معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   منتدى الامتياز (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=1031)
-   -   مراجعة تطبيقية لدورة المهارات المتقدّمة في التفسير- المرحلة الثالثة (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=37766)

هيئة الإدارة 26 ربيع الأول 1439هـ/14-12-2017م 04:49 AM

مراجعة تطبيقية لدورة المهارات المتقدّمة في التفسير- المرحلة الثالثة
 
مراجعة تطبيقية على دروس مهارات التفسير المتقدّمة.
- المرحلة الثالثة -




موضوع البحث:
تعيين المراد بمواقع النجوم في قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم (75)} الواقعة.



المطلوب:

5: جمع تعليقات أهل العلم على الأقوال الواردة في المسألة.
6: جمع الحجج والاعتراضات.
7: توجيه الأقوال.



إرشادات:
- عند توجيه الأقوال يجب توسيع دائرة الاطّلاع وعدم الاكتفاء بمصدر واحد، وأن يعبّر الطالب بأسلوبه لا أن يعتمد على النقل، وله أن يستشهد ببعض النقول المهمّة في بيان مسألته.
- سيتمّ وضع تعليق عامّ على كل تطبيق في موعده -بإذن الله- حتى يستدرك الطالب ما فاته في المرحلة التالية.



رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح
وجعلكم للمتّقين إماما

نورة الأمير 26 ربيع الأول 1439هـ/14-12-2017م 09:42 PM

اختلف العلماء في المراد بمواقع النجوم على أقوال:
القول لأول: أنها منازل القرآن, وذلك أنه نزل على رسول الله نجوما متفرقة.
ومبنى القول وتفسير منشئه ذكره ابن عاشور فقال: ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَواقِعِ جَمْعُ مَوْقِعٍ المَصْدَرُ المِيمِيُّ لِلْوُقُوعِ.
ومِنَ المُفَسِّرِينَ مَن تَأوَّلَ النُّجُومَ أنَّها جَمْعُ نَجْمٍ وهو القِسْطُ الشَّيْءُ مِن مالٍ وغَيْرِهِ كَما يُقالُ: نُجُومُ الدِّياتِ والغَراماتِ وجَعَلُوا النُّجُومَ، أيِ: الطَّوائِفَ مِنَ الآياتِ الَّتِي تَنْزِلُ مِنَ القُرْآنِ.
وهو قول ابن عباس, وله قول آخر يصب في نفس المعنى وهو أن المراد: مستقر الكتاب أوله وآخره.
وقال بذلك أيضا عكرمة, وقد فسر عكرمة كونه منجما بعدة تفسيرات: الأول: أنه نزل على ثلاث وأربع وخمس آيات متفرقات, فالنجوم هنا نزول الآيات متفرقات, والثاني: أن القرآن نزل جميعا فوضع بمواقع النجوم, فجعل جبريل يأتي بالسورة.
وقال بذلك السدي كذلك.
وقال به ابن مسعود, ومجاهد إلا أنهما خصصا القول بأنه محكم القرآن, ولم أجد لتخصيصه تفسيرا أبدا.
وقد قال به الثعلبي في تفسيره.
وإن مما يقوي هذا القول ما حكاه ابن عطية وأشار إلى مثله الفراء فقال: وذَلِكَ أنَّهُ رُوِيَ أنَّ القُرْآنَ نَزَلَ مِن عِنْدِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ في لَيْلَةِ القَدْرِ إلى السَماءِ الدُنْيا- وقِيلَ: إلى البَيْتِ المَعْمُورِ - جُمْلَةً واحِدَةً، ثُمَّ نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلى مُحَمَّدٍ ﷺ نُجُومًا مُقَطَّعَةً في مُدَّةٍ مِن عِشْرِينَ سَنَةً، ويُؤَيِّدُ هَذا القَوْلَ عَوْدُ الضَمِيرِ عَلى القُرْآنِ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿إنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ﴾، وذَلِكَ أنَّ ذِكْرَهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلّا عَلى هَذا التَأْوِيلِ.
وقد برر ابن عطية لمن لا يقول بهذا القول تبريرا آخر فقال: ومَن لا يَتَأوَّلُ هَذا التَأْوِيلَ يَقُولُ: إنَّ الضَمِيرَ يَعُودُ عَلى القُرْآنِ وإنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرٌ لِشُهْرَةِ الأمْرِ ووُضُوحِ المَعْنى، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿حَتّى تَوارَتْ بِالحِجابِ﴾ [ص: 32]، و﴿كُلُّ مَن عَلَيْها فانٍ﴾ [الرحمن: 26]، وغَيْرِ ذَلِكَ.
وقد رجح محمد المختار الأمين الشنقيطي هذا القول لأمرين :
أحدهما : أن الذي أقسم الله عليه بالنجم إذا هوى الذي هو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - على حق وأنه ما ضل وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى - موافق في المعنى لما أقسم عليه بمواقع النجوم، وهو قوله : إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون إلى قوله : تنزيل من رب العالمين.
والإقسام بالقرآن على صحة رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى صدق القرآن العظيم وأنه منزل من الله جاء موضحا في آيات من كتاب الله، كقوله تعالى : يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم. وقوله تعالى: حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم. ، وخير ما يفسر به القرآن القرآن .
والثاني : أن كون المقسم به المعبر بالنجوم هو القرآن العظيم - أنسب لقوله بعده : وإنه لقسم لو تعلمون عظيم، لأن هذا التعظيم من الله يدل على أن هذا المقسم به في غاية العظمة .
ولا شك أن القرآن الذي هو كلام الله أنسب لذلك من نجوم السماء ونجم الأرض . والعلم عند الله تعالى .
وَفِي جَعْلِ الْمُقْسَمِ بِهِ وجواب القسم هو القرآن تنويه ذكره ابن عاشور فقال: وَهَذَا ضَرْبٌ عَزِيزٌ بديع لِأَنَّهُ يومىء إِلَى أَنَّ الْمُقْسَمَ عَلَى شَأْنِهِ بَلَغَ غَايَةَ الشَّرَفِ فَإِذَا أَرَادَ الْمُقْسِمُ أَنْ يُقْسِمَ عَلَى ثُبُوتِ شَرَفٍ لَهُ لَمْ يَجِدْ مَا هُوَ أَوْلَى بِالْقَسَمِ بِهِ لِلتَّنَاسُبِ بَيْنَ الْقَسَمِ وَالْمُقْسَمِ عَلَيْهِ.

القول الثاني: أن المراد بالنجوم نجوم السماء لا آيات القرآن وسوره، وقد خصصها الضحاك بأنها الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مطروا قالوا: مطرنا بنوء كذا وكذا.
وتخريج قوله:
- ذكره الماوردي في النكت والعيون, والقرطبي في أحكام القرآن, وابن كثير في تفسيره دون إسناد, وقد حاولت العثور على إسناد له في الكتب والشبكة العنكبوتية فلم أستطع.
وقد ذكر ابن عطية أن القول بأن المراد بالنجوم هو الكواكب المعروفة هو: "قول جمهور كثير من المفسرين ", وقال ابن الجوزي: "قاله الأكثرون" لكن اختلف في المراد بمواقعها على أقوال:
الأول: أنها منازل النجوم. وهو قول قتادة, وعطاء بن أبي رباح.
وقد ذكر ابن عاشور في تفسير ذلك القول ومعرفة مبناه وأصله تفسيرا حسنا فقال: ويُطْلَقُ الوُقُوعُ عَلى الحُلُولِ في المَكانِ، يُقالُ: وقَعَتِ الإبِلُ، إذا بَرَكَتْ، ووَقَعَتِ الغَنَمُ في مَرابِضِها، فالمَواقِعُ مَحالُّ وُقُوعِها وخُطُوطُ سَيْرِها فَيَكُونُ قَرِيبًا مِن قَوْلِهِ ﴿والسَّماءِ ذاتِ البُرُوجِ﴾ [البروج: 1] . والمَواقِعُ هي: أفْلاكُ النُّجُومِ المَضْبُوطَةِ السَّيْرِ في أُفُقِ السَّماءِ، وكَذَلِكَ بُرُوجُها ومَنازِلُها.

الثاني: أنها مساقط النجوم ومغايبها, وهو قول مجاهد, وقتادة, والحسن, وأبو عبيدة في مجاز القرآن, وهو ما رجحه ابن جرير, فقال: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النجوم ومغايبها في السماء، وذلك أن المواقع جمع موقع، والموقع المفعل، من وقع يقع موقعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا: هو أولى معانيه به.
وقد ذكر ابن عاشور في ذلك كلاما حسنا فقال: ومَواقِعِ النُّجُومِ جَمْعُ مَوْقِعٍ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَكانَ الوُقُوعِ، أيْ: مَحالُّ وُقُوعِها مِن ثَوابِتَ وسَيّارَةٍ. والوُقُوعُ يُطْلَقُ عَلى السُّقُوطِ، أيِ الهَوى، فَمَواقِعُ النُّجُومِ مَواضِعُ غُرُوبِها فَيَكُونُ في مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى ﴿والنَّجْمِ إذا هَوى﴾ [النجم: 1] والقَسَمُ بِذَلِكَ مِمّا شَمِلَهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشارِقِ والمَغارِبِ﴾ [المعارج: 40] . وجَعَلَ مَواقِعِ النُّجُومِ بِهَذا المَعْنى مُقْسَمًا بِهِ لِأنَّ تِلْكَ المَساقِطَ في حالِ سُقُوطِ النُّجُومِ عِنْدَها تُذَكِّرُ بِالنِّظامِ البَدِيعِ المَجْعُولِ لِسَيْرِ الكَواكِبِ كُلَّ لَيْلَةٍ لا يَخْتَلُّ ولا يَتَخَلَّفُ، وتُذَكِّرُ بِعَظَمَةِ الكَواكِبِ وبِتَداوُلِها خِلْفَةً بَعْدَ أُخْرى، وذَلِكَ أمْرٌ عَظِيمٌ يَحِقُّ القَسَمُ بِهِ الرّاجِعُ إلى القَسَمِ بِمُبْدِعِهِ.

الثالث: وهو قول محدد في أن المراد بذلك انتثار النجوم عند قيام الساعة, وهو قول الحسن.

الرابع: وهو قول محدد كذلك, وهو أن المراد مواقعها عند الانقضاض إثر العفاريت. ذكره ابن عطية في تفسيره.

القول الثالث: أن المراد بمواقع النجوم السماء, وهو قول ابن جريج.
وقول ابن جريج قد أورده الماوردي في النكت والعيون, ولكني استقصيت قوله في كتاب جمع أقواله للمؤلف علي حسن عبدالغني وذلك بالرجوع للكثير من المصادر إلا أني لم أجده.

وتوجيه الأقوال والترجيح بينها وتحريرها تحريرا نهائيا سيتضح بإذن الله بشكل أكبر في الخطوات القادمة.

سارة المشري 27 ربيع الأول 1439هـ/15-12-2017م 03:47 PM

تعيين المراد بمواقع النجوم في قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم (75)} الواقعة.
5: جمع تعليقات أهل العلم على الأقوال الواردة في المسألة.
6: جمع الحجج والاعتراضات.
7: توجيه الأقوال.


في "النجوم" قولان .
القول الأول : نجوم السماء، قاله أكثر المفسرين ، وهو قول مجاهد وقتادة والحسن .
قال في لسان العرب :النَّجْمُ في الأَصل : اسمٌ لكل واحد من كواكب السماء .
وعلى هذا في مواقعها أربعة أقوال .
أحدها : انكدارها وانتثارها يوم القيامة، قاله الحسن .

والثاني: هي مواضعها في السماء في بروجها ومنازلها . قاله قتادة .
قال الألوسي : على أن الوقوع النزول كما يقال : على الخبير سقطت وهو شائع والتخصيص لأن له تعالى في ذلك من الدليل على عظيم قدرته وكمال حكمته ما لا يحيط به نطاق البيان .
قال ابن عاشور : ويطلق الوقوع على الحلول في المكان ، يقال : وقعت الإبل ، إذا بركت ، ووقعت الغنم في مرابضها ، ومنه جاء اسم الواقعة للحادثة كما تقدم ، فالمواقع محال وقوعها وخطوط سيرها فيكون قريبا من قوله والسماء ذات البروج .
والمواقع هي : أفلاك النجوم المضبوطة السير في أفق السماء ، وكذلك بروجها ومنازلها .

والثالث: المشارق والمغارب أو مغيبها في المغرب وحده ، فإن عندها سقوط النجوم . وهو قول مجاهد ، و قتادة ، وقاله أبو عبيدة ، واليزيدي ، والزجاج ، ومكي بن أبي طالب . وذكره ابن عطية وابن الجوزي والرازي
ويؤيد هذا القول ماروي في سبب النزول :
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري : ( (م) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: أصبح من الناس شاكرٌ، ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا، فنزلت: هذه الآية: {فلا أقسم بمواقع النّجوم (75) وإنّه لقسمٌ لو تعلمون عظيمٌ (76) إنّه لقرآنٌ كريمٌ (77) في كتابٍ مكنونٍ (78) لا يمسّه إلّا المطهّرون (79) تنزيلٌ من ربّ العالمين (80) أفبهذا الحديث أنتم مدهنون (81) وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون} [الواقعة: 75 -82] أخرجه مسلم.
(شرح الغريب )
(بمواقع): مواقع النجوم: مساقطها ومغاربها، وقيل: منازلها ومسايرها) .

قال ابن عاشور : و مواقع النجوم جمع موقع يجوز أن يكون مكان الوقوع ، أي : محال وقوعها من ثوابت وسيارة . والوقوع يطلق على السقوط ، أي الهوى ، فمواقع النجوم مواضع غروبها فيكون في معنى قوله تعالى والنجم إذا هوى والقسم بذلك مما شمله قوله تعالى فلا أقسم برب المشارق والمغارب . وجعل مواقع النجوم بهذا المعنى مقسما به لأن تلك المساقط في حال سقوط النجوم عندها تذكر بالنظام البديع المجعول لسير الكواكب كل ليلة لا يختل ولا يتخلف ، وتذكر بعظمة الكواكب وبتداولها خلفة بعد أخرى ، وذلك أمر عظيم يحق القسم به الراجع إلى القسم بمبدعه .
ويجوز أن يكون مواقع جمع موقع المصدر الميمي للوقوع .
وذكر مواقع النجوم على كلا المعنيين تنويه بها وتعظيم لأمرها لدلالة أحوالها على دقائق حكمة الله تعالى في نظام سيرها وبدائع قدرته على تسخيرها .

وذكر الألوسي :أن الوقوع بمعنى السقوط والغروب وتخصيصها بالقسم لما في غروبها من زوال أثرها ، والدلالة على وجود مؤثر دائم لا يتغير ، ولذا استدل الخليل عليه السلام بالأفول على وجود الصانع جل وعلا ، أو لأن ذلك وقت قيام المتهجدين والمبتهلين إليه تعالى وأوان نزول الرحمة والرضوان عليهم .
قال الألوسي : وقيل : مواقع النجوم هي الأنواء التي يزعم الجاهلية أنهم يمطرون بها ، ولعله مأخوذ من بعض الآثار الواردة في سبب النزول وسنذكره إن شاء الله تعالى وليس نصا في إرادة الأنواء بل يجوز عليه أن يراد المغارب مطلقا .

والرابع : مواقعها عند الانقضاض على مسترقي السمع من الشياطين ، ذكره ابن عطية والرازي والألوسي ، ولم أجد له أصلاً عند المتقدمين .


القول الثاني: أنها نجوم القرآن، وهو قول ابن عباس وابن مسعود ومجاهد وعكرمة .
قال الزجاج : وقيل إن مواقع النجوم يعنى به نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوما شيئا بعد شيء , ودليل هذا القول : {وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم * إنّه لقرآن كريم}).
ومواقعها: قيل : 1- منازل القرآن ( أوقات نزولها )أنزل نجوما متفرقة ، قاله ابن قتيبة ، و ذكره ابن الجوزي .
قال السيوطي : (وأخرج ابن المنذر الأنباري في كتاب المصاحف، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزل إلى الأرض نجوما ثلاثا آيات وخمس آيات وأقل وأكثر فقال: {فلا أقسم بمواقع النجوم}) .
2- باعتبار محلّها : - محكم القرآن (وعبر بعضهم بقولهم أحكامه ومعانيه ) ، وهو قول ابن مسعود ومجاهد ، و هو قول البخاري .
قال الفراء: حدثنا فضيل ابن عبّاس عن منصور عن المنهال بن عمرو. وقال: قرأ عبد الله (فلا أقسم بمواقع النّجوم) قال: بمحكم القرآن، وكان ينزل على النّبي صلى الله عليه وسلم نجوما .
- قلوب عباده وملائكته ورسله وصالحي المؤمنين ، ذكره الرازي ، وذكر البقاعي مايدل على معناه .
قال البقاعي : ولما كان [الكلام] السابق في الماء الذي جعله سبحانه مجمعا للنعم الدنيوية الظاهرة وقد رتب سبحانه لإنزاله الأنواء على منهاج دبره وقانون أحكمه، وجعل إنزال القرآن نجوما مفرقة وبوارق متلالئة متألقة قال: بمواقع النجوم أي: بمساقط الطوائف القرآنية المنيرة النافعة المحيية للقلوب، وبهبوطها الذي ينبني عليه ما ينبني من الآثار الجليلة وأزمان ذلك وأماكنه وأحواله، وبمساقط الكواكب وأنوائها وأماكن ذلك وأزمانه في تدبيره على ما ترون من الصنع المحكم والفعل المتقن المقوم .
قال السندي : (قوله: (بمواقع النجوم بمحكم القرآن) مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فصار مواقع النجوم).

قال ابن منظور في لسان العرب : والنَّجْمُ : الوقتُ المضروب ، وبه سمي المُنَجِّم .
ونَجَّمْتُ المالَ إِذا أَدَّيته نُجوماً ؛ قال زهير في دياتٍ جُعِلت نُجوماً على العاقلة : يُنَجِّمُها قومٌ لقَوْمٍ غَرامةً ، و تَنْجِيمُ الدَّينِ : هو أَن يُقَدَّرَ عطاؤه في أَوقات معلومة متتابعةٍ مُشاهرةً أَو مُساناةً ، ومنه تَنْجِيمُ المُكاتَب ونجومُ الكتابةِ ، وأَصله أَن العرب كانت تجعل مطالعَ منازِل القمر ومساقِطَها مَواقيتَ حُلولِ دُيونِها وغيرها .
وقوله عز وجل : فلا أُقْسِمُ بمواقع النُّجوم ؛ عنَى نُجومَ القرآن لأَن القرآن أُنْزِل إِلى سماء الدنيا جملة واحدة ، ثم أُنزل على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، آيةً آيةً ، وكان بين أَول ما نزل منه وآخره عشرون سنةً .

قال النسائي : أخبرنا إسماعيل بن مسعودٍ، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبي عوانة، عن حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: " نزل القرآن جميعًا في ليلة القدر إلى السّماء الدّنيا، ثمّ فصّل فنزل في السّنين، فذلك قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75]

قال ابن عاشور : ومن المفسرين من تأول النجوم أنها جمع نجم وهو القسط فيؤول إلى القسم بالقرآن على حقيقته على نحو ما تقدم في قوله تعالى والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا .

وقال الألوسي : وأيد هذا القول بأن الضمير في قوله تعالى بعد : إنه لقرآن يعود حينئذ على ما يفهم من مواقع النجوم حتى يكاد يعد كالمذكور صريحا ولا يحتاج إلى أن يقال يفسره السياق كما في سائر الأقوال .


اعتراض ابن جرير على هذا القول : وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النّجوم ومغايبها في السّماء، وذلك أنّ المواقع جمع موقعٍ، والموقع المفعل من وقع يقع موقعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا: هو أولى معانيه به.

توجيه القول الأول :
يعتمد القول الأول على الأصل الذي تعتمد عليه لفظة النجوم ، ثم اختلفوا بعد ذلك في المراد بمواقعها ، فقيل الوقوع هو الحلول في المكان وعلى هذا فسروا القول بمنازلها ، قال ابن عاشور : والمواقع هي : أفلاك النجوم المضبوطة السير في أفق السماء ، وكذلك بروجها ومنازلها .
وقيل المراد السقوط ، ففسروها بمكان الوقوع : قال ابن عاشور : والوقوع يطلق على السقوط ، أي الهوى ، فمواقع النجوم مواضع غروبها فيكون في معنى قوله تعالى والنجم إذا هوى والقسم بذلك مما شمله قوله تعالى فلا أقسم برب المشارق والمغارب، وعلى هذا تفسيرها بأنها الأنواء التي يزعم الجاهلية أنهم يمطرون بها لوروده في سبب النزول ، قال الألوسي : وليس نصا في إرادة الأنواء بل يجوز عليه أن يراد المغارب مطلقا .
وتفسير المتأخرين بأنها انقضاضها على الشياطين من مسترقي السمع مأخوذ من هذا المعنى .


توجيه القول الثاني :
يعتمد هذا القول على أنّ المراد بالنجوم هي نزول القرآن منجّما في آيات متفرقة ، بعد نزوله تاما إلى السماء الدنيا ، وهذا له أصل لغوي معتمد لكنه خروجٌ عن المعنى الظاهر إلى معنى آخر بأدلة ذكروها ، منها ماروي عن ابن عباس ، قال: " نزل القرآن جميعًا في ليلة القدر إلى السّماء الدّنيا، ثمّ فصّل فنزل في السّنين، فذلك قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75]
ويؤيد هذا القول سياق الآية ، قال الألوسي : وأيد هذا القول بأن الضمير في قوله تعالى بعد : إنه لقرآن يعود حينئذ على ما يفهم من مواقع النجوم حتى يكاد يعد كالمذكور صريحا ولا يحتاج إلى أن يقال يفسره السياق كما في سائر الأقوال ، ثم اجتهدوا بعد ذلك في ربط معاني القرآن ومايتضمنه من نور بنور النجوم والاهتداء بها .
و اختلفوا في المراد بالمواقع على هذا المعنى فقيل هي أوقات نزوله ، وقال آخرون هي محكم القرآن وقال بعضهم قلوب عباده الصالحين وذلك باعتبار محلها .

علاء عبد الفتاح محمد 28 ربيع الأول 1439هـ/16-12-2017م 01:07 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
المرحلة الثالثة: جمع التعليقات والحجج وتوجيه الأقوال.

القول الأول: المراد القرآن نزل منجماً أي مفرقا في عشرين سنة تنزل منه الآية أو الآيتين أو أكثر.

من حجج هذا القول:
قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ جُمْلَةً وَاحِدَةً مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَجُعِلَ عِنْدَ مَوَاقِعِ النُّجُومِ: فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ إِلَى قَوْلِهِ: الْمُطَهَّرُونَ «5» الْمَلائِكَةُ، وَيَنْزِل ُبِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ كُلَّمَا أُتِيَ بِمَثَلٍ يَلْتَمِسُ عَيْبَهُ نَزَل َبِهِ كِتَابُ اللَّهِ نَاطِقً فَقَالَتِ الْيَهُودُ يَا أَبَا الْقَاسِمِ: لَوْلا أُنْزِلَ هَذَا الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ عَلَى مُوسَى فَأَنْزَلَ اللَّهُ: كَذَلِكَ لِنُثَبِّت َبِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا وَقَرَأَ: وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ [تفسير ابن أبي حاتم]
التعليقات على القول:
قال: أحمد بن محمد بن بكر القسطلاني: بمواقع النجوم: أي بمحكم القرآن، ويؤيده وإنه لقسم وإنه لقرآن كريم.
الاعتراضات

توجيه القول:
هذا القول مبناه على ما جاء في بيان كيف نزل القرآن وأنه نزل جملة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك منجماً على النبي صلى الله عليه وسلم بحسب الوقائع.
وأيضا مبني على تشبيه آيات القرآن التي تنزل متتابعة على النبي صلى الله عليه وسلم بأنها كالنجوم الساطعة والأنوار اللامعة، ومحل التشبيه هو محكم القرآن.

.قال معمر وقال الكلبي هو القرآن كان ينزل نجوما). [تفسير عبد الرزاق: 2/273]
.قال الطبري: عن عكرمة، في قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. قال: أنزل اللّه القرآن نجومًا ثلاث آياتٍ وأربع آياتٍ وخمس آياتٍ.
قال الزجاج: وقيل إن مواقعِ النجومِ يعنى به نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نُجُوماً شيئاَ بَعْدَ شَيءٍ (2)
ودليل هذا القول (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77). [معاني القرآن]


القول الثاني: النجوم في السماء، ومواقعها هي مساقطها إذا سقطت -وهي التي يقال لها مغاربها-، وقيل مطالعها.
التعليقات:
الحجج والاعتراضات:

من حججه ما نزل في سبب النزول كقول ابْنُ عَبَّاسٍ أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ جُمْلَةً وَاحِدَةً مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَجُعِلَ عِنْدَ مَوَاقِعِ النُّجُومِ: فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ إِلَى قَوْلِهِ: الْمُطَهَّرُونَ «5» [تفسير ابن أبي حاتم]
مع الحديث الآخر: في الاستسقاء بالأنواء.

توجيه هذا القول:
هذا القول مبني على قول ابن عباس في بيان أن القرآن نزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا فكان عند مواقع النجوم، ثم بعد ذلك نزل بالقرآن منها جبريل منجما على النبي صلى الله عليه وسلم. وأيضا مبني على سبب نزول الآية في الاستسقاء بالأنواء والأنواء هي منازل القمر ويسمي واحدها نوءاً باعتبار سقوطه أي انتقل منه القمر سُمي نوءاً فهو يسمي نوءاً باعتبار المسقط لا باعتبار المطلع
وقال قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ في إرشاد الساري:
(قال في الأنوار: وتخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة على وجود مؤثر لا يزول تأثيره (ومواقع وموقع).
وقال الطاهر ابن عاشور:
وَجعل بِمَواقِعِ النُّجُومِ بِهَذَا الْمَعْنَى مُقْسَمًا بِهِ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَسَاقِطَ فِي حَالِ سُقُوطِ النُّجُومِ عِنْدَهَا تُذَكِّرُ بِالنِّظَامِ الْبَدِيعِ الْمَجْعُولِ لِسَيْرِ الْكَوَاكِبِ كُلَّ لَيْلَةٍ لَا يَخْتَلُّ وَلَا يَتَخَلَّفُ، وَتُذَكِّرُ بِعَظَمَةِ الْكَوَاكِبِ وَبِتَدَاوُلِهَا خِلْفَةً بَعْدَ أُخْرَى، وَذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ يَحِقُّ الْقَسَمُ بِهِ الرَّاجِعُ إِلَى الْقَسَمِ بِمُبْدِعِهِ.

القول الثالث: منازل النجوم.
التعليقات:
الحجج والاعتراضات:

من حججه ما ورد في سبب النزول من أنه قولهم مطرنا بنوء كذا وكذا، فالأنواء هي منازل القمر.
توجيه هذا القول
وقال ابن عاشور:
وَيُطْلَقُ الْوُقُوعُ عَلَى الْحُلُولِ فِي الْمَكَانِ، يُقَالُ: وَقَعَتِ الْإِبِلُ، إِذَا بَرَكَتْ، وَوَقَعَتِ الْغَنَمُ فِي مَرَابِضِهَا، وَمِنْهُ جَاءَ اسْمُ الْوَاقِعَةِ لِلْحَادِثَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَالْمَوَاقِعُ: مَحَالُّ وُقُوعِهَا وَخُطُوطُ سَيْرِهَا فَيَكُونُ قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ: وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ [الْبُرُوجِ: 1] .

القول الرابع: بانتثار النّجوم عند قيام السّاعة.
التعليقات:
الحجج والاعتراضات:

لم أجد له نص بل هو قول الحسن فقط والذي يظهر أنه استنباط واجتهاد.
توجيه هذا القول:
-الذي يظهر أنه تفسير لوقوع النجوم لكن يوم القيامة، فالمذكور هو حالها عند قيام الساعة.



أمل عبد الرحمن 6 ربيع الثاني 1439هـ/24-12-2017م 02:57 AM

تقويم المرحلة الثالثة من المراجعة على دروة مهارات التفسير المتقدّمة
جمع تعليقات أهل العلم - جمع الحجج والاعتراضات - توجيه أقوال المفسّرين


هذه المرحلة من المراحل المهمّة جدا للباحث، وفيها يتمّ توجيه الأقوال، والتعرّف على مبناها، والنظر في المعنى الجامع بينها، استعدادا لمرحلة الترجيح بين الأقوال.
في مرحلة توجيه الأقوال قد يعيد الباحث النظر في بعض التقسيمات التي قام بها سابقا للأقوال، وإعادة ترتيبها وتصنيفها، حين يظهر له الاتّفاق بين بعضها، وملاءمة بعضها لتصنيفات أخرى.

وصايا وتنبيهات:

- أول خطوة في توجيه الأقوال هو توجيه القولين في المراد بالنجوم في الآية، ثم تأمّل مباني الأقوال التي تفرّعت عن كل قول منهما، هل هذه المعاني مما يحتمله اللفظ؟ وهل هناك ما يشهد لهذا المعنى؟
وحقيقة فإن هذه المسألة قد أعطت مثالا رائعا لسعة وتنوّع معاني القرآن، وكل معنى منها جدير بالوقوف والتأمّل.
- عدم العثور على نسبة للقول عن السلف لا يحكم بردّه، فإن القول قد يكون صحيح المعنى وإن لم يصحّ سندا، وقد يكون القول مما يذكره المفسّرون اجتهادا وقياسا لأنه مما يشمله المعنى وإن لم يؤثر عن السلف ابتداء، ومنه قول "انقضاضها إثر الشياطين".
وهذا المذهب غالبا ما يتعلّق بالأقوال التي تحتملها معاني الألفاظ وأساليب الآيات، أما في الأقوال المتعلّقة بالعقائد والأحكام فإن التثبّت من صحة النسبة أمر حتميّ أثناء الترجيح بين الأقوال.
- في القول الثاني وهو أن يراد بالنجوم نجوم القرآن، فقد وردت فيه أقوال في بعضها إشكال، هل قول المفسّر يحتمل أن يراد به المواقع أم يراد به النجوم، وهذا ما حصل مع قول ابن مسعود رضي الله عنه.
ومن الأمور التي يجب أن ينتبه إليها جيدا أنه يجب حمل ألفاظ القرآن على حقيقتها وظواهرها، وعدم حملها على المجاز والتشبيه، لذلك لا يقبل توجيه السندي -رحمه الله- في توجيه قول ابن مسعود "بمحكم القرآن" أنه تشبيه لمعاني القرآن بالنجوم اللامعة.
أيضا قول ابن عباس: "فوضع بموقع النجوم" يمكن حمله على ظاهره، وهو أن يراد به موقع القرآن في السماء الدنيا بعد نزوله إليها جملة في ليلة القدر.

- وقد ورد قولان عن ابن عباس وعن ابن مسعود رضي الله عنهما:
فأما قول ابن عباس فهو مستفاد من عدة روايات بألفاظ مختلفة، مؤدّاها واحد وهو القسم بمنازل القرآن، وما قيل في المواقع في القول الأول (أعني نجوم السماء) هو ذاته ما يقال في قول ابن عباس، فتحتمل لفظة المواقع معنى النزول وأماكن النزول وأزمنة النزول سواء في السماء أو في الأرض.
أما قول ابن مسعود: "بمحكم القرآن" فالظاهر أنه يقصد أن مواقع النجوم هي محكم القرآن لا أن النجوم هي محكم القرآن، وابن مسعود كان يقرأ بالإفراد "بموقع النجوم" ويفسّره بمحكم القرآن، ومراعاة قراءة المفسّر من الأمور المهمّة في توجيه قوله، فما معنى أن يكون محكم القرآن هو موقع النجوم؟
المحكم من القرآن ضد المتشابه منه،
والموقع قد يراد به أصل الشيء الذي يوقع فيه، فالظاهر أن محكم القرآن هو موقع الآيات التي نزلت منجّمة، أي هو أصلها، كقوله تعالى: {فيه آيات محكمات هنّ أم الكتاب} أي أصله ومعظمه، وهذا توجيه شيخنا -حفظه الله-، ويكون القول من باب إضافة البعض إلى الكل.

ومثله القول المنسوب للضحّاك بأن مواقع النجوم هي الأنواء، فإنه قد يراد به مساقط الأنواء ومطالعها، فإن الأنواء نجوم خاصّة، وقد يراد بالمواقع الأنواء نفسها، فتكون الأنواء مواقع القطر الذي ينزل منجّما على الأرض، أي أصله.
فهذا توجيهه من جهة اللغة، أما ثبوت القول ومعرفة مناسبته فينظر فيما ورد في سبب نزول الآيات، وهل هذا القول مبناه ما ورد في سبب النزول، أو أنه مما يشمله لفظ الآية.


- قد لوحظ على بعض التطبيقات تكرار في بعض المواضع لتوجيهات المفسّرين، والواجب أن يقتصر النقل على ما يتعلّق بالقول الذي يدور حوله التوجيه فقط، مع ضرورة أن يعبّر الطالب بأسلوبه ما أمكن.
- ونذكّر بأن لفظة "المواقع" تدلّ على عدّة معان، فهي تصلح أن تكون مصدرا فيراد بها النزول أو ظرف زمان فيكون المراد بها أزمنة النزول، أو ظرف مكان فيراد بها أماكن النزول.
- وما يجمعه الباحث خلال مراحل البحث قد يحتاج إلى اختصار الكثير منه عند التحرير النهائي، وانتقاء ما يراه الأنسب من النقول، لأن كثرة النقل فيما لا يفيد يعتبر مما يؤخذ على البحث.

التقويم:
نورة الأمير
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
وقد فاتك توجيه عدة أقوال وهي "انتثارها عند قيام الساعة" و"انقضاضها إثر العفاريت" و"السماء"، وهذه الأقوال وإن لم نجد نقلا في توجيهها فإننا نجتهد في ملاحظة المعنى الذي يجمعها بالأقوال التي وجّهت سابقا، والشواهد على المعنى الذي دلّت عليه.

سارة المشري
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
القولان اللذان أوردهما الرازي خلاف المأثور عن السلف في نجوم القرآن، وهذا القول خاصّة لابد فيه من سلف، ولا تستقلّ به الاحتمالات اللغوية وحدها.

علاء عبد الفتاح
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
في القول الأول "نجوم القرآن" يجب أولا بيان وجه تسمية آيات القرآن نجوما، ولعلك تراجع كلام ابن عاشور رحمه الله وغيره من أهل اللغة.
أيضا كما ذكرنا أعلاه، فإن القسم قد يكون بنزول القرآن منجما (وهو ما أشرت إليه) وما في ذلك من الحكم، وأيضا القسم بأزمان نزوله وأماكن نزوله، بدءا من نزوله من السماء السابعة إلى بيت العزة في السماء الدنيا ليلة القدر إلى نزوله مفرّقا على النبي صلى الله عليه وسلم على الأيام والسنين.
- القول الثاني وهو أن المراد بالنجوم نجوم السماء، فهذا القول مبني على الاستعمال المعهود للنجوم، وأنها متى أطلقت انصرف الذهن إلى النجوم التي في السماء.
وابن عباس لم يفسّر النجوم في الآية بنجوم السماء أبدا، لذا لا يستدلّ بحديثه على هذا القول، وإنما الدلالة على هذا القول دلالة لغوية.

ونفس ما قيل في معاني المواقع في القول الأول يقال هنا، فإما أن تكون مصدرا بمعنى الوقوع أو ظرف مكان فيراد بها أماكن الوقوع، أو ظرف زمان فيراد بها أزمنة الوقوع.
فمن معاني الوقوع السقوط من علوّ، فالمراد إما غروبها، أو سقوطها على الأرض في الدنيا عند رجم الشهب أو في الآخرة حين تنكدر وتزول عن أماكنها.
ومن معاني الوقوع أيضا الحلول في المكان فيراد بمواقع النجوم محالّها أي منازلها وأفلاكها في السماء، وهذه المعاني كلها يحتملها لفظ المواقع المقسم به في الآية، ولها شواهد كثيرة في القرآن، وقد فصّل المفسّرون في توجيه هذه الأقوال، وما لم يذكروه فإنه يقاس على ما ذكروه.
وأرجو مراجعة تقويم المرحلة الثانية واستدراك الملاحظات الموضوعة فيه عند التحرير النهائي، لأني أعلم أن هذه المرحلة قدّمت مبكرا، بارك الله فيك ونفع بك.



وأرجو أن تفيدكم التعليقات أعلاه، وتعديل ما يلزم، سدّد الله خطاكم وبارك مسعاكم.

ضحى الحقيل 8 جمادى الأولى 1439هـ/24-01-2018م 12:33 AM

ترجع الأقوال في معنى مواقع النجوم إلى قولين:

القول الأول:
أن النجوم هنا هي نجوم السماء المعروفة وقد فسر أصحاب هذا القول مواقع النجوم بثلاث تفسيرات مختلفة
1. أنها منازلها ومسايرها ومواضعها ، وهو قول قتادة وعطاء بن رباح
2. أنها مغاربها، وقيل مطالعها ومغاربها، وهو قول مجاهد والحسن ورواية عن قتادة
3. أنه انكدارها وانتثارها وانتشارها يوم القيامة، وهو قول الحسن ورواية عن قتادة

وأضاف ابن عطية قولا رابعا هو أنه انقضاضها إثر العفاريت ولم ينسبه لأحد
أضاف ابن كثير قولا للضحاك أنها الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مطروا يقولون مطرنا بنوء كذا.

توجيه الأقوال والتعليق عليها:
هذا القول مبني على المعنى المتبادر للذهن لمعنى النجوم وعلى الاستخدام الأكثر للكلمة حيث فسر النجوم بأنها نجوم السماء، قال الشنقيطي: " وَإِطْلَاقُ النَّجْمِ مُرَادًا بِهِ النُّجُومَ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ:
ثُمَّ قَالُوا تُحِبُّهَا قُلْتُ بَهْرًا ... عَدَدَ النَّجْمِ وَالْحَصَى وَالتُّرَابِ"

ثم اختلفت الأقوال في معنى المواقع بحسب الاستخدامات اللغوية لكلمة مواقع
فالقول الأول: مأخوذ من قولنا وقع الشيء موقعه، أي حل في مكانه.
والقول الثاني: مأخوذ من قولنا وقع الشيء إذا سقط، والمعنى غروب النجوم في الدنيا، وأضاف مجاهد طلوعها وغروبها، والغروب أقرب للمعنى وقد رجحه الطبري وأرجعه للمعنى اللغوي لكلمة مواقع وقال عنه أنه :" الأغلب من معانيه والأظهر من تأويله"
قال ابن عاشور بعد ذكره للقولين الأول والثاني: " وَذِكْرُ (مَوَاقِعِ النُّجُومِ) عَلَى كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ تَنْوِيهٌ بِهَا وَتَعْظِيمٌ لِأَمْرِهَا لِدَلَالَةِ أَحْوَالِهَا عَلَى دَقَائِقَ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي نِظَامِ سَيْرِهَا وَبَدَائِعِ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْخِيرِهَا.

والقول الثالث: مأخوذ أيضا من قولنا وقع الشيء إذا سقط ولكنهم جعلوا المعنى للآخرة، فالنجوم يوم القيامة تسقط وتتناثر.
أما قول ابن عطية أنه انقضاضها إثر العفاريت فلعله مأخوذ أيضا من وقوعها بمعنى السقوط، ومما دل عليه القرآن الكريم برجم الشياطين بالشهب كقوله تعالى { ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين}
أما ما ذكر من قول الضحاك أنها الأنواء فقد يكون راجعا لما قيل في سبب نزول الآيات والذي رواه عن ابن عباس، وقد يكون راجعا للمعنى اللغوي للنوء فإذا كان الأول فقد ذكر النووي أن المعني بسبب النزول هنا هو قوله وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون، وأما إن كان المعنى اللغوي، فقد نقل النووي أن معنى النوء ليس الكوكب نفسه وإنما سقوطه أو طلوعه ولا أدري إن كان بهذا الاعتبار متوافقا مع القول الثالث، وقال أن النجم قد يسمى بالنوء، وهنا أرى تناسبا بين سبب النزول وبين تفسير الضحاك والله أعلم
فنخلص إلى: أن هذا القول مبني على المعنى المتبادر للذهن، وعلى معنا لغوي صحيح، وعلى عظمة المعنى واستحقاقه للتفخيم بالقسم، والله أعلم

اعتراض:
يرد على هذا القول، قوله تعالى بعد هذه الآية { وإنه لقسم لو تعلمون عظيم* إنه لقرآن كريم} فالضمير هنا عائد على القرآن ولم يتقدم ذكره قبل ذلك إلا على القول بأن مواقع النجوم منازل القرآن
ويمكن الرد عليه بأن الضمير يعود على القرآن وإن لم يتقدم ذكر لشهرة الأمر ووضوح المعنى كقوله تعالى: {حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ} [ص: 32] ، {وكُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ} [الرحمن: 26] وغير ذلك



القول الثاني:
أن المراد القرآن وجاء فيه قولان:
1. أنها منازله، وكان ينزل نجوما، أي متفرقا، وهو قول ابن عباس وعكرمة
2. أنه محكم القرآن وهو قول ابن مسعود ومجاهد.

توجيه الأقوال والتعليق عليها:
القول بأن المقصود القرآن مبني على معنى لغوي صحيح للنجم:" النُّجُومَ جَمْعُ نَجْمٍ وَهُوَ الْقِسْطُ مِنْ مَالٍ وَغَيْرِهِ كَمَا يُقَالُ: نُجُومُ الدِّيَاتِ وَالْغَرَامَاتِ" ذكره ابن عاشور، وذكر نحوه الشنقيطي.
والمعنى طوائف الآيات التي تنزل من القرآن في أوقات متفرقة
وقد رجح الشنقيطي هذا القول مستدلا بتكرار القسم في القرآن على صحة الرسالة وصدق القرآن،
مثل قوله تعالى: { وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا [الزخرف: 2، 3]، كما استدل بقوله بعد هذه الآية {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ }وذكر بأن الأحق بهذا الوصف هو القرآن العظيم ، وعلى هذا القول ينتفي الاعتراض الوارد على القول الأول في مرجع الضمير في قوله تعالى { إنه لقرآن كريم }

والمواقع يمكن أن يراد بها النزول، أو زمنه، أو مكانه، وكلها صالحة للمعنى
أما القول بأنه محكم القرآن فقد ذكر في تصحيح المجلس تفسيرا له فهمت منه أن الظاهر من كلام ابن مسعود رضي الله عنه أن المقصود أن مواقع النجوم هي محكم القرآن، بمعنى أصلها وهو من باب إضافة البعض إلى الكل لأن القرآن فيه محكم ومتشابه

والله أعلم

أمل عبد الرحمن 26 جمادى الآخرة 1439هـ/13-03-2018م 09:33 AM

ضحى الحقيل
أحسنت بارك الله فيك وسدّدك.


الساعة الآن 12:08 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir