوا القرآن قبل أن يجيء قوم يقيمونه كما يقام القدح ويضيعون معانيه يتعجلون أجره ولا يتأجلونه)). وقال الحسن بن أبي الحسن البصري إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا تركبونه فتقطعون به المراحل وإن من كان قبلكم رأوه رسائل إليهم من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار. ثالثا: باب في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه فيه عدة مسائل: 1- فضل تفسير القرآن: قال أبو العالية في تفسير قوله عز وجل: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} [البقرة: 269] قال: الحكمة الفهم في القرآن، وقال قتادة: الحكمة القرآن والفقه فيه، وقال غيره: الحكمة تفسير القرآن. وقال ابن عباس: الذي يقرأ ولا يفسر كالأعرابي الذي يهذ الشعر. وقال إياس بن معاوية: مثل الذين يقرؤون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا وليس عندهم مصباح فتداخلتهم روعة لا يدرون ما في الكتاب ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرؤوا ما في الكتاب. وقال الحسن: والله ما أنزل الله آية إلا أحب أن يعلم فيمن أنزلت وما يعني بها. 2- فضل النظر في إعراب القرآن: قال صلى الله عليه وسلم: ((أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله يحب أن يعرب)). قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه إعراب القرآن أصل في الشريعة لأن بذلك تقوم معانيه التي هي الشرع. رابعًا: باب ما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين فيه عدة مسائل: 1- خطورة تفسير كلام الله بغير علم: يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)). 2- مراتب المفسرين: - صدرهم هو علي بن أبي طالب وأخذ عنه ابن عباس التفسير. - وقد أثني كثير من الصحابة على علم ابن عباس رضي الله عنهما في التفسير ومنهم علي بن أبي طالب وابن مسعود. - ثم تبعه مجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة والضحاك وابن مزاحم - ثم بدأ التأليف في التفسير وبرز تفسير عبد الرزاق والمفضل وعلي بن أبي طلحة والبخاري وغيرهم. - ثم جاء بعدهم ابن جرير الطبري وجمع الناس على أشتات التفسير. - وبرز في المتأخرين أبو إسحاق الزجاج وأبو علي الفارسي خامسًا: باب معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه)) ذكر ابن عطية رحمه الله اختلاف العلماء في معنى الأحرف السبعة في عدة أقوال: 1- يقال أن معناها أنها سبعة أوجه فما دونها مثل: تعال وأقبل وإلي ونحوي وقصدي واقرب وجئ، وكاللغات التي في أف وكالحروف التي في كتاب الله فيها قراءات كثيرة. وقد قال عنه: هذا قول ضعيف. 2- هي الأمر الذي يكون واحدًا لا يختلف في حلال أو حرام. قاله ابن شهاب في كتاب مسلم. 3- هي معاني كتاب الله وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال. وقال ابن عطية هذا القول ضعيف. 4- وجوه الاختلاف في القراءة: مثل تغير الحركة، أو تغير المعنى بالإعراب، أو تغير الحروف، أو ما تتغير فيه الكلمة، أو ما تغير بالزيادة أو النقصان 5- قيل هي أمر ونهي ومحكم ومتشابه وحلال وحرام وأمثال واستدلوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف نهي وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وائتمروا وانتهوا واعتبروا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه)). وقد قال القاضي أبو محمد أن هذا تفسير منه صلى الله عليه وسلم للأحرف السبعة ولكن ليست هذه التي أجاز لهم القراءة بها على اختلافها. 6- سبعة أوجه من أسماء الله تعالى: جاء في حديث للنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأبي بن كعب: "يا أبي إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها إلا شاف وكاف إن قلت: غفور رحيم سميع عليم أو عليم حكيم وكذلك ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب". 7- هي سبع لغات مختلفات، وقال أبو بكر الطيب أن هذا القول باطل إلا أن يريد الوجوه المختلفة التي تستعمل في القصة الواحدة. باب ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره: كان القرآن مجموعًا في صدور الرجال على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان مكتوبًا مفرقًا في العسب واللخاف. ثم في عهد أبي بكر رضي الله عنه بعد موقعة اليمامة وموت الكثير من القراء أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر رضي الله عنه بجمع القرآن وأسندوا هذه المهمة إلى زيد بن ثابت وقد تم جمع القرآن في صحيفة واحدة غير مرتب السور وبقيت هذه الصحيفة مع أبي بكر ثم عند عمر بن الخطاب بعده ثم إلى حفصة رضي الله عنهم. في عهد عثمان رضي الله عنه أشار حذيفة على عثمان بجمع القرآن فأسند عثمان هذه المهمة إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه فنسخوا الصحف التي كانت عند حفصة إلى نسخ متعددة وأرسلوها إلى الأمصار. وكان ترتيب هذه الصحف على الترتيب الذي نحن عليه الآن وهذا كان من تلقاء زيد ومن كان معه مع مشاركة عثمان. وفي عهد عبد الملك بن مروان أمر بشكل المصحف ونقطه فتجرد لذلك الحجاج بواسط وزاد تحزيبه ثم ألف كتاب في القراءات وكان هو المعمول به إلى أن ألف ابن مجاهد كتاب القراءات. وجاء في بعض الروايات أن أول من نقط المصحف هو أبو الأسود الدؤلي، وفي روايات أخرى أنه نصر بن عاصم. باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق يوجد خلاف في هذه المسألة لأهل العلم على قولين: 1- أن في كتاب الله تعالى من كل لغة. وهذا قول أبي عبيدة. 2- أن كتاب الله تعالى لا يشتمل على لغات أخرى بل كل ألفاظه عربية صريحة، وأن الأمثلة والحروف التي جاءت بلغات أخرى قد تواردت في اللغتين فمثلا تكلمت بها العرب والفرس أو العرب والحبشة. وممن قال هذا الرأي الطبري. نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن الخلاف بين أهل العلم في بم يقع إعجاز القرآن؟ 1- ذهب قوم إلى أن التحدي وقع بالكلام القديم الذي هو صفة الذات، وإن العرب عجزت عن الإتيان بمثله. 2- التحدي وقع بما فيه من الأخبار عن الأمور الغيبية والأنباء الصادقة. 3- التحدي وقع بنظمه وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه. وهذا هو القول الذي عليه الجمهور. ووجه هذا الإعجاز هو أن الله قد أحاط علمًا بكل الكلام فهو العالم بأي الألفاظ تصلح بأن تلي الأولى وتبين المعنى بعد المعنى، على عكس البشر فأنهم يقع منه الجهل والخطأ والنسيان. باب في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى قد يحدث أن المتكلم في التفسير أن ينسب أفعال إلى الله تعالى لم تأتي في الشرع كأن يقول خاطب الله المؤمنين بكذا أو حكى الله كذا... وقد قال بعض الأصوليين أن هذا لا يجوز.. وقد فصل القاضي أبو محمد في ذلك حيث قال أنه غير جائز تقرير هذه الصفة واستعمالها مثبتة في حق الله تعالى كسائر أوصافه، أما إذا كانت في سياق الكلام بأن يكون المعنى أنه حكت الآية كذا فهذا جائز لأن هذا استعمال عربي شائع وعليه مشى الناس. باب في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية 1- القرآن: أ- هو مصدر من قرأ أي يتلو ب- القرآن معناه التأليف واستدل بقوله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه} أي تأليفه. قول أبي قتادة. والقول الأول أقوى. 2- الكتاب: هو مصدر من كتب إذا جمع. 3- الفرقان: هو مصدر من فرق والمعنى أي فرق بين الحق والباطل. 4- الذكر: لأنه يذكر الناس بإلههم وآخرتهم وما كانوا في غفلة عنه قبله. أو لأنه فيه ذكر الأمم الماضية. أو لأنه شرف للنبي صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء به. 5- السورة: أ- بالهمز ويكون معناها البقية من الشئ والقطعة منه. ب- بغير همز: قيل أن معناها مثل التي بالهمز غير أن الهمزة فيها سهلت، وقيل أنها مثل السورة من البناء أي القطعة منه لأنه يبنى قطعة قطعة. 6- الآية: هي العلامة في كلام العرب |
اقتباس:
التقويم: أ أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ. أرجو مراجعة الملحوظات أعلاه واستدراكها في مسودة تلخيصكِ. |
الساعة الآن 02:23 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir